خبر : مصر في مواجهة الإخوان المسلمين ...بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة 26 يوليو 2013 12:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصر في مواجهة الإخوان المسلمين ...بقلم: رجب أبو سرية



ربما يضطر الفريق أول عبد الفتاح السيسي _ القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع، والرجل الذي بات بين عشية وضحاها، بطل مصر وقائدها، ورجلاً يتمتع بحب المصريين كما لم يحدث منذ أكثر من نصف قرن، أي منذ أن فجر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ثورة 23 يوليو _ إلى أن ينصح الإخوان ألف مرة، حتى يقتنع بأنهم قد وضعوا في إحدى أذنيهما طيناً وفي الأخرى عجيناً، كما يقول المثل، وأن فيهم من "الأمراض" النفسية، ومن الصفات السيئة ما قد يتجاوز خيال الكثيرين منا، فها هو مرة أخرى، يطلب تفويض الشعب للقيام بواجبه الوطني بالحفاظ على أمن مصر، من مخاطر العنف والإرهاب.

لم يقل قائد مصر: أطلب تفويضاً بمحاربة الخارجين على القانون، والإخوان، في ممارستهم العمل السياسي ليسوا إلا خارجين على القانون، ذلك أن دساتير الدنيا كلها وقوانين الأحزاب في كل العالم لا تبيح تشكيل أحزاب أو جماعات سياسية على أساس طائفي، أي تقتصر عضويتها على مواطنين دون آخرين، أو على أساس التمييز في الدين أو العرق أو الجنس، والأحزاب الدينية كلها ينطبق عليها هذا الوصف، بل إن الرجل قال إنه يريد تفويضاً، حتى يحارب العنف والإرهاب، وكان حرياً بالإخوان والسلفيين، كما هو حال كل المصريين أن يلبوا الدعوة، ويقولوا له _ نحن معك _ ضد العنف والإرهاب.
حتى وهم يختلفون معه سياسياً ومع كل مصر ومعظم شعبها، حتى يؤكدوا على أنهم فعلا جزء من العملية السياسية الديموقراطية، وأنهم يبدون استعدادهم للمصالحة، فضلاً عن المشاركة في بناء مصر الحديثة، لكن هيهات أن يفعلوا، وهم كما هو حالهم وشأنهم في كل مكان، إنما وجدوا منذ أكثر من ثمانية عقود كمعاول هدم وتدمير، في أحسن أحوالهم "يتمسكنون حتى يتمكنوا" من أجل أن يعيدوا عقارب الساعة للوراء، وكان هدفهم الوحيد والرئيسي ولا يزال هو إعادة الاستعمار التركي للبلاد العربية، تحت دعوى إعادة الخلافة العثمانية!
لم يكن الإخوان يوماً قوة ثورية، بل على العكس تماماً، كانوا جماعة رجعية وقفت ضد حركات التحرر العربية، فقاتلت عبد الناصر وحافظ الأسد وصدام حسين، جبهة التحرير الجزائرية، وياسر عرفات، وكانت الجماعة طوال العقود الماضية على علاقة جيدة بما كان يسمى محور الرجعيات العربية (الأنظمة الملكية) وطالما راهن الإخوان على الإدارة الأميركية، حتى وهي تدعم أنظمة مثل نظام حسني مبارك، نظراً لبراغماتيتها، التي ستجد مصلحتها _ أي واشنطن _ في يوم ما عندهم!
وقد حدث هذا بعد اندلاع الربيع العربي، وتحالف الإخوان عبر العراب القطري مع البيت الأبيض، ثم إن عودتهم لأصولهم، و"إخلاصهم" لهدف إعادة الخلافة العثمانية، يفسر تحالفهم مع أردوغان، ودفاعه المستميت عنهم، بعد أن استثمر في مصر الإخوانية اكثر من عشرة مليارات دولار، كما انهم شأنهم في ذلك شأن كل جماعات الإسلام السياسي، لا يؤمنون بالديموقراطية، ولا "شحطة"، وهذا أمر ليس بحاجة لإثبات، وليس هناك إخواني واحد يمكنه أن يقبل على نفسه بان يكون ديموقراطياً أو علمانياً، وهم فقط يفهمون من الديموقراطية صندوق الانتخاب ولمرة واحدة فقط.
وإذا كان السيسي واضحاً كل مرة من حيث انه يعلن وقبل وقت ما ينوي فعله، فالإخوان، على عكسه تماماً، لا يعلنون، وإن أعلنوا شيئاً فإنما ليفعلوا شيئاً آخر، وهم يظهرون ما لا يبطنون، تماماً كالمنافقين! وإذا كانت مصر كلها ستعلن "الحرب" على العنف والإرهاب، لتجتث جذوره، مرة وإلى الأبد، فإن مصر _ شعباً وجيشاً _ إنما تواجه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي اجتمع في تركيا قبل أيام، واتخذ قرارات، بل ووضع مخططاً لإعادة السيطرة على مصر، بالتعاون مع أردوغان، وبدعم أميركي.
لذا فقد أستبق السيسي المخطط الإخواني، وأراد وهو كان يمكنه أن يطلق العنان للجيش والأمن الداخلي، للقيام بواجبهما الوطني، في حماية امن ومقدرات مصر، من الحريق الإخواني المرتقب، لكنه أراد أن يخرج الشعب _ اليوم _ ليؤكد مرة أخرى، على أن لجوء الإخوان ومعهم جماعات القاعدة العالمية، وبعض الجماعات السلفية المتواجدة في سيناء وغزة، ليس إلا بعد أن تأكد انفضاض الشعب عنهم وانهم ليسوا إلا أقلية ضئيلة العدد، فرغم كل المغريات لا يتواجد في "رابعة العدوية" إلا بضع مئات من المواطنين، وان ملايين الشعب المصري قد لفظتهم من بين صفوفها، وما داموا يرفضون الخيار السياسي / السلمي، والانخراط في المجتمع وفق قوانينه، فإنهم يذهبون بأرجلهم إلى احد خيارين: الموت أو السجون.
كلمة أخيرة لابد من قولها، وهي أنه ليست قوة الجيش التي تهزم الإخوان ومعهم كل مشروع الدولة الدينية، ولكن قوة التاريخ، والعولمة التي تسود العصر، حيث لا مكان لقوى وجماعات تعيش في العصور الوسطى، تنكمش على ذاتها وتجد لها "مكاناً أو مناخاً أو حتى دفئية" حيث توجد مجتمعات فقيرة ومتخلفة _ أفغانستان، اليمن، غزة، سيناء، باكستان، _ في هذا الزمان ولا في هذا العصر، وما القاعدة والسلفية والإخوان والتحرير إلا ردود فعل يائسة وبائسة، ومهزومة لا محالة، حتى لو جندت من أجلها أمريكا جيوشاً مؤلفة، وهذا ينطبق أيضا على من يريد لإسرائيل أن تكون دولة يهودية، ويجد في الجماعات الإسلامية، بما فيها جماعة رائد صلاح وحزب التحرير، الذي لا يحارب إسرائيل، ويرفع صور العياط في المسجد الأقصى بدلاً من صور صلاح الدين أو حتى أحمد ياسين، عملاً مساعداً لتمرير مخططاته وبرامجه، فقد انفتحت بوابة التاريخ في بلادنا ولن تغلق وفق أهواء التحالف الثلاثي غير المقدس ( أميركا / إسرائيل / تركيا وقطر والإخوان والجماعات الإسلامية كلها)، والذي لم يعد يقف في طريقه سوى هذا الشعب المصري العظيم وجيشه الباسل، والذي يعيد أمجاد محمد على، سعد زغلول وعبد الناصر، عبر مليونيات ميدان التحرير، تمرد، والسيسي.
Rajab22@hotmail.com