إن الحقيقة المؤسفة وهي أن الباحث في الكون البروفيسور ستيفن هوكينغ المصاب بمرض تعفن العضلات لا تقتضي الامتناع عن انتقاد عام عليه. فهذا الانتقاد مطلوب ردا على توجيه هذا البروفيسور من كامبردج الضربة الدعائية القاسية لاسرائيل. فبعد ان استجاب للدعوة للمشاركة في مؤتمر الرئيس في حزيران القريب، وتكرم بأن يخطب فيه الخطبة المركزية، نكص هوكينغ عن موافقته وأعلن في خلال الاسبوع الماضي بأنه سيقاطع المؤتمر بسبب سياسة اسرائيل مع الفلسطينيين. قد يكون هوكينغ أشهر عالم في العالم اليوم ومن جملة اسباب ذلك ظاهرة انه لم يتبين الى الآن أي نقص من قدرته العقلية برغم المرض العضال الذي أصابه قبل عشرات السنين. وقد زار اسرائيل من قبل بل حصل في القدس على واحدة من جوائز صندوق وولف لكنه استسلم هذه المرة لضغط الحركة التي تحث على القطيعة والعقوبات وإبعاد الاستثمارات عن اسرائيل. إن هوكينغ هو ايضا "الدُرة" الأشد بريقا والأغلى ثمنا الذي نجحت حركة القطيعة في تجنيده لصفوفها. وقد لا يكون تجنيد هوكينغ لصفوف مؤيدي القطيعة مع اسرائيل قد لاقى صعابا لأن كونه عضوا في الهيئة الاكاديمية لجامعة فخمة الشأن مثل كامبردج منح حركة القطيعة ميزة لأن الجامعة المذكورة بريطانية وتعمل في دولة ولدت القطيعة مع اسرائيل فيها. لكن كما قلنا آنفا ليس في ذلك ما يمنح هوكينغ حصانة ما من الجانب العام. وتعالوا نقل بصدق بل في استقامة: إن البروفيسور ستيفن هوكينغ باعلانه انه سيشارك في القطيعة مع اسرائيل يتصرف في نفاق خالص. لأنه بفضل العقل الاسرائيلي اليهودي استطاع هوكينغ المشلول في جسمه كله أن يتصل بما حوله. اجل إن هوكينغ يُتهم بالنفاق حتى في صحف بريطانيا. فقد كشفت الصحيفة البريطانية "الغارديان" التي لا تُتهم بمشايعة مواقف اسرائيل، قبل بضعة ايام، عن أن هوكينغ، العالم الشهير، يستعمل تقنية اسرائيلية موجودة في باطن الحاسوب الذي يُمكّنه من تأدية أعماله. فمعدات الحاسوب من انتاج "إنتل" وهوكينغ يستعمله منذ 1999 وهي السنة التي وصلته فيها المعدات الاسرائيلية. وقد منحت القانونية نتسانا برشان – لايتنر صحيفة "الغارديان" هذه المعلومة. نحن ننضم اذا الى الدعوة الموجهة الى هوكينغ اذا كان قد بقي عنده شيء من الاستقامة العقلية قائلين إنه يجب ان يقاطع وربما ينفصل حتى عن المعدات الحيوية له من انتاج اسرائيل التي أعلن القطيعة معها. وبالمناسبة لقيت صحيفة "الغارديان" الرفض حينما طلبت رد شركة "إنتل" لكن الصحيفة كشفت عن اقتباس عن لسان غاستن راتنر الذي يوصف بأنه "ضابط تقنية رئيس" في الشركة، صادق فيه أنه وجدت علاقات قديمة بين "إنتل" وهوكينغ وأن من الطيب لناسها الاستمرار في هذه العلاقات، والى ذلك تعمل الشركة في تطوير جهاز الاتصال الشخصي للبروفيسور صاحب الاسم العالمي. إن الاستقامة العقلية لا تبيح "نصف قطيعة". فعلى من يزعمون القطيعة ان يضعوا حدا لنفاقهم الظاهر وان يضحوا براحة حياتهم اليومية من اجل تحقيق هدفهم "المقدس". يجب عليهم ان يكفوا عن تناول أدوية مصنوعة في اسرائيل وأن يقطعوا أنفسهم عن حواسيب وسائر معدات الهاي تيك من ثمرات العقل الاسرائيلي. وهذه أمثلة معدودة فقط تنتظر القطيعة من جهة معلني القطيعة. وقد قلنا ذات مرة إنه اذا كانت قطيعة فلتكن الى النهاية. ونحن نوجه هذه الدعوة هذه المرة الى العالم ستيفن هوكينغ لكنها تصح ايضا على من يرغبون في تقليد خطوته القبيحة.