القدس المحتلةسمافي 30 من أغسطس عام 1986 كان هناك لقاء سري يجمع بين مستشار حكومة الكيان الصهيوني لشئون الارهاب عميرام نير وبين الدكتور حسن روحاني والذي أصبح سكرتير الأمن القومي في طهران بعد ذلك خلال عام 1994.
يبدأ الكاتب بوصف روحاني على أنه رجل ذكي وداهية، وإن لم يبدو أنه رجل دين فإنه وصل إلى حيث وصل وهو اليوم الأمين للجنة العليا للأمن القومي في إيران ونائب رئيس المجلس البرلماني.
لا يعرف الكثيرون عنه خارج إيران الا القليل، وهو يحرص دائماً للبقاء في الخلفية وبعيداً عن وسائل الاعلام، ويتم اختياره لأي بعثة دبلوماسية أو ترتيب مسالة أمنية حساسة، قام بجهد باسل مع واشنطن لمحو بلاده نهائياً من قائمة البلدان الداعمة الارهاب.
شعرت طهران بالقلق ازاء روحاني فأرسلته الى دمشق، وقابل الاسد وأعطاه رسائل شخصية من قادة طهران ودعوة لزيارة إيران.
التقى المبعوث الايراني مع قادة حزب الله والجماعات المعارضة الفلسطينية لرفع معنوياتهم، وأكد لهم ان طهران ستقف بجانبهم وستقدم لهم المساعدات، ولتشديد المقاومة ضد اسرائيل.
في 30 من اغسطس 1986 التقى روحاني مع مستشار رئيس الحكومة الاسرائيلية لشئون الارهاب عميرام نير بشكل سري في العاصمة الفرنسية باريس، واجتمع المثلث للمفاوضات (إيران – أمريكا – اسرائيل) والتي وصلت الى طريق مسدود.
عميرام نير مهتم بإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في لبنان، ويعتقد أيضاً من ناحية استراتيجية أنه يجب تجديد العلاقات بين إيران وأمريكا واسرائيل لإعادة الوضع إلى ما كان عليه، وكان يجب مساعدة المعتدلين في إيران والمعارضين للخميني واسقاط السلطة.
روحاني جاء الى باريس مع وفد برلماني ومدد إقامته لعدة أيام للقاء نير، ومع ذلك لم يكن هناك الكثير من المخاطر لسبب واحد لأن غربنيفار لم يكشف له أن عميرام نير إسرائيلي، وما قيل له ان نير هو أحد موظفي لجنة الأمن القومي في البيت الأبيض، وهو أيضا مقتنع لأن رفسنجاني أخبره أن الاجتماع مع مسئول أمريكي على أمل استئناف توريد الأسلحة وقطع الغيار، لأن إيران محتاجة لها في هذا الوقت لحربها مع العراق.
جاء نير الى الاجتماع ليس بهوية أمريكية فقط، بل بجهاز تسجيل صغير وحساس ملصق على جسده تحت الثياب، وكان غربينفار هو المترجم بين الطرفين. بدأ عميرام بالحديث وشكر روحاني على تمديد اقامته في العاصمة الفرنسية لخدمة مصالح الطرفين باسمه واسم المسئولين.
وأعرب عن عدم راحته من الخطاب الذي ألقاه الخميني، وصفه بالخطاب المتطرف، ورد روحاني على عميرام بقوله "أنتم أيها الأمريكان لم تفعلوا شيئاً لما حدث بيننا وبين العراق، ولم تساعدونا بشيء، ولن تحصلوا على شيء من إيران إن لم تكن هناك حركة من جانبكم وتعطونا ما نحتاج إليه وما نطلبه".
يكمل روحاني: "عليكم أن تكونوا واضحين، وان ما قلته هو ما يتطلب رفسنجاني لي أن أقوله، وإن لم أفعل ذلك أسحق، والخميني وابنه أحمد هم قادة لنا، أنا محاط بالحراس، فأنا لا أريد شيئاً لنفسي شخصياً ولا مال لأنني لا أستطيع أن أنفقه فسوف أثير الشكوك حولي، لذلك أنا مهتم ببلدي ويجب عليكم أن تعرفوا مع من تتعاملون".
تحدث روحاني عن شخصية الخميني على أنه "كان شخصية قوية وإمام، وهو يؤيد خطوة للأمام ولا مائة خطوة للخلف، وللأسف أنتم تأخذون موقفا كاذباً".
ويكمل روحاني حديثه: "نحن مستعدون لنتعاون تعاوناً حقيقياً معكم، لكن لتبدأوا أنتم أولاً بزراعة الاسلام في بلادنا وتعطونا المال لإنهاء الحرب على العراق".
استأنف نير حديثه وقال لروحاني: "أشكرك على ذلك ولن يعرف أحد بمحادثاتنا، وفي بلادي اثنان فقط يعرفان عن هذا اللقاء، وقلوبنا وآراءنا مفتوحة لكم، ولا حاجة للحديث عن أخطاء ماضينا، ويجب أن ننظر إلى المستقبل".
يضيف نير بقوله "من الواضح أنه لن يكون هناك مستقبل لإيران إذا لم تتواصل مع الغرب، ولدينا احترام لإيران وثورتها، ونحن نريد مساعدتكم ومساعدة المعتدلين في إيران، وأخبرني إلى ما تحتاجه وننظر إذا يمكننا فعله"، ويقول نير: "لبنان هي جبهة واحدة وسنفعل ذلك للتأثير".
روحاني يقول: "هذا جيد، فالخميني والحرس الثوري أرسلوا أمس 3 ملايين دولار للبنان، ونحن ليس لدينا مال لدفع ثمن الاحتياجات المعيشية والأمن، وقرروا التشاور لتحويل لبنان إلى جمهورية اسلامية وحاولت منع ذلك ولكنه لم ينجح، وإذا لم تعرضوا الأنياب الحادة للخميني ستجدون صعوبة في العالم، وإذا تم تهديده بالقوة العسكرية فهو سيقبل أيديكم ويهرب، وإذا لم تثبتوا القوة سيخرج يوماً ضدكم".
ويكمل روحاني: "على سبيل المثال؛ أخبروه أن يطلق سراح الرهائن خلال 5 أيام وإذا لم تفعل سنواجهك بالقوة العسكرية وستكون انت المسئول عن النتائج".
يرد نير بقوله: "نحن نملك ذلك، ولكن نحن أحيانا بطيئون، ولكن هل رأيت ماذا فعلنا في ليبيا، إذا فعلنا ذلك فهذا سيدفع إيران إلى أحضان الروس.
يقول روحاني: "عليكم استخدام الدعاية الاسلامية ضد الخميني بمساعدة تركيا وباكستان (ماذا تفعل امريكا اليوم؟).
ويكمل روحاني بقوله: يمكن أن أكتب كتاباً حول ذلك، ولكن أفضل طريقة هي العودة إلى طهران، وأتحدث مع الناس حول (آية الله منتظري)، ونعمل خطة وأعود مع رسالة لك، ولكنني أريد أن أعرف إن كنتم جادين فأنا لا أعتقد حقا أنكم تريدون مساعدتنا.
وفي نهاية اللقاء تم تبادل التقييمات الاستراتيجية للوضع في الشرق الأوسط وخاصة في إيران.
وكان منتظري هو المرشح الرئيس لخلافة الخميني والزعيم الديني في إيران، وكان القوة الدافعة وراء المفاوضات مع أمريكا واسرائيل.
وعلى ما يبدو ان قضية إيران انفجرت بعد اجتماع روحاني ونير ووضعت حدا لطموحاته من منتظري.
اطلس للدراسات


