عندي فكرة بناءة لرئيس الوزراء، يمكنها أن تدفع الى الامام بالمحادثات التي بدأت مع الفلسطينيين، فتشهد على جرأة سياسية غير متوقعة، تخلق عطفا دوليا ايجابيا كبيرا، وكلها ربح اسرائيلي، صهيوني، أمني واقتصادي للدولة. ويمكن أن نضيف الى هذا ايضا عبئا اخلاقيا ثقيلا سينزل عن ظهرنا ويمنع افسادا آخر لابناء 18 ممن يجتازون كل يوم تجربة الاحتلال من جديد.
اقول لنتنياهو: لا تحرر 100 ونيف سجينا فلسطينيا وتبعث بهم الى السلطة الفلسطينية. حرر 100.000 سجين فلسطيني، في خطوة احادية الجانب أو ثنائية الجانب، ببادرة طيبة أو بالمفاوضات. عليك فقط أن تقرر.
ثمانية أحياء فلسطينية كبرى توجد في الطرف البلدي الشمالي من القدس. أربعة من منطقة مخيم قلنديا للاجئين، أربعة اخرى في منطقة مخيم شعفاط للاجئين. في هذه الاحياء يعيش نحو 100.000 نسمة من أصحاب الهويات الزرقاء، من سكان القدس بكل معنى الكلمة، يعتمدون على صندوقي البلدية والدولة.
السخافة هي على النحو التالي: هذه الاحياء توجد خلف جدار الفصل، الامني العالي، الذي بنيناه قبل عشر سنوات. بتعبير آخر: عشرات الاف الفلسطينيين المقدسيين يعيشون في مناطق سائبة، تتحول الى جيوب من الفقر والاهمال. السلطة الفلسطينية تمنحهم الخدمات لانعدام البديل، ولكن تتعامل معهم كغرض مشبوع، غير محدد على الاطلاق.
هؤلاء السكان ليسوا هنا وليسوا هناك. النتيجة على الارض فظيعة. من أجل الوصول الى مدينتهم، القدس، عليهم أن يمروا عبر حاجز قلنديا أو حاجز شعفاط. نائبتان من الكنيست زارتا مؤخرا حاجز قلنديا وعادتا مصدومتين: عدي كول من يوجد مستقبل وميخال روزين من ميرتس. ووصفت كول المكان بانه "حبس مجمد وملوث". وفي العبارة التي نشرتها على الفيسبوك تصف المجندات والجنود في المكان ممن ينهارون تحت العبء الامني والتوتر الشخصي. وسلوكهم تجاه الفلسطينيين والاسرائيليين يتدهور.
ما العمل؟ اسرائيل ببساطة تعلن في أول يوم للمفاوضات عن حدث دراماتيكي، ضخم، من خارج العلبة (عفوا، خارج الجدار). بادرة حسن نية تمس منذ الان بالمسائل الجوهرية، وترجح الكفة الدولية لصالحنا. نحن مستعدون لان نتنازل عن جزء من القدس، نقلص الحدود البلدية التي خلف الجدار وننقل باحترام الاحياء الثمانية حول مخيمي اللاجئين قلنديا وشعفاط الى السلطة الفلسطينية، كي نمنع عشرات الاف السكان حياة كرامة في ظل هوية فلسطينية جديدة هم جديرون بها وهي جديرة بهم، زائد استقلال سياسي على الطريق.
يجدر بالذكر انه في هذا الاحياء لا يعيش حتى ولا مقيم يهودي واحد. لا توجد هنا اماكن مقدسة أو تاريخية على نحو خاص اجتذبت اليها الاف المستوطنين مثل راس العامود امام جبل الزيتون وجبل البيت، الطور (كما ذكر آنفا)، سلوان قرب مدينة داود، الشيخ جراح قرب مغارة شمعون الصديق او البلدة القديمة نفسها. لا توجد هنا أي مشكلة اخلاء، تفكيك المنازل او اخراج اليهود من احياء مختلطة.
وهاكم: نقلنا الى السلطة أحياء من خارج الجدار، وفي نفس الوقت تنازلنا عن 100.000 فلسطيني، غيرنا الوضع الديمغرافي في القدس وقلصنا بالثلث السكان الفلسطينيين في المدينة وخطر الدولة ثنائية القومية، وفي نفس الوقت قللنا الخط في أن تصبح مدينة العاصمة مدينة ذات اغلبية مناهضة للصهيونية. وكذا وفرنا المليارات على صندوق الدولة التي تدفع للفلسطينيين المين كل شهر بدل التأمين الوطني وغيرها من الخدمات. وبالمقابل، يمكن أن نطالب بان نضم الى اسرائيل غوش عصيون، مثلا. واحد مقابل واحد، إسألوا من سيهتم بسكان قلنديا وشعفاط ابتداء من يوم النقل؟ وزير الخارجية جون كيري أعلن بانه سينقل 4 مليار دولار الى السلطة الفلسطينية. اذا اصر الامريكيوين فمع ربع هذا المبلغ يمكن جعل مخيمي اللاجئين حديقة مزدهرة ورمز للسلام على خط التماس. ينبغي فقط الحديث والتفكر بشكل مختلف بعض الشيء.


