خبر : ذنبي إني فلسطيني .. معقول ؟؟!! ...لنا شاهين

الأربعاء 14 أغسطس 2013 04:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
ذنبي إني فلسطيني .. معقول ؟؟!! ...لنا شاهين



النغمة مثل الرصاصة خيو جراندي ، بتسر صديقك وبتضر عدوك وتفش قلبك .. يبدو ان جدران طربوش ابو عزمي العلي اعلى بكثير من ان اتسلقها بسهولة عائدة الى قواعدي سالمة ، او ان سكنى الكايد ابو صالح تحت جلدي قد طالت الى حد اصبح معه سلخهما عن بعضهما ضربا من المستحيل .. كلا ، لا هذه ولا تلك ، وانما هي جينات العائد ( اللاجئ سابقا ، فانا مصرة على استبدال اللاجئ بالعائد ) في دمي وتكويني تشدني كما يشد الضوء الفراشة، الى عالم العائدين الحصري والذي لا يحس بنبضه ولا يفهم مفرداته او يستوعب مركبات شفرته الخاصة الا العائد ذاته ..

وفيليبو جراندي هذا ليس عائدا ولا كان لاجئا في يوم من الايام ، لكنه مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في الشرق الادنى ، كما يقول عنوانها الطويل طول الزمن الاضافي الذي عاشته وعملت فيه خارج تفويضها الاساسي ، او في الوقت الضايع ، ووكالة هذا الرجل ، وهي والحمد لله ليست من غير بواب ، قد اجتذبتني للحديث عنها بتلك الاغنية ( الكرامة للجميع ) التي اطلقتها مؤخرا بهدف التقريب بين الفلسطيني اللاجئ في لبنان ، واخوته اللبنانيين ..

الاغنية يؤديها نجم سوبر ستار الفلسطيني عمار حسن ، بكلمات بسيطة تصالحية تصل حد الاستعطاف ، وهو ما يؤخذ عليها ، من وجهة نظري انا على الاقل ، وتصاحبها خلفية ازقة المخيم واسطح منازله وابتسامات اطفاله الخجولة الواثقة كل الثقة وبفضولية محببة ، والاهم من ذلك ، بتحد واصرار لم يفلح صانع الاغنية الشاعر نزار فرنسيس و التي يبدو انه كان يريد لها ان تغرق في الرقة وتوغل في استدرار العطف الى حد المسكنة ، في مواراته او حتى التخفيف منه .

ذنبي اني فلسطيني

جرحي مفتوح ودامي

عالقليله خليني

عيش وموت بكرامه

اربكتني هذه الكلمات كما لم ارتبك من قبل ، عالقليلة خليني عيش وموت بكرامة !!! شو يعني ، اقعد جنب الحيط وياملايكة الله لا تؤذونا ولا ناذيكوا ؟؟ هكذا وبكل بساطة ؟؟ ينهار سقف مطالبنا وتتقلص تطلعاتنا وتوقعاتنا وتنكمش ثوابتنا في علبة هدايا مغلفة بغلاف مزركش جميل وشريط بلون حالم ومعه بطاقة مكتوب عليها ، عالقليلة خليني عيش وموت بكرامة ، وكتر خيرك سلفا ، مش عايزين منك ولا من الدنيا ذاتها اكتر من هيك !!

اعرف ان هذه هي التركيبة الصحيحة لمكونات الخطاب الاعلامي الحديث ، والبعيد كل البعد عن قرع الطبول الجوفاء واثارة النعرات والحمية الزائفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولكني رغم معرفتي الاكيدة هذه ، ورغم انني كاعلامية اميل الى هذا الاسلوب الواقعي ، وفي منأى عن التضخيم والتهويل ، اي على قاعدة ( اعرض دون ان تقول شيئا ) او بمعنى اخر دع الصورة تتحدث عن نفسها ، الا انني كفلسطينية تعيش فلسطينيتها بالطول والعرض ، من فناء دارنا التي لم ارها في قبيبة شاهين ، وحتى اي بيت عربي اطل عليه من خلال شاشة التلفاز ، لم استسغ هذه الكلمات ، وكانها دواء مر لابد من تعاطيه ليقيني انه خطوة على الطريق الى الشفاء ، اتدرون ماذا فعلت ، ومع الاعتذار لكاتب الكلمات وللسوبر ستار عمار حسن الذي بذل جهدا خرافيا في اضفاء روح التوافق والتصالح على الاغنية ، والظهور بمظهر الحمل الوديع عالاخر ، اغلقت الصوت ورحت استمتع بوجوه الاطفال والصبايا والشباب المبتسمة والتي لم تنجح الابتسامة في اخفاء ما تحمله من معاني الصمود وتشي به من عزيمة واصرار دون مرارة ولا حتى حقد او ضغينة لاحد . وكانني ارى طفولتي واستعيد وجوه اترابي في مخيم اليرموك ونحن رغم كل شي ، نخفي كل شيء ولا يبدو على وجوهنا الا الاصرار والتحدي، ولا تستوطن اطراف السنتنا الا كلمة عائدون الى فلسطين ..

بصراحة انا قد قرأت على تلك الوجوه النضرة المبتسمة عبارة واحدة ، دعك من مسكنة كلمات واداء الاغنية ، وخذ القول الفصل من على وجهونا .

تابكي ما بعرف ابكي

جرحي وحده عني بيحكي

لو هلا ارضي مش ملكي

لكن ملكي احلامي

ايوه هيك ، عدلها يا سنيور جراندي ، اعرف ان الاونروا التي تديرها هي في النهاية وكالة من وكالات الامم المتحدة الملتزمة بخط اعلامي دولي لا يفترض فيه تبني وجهة نظر اي طرف من الاطراف المتصارعة ، قدر تركيزه على الوضع الانساني وحل الصراعات بالطرق السلمية ، وخلق ارضية مشتركة للتفاهم بين الشعوب ، ولكنك اولا واخيرا ، او فلنقل وكالتك ، قد اصبحت جزءا لا يتجزأ من مسيرة العائدين الفلسطينيين ، ومكونا اساسيا من مكونات حياتهم ، يعني باختصار وبكل معنى الكلمة ( عشرة عمر ) وهذا ما يجعل اي تناقض مع آمال وتطلعات ، بل وحتى مع طبيعة وعقلية وموروث العائد ( اللاجئ سابقا ) الثقافي والسياسي يبدو ممجوجا وغير مقبول.

بكره احلامي بحققها

وبرده ( استردها ) من اللي سارقها

لكن حتى يجي بكره

جروحي اوعى تعمقها

الله اكبر ، ظهر الحق وزهق الباطل ، معقول يا سنيور جراندي ، الا تخشى ان تسحقك الة الدعاية الاسرائلية بكل شراستها العمياء ، لا تقل انك لم تعرف ما تعنيه كلمات الاغنية فهي مترجمة الى الانجليزية ، وكلي ثقة انك قرأتها مرات ومرات قبل ان تقر المضي قدما في تنفيذها .. الله يسهل عليك يا سيد بيتر هانسين ان كنت لا تزال حيا ، ويرحمك بما يليق بك ويرضاه الله من رحمة ان كنت قد رحلت عن هذه الدنيا ، كنت اول من حطم جدران البرج العاجي الذي كان مفوضو الاونروا السابقون لك يقبعون بداخله ، ولا يفكرون حتى مجرد تفكير في الالتحام بجماهير يدعون كونهم الراعي الاول لمسيرتها وممثليها امام العالم كله ، ولا اعتقد انني ما حييت سانسى وقفاتك في مواجهة جيش الاحتلال في قطاع غزة وجولاتك في مخيمات العائدين في رفح وغيرها بعد تعرضها لقصف اسرائيلي وتدمير ممنهج ، وايضا مع استمرار القصف واطلاق النار خلال جولتك ، ولا احسبني ولا احسب الامم المتحدة والعالم سينسى تصريحاتك النارية التي كانت تكشف وجه اسرائيل القبيح وبشاعة الاحتلال بكل وضوح ، ويبدو ان فيليبو جراندي خير خلف لخير سلف في هذا المضمار .. والاهم من هذا كله ان تكون هذه المواقف الشجاعة العادلة لم تعد مرتبطة باسماء ، وانما هي تعبير عن سياسة واضحة وثابتة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين ، في الشرق الادنى ، العنوان كاملا حتى لا يزعل منا احد .

من المحيط للخليج

اخوة ومن ذات النسيج

انسى يا سنيور، هذا كلام اكل عليه الدهر وشرب ، والنسيج تآكل واهترأ و خرقه قد اتسع على الراقع او الراتق لا فرق .. ولكن شكرا على اية حال ، ولا ضير من ان نعرف بين الفينة والفينة ان هناك من لا يزال يذكر محاسن موتانا .

يمكن عم تبرد نخوتنا

يمكن مش ذنبك ولا ذنبي

مش يمكن اكيد عم تبرد نخوتنا ، والى حد لا اظن معه ان تستطيع كل افران الدنيا ان تعيد تسخينها ، ولكن حكاية يمكن مش ذنبك ولا ذنبي هذه لم تعد مقنعة ولا تنطلي على احد ، طيب يعني ذنب مين اذاً ؟ نظرية الطرف الثالث مرة اخرى ؟ّ! لا يا سيدي ، هو ذنبك وذنبي وذنبهم ، وذنب ابي وابيك وابيهم وابني وابنك وابنهم ، وشكر الله سعيكم على هذه المجاملة التي ليست في محلها ..

مصيري هيدا مصيري

اطفال بايدين زغيري

عم ترسم احلام كبيرة

و الرسمة وطن

جراتسي سنيور جراندي .. محاولة جيدة وتستحق الثناء والتقدير ، على ان تكون مجرد خطوة اولى يتبعها اغنيات موجهة للعالم كله ، وبتركيز اكبر على جوهر قضية العائدين وحقهم في العودة ، وفضح اوضح لتعنت الاحتلال في التنكر لهذا الحق .

وتذكر خيو جراندي ان النغمة متل الرصاصة ، بتسر صديقك وتضر عدوك ، وتفش قلبك .. ولانها متل الرصاصة فهي ايضا تصيب احيانا و تخيب احيانا .. ويبقى العيار اللي ما بيصبش بيدوش في كل الاحيان.

و ليتذكر العالم ايضا انه ليس ذنبا ان يكون المرء فلسطينيا ، بل هو مدعاة لاسمى مشاعر الفخر والاعتزاز..