خبر : إنسوا جُبن الكوتيج / بقلم: ايتان هابر / يديعوت - 24/10/2012

الخميس 25 أكتوبر 2012 10:42 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إنسوا جُبن الكوتيج / بقلم: ايتان هابر / يديعوت - 24/10/2012



لا يوجد اليوم شخص واحد في اسرائيل، ولا في العالم كله كما يبدو، يستطيع ان يتنبأ كيف سيبدو الشرق الاوسط، وكيف سيبدو العالم العربي، بل كيف ستبدو دولة اسرائيل بعد، لنفترض، عشر سنين. ان عشرات آلاف الناس في اسرائيل والعالم يعتاشون من الاستشراق والتحليل والمعرفة وليس فيهم أحد يستطيع ان يُعرض مصدر عيشه للخطر لتنبؤ بالمستقبل.             هل تنبأ أحد منهم بأن يشعل شاب من تونس أحرق نفسه النار في العالم العربي كله تقريبا؟ وهل استطاعوا وهم الذين عرفوا جميع افعال حسني مبارك، ان يقولوا انه سيسقط، وكيف سيسقط؟ بل ان واحدا منهم كتب مقالة عن ان مبارك لن يسقط – وفي ذلك المساء نفسه قبل ان تُلف الأسماك المملحة بهذه الصحيفة، كان مبارك قد أصبح لا يتولى السلطة في مصر.             لا عجب في هذه الظروف من ان يكون رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي، اللواء أفيف كوخافي، من أكثر المطلوبين في البحث عن تنبؤات مُعللة. ان العالم كله يسأله ماذا يحدث وماذا يعلم وماذا سيكون، في الأساس. لكن كوخافي، وعلى عِلم، غير معني بالمخاطرة، فهو على الأكثر مستعد لأن يقول كلاما شبه ساذج عن "الأمد القصير" و"الأمد البعيد".             ليست شعبة الاستخبارات وحدها كذلك، فالجيش الاسرائيلي ودولة اسرائيل يعتقدان انه لا يُنتظر في "الأمد القصير" خطر من عصافير "الربيع العربي" لكن لا يكاد يوجد شك في ان العالم كله ومنه العربي بيقين قد ينقلب على دولة اسرائيل في "الأمد البعيد". ان العرب والاسلام والمسلمين على اختلاف ضروبهم ينزفون لكنهم يتعززون في كل ركن وكل موقع. وبعد عشر سنين سيكونون قد أصبحوا بعد تحولاتهم الداخلية وآنذاك سيبحثون عنا.             عندنا اذا ما يُسمى "نافذة فرص"، والسؤال هو ماذا سنفعل في السنوات الخمس أو العشر القادمة لنخفف عن أنفسنا. ان من يعتقد انه يجوز لنا ان نستريح على أوراق الغار المتوهمة، يُعرض مستقبل أبنائنا وأحفادنا للخطر، كما يبدو. أعد رحبعام زئيفي الراحل قبل عشرات السنين خطة للجيش الاسرائيلي لما كان يسميه "حالة كل شيء" وأمامنا، في الأمد البعيد "حالة كل شيء" حينما سيتجه العالم العربي كله للعناية بنا. فماذا نفعل كي لا يحدث هذا؟.             ان غريزة الانسان من شبابه وطبيعته ولا سيما اذا كان اسرائيليا، تريد ان تكتم المشكلات وان تستريح وان تجمع المال وألا "تحطم الرأس" في التفكير فيما قد يحدث بعد عشر سنوات. ونحن جميعا من أنصار طريقة "أُقتل التركي واسترح". من الذي أوجد هذه النظرية التي تبعث على السخرية؟.             وهذه بالضبط، وأقول بالضبط، مهمة من يسمون "متخذي القرارات" و"الموجهين" ورئيس الوزراء وآخرين. فهم الذين يجب عليهم ان يبحثوا بالمنظار عن الأفق البعيد. لأن الحقيقة المدهشة هي ان تبلغ السنوات العشر نهايتها فجأة ولا يبقى لنا سوى ان نقول: "ماذا؟ هل انقضت سريعا بهذا القدر؟...".             وهذه بالضبط، وأقول بالضبط، مشكلتنا. ان قليلين فقط من كبار قادة الدولة قد أحسنوا الرؤية من بعيد وتوريثنا أملاكا سياسية وعسكرية وأملاك بنى تحتية. فالساسة في أيامنا يبحثون عن الانجاز اليوم وفي الغد. ومن ذا يكون مستعدا لأن يقرر تمهيد الشارع 6 الذي يقطع اسرائيل طولا اذا تبين له ان موجها آخر كبيرا سيقص الشريط؟.             ويصح هذا الكلام أكثر في مجال اتخاذ القرارات السياسية. فالرضى يجب ان يكون فوريا ولم يولد بعد زعيم أو سياسي ما في اسرائيل يكون مستعدا مثلا لدخول مفاوضات سلام مع السوريين كي يوقع واحد من اولئك الذين يخلفونه اتفاقا كهذا في دمشق، على الملأ. من اجل ان نقرر قرارا حكيما ونفعل فعلا صحيحا بعد سنين يجب ان ننتخب رئيس وزراء وحكومة وائتلافا ملائمين الآن. فلا يوجد وقت بخلاف الانطباع الخارجي. ان الشرق الاوسط في الحقيقة يشتعل، لكن يمكن ان نرى من خلل اللهب نافذة الفرص، ويمكن استغلالها من اجل ان نستوطن في كل سنتيمتر خالٍ في يهودا والسامرة، ويمكن استغلالها من اجل التخلي عن كل سنتيمتر – لكن هذا هو واجب المقترعين في الثاني والعشرين من كانون الثاني ايضا.             ولهذا ومع كل الاحترام لسعر جبن الكوتيج وارتفاع اسعار الكُزبرة، سنكون في اليوم الذي تُغلق فيه نافذة الفرص، لا سمح الله، مستعدين لدفع ثمن باهظ عن علبة جبن الكوتيج بشرط ألا تُغلق تلك النافذة.