واشنطن/ وكالات / اشارت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، في مقال تحت عنوان "مخاطر الحظر الجوي في سوريا"، بإن واشنطن تستقبل الذكرى العاشرة لغزو العراق بطريقة غير معتادة: من خلال الحديث عن حرب جديدة، هذه المرة في سوريا. فقد أصدر السيناتور الجمهوري جون ماكين وليندسي غراهام، في أعقاب إشاعات غير مؤكدة حول وقوع هجوم بالأسلحة الكيميائية، بياناً مشتركاً دعيا فيه إلى "تقديم الأسلحة لجماعات المعارضة السورية الموثوق بها، وتوجيه هجمات ضد طائرات نظام الرئيس بشار الأسد وبطاريات صواريخ سكود على الأرض، وإقامة مناطق آمنة داخل سوريا لحماية المدنيين وجماعات المعارضة". وبعد ذلك، صرح السيناتور كارل ليفين أنه ينبغي بذل بعض الجهود العسكرية لاستهداف الدفاعات الجوية السورية، مشيراً إلى أنه يمكن نشر الصواريخ المضادة للطائرات على الحدود التركية لفرض منطقة حظر جوي على شمال سوريا دون التوغل فعلياً في الأراضي السورية. ويشير الكاتب إلى أن فكرة منطقة الحظر الجوي تنطوي على مشكلتين، أولهما أنها ليست حذرة للغاية- فهذا سيعد عملاً حربياً بغض النظر عما إذا اقتحمت القوات العسكرية الأراضي السورية أم لا. وستغدو الولايات المتحدة وتركيا في هذه الحالة أطرافاً في الصراع وقد تمضي سوريا إلى شن هجمات انتقامية ضدهما، مما سيؤدي إلى حرب أوسع نطاقاً. وستصبح الولايات المتحدة أيضاً مسؤولة عن مصير السوريين الذين يفرون إلى منطقة الحظر الجوي، وسيسفر أي عمل وحشي تقوم به القوات السورية داخل المنطقة الآمنة عن ضجة دولية مما قد يؤدي إلى هجوم مضاد في سوريا وتوسيع نطاق الحرب وأهدافها. ومن ثم فإن منطقة الحظر الجوي تزيد من احتمال تورط الولايات المتحدة في الصراع دون أن تتناول أي من المصالح الأميركية الأساسية في مصر، مثل تأمين مخزون الأسد من الأسلحة الكيميائية والحد من مخاطر انتقال الصراع في المنطقة وتقويض نفوذ إيران وحزب الله وكذلك الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة. وثانياً، من الصعب تحديد النتائج المُتوقع تحقيقها من مثل هذه الخطوة. ولفتت الى ان "الطائرات والمروحيات العسكرية، على الرغم من أهميتها بالنسبة لمن يمتلكها، لا تقوم بدور بارز في ساحات القتال الواقعة في مناطق سكنية مغلقة. فلا تمتلك الطائرات الفاعلية التي تتسم بها المدفعية في استهداف المدنيين في المدن السورية". وذكرت الصحيفة أن المشكلة في فكرة الحظر الجوي على سوريا هي مشكلة إستراتيجية؛ حيث تقوم الحروب على مبدأ استخدام العنف لإرغام العدو على تنفيذ مطالب محددة، ولكن ما هي مطالب الولايات المتحدة في سوريا وهل سينجح الحظر الجوي في تنفيذها؟ ويُجمع معظم الأميركيين على أن الهدف في سوريا هو المساعدة في إنهاء المأزق والإطاحة بنظام الأسد. ولكن الضغوط الناجمة عن منطقة الحظر الجوي ستؤدي إلى تناول هاذين الهدفين بصورة غير مباشرة. وأوضح أن لا أحد يعتقد أن الحظر الجوي سينجح في إقناع الديكتاتور الذي قام بسجن وتعذيب وقتل عشرات الآلاف من أبناء شعبه بالتنحي عن السلطة، ولكن الفكرة تدور حول أن النخب المحيطة بالأسد ستخشى الضغوط الدولية- أو احتمال وقوع غزو خارجي- وستمضي للإطاحة به. غير أن نفوذ معظم هذه النخب يعزى إلى علاقاتهم القوية بالأسد، ومن ثم قد يشعرون بالتردد حيال التخلي عنه. وفي الوقت نفسه، لا تتمتع تهديدات الغزو بمصداقية كبيرة نظراً للاعتقاد السائد بأن الحرب لا تخدم المصالح الأميركية. ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن الحظر الجوي لن يصعد مخاوف النخب السورية ولن يؤدي إلى خروج الأسد من السلطة، حيث إنه سيمَّكن الولايات المتحدة من مواصلة الفشل في تحقيق أهدافها ولكن مع بذل جهود شاقة.