خبر : معهد واشنطن يحذر من انهيار السلطة الفلسطينية وابتعادها عن حل الدولتين

الخميس 11 أكتوبر 2012 06:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
معهد واشنطن يحذر من انهيار السلطة الفلسطينية وابتعادها عن حل الدولتين



القدس المحتلة / سما / نظم معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ندوة تحت عنوان مستقبل السلطة الفلسطينية، بإدارة مدير المعهد روبرت ساتلوف ومشاركة الصحفي الإسرائيلي المعروف إيهود يائيري من القناة الثانية من تلفزيون إسرائيل، والذي يعمل أيضاً كباحث في المعهد وخبير في شؤون السلطة الفلسطينية، وناثان براون أستاذ القانون في جامعة جورج واشنطن في العاصمة الأمريكية والباحث الخبير في الشؤون الفلسطينية في معهد كارنجي للسلام. واستهل روبرت ساتلوف تقديمه للخبيرين مذكراً الحضور "إن المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني أعاد الحياة لمناقشة حل الدولتين والتسوية الفلسطينية الإسرائيلية بقوله أنه يلتزم بقيام دولة فلسطينية ديمقراطية إلى جانب دولة إسرائيل اليهودية في خطابه في أكاديمية فرجينيا العسكرية الاثنين الماضي"، واستدرك ساتلوف قائلاً " إلا أن حقيقة الواقع على الأرض للسلطة الفلسطينية تبدو كاحله مما يدفع المرء للتساؤل عما إذا كانت هذه السلطة وشيكة الانهيار ". وقال إيهود يائيري أنه يعتقد "أن الفلسطينيين يتراجعون اختيارياً عن حل الدولتين ويمحصون في بدائل أخرى بعيدة عن ذلك مثل الانتظار الطويل أو عبر قنوات الأمم المتحدة لمضاعفة التعقيدات التي تواجهها إسرائيل، ووصف يائيري وضعاً في الضفة الغربية يدل بشكل واضح إلى أن السلطة الفلسطينية تمارس " فك ارتباط إداري قد ينتهي بهم لإلقاء مسؤوليات إدارة الضفة الغربية بكافة تفاصيلها مرة أخرى على كاهل إسرائيل ". وكرر يائيري مرة تلو الأخرى أن " هدف الحركة الوطنية الفلسطينية بتعبيراتها المختلفة خاصة حركة فتح لم تلتزم يوماً بحل الدولتين وتعتبر ذلك حلاً عقابياً، وما علينا إلا أن نتحدث إلى القيادات الشابة في المدن الفلسطينية مثل الخليل ونابلس وجنين للاكتشاف ذلك". وأوضح يائيري أنه " في الوقت الذي تقول فيه العائلات الفلسطينية العريقة في القدس للسلطة الفلسطينية ابتعدوا عنا يعمل العديد من الفلسطينيين بهدوء وفي الخفاء من أجل الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وتجدهم يتعلمون العبرانية ووسائل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي ". وقال يائيري " إنني أدق ناقوس الخطر حيث أن السلطة الفلسطينية تنهار أمام أعيننا - هذه السلطة التي لا يمكن الاستغناء عنها – لأسباب عدة منها سوء الإدارة والفساد، والإفلاس الذي تتعرض إليه، خاصة وأنها مدانة بـ واحد ونصف( 1.5 ) مليار دولار لا يمكن لأي من البنوك الفلسطينية تسديدها ". ويدعي يائيري " إن العرب لم يوفوا بالتزاماتهم المالية للسلطة، بينما تقوم قطر بمنح 200 مليون دولار إلى حركة حماس في غزة لأسبابهم الخاصة "مشيراً إلى أن كل هذه الأمور مجتمعة ضربت الاقتصاد الفلسطيني وحولته إلى " اقتصاد تابع، يعتمد على المعونات المالية من الدول المانحة بنسبة تزيد عن 50% " وفق تقرير البنك الدولي الذي صدر الشهر الماضي. وانتقد يائيري فلسطينيي الشتات الذين "لا يستثمرون أموالهم في الاقتصاد الفلسطيني"، كما تحدث عن أوضاع سياسية فلسطينية متوترة داخل حركة فتح وصفها " بالانتظار والتأهب للمرحلة القادمة، أو عند غياب رئيس السلطة الفلسطينية بسبب الاستقالة أو الموت" متوقعاً صراعاً محتدماً بين شخصيات فلسطينية مثل أمين مقبول الذي يخوض انتخابات رئاسة البلدية في نابلس ضد غسان الشكعة، ومحمود العالول " الذي يطمح في أن يصبح رئيساً بدلاً من عباس "، وفي المقابل، بحسب يائيري " هناك تيارات بدأت تعاير فكرة حل السلطة بمضمون اتفاقات أوسلو وبحث وسائل مختلفة للتواصل مع غزة وأن هذه التيارات يقودها نبيل شعث، وياسر عبد ربه، ومحمود العالول، لتحويلها السلطة من خدمة الاحتلال إلى وضع وطني ذاتي، وإن كانوا لا يعرفون هويته ". بينما يعمل آخرون " مثل سري نسيبة الذي يحاول جعل الضفة الغربية جزءاً شبه مستقل بكنفدرالية مع إسرائيل ". كما أن هناك " تيار ثالث يقوده أحمد الخالدي ومجموعة أخرى من العائلات الفلسطينية في نابلس والمدن الأخرى من ذوي العلاقات التجارية العريقة مع النظام الهاشمي في الأردن الذي يعملون من أجل كنفدرالية مع الأردن ". ويعتبر يائيري " إننا سنرى التغير في الأردن في اليوم التالي لسقوط بشار الأسد في سوريا ". وقال يائيري في إطار رده على سؤال وجهته القدس بخصوص تحمل سياسة الاستيطان لحكومة ناتنياهو والحكومات الإسرائيلية المتتابعة وعدوان الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية "فشل السلطة في الوفاء بوعودها في تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة" أنه يرفض "وضع اللوم على الاستيطان واستشرائه في فشل المساعي في عملية السلام" قائلاً " إن الحركة الوطنية الفلسطينية وخاصة حركة فتح تعتبر أنها فقدت روحها عندما تخلت عن الكفاح المسلح واختارت العمل البيروقراطي السياسي، سعياً وراء حل الدولتين الذي يتناقض مع مبادئها السياسية من وجهة نظرها ". أما ناثان براون فقد وصف " وضعاً مزرياً تعيش فيه السلطة الفلسطينية في مرحلة انتظار أزلية لا يعرفون أفقها "، ويشرح براون " إن السلطة الفلسطينية لا تنهار الآن أمام أعيننا كما قال يائيري ولكنها في حقيقتها بدأت في الانهيار منذ 14 عام أو أكثر". وقال براون أنه غير متفائل بالنسبة لحل الدولتين الذي يتلاشى " في الوقت الذي لا تبدو فيه السلطة الفلسطينية قادرة على الاستجابة لمطالب الفلسطينيين بالاستقلال وقيام الدولة، ويجد الجميع أنفسهم يراوحون في المكان، خاصة وأن هناك تفكك فلسطيني داخلي ؛ حماس تحكم غزة بأساليب مختلفة تماماً عن السلطة الفلسطينية، مع العلم أنها تحصل على 58% من ميزانية السلطة بحسب ادعاءات سلام فياض ولا تريد حماس أكثر من ذلك، وهو في حقيقة الأمر السبب وراء إبعاد خالد مشعل ". واعتبر براون أن خيبة الفلسطينيين في السلطة " تنبع من تجربتهم حيث أنهم اختبروا كل مساوئ الأنظمة العربية الديكتاتورية دون الاستفادة من الامتيازات التي تقدمها الدولة مثل أشقائهم العرب ". وحول عدم اقتداء الفلسطينيين بالشعوب العربية الأخرى التي اختبرت ثورات الربيع العربي اعتبر ناثان براون ( ووافقه يائيري الرأي ) بأن الفلسطينيين " تعلموا درساً مريراً من الانتفاضة الثانية التي جلبت لهم الدمار والجدار، وأقحمتهم في مرحلة محاولة التعافي منذ عام 2004 وحتى اليوم وبالتالي فإن من الخطأ وصف ما فعله فياض من إعادة بناء المؤسسات بالتحضير للدولة كون أنه ركز في معظمه على رأب التصدع الذي ألم بالوضع الفلسطيني العام نتيجة لتلك الانتفاضة ". إلا أن براون عبر عن اعتقاده "إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، خاصة وأن الأمل في مستقبل أفضل للفلسطينيين يتبدد ويجدون أنفسهم أمام طريق مسدود سيدفع بهم إلى نشاطات جديدة يصعب التخمين في طبيعتها الآن "، وأن هناك وضعاً حالياً لا يمكن وصفه إلا " بفترة الانتظار الفلسطينية مجهولة التكهن ". واختتم يائيري الندوة بالإجابة على سؤال يخص الخطوات الإسرائيلية على المدى القصير قائلاً " أعتقد بأن الانتخابات القادمة ستنتج حكومة تحالف إسرائيلية بين حزبي العمل والليكود في شهر مايو (أيار) القادم، ستتخذ هذه الحكومة على عاتقها القيام بخطوات انفرادية مثل جلاء 50 ألف مستوطن من الضفة الغربية وإعادتهم إلى إسرائيل والتخلي عن جزء كبير من أراضي الضفة الغربية آخذين بعين الاعتبار المتطلبات الأمنية الإسرائيلية، وأنهم سيستعملون هذا الإطار في التفاوض مع الإدارة الأمريكية القادمة " محذراً من مغبة انهيار السلطة الفلسطينية.