رام الله / سما / قال رئيس ديوان الموظفين موسى أبو زيد، اليوم الأربعاء، إن الديوان أنجز حوالي 95% من جدول تشكيلات الوظائف، وسينتهي من إنجازه نهاية العام الجاري، وسيعيد الجدول الاعتبار إلى مكونات الوظيفة العمومية في إطار رؤية متوازنة ويجعلها تتطور وفق التخطيط الوظيفي ويأخذ بعين الاعتبار زيادة كفاءة الأداء الحكومي.
وأضاف أبو زيد لوكالة الانباء الفلسطينية الرسمية (وفا) 'خلال العمل على إعداد الجدول تم الكشف عن اختلالات في الإجراءات بالوظيفة العمومية سنقوم بمعالجتها تدريجيا، ويتم ذلك بتوجيهات ودعم من الرئيس ورئيس الوزراء ورؤساء الدوائر الحكومية'.
وأشار إلى فلسفة وأهداف ونتائج أولية لجدول تشكيلات الوظائف، والتي تقوم على فكرة خلق إطار تنظيمي للوظيفة العامة وفق أسس قانونية ونظرية وعلمية مرتبطة بعملية التخطيط، لتصبح واقعا ملموسا في الدوائر الحكومية يتم من خلاله تحديد أعداد موظفي الخدمة العامة، وتوزيعهم، وفئاتهم ودرجاتهم من ناحية كمية ونوعية على حد سواء، ويمكن المؤسسات الحكومية من تحديد احتياجاتها الفعلية من الكوادر البشرية لسنوات مقبلة ضمن خطة متوسطة المدى (2013-2015) بصوره علمية.
كما بين أبو زيد أن قانون الخدمة المدنية رقم 4 لعام 1998 والمعدل عام 2005 واللوائح المنظمة له نصت على ضرورة أن تعد الدوائر الحكومية جدول تشكيلاتها وأهميتها في العملية الإدارية، ولكن الدوائر الحكومية لم تلتزم بإنجاز هذا الجدول آنذاك.
وقال 'خلال عملية التخطيط لإعداد جداول تشكيلات الوظائف للدوائر الحكومية والتي يتم للمرة الأولى في فلسطين، تم تشكيل لجان فنية في كل دائرة للعمل على إعداد جدول تشكيلاتها، وعملية التنفيذ بدأت بالتدريب الفني مع الشؤون الإدارية ووحدات الموارد البشرية والتخطيط وتكنولوجيا المعلومات شارك فيها ممثلي (75) دائرة حكومية وزارية وغير وزارية ليصل عدد المتدربين إلى (705) موظفين من مختلف الفئات ووصل عدد اللقاءات التدريبية (14) لقاء'.
وأضاف: 'عمل الديوان على ترتيب حلقة نقاش مع الوكلاء وصناع القرار في الدوائر الحكومية، وتم عمل زيارات ميدانية متواصلة لإغناء هذه العملية وتقديم الدعم والمشورة خلال انجاز هذه العملية تصل لأكثر من ألف زيارة للوزراء ورؤساء الدوائر والفرق الفنية ما أكسب كادر الديوان خبرة عالية بالعمل الإداري، وتم هذا العمل بتفان وإخلاص عاليين'.
وأوضح أبو زيد أن آلية العمل قامت على تعبئة النماذج الخاصة بجدول التشكيلات وعددها (14) نموذجا تعكس خصائص الموارد البشرية واحتياجات الدائرة الحكومية الفعلية من الموارد البشرية واحتياجاتها من الوظائف الإدارية على الهيكل التنظيمي، والتي تضمن إنجاز مهماتها الضرورية والملحة وفق مبررات واضحة وحقيقية وتقوم الدائرة الحكومية بمناقشة احتياجاتها مع مديرية التخطيط الوظيفي وجداول التشكيلات في الديوان ومن ثم يتم مناقشتها وإقرارها من اللجنة الوطنية العليا (وهي مشكلة من الديوان وزارة التخطيط والأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة المالية) ومن ثم المصادقة النهائية من مجلس الوزراء.
وأفاد أبو زيد بأنه تم الاطلاع على تجارب الدول المجاورة الإقليمية والعربية والاسترشاد بالتجربة الأردنية، مع بعض التطوير والتعديل ومراعاة الخصوصية الفلسطينية، وبالنظر إلى التجارب في الدول المحيطة فقد استغرقت هذه العملية عشرات السنين لإنجاز مثل هذا الجدول بموازنات وصلت إلى عشرات الملايين.
وأشاد بالدعم المقدم من كافة الوزراء لإنجاح هذه العملية المهمة لدولتنا فلسطين والتي ترسي دعائم العمل المؤسسي وتقوي أركانه، وإلى الفرق الفنية في الدوائر الحكومية على تفانيها وجهودها لإنجاز هذه العملية.
وقال أبو زيد إنه تم إعداد برنامج محوسب خاص لهذه العملية لمطابقة بيانات موظفي القطاع العام في الدوائر الحكومية، وذلك في سبيل الربط بين التطور المؤسسي وتكنولوجيا المعلومات.
واستعرض أبو زيد أهداف جدول التشكيلات وأهمها معرفة الخصائص الإدارية والتنظيمية للموارد البشرية، وزيادة كفاءة الأداء الوظيفي للقطاع العام من خلال ضبط الحراك الوظيفي وترشيد احتياجات المؤسسات الحكومية وجعلها مبنية على أسس علمية وفق تخطيط وظيفي واضح ينعكس في ترشيد الإنفاق العام من خلال ضبط فاتورة الرواتب والتأثير في الموازنة العامة ورصد الاحتياجات التطويرية المطلوبة في الموارد البشرية، والارتقاء بالوظيفة العامة وتمكين العاملين فيها.
ولفت أبو زيد إلى أن جدول تشكيلات الوظائف سيساهم في معالجة الاختلالات والمشاكل الناجمة عن الإجراءات الإدارية في التعيين والتوظيف والترقية والندب والإعارة وما إلى ذلك، والتي كانت تتم خلال السنوات السابقة بطريقة غير ممنهجة ومن دون ارتباط بالخطة الإستراتيجية للدائرة الحكومية ولكن هذه المعالجة تحتاج لبعض الوقت ولن تتم دفعة واحدة.
وقال أبو زيد إن جدول تشكيلات الوظائف خلق نتائج غير مباشرة، وأشاع ثقافة مؤسسية في القطاع العام لأول مرة، وخلق فكر إداري تنموي قادر على الاستثمار الحقيقي في الموارد البشرية واهتمام من مؤسسات المجتمع المدني، سواء كانت تنموية أو رقابية بموضوع الجدول والتخطيط الوظيفي.
وأضاف: 'من النتائج المباشرة للجدول مطابقة بيانات موظفي القطاع العام بين الديوان والدائرة الحكومية وجاري العمل الآن على مطابقتها مع وزارة المالية، وعملية المطابقة هذه هي القاعدة الأساسية لجدول التشكيلات الوظيفية، ويظهر الجدول تسكين الموظف على الهيكل الوظيفي لمؤسسته ارتباطا بعمله ومكانه وحاجة المؤسسة لذلك، والذي عكس لنا اختلالات في عملية التوزيع والتسكين على الهياكل، بحيث يصار إلى علاجها بعد تحليلها وتحديد الطرق الأنسب للمعالجة.
وقال: سيمكننا الجدول من تحديد أعداد الموظفين الذين سيحالون للتقاعد للسنوات الثلاث المقبلة، وربطه بالاحتياجات الفعلية، كما مكننا من تحديد أعداد الموظفين المنتدبين والمعارين وأماكن عملهم والمجازين من دون راتب ومن يعملون في الخارج، بحيث يصار لضبط دوامهم والرقابة عليه.
وسيوفر الجدول أساسا يتم الارتكاز عليه في تحديد احتياجات الدوائر الحكومية من الموارد البشرية كمسميات وظيفية والوظائف الإشرافية، حيث تم الاستناد في تحديد الاحتياجات والوظائف الإشرافية على مبررات واضحة وحاجة فعلية استنادا إلى الخبرة المؤسسية وعدد البرامج التي ستنفذها خلال السنوات الثلاث المقبلة والتي يجب أن تكون ضمن خطتها لهذه الفترة الزمنية وفقا الخطة الإستراتيجية والهيكل التنظيمي للمؤسسة وتوجهاتها التطويرية في إطار قانون الخدمة المدنية.
ومن النتائج أيضا أنه ضمن العمل على جدول التشكيلات تم تصحيح البيانات وتوفير قاعدة بيانات موثوقة تضع حدا لتضارب المعلومات حول موظفي القطاع العام ما سيمكننا من التركيز على احتياجات الدوائر من وظائفها التخصصية التي تضيف قيمة مضافة لتحسين الأداء وتحقيق الأهداف وقدرة المؤسسة على تقديم خدمات ذات جودة عالية.
كما أظهر جدول تشكيلات الوظائف بيانات واضحة عن موظفي العقود والمياومة والمشاريع القائمة تمهيدا لعمل الدراسات اللازمة للاحتياجات الفعلية لها وكيفية استيعابها.
وأوضح أبو زيد أن جدول تشكيلات الوظائف ساعدنا في تحديد الكثير من نقاط القوة والضعف في قانون الخدمة المدنية والفجوات في بنوده، وتم حصرها وإرسالها للجنة التوجيهية الفنية التي تعمل على إعداد المسودة الأولى لقانون الخدمة المدنية لإدراجها ضمن التعديل المقترح، وسيعمل الديوان على حصر المسميات الوظيفية في الدولة وإعداد بطاقات الوصف الوظيفي للوظائف الإشرافية القياسية وإعطاء وزن لكل وظيفة وتحديد علاوة طبيعة العمل ورفعها لمجلس الوزراء للمصادقة عليها.
وبين أن عملية إعداد جدول التشكيلات الوظيفية واجهت صعوبات وتحديات ومعيقات كبيرة حالت دون انجازه في الموعد المحدد له ويعود ذلك لأن جدول تشكيلات الوظائف علمي مرتبط بالجوانب المختلفة للوظيفة وينجز لأول مره منذ اقرار قانون الخدمة المدنية الحالي، وقد تم انجاز حوالي 95% منه، ومتوقعا أن يتم الانتهاء منه نهاية السنة الجارية ويأخذ طريقه في موازنات العام 2014.
ومن التحديات التي واجهت عملية الإعداد تفاوت المعرفة لدى الدوائر الحكومية بالطرق والأدوات اللازمة وتفاوت في فهم وإدراك أهميته، كما أن هناك بعض المؤسسات لا يوجد لها هيكل تنظيمي وإن وجد فهو قديم لا يلبي أهداف خطتها ولا ينسجم معها، وهناك مؤسسات تقوم بتغيير هيكلها بشكل مستمر يؤثر على خططها الإستراتجية وأهدافها، وهناك مؤسسات لا توجد لديها خطة إستراتجية ولا هيكل تنظيمي.
ومن التحديات أيضا كما وصفها، وجود تضارب في مهام وصلاحيات بعض الدوائر الحكومية، وهناك أيضا مقاومة للتغيير والتطوير بقوة العادة والعرف السائد حول آلية التعيين أو الترقية الاستثنائية والتي تتم بعيدا عن أهداف ومهام الدائرة الحكومية ودون ربط مع الخطة الإستراتيجية.
ومن الاختلالات التي برزت عند إعداد جدول التشكيلات الوظيفية وتم التغلب ومعالجة جزء كبير منها وجود اعداد من الموظفين لا ينتمون للمؤسسة، وعند دراسة ملفاتهم تبين إجراء عملية نقلهم من مؤسسة إلى مؤسسة أخرى ولم تستكمل الإجراءات أو هم متقاعدون ولم تستكمل إجراءات تقاعدهم، ومتقاعدون مطلوب تسديد أموال مترتبة عليهم وإجراءاتهم معلقة، وتم معالجتها مع هيئة التقاعد، أو موظفون لديهم قضايا عالقة منذ سنوات وهكذا، وواجهتنا معيقات تتعلق بآليات تطبيق قانون الأسرى والمحررين وقانون السلك الدبلوماسي وقانون القضاء الأعلى ولائحة القانونيين والذي يتعارض أحيانا مع قانون الخدمة المدنية.
ويؤمن الديوان كما قال أبو زيد بأن الاختلالات المتراكمة تحتاج إلى حلول متدرجة، والمهم هو نقطة البداية وتحديد الإطار النظري العلمي للتخطيط السليم، وتحقيق الإنجازات خطوة خطوة هو الطريق الذي سيعمل عليه الديوان خلال السنوات المقبلة، المهم أننا أنجزنا جدول الأساس لأول مرة في فلسطين هذا العام، وسنبني عليه.
وأضاف: 'سيتم التركيز في جدول تشكيلات الوظائف هذا العام على تحديد احتياجات الدوائر الحكومية من الوظائف الفعلية (التعيين) والإشرافية (الترقيات)، كما سيتم التأسيس للمرحلة المقبلة، والبناء على الانجازات المتراكمة، وأبرز معالمها تحليل العبء الوظيفي للوحدات الإدارية الموجودة على الهياكل التنظيمية للمؤسسات الحكومية'، ما يعني وضع معايير للهياكل والوحدات التنظيمية للمؤسسات الحكومية وتحديد السعة الوظيفية لكل وحدة تنظيمية مرتبطة بالأهداف الإستراتجية إلى تحديد الوظائف اللازمة لتشغيلها، وعدد الموظفين اللازمين لتحقيق أهداف الوحدة التنظيمية، كما سنعمل على وضع أسس للتنبؤ الوظيفي المبني على المعرفة مع الدوائر الحكومية والتخطيط وفقا لذلك، ووضع أوزان للوظائف بعد تصنيفها وتوصيفها.
وأشار إلى أن جدول تشكيلات الوظائف كشف عن الحاجة لإعادة هيكلة بعض المؤسسات بمعنى وضع معايير واضحة للهيكل التنظيمي وربطه بالأهداف العامة والخطة الإستراتيجية للحكومة ومهام وعمل المؤسسة.
وفيما يخص معالجة الفائض والعجز الذي تعكسه جدول تشكيلات الوظائف، قال: 'سنقوم بالعمل على معالجته بناء على معايير وطنية استنادا إلى معايير دولية من خلال التدريب والتأهيل والتدوير بهدف إعادة دمج جميع الموظفين في عملية الإنتاج الوظيفي'.
وأوضح أن عملية إعداد الجدول كشفت عن فجوة واضحة بين الاحتياجات التي طلبتها المؤسسات الحكومية والموارد المالية لدولة فلسطين، وبعد النقاش تم تضييق هذه الفجوة.


