غزة / سما / توافق اليوم الذكرى السنوية الـ18 لاستشهاد القائد القسامي صلاح جاد الله قائد المجموعة القسامية الاسرة للجندي الاسرائيلي ناخشون فاكسمان في بيرنبالا برفقة الشهيدين القساميين حسن النتشة وعبد الكريم بدر في محاولة من كتائب القسام للافراج عن المعتقلين في سجون الاحتلال وعلى رأسهم الشيخ الشهيد احمد ياسين رحمه الله, التقرير التالي يسلط الضوء تفاصيل عملية الاسر كما نشرها موقع القسام. نحشون فاكسمان جندي من جنود الاحتلال لم يكن يفصله عن قمع وقتل الفلسطينيين سوى إجازته الأسبوعية، أما باقي الأيام فهو يطبّق ما تدرب عليه جيداً في معسكرات العدو من أساليب عنيفة أعلن عنها رئيس وزراء حكومة العدو تحت مسمى "القبضة الحديدية" ليطبقها لاحقاً في الأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان. أما الآن فالجندي فاكسمان صار الضحية، وآسروه هم الجلادون كما يدعي الاحتلال الصهيوني، هذا الجندي الجالس أمام ذلك الرجل الملثم أصبح مسكيناً بريئاً فهبت الإنسانية جمعاء تقيم الصلوات حتى يعود سالماً إلى أهله، أما آلاف الأسرى داخل سجون الاحتلال ما بين رجل وإمرة وطفل ومسن ومصاب ومريض فهؤلاء لهم حكاية أخرى لن نجد لها في وسائل الإعلام متسعاً من الوقت ولو للحظات، المهم عندهم هو ذلك الجندي وحياته وعودته إلى أهله سالماً وتخليصه من قبضة المقاومة. بداية القصة بدأت أحداث هذه القصة تدور في الخفاء قبل عدة أيام من تنفيذ العملية، في ذلك اليوم بالتحديد 11/10 /1994م توجه المجاهد جهاد يغمور _أحد أبطال هذه العملية وهو من سكان مدينة القدس المحتلة _ إلى مدينة نابلس لملاقاة القيادة العسكرية لكتائب القسام التي استدعته من أجل الاجتماع هناك لأمر ضروري. وفي مدينة نابلس تم اللقاء بينه وبين القائد المهندس يحيى عياش والقائد الشهيد صلاح دروزة في أحد المنازل وهناك بدأت خيوط عملية الأسر تحبك جيداً، كان هذا هو الاجتماع الأول مع هؤلاء القادة، وقد عاد جهاد إلى منزله ليقوم بتنفيذ ما اتفق عليه، على أن يعود بعد أيام قلية إلى نابلس مرة أخرى لإتمام العمل واصطحاب المجاهدين الثلاثة الذين سيقومون بالمشاركة في العملية. وللاستفادة من الجزء الأكبر من الوقت توجه المجاهد يغمور إلى أحد أصدقائه في المنطقة، وهو المجاهد زكريا نجيب وعرض عليه الأمر فتحمس له كثيراً، وبعد اللقاء اتفق الاثنان على أن يقوم نجيب بتجهيز منزل مناسب يتم إخفاء الجندي الأسير بداخله، في الوقت الذي يقوم فيه يغمور بإحضار الألبسة والمعدات اللازمة. العثور على مكان الإخفاء وبفضل الله فقد استطاع المجاهد زكريا نجيب العثور على منزل جيد في منطقة بيرنابالا يبعد نحو كيلومتر ونصف عن حي "راموت" ويقع في الجهة الجنوبية للقرية، ومحاط بحديقة واسعة حولها سورٌ عالٍ، وكأنه بُنِيَ خصيصاً لهذا العمل. كان صاحب المنزل محمود عيسى ابن أخ زكريا يقيم في الولايات المتحدة بينما كان يسكن في الطابق الأرضي المواطن إسماعيل من مدينة الخليل مع عائلته، مقابل حماية المنزل كون صاحبه مغترباً منذ زمن. تم تجهيز المنزل وشراء أربع قبعات تعود للمتدينين الصهاينة، بالإضافة إلى قبعتين سوداوين كبيرتين لارتدائهما عند دخول البلدة القديمة في القدس، وبذلك نكون قد انتهينا من موضوع القبعات ولم يتبقَ أمامنا سوى عقبة واحدة هي السيارة التي ستستخدم في العملية، وسنترك الحديث عنها قليلاً لنعود إلى مدينة نابلس. توجه المجاهد جهاد يغمور إلى نابلس في تاريخ 3/10/1994م من أجل اصطحاب المجاهدين الذين لم يكن حتى تلك اللحظة قد تعرف عليهم، وعند وصوله توجه إلى القائد صلاح دروزة الذي عرّفه بإخوانه الثلاثة وهم : المجاهد حسن النتشة من مدينة القدس، والمجاهد عبد الكريم بدر بطل عمليات أسرٍ قساميةٍ سابقة والذي كان له دور في إبداء بعض الملاحظات والتوصيات كونه خاض التجربة مرتين قبل ذلك، فتم الاستفادة من التجارب السابقة واتخاذ العبر منها، أما المجاهد الثالث فهو صلاح جاد الله الملقب بأبي محمد وهو من قطاع غزة، وكان المجاهدون الثلاثة مطلوبين لقوات الاحتلال على خلفية أعمال عسكرية. كانت مهمة نقلهم إلى المنزل الجديد في منقطة بيرنابالا منوطة بجهاد يغمور الذي لم يكن معروفاً لدى الاحتلال حتى تلك اللحظة، ومع ذلك وزيادة في الاحتياطات الأمنية قام القائد صلاح دروزة بإحضار سيارة كبيرة لنقل البضائع، من أجل نقل المطلوبين الثلاثة بعد مرورهم من مدينة نابلس، على أن يقوم جهاد بالسير أمامهم بواسطة سيارته الخاصة، من أجل إرشادهم وتأمين الطريق لهم. لحظة حاسمة وفي أثناء توجههم نحو مدينة القدس بعد الخروج من مدينة نابلس، تفاجأ المجاهدون بوجود حاجز عسكري لم يكن موجوداً من قبل على أحد مداخل المدينة، وكان يقوم بإيقاف السيارات وتفتيشها تفتيشاً جيداً، وكانت السيارة التي يقودها جهاد تحمل لوحة صفراء، ولم يكن أمامهم سوى الدعاء والاستعداد لأي طارئ. وما أن توقفت السيارة على الحاجز واقترب الجندي منها ولاحظ أنها تحمل لوحة تسجيل صفراء حتى بادر المجاهد يغمور بإلقاء التحية عليه، ثم طلب الجندي الوثائق الشخصية من ركاب السيارة، وما هي إلا لحظات حتى وقعت عين الجندي على هاتف نقال موجود في السيارة، فطلب من المجاهد يغمور استخدام الهاتف للحظات فقال له يغمور: "على الرحب والسعة"، وبعد أن قام الجندي باستخدام الهاتف النقال الخاص بجهاد أشار إليه بالمرور دون أن ينظر في الوثائق الشخصية للمطلوبين الثلاثة، شاكراً له إعطاءه الفرصة للتحدث مع عائلته. كان ذلك فضل من الله تعالى أن مكن المجاهدين من تجاوز الحاجز، فانطلقوا إلى منطقة بيرنبالا وفي الطريق بدأ المجاهدون يتجاذبون أطراف الحديث وأبلغ المجاهد حسن النتشة أخاه جهاد يغمور أنه هو والمجاهد بدر مطلوبان للعدو منذ أن قاما بتنفيذ عملية إطلاق نار على سيارة شحن صهيونية قرب القدس. اللمسات الأخيرة ولأن دقائق المجاهدين غالية فقد استغلوا وقتهم في الحديث عن تفاصيل عملية الأسر ووضعوا اللمسات الأخيرة لأسر الجندي، التي سيتم بعدها بإذن الله البدء بتنفيذ المرحلة الثانية من العملية، ولم يتبق من مرحلة الإعداد للعملية سوى خطوتين الأولى: وصول المجاهدين بسلام إلى المنزل الجديد حتى يقوموا بالتعرف عليه جيداً والتعرف على مدخله ومخرجه ونقاط الضعف به، لأنه ليس من الصواب الجلوس في منزل لا يُعرف منه سوى جدرانه، أما الخطوة الثانية فهي إحضار السيارة التي ستستخدم في العملية. وفي ساعات المساء وبفضل الله عز وجل وصل المجاهدون بسلام آمنين إلى مخبئهم الجديد ليتم الاتفاق فيما بينهم على أن يكون يوم الأحد الموافق 9/10/1994 هو يوم التنفيذ، فتأهبوا لذلك جيداً وبدأوا بالاستعداد الجيد فيما توجه جهاد يغمور لاستئجار سيارة من إحدى شركات تأجير السيارات الصهيونية تكون مناسبة لهذا العمل. ولا بد هنا من التوقف قليلاً على الأسلوب الجديد الذي اتبعته المجموعة في التعامل مع السيارة التي ستستخدم في العملية، فقد كانت العمليات السابقة تتم بواسطة إما سيارات مسروقة، أو سيارات خاصة تعود إلى أحد المجاهدين، أو سيارة تعود إلى صاحب العمل الذي يعمل به أحد المجاهدين، وفي الحالات الثلاث كانت المجموعات العسكرية تعرض نفسها للخطر كون أصحاب السيارات معروفون لدى قوات الاحتلال. أسلوب أكثر أماناً أما في هذه المرة فكانت السيارة التي ستستخدم في العملية مستأجرة، بحيث لا يعرف صاحب شركة التأجير شيئاً عن المستأجر، فكان هذا الأسلوب أكثر أماناً، وحتى لا يضطر إلى الاحتفاظ بالسيارة فترة من الزمن، توجه المجاهد يغمور يوم الأحد 9/10/1994م أي يوم تنفيذ العملية، إلى شارع الملك داوود غربي مدينة القدس حيث شركات التأجير. وعند وصوله إلى ذاك الشارع دخل يغمور الشركة الأولى المسماة (شركة ألون) وحاول جاهداً استئجار سيارة خاصة إلا أنه فشل في ذلك، بعد أن طلب صاحب الشركة بطاقته الشخصية وهذا يعني أنه سيكشف عن اسمه الحقيقي. غادر جهاد هذه الشركة ثم حاول الاستئجار من شركة ثانية، ففشل مرة أخرى لنفس السبب السابق، ولكنه تمكن في النهاية من استئجار سيارة من (شركة شاكونير) الموجودة أيضا في نفس الشارع، فكانت السيارة من نوع (فولكس فاجن) حمراء اللون دون أن يطلب صاحب الشركة بطاقته الشخصية؛ ولكن مقابل أن يودع مبلغ 1000 دولار كتأمين للشركة. وبهذا تكون العقبة الأخيرة قد تم تجاوزها، وبعد استلامه السيارة المستأجرة عاد يغمور في تمام الساعة الثالثة من ظهر ذلك اليوم إلى بيرنابالا و المجاهدون مع سيارته الحمراء الجديدة، وهناك كان المجاهدون الثلاثة قد أعدوا أنفسهم وأعادوا دراسة الخطة، وقاموا بتوزيع الأدوار جيداً ومن ثم ارتدى الجميع لباس المتدينين الصهاينة، ووضعوا على رؤوسهم القبعات السوداء الكبيرة. تم توزيع الأدوار فيما بين المجاهدين فكانت على النحو التالي: المجاهد عبد الكريم بدر يحمل سلاحاً من نوع (عوزي)، ويجلس بجانب السائق جهاد يغمور، بينما يجلس المجاهد حسن النتشة الذي يحمل سلاحاً من نوع ( جاليلو)، والمجاهد صلاح جاد الله الذي يحمل مسدساً في الخلف، حتى يوهموا الجندي بأنهم مسافرون مثله داخل سيارة النقل الحمراء. وكانت الوجهة هذه المرة إلى وسط البلد، وبالتحديد إلى مدن الرملة (وبن يهودا)، حيث سافر المجاهدون إلى منطقة بيت حنينا، ومن هناك توجهوا إلى مفرق (راموت) القريب من المطار، وأثناء سيرهم بواسطة السيارة وعيونهم ترمق جوانب الطريق، وترصد مواقف السيارات والحافلات، شاهد المجاهدون سيارة من نوع (سوبارو)، تقف على جانب الطريق ويترجل منها جندي صهيوني. بعد ترجل الجندي من السيارة استمر في السير حتى وصل إلى محطة قريبة للحافلات موجودة على الطريق، وما أن شاهد سيارتهم الحمراء حتى أشار للمجاهدين طالباً منهم الوقوف لإيصاله إلى وجهته، وعلى الفور توقفت سيارتهم بجانب الجندي الذي كان يحمل بيده سلاحاً من نوع (M16)، وحقيبة زيتية اللون، وعلى الفور سأله جهاد باللغة العبرية، إلى أين؟ فأجاب الجندي مباشرة: "إلى منطقة الرملة"، فطلب منه جهاد أن يصعد في الخلف. لم يخالج الشك قلب الجندي ولو للحظة لأن سيارة المجاهدين كانت سيارة نقل، ولأن ركابها كانوا مسافرين مثله تماماً، ولم يظهر المجاهدون أن لهم علاقة ببعضهم البعض حيث لم يتحدث أي منهم للآخر، لقد صعد الجندي بسرعة ليجلس بجانب المجاهد حسن النتشة، واستمرت السيارة في السفر. الانقضاض على فاكسمان وبعد خروجهم من منطقة المطار، وبالتحديد قبل وصولهم إلى الطريق الواصل بين مدينتي القدس وتل الربيع، انقض المجاهد حسن النتشة على الجندي وأمسكه من عنقه ليطرحه بعدها على أرضية السيارة. أمام هذا الحادث المفاجئ حاول الجندي وبسرعة كبيرة؛ إدخال مخزن الرصاص إلى بندقيته من أجل إطلاق النار على المجاهدين، إلا أن المجاهد عبد الكريم بدر الجالس بجانب السائق قام بسحب مخزن الرصاص منه، بعد أن قفز من كرسيه إلى الكرسي الخلفي حيث مسرح عملية الأسر. وما هي إلا لحظات قليلة حتى استطاع المجاهدون الثلاثة تثبيت الجندي جيداً، وتقييد يديه ورجليه، وتغطية رأسه بقطعة من القماش، ووضع كيس أسود على رأسه؛ ليغطي نصف جسده العلوي، ومن ثم وضعوه في مؤخرة السيارة (خلف الكراسي). بدأ الجندي بالصراخ والتهديد وطلب من المجاهدين أن يتركوه وشأنه، وأن لا يتعرضوا له بأي أذى، فقام المجاهدون بطمأنته وحاولوا تهدئته مراتٍ عدة، وأخبروه أنهم لن يمسوه بأذى إن لازم الصمت، وأنهم لا يريدون قتله وما أسروه إلا من أجل إبرام صفقة تبادل للأسرى مع حكومته، وأمام هذه الكلمات هدأ الجندي، وقرر الاستسلام بعد أن أدرك عدم جدوى صراخه. وزيادة في طمأنة الجندي قام المجاهد "جهاد" بالتحدث معه باللغة العبرية طوال الطريق فعرف أن هذا الجندي الأسير يدعى (نحشون فاكسمان)، ويعيش مع والدته في منطقة راموت قرب القدس، وهو أحد جنود جيش الاحتلال الذين يخدمون في لواء جولاني، كما عرف منه أنه خدم في منطقة جنوب لبنان مدة ثلاثة شهور، وكان يعتزم السفر إلى مدينة الرملة حيث منزل صديقه هناك. حتى هذه اللحظة كانت الأمور تسير بسلام بفضل الله عز وجل، وكما خُطِّط لها تماماً، وربما يقول قائل أن طريقة التنفيذ كانت على غرار سابقاتها من العمليات وليس هناك جديد في نوعية العمل وهذا قول صحيح، لأن الجديد والمميز في هذه العملية هي الأحداث التي سبقت عملية استسلام الجندي داخل السيارة الحمراء المستأجرة. الوصول للمخبأ بعد فترة من الزمن ليست بالطويلة وصل المجاهدون إلى طريق القدس، ومن هناك ساروا حتى مفرق (بيت شميس)، ثم انعطفوا تجاه مستوطنة (جفعات زئيف)، ومن هناك استمروا بالسفر حتى وصلوا أخيراً إلى منطقة "بيرنابالا"حيث المنزل المعدِّ لإخفاء الجندي الأسير، وكانت الساعة قد شارفت إِذَّاك على السابعة والنصف مساءً. بعد التأكد من سلامة الموقع، وتأمين المنطقة جيداً، قام المجاهدون بإنزال الجندي فاكسمان من السيارة وإدخاله إلى المنزل، ووضعوه داخل غرفة النوم (التي هي أكثر الغرف أماناً وتحصيناً) حتى ساعات الصباح الأولى، وبذلك تكون قد بدأت المرحلة الثالثة من العملية بعد أن انتهاء المرحلة الثانية بنجاح بفضل الله عز وجل. وفي صباح اليوم التالي الموافق الاثنين 10/10/1994م دخلت هذه المرحلة حيز التنفيذ، وهنا سوف يعقب إعلان كتائب القسام رسمياً عن العملية العديد من الأحداث وسوف يقف العالم على قدم واحدةٍ وتبدأ سيول الشجب والاستنكار والسعي لإنقاذ هذا الجندي "المسكين" فيما لم يكن هذا العالم الظالم ينبس ببنت شفة أو يذكر ولو على هامش الحديث آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون الأمرين في سجون الاحتلال الصهيوني. بزغت شمس الاثنين ليبدأ معها النفاق السياسي لدولة الكيان ظاهراً جلياً للعدو، كان هذا خارج المنزل، أما داخله فكل كلمة وكل حركة سيحسب لها ألف حساب، حتى لا تفشل العملية أو تنتهي كسابقاتها دون الوصول إلى الهدف المنشود، بزغت الشمس لتدخل حركة حماس في صراع جديد مع الاحتلال يحمل هذه المرة اسم الجندي الأسير (نحشون فاكسمان)، وكان من المتوقع أن تتعامل قوات الاحتلال مع هذا الملف كما تعاملت في السابق مع ملف الجندي (نسيم طوليدانو) الذي خرجت منه مهزومةً. تصوير الجندي وآلية الإعلان بدأت المرحلة الثالثة منذ اللحظة التي توجه فيها المجاهد جهاد يغمور إلى إحدى محلات التصوير في منطقة بيت حنينا؛ لاستئجار آلة تصوير (فيديو)، ثم عاد إلى المنزل حيث الجندي الأسير، والمجاهدون الثلاثة. عند وصوله تحدث يغمور إلى الجندي الأسير بهدوء، وطمأنه مرة أخرى بأنه لن يمسه أحد بأذى طالما بقي هادئاً ولم يحاول المقاومة أو الفرار، ثم طلب منه الاستعداد لكي يدلي برسالة أمام الكاميرا، يوجه من خلالها رسالة إلى أهله يطمئنهم فيها عن صحته وأنه لا زال على قيد الحياة، ويطالب فيها رئيس وزراء حكومته اسحاق رابين بأن يلبي مطالب المجاهدين، وقد اتفق جهاد مع الجندي على ذلك ليس من باب الإلزام و إنما لكي تحقق الرسالة الهدف المرجو منها. كان المجاهدون داخل المنزل إذا أرادوا نزع اللثام عن وجوههم، يضعون اللثام على وجه الجندي وبالعكس، حتى لا يتعرف الجندي على ملامحهم وتتم ملاحقتهم من قبل المخابرات الصهيونية إذا ما تمت الصفقة وعاد الجندي إلى أهله. قام المجاهد عبد الكريم بدر بالتصوير، بينما وقف المجاهد صلاح جاد الله خلف الجندي ملثماً بكوفيةٍ، حاملاً قطعة السلاح الخاصة بالجندي وبطاقته الشخصية، وأدلى بالبيان العسكري الخاص بكتائب القسام الذي كتبه جهاد يغمور بخط يده. وكان نص البيان كالتالي:ـ بسم الله الرحمن الرحيم {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } بيان عسكري صادر عن: كتائب الشهيد عز الدين القسام تعلن كتائب الشهيد عز الدين القسام مسؤوليتها عن أسر الجندي الصهيوني المدعو (نحشون مردخاي فاكسمان)، ويحمل هوية رقم 03228629 وهو الآن في قبضتنا حي يرزق ويعامل معاملة الأسير في الإسلام، وإننا إزاء ذلك نطالب الحكومة الصهيونية بما يلي:ـ أولاً: الإفراج القريب والسريع عن زعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس الشيخ أحمد ياسين وعن الشيخ صلاح شحادة وعن الشيخ عبد الكريم عبيد والشيخ مصطفى الديراني. ثانياً: الإفراج عن جميع معتقلي كتائب الشهيد عز الدين القسام. ثالثا: الإفراج عن 50 شخص من حركة حماس من ذوي الأحكام العالية. 50 شخص من حركة الجهاد الإسلامي من ذوي الأحكام العالية. 50 شخص من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح من ذوي الأحكام العالية. 20 شخص من أفراد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (جورج حبش). 10 أفراد من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. 20 شخص من أفراد حزب الله. 5 أفراد من الجبهة الشعبية القيادة العامة. رابعاً: الإفراج عن جميع المعتقلات الفلسطينيات. أيها الأخوة المعتقلون يا أهلنا... إننا نؤكد لكم أننا سنستمر على هذا الطريق حتى تحرير آخر معتقل في سجون الاحتلال البغيض مهما كلفنا من تضحيات، وإننا نهدي هذه العملية إلى روح الشهيدين حسن عباس وعصام الجوهري. وإذا رفضت الحكومة الصهيونية مطالبنا فإننا نحملها مسؤولية قتل الجندي، وستدفع الثمن غالياً مقابل جثته رغماً عن أنوفهم، وآخر موعد لتنفيذ الإفراج هو مساء يوم الجمعة الساعة التاسعة مساءً الموافق 14/10/1994م. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد،،، كتائب الشهيد عز الدين القسام أرسل فاكسمان رسالته إلى أهله وحكومته وعرّف فيها عن نفسه، وأوضح أن آسريه سيطلقون سراحه إذا تجاوبت حكومته مع مطالبهم، وتم تصوير الشريط إلا أنه حتى تلك اللحظة ظلت الأمور في الخفاء ولم تتنبه حكومة العدو أن أحد جنودها وقع في قبضة المجاهدين بل بدا الأمر وكأن فاكسمان قد توجه بالفعل لزيارة صديقه. كان المجاهد الذي يظهر في شريط الفيديو وهو يقرأ البيان حاملاً بطاقة الهوية الخاصة بالجندي الأسير هو (صلاح جاد الله) من سكان قطاع غزة، وهو مطاردٌ لقوات الاحتلال وانتقل إلى الضفة الغربية ليتوارى عن أعينهم، وقد كان صلاح على علم بمكان تواجد القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف الذي سوف يدخل على خط العملية في هذه المرحلة. نقل مسرح العملية من القدس إلى غزة كلف صلاح جاد الله المجاهد القسامي جهاد يغمور بالتوجه إلى قطاع غزة لتسليم الشريط والسلاح والبطاقة الشخصية الخاصتين بالجندي إلى محمد الضيف، بهدف تضليل العدو ونقل مسرح العملية من القدس إلى قطاع غزة ليتوهم العدو أن الجندي موجود هناك. وهذا ما حدث بالفعل يوم الاثنين الموافق 10/10/1994م، حيث توجه المجاهد يغمور بسيارته إلى قطاع غزة من أجل الاجتماع بالقائد محمد الضيف بعد أن تم ترتيب هذا الاجتماع عَبْر مجاهد آخر، وبعد وصول يغمور إلى القطاع ومعه الشريط والصور والسلاح وانتظاره مدة 4 ساعات حدث أمر طارئ حال دون الالتقاء بالقائد الضيف، فاضطر لمغادرة القطاع خوفاً من انكشاف أمره، وحتى لا يثير وجوده كثيراً من الشبهات، قام قبل مغادرته بتسليم الشريط ومقتنيات الجندي إلى مجاهد آخر ليقوم بتسليمها لاحقاً إلى القائد الضيف. عند وصوله إلى مدينة القدس توجه المجاهد يغمور إلى المنزل في منطقة بيرنابالا، وهناك اجتمع مع المجاهدين مرة أخرى ليضعهم في صورة سفره إلى قطاع غزة، وكان المجاهد زكريا نجيب في تلك الفترة يتابع أمور المجاهدين ويقضي حوائجهم ويحضر لهم الطعام، كونه أحد أقرباء مالك المنزل وبالتالي لم يكن دخوله المنزل يثير أية شكوك. طلب صلاح جاد الله من جهاد يغمور لدى عودته الاتصال مرة أخرى عبر الهاتف مع المجاهد الضيف، وإبلاغه بأن الجندي في مكان آمن، وعليه فإن بإمكانه إبقاء عملية التفاوض حول صفقة التبادل مفتوحاً حسب الظروف والمستجدات على الساحة، دون التقيد بوقت معين أو الخشية من انكشاف مكان احتجاز الجندي. وخلال اللقاء اطمأن جهاد على صحة الجندي ومعنوياته، التي بدأت بالارتفاع تدريجياً بعد أن تأكد أن المجاهدين لن يقوموا بإيذائه، وأنهم حريصون على المحافظة عليه حياً، الأمر الذي أشعره بالأمان. غادر المجاهد يغمور المنزل وقام بالاتصال بالقائد محمد الضيف عبر هاتف عمومي، ليبلغهم بما اتُّفِق عليه، ولعل هذا الاتصال المباشر مع الضيف كان من أهم الأخطاء التي ارتكبها المجاهدون، الذين لم يخطر ببالهم في ذلك الوقت مراقبة العدو لأجهزة الاتصال الخاصة والعامة، ولكن وبما أن كتائب القسام لم تعلن عن العملية ولم يتنبّه العدو لأسر أحد جنوده، فلم يكن هذا الأمر مقلقاً كثيراً. لعل يوم الثلاثاء 14/10/1994م أي اليوم الثالث لعملية الأسر كان يختلف عن سابقيه، ففي الصباح توجه جهاد يغمور لشركة تأجير السيارات من أجل إعادة السيارة التي كان قد استأجرها لتنفيذ العملية، ثم توجه بعدها إلى إحدى الهواتف العمومية، وقام بالاتصال مرة أخرى في القطاع ليتأكد أن كل شيء يسير على ما يرام. البيان العسكري المصور وفي القطاع كانت الأمور تسير على النحو التالي؛ في ذلك اليوم قام عدد من المجاهدين بإيقاف مصور يعمل في مكتب وكالة الأنباء العالمية (رويترز) أثناء توجهه إلى مكان عمله، وتم اصطحابه إلى مكان مجهول حيث طُلِب منه تصوير مجاهد ملثم أثناء إلقائه بياناً عسكرياً. كان ذلك الملثم هو القائد محمد الضيف الذي وقف أمام آلة التصوير حاملاً قطعة السلاح والبطاقة الشخصية الخاصة بالجندي، وقام بتلاوة البيان العسكري الخاص بكتائب القسام، والذي تعلن فيه الكتائب مسؤوليتها عن أسر الجندي (نحشون فاكسمان)، وبعد إتمام التصوير طلبوا من هذا المصور أن يقوم بإرساله إلى التلفاز الصهيوني، وبذلك نجحت الكتائب في تضليل أجهزة الأمن الصهيونية والفلسطينية حيث جعلتهم يعتقدون أن الجندي موجود في غزة وليس في الضفة الغربية. في اليوم التالي قام مكتب رويترز في القطاع بإيصال الشريط المصور إلى تلفزيون العدو، ليقلب الطاولة على رؤوس الصهاينة، فقد صدم العدو الصهيوني وتفاجأ عندما تبين له أن الجندي فاكسمان قد وقع في قبضة القسام، بعدما اعتقد أن عدم عودة الجندي لمنزله كان لسبب عابر، ولم يبد اهتماما كبيراً في البحث عنه، حيث كانت هذه المهمة قد أوكلت إلى الشرطة المدنية التي تلقت اتصالاً من عائلة الجندي تبلغهم فيه عن اختفاء ابنها منذ ليلة الأحد وأنه لم يعد حتى اللحظة. الصدمة تصيب قادة العدو في مساء ذلك اليوم وصل الشريط المصور إلى مكتب رئيس الوزراء الصهيوني (اسحاق رابين)، ليعقد على الفور اجتماعاً طارئاً حضره كل من رئيس الشرطة ورئيس هيئة الأركان (ايهود باراك) ورئيس الشاباك ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وعدد من الوزراء، وخلال الاجتماع الطارئ أدلى كل واحد بدلوه بعد ما صدموا من هول ما سمعوه. أجمع الحضور في هذه الجلسة على أن الجندي فاكسمان قد قتل في إحدى مدن فلسطين المحتلة عام 48م ثم تم نقل بطاقته الشخصية إلى قطاع غزة، كما حدث في مرة سابقة وأن هذا الشريط لا يعدو كونه خدعة من حركة حماس، حيث لا دليل على أن الجندي على قيد الحياة أو موجود في قبضة حماس. أما رئيس وزراء العدو (رابين) فكان له رأي آخر، حيث شدد على أن الجندي محتجز في قطاع غزة، وقال: "لو كانت غزة بأيدينا لقلبنا كل حجر فيها ولكن بما أنها تقع تحت مسئولية السلطة الفلسطينية فعلينا أن نضغط على ياسر عرفات من أجل تشديد الخناق على حماس والعثور على الجندي الأسير". سلطة اوسلو تبحث عن فاكسمان صباح الأربعاء 12/10/1994 راجت شائعات داخل قطاع غزة مفادها أن مجاهدي القسام قد قاموا بنقل الجندي الأسير من منزل إلى آخر، فقامت أجهزة سلطة أوسلو بالتحرك وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن الجندي محتجز في أحد المنازل في مدينة خانيونس، وهو الأمر الذي جعل قوات كبيرة من جيش الاحتلال تستعد لتنفيذ عملية عسكرية لتحرير الجندي الأسير، إلا أنه سرعان ما تبين لهم ولسلطة أوسلو التي داهمت المكان أن عناصر حركة حماس الموجودين في المنزل لا علاقة لهم بعملية الأسر. وفي ساعات الظهيرة من ذلك اليوم استجد أمر آخر خلط الأوراق وأربك حسابات العدو، وقد تمثل ذلك في نشر كتائب القسام للشريط الذي تم تصويره في بيرنابالا حيث مكان احتجاز الجندي، فكان ظهور الجندي فاكسمان على شاشات التلفاز بمثابة صفعة لقادة العدو الذين كانوا قد أكدوا خلال اجتماعهم السابق أن الجندي قد قتل. كان من المفترض أن يتم بث هذا الشريط أولاً، إلا أن القائد محمد الضيف قرر ببث الشريط الذي صور في القطاع أولاً لإحداث بلبلة في صفوف العدو، فبعد عرض الشريط الثاني أصبح قادة الاحتلال في حرجٍ كبيرٍ أمام شعبهم، لأنه لو تم قتل الجندي لوضع اللوم على قاتليه وانتهى الأمر، أما وقد ظهر الجندي بصحة جيدة وتم التأكد أنه على قيد الحياة فإن الأمر بات مختلفاً. قتل الجندي إذا لم تنفذ مطالبهم صار رابين في حيرة من أمره فقد أدرك بعد حادثة أسر الجندي طوليدانو ثم مقتله أن المجاهدين جادّون في تحذيرهم بقتل الجندي إذا لم تنفذ مطالبهم، فالتقى رابين على الفور بوالد الجندي فاكسمان، الذي قام بدوره بتقديم عرض له بأن يفتدي ابنه بمبلغ كبير من المال، ولكن رابين رفض الفكرة لعلمه بأن الهدف الحقيقي من العملية هو تحرير أسرى وليس الحصول على مبالغ مالية، فطلب والد الجندي فاكسمان من رابين الاستجابة لمطالب حماس وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، وإعادة ابنه إليه، إلا أن رابين رفض الفكرة وقام على الفور بمهاتفة عرفات وطالبه بعمل ما يكفي لإطلاق سراح الجندي. بعد ذلك استقل رابين طائرته العسكرية وتوجه إلى عمّان، وهناك اجتمع بالملك حسين _بحسب ما أفادت الصحف الصهيونية_ وطلب منه الضغط على قادة حماس في الأردن من أجل إطلاق سراح الجندي، ثم عاد إلى الكيان ليجتمع مرة أخرى برؤساء الأجهزة الأمنية، الذين أوكلت لهم مهمة البحث عن فاكسمان. بالعودة مرة أخرى إلى المنزل في منطقة بيرنبالا (حيث مسرح العملية) البعيد جداً عن القطاع (حيث أنظار الإعلام والعالم كله تتجه إلى هناك)، يعود المجاهد جهاد يغمور إلى البيت ليطمئن على سلامة المجاهدين وسلامة الجندي، وليتدارس معهم آخر مستجدات الأحداث وتطورات الموقف. كان المجاهدون يدركون تماماً أن العدو لن يستجيب لمطالبهم بسهولة، وأن أجهزة أمنه التي لا يستهان بها لن تركز على قطاع غزة فحسب بل ستضع فرضية وجود الجندي في الضفة الغربية على رأس قائمة احتمالاتها، لذلك ومن باب الاحتياط الأمنيّ جعلوا الجندي يبدّل ملابسه العسكرية بأخرى مدنيّة بعد أن سمحوا له بالاستحمام. وكان من أهم الأهداف التي دفعت المجاهدين إلى تبديل ملابس الجندي الخشية من انكشاف أمرهم، وتنفيذ العدو عملية عسكرية لتحرير الجندي الأسير، وبالتالي سيكون من السهل التعرف على الجندي بلباسه العسكري، أما بعد تبديل ملابسه فإن مسألة تحديد هوية الجندي الأسير ستكون أصعب حيث سيبدو للوهلة الأولى كواحد من المقاومين. عاملوه بأخلاق الإسلام لقد عامل المجاهدون الأسير فاكسمان وفق تعاليم الشريحة الإسلامية السمحة، وكان تصرفهم معه وفق أخلاق الإسلام العظيم طوال فترة أسره، ولو قدر الله له بالعودة إلى أهله لأخبر العالم بأسره، عن حسن وطيب المعاملة التي تلقاها من قبل المجاهدين، فقد كانوا يطعمونه مما يأكلون، ويسقونه مما يشربون، ويمازحونه بين حين وآخر لكي يشعروه بالأمان، كما سمحوا له بأن يستمع للإذاعة العبرية. كل ذلك عدا عن عدم الاعتداء عليه بالضرب أو الصراخ في وجهه أو امتهان كرامته حفاظ على مشاعره الإنسانية، كما وفّر له المجاهدون أريكة لينام عليها، بينما كانوا هم ينامون على الأرض في بعض الأحيان، كل ذلك كان على عكس ما يفعله الصهاينة المجرمون مع أسرانا البواسل، من قهر وتعذيب وإهانة وحرمان من أدنى مقومات الحياة الكريمة. السلطة تبحث عن فاكسمان وبالعودة إلى مجريات الأحداث المتسارعة، فقد كان العدو الصهيوني يعيش حالة من الارتباك والتخبط، لاسيما مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددتها كتائب القسام للاستجابة لمطالبها، أما على الجانب الفلسطيني فقد ترأس ياسر عرفات اجتماعا طارئاً للمجلس الأعلى التابع لقوات الأمن الفلسطينية، وقرر تشديد الملاحقة وتضييق الخناق على حركة حماس، فقامت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في تلك الليلة باعتقال أكثر من 200 عنصر من حركة حماس، وقد كان اللواء نصر يوسف من أشد المتحمسين لهذه الفكرة التي طرحها عرفات. كما قامت الشرطة الفلسطينية باعتقال مصور وكالة الأنباء العالمية "رويترز" الذي قام بتصوير القائد محمد الضيف، وكذلك مندوب الوكالة في غزة، بالإضافة إلى المصور أحمد جاد الله شقيق المجاهد القسامي صلاح جاد الله الذي ظهر ملثماً في الشريط الذي تم تصويره في الضفة الغربية المحتلة، إلا أن مديرة الوكالة في الكيان الصهيوني (إيلي يستمان) نفت أن يكون أحد من هؤلاء الصحفيين ضالعاً في عملية الأسر. القسام يربك حسابات العدو وقد علقت صحفية معاريف الصهيونية على شريطي فاكسمان بالقول "إن أكبر دليل على نجاح خلايا عز الدين القسام في هذه العملية، هو أنها وضعت ضباط رابين وعرفات موضع سخريةٍ بنقلها شريط فيديو من بيرنابالا إلى غزة لتضليل أجهزة الاستخبارات الأقوى في المنطقة". وبالفعل فقد تلقت الاستخبارات العسكرية الصهيونية ضربة قاسيةً وموجعةً بعد أن ظلت خلال الأيام الخمس الأولى للعملية تظن بأن جنديها موجودٌ في قطاع غزة مما دفعهم إلى تحميل السلطة الفلسطينية كامل المسؤولية عن فشلها في العثور عليه. إلا أن مسئول جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة محمد دحلان قام بإبلاغ جهاز الشاباك الصهيوني بكافة المعلومات التي توفرت لدى جهازه، وأخبرهم بأن كل الدلائل تشير إلى أن الجندي الأسير موجود في الضفة الغربية وليس في قطاع غزة، ودلل على ذلك بأن أحد الآسرين ظهر في شريط الفيديو يرتدي لباساً شتوياً أثناء التصوير، بينما كانت درجة الحرارة في القطاع في ذلك الوقت مرتفعه، مؤكداً أن هذا الشريط نقل إلى القطاع لتضليلهم. لم تقتنع أجهزة الأمن الصهيونية بهذه الحجة وأصرت على أن الجندي موجود في القطاع وكانت على قناعة راسخة بذلك، فقامت بإعداد العدة وتجهزت للقيام بعملية عسكرية واسعة داخل مناطق الحكم الذاتي في القطاع، ولكنها لاحقاً وبعد أن أدركت فشل استخباراتها في تحديد موقع الجندي بدقة بررت ذلك بالقول أن التخطيط للعملية كان من داخل القطاع بأمر مباشر من محمد الضيف. ورغم كثرة الاعتقالات في صفوفها لزمت حماس الصبر والصمت ولم تقاوم إجراءات السلطة، بل أظهرت للقاصي والداني مدى حرصها على الوحدة الوطنية من خلال تجنب أي مواجهة مسلحة من أبناء جلدتها. وفي صباح اليوم الخامس أي يوم الخميس 31/10/1994م وبعد أن أدرك العدو عدم جدوى تصريحاته الإعلامية واتصالاته التي أجراها مع السلطة والأردن وباقي دول العالم، قرر تكثيف عمليات البحث داخل مدن وقرى ومناطق الضفة والقدس وقام بملاحقة أعضاء حماس، وكان من بين الذين تم اعتقالهم أحد أشقاء المجاهد جهاد يغمور. وفي الوقت ذاته أرسلت حكومة الاحتلال مندوب رئيس الوزراء الصهيوني الخاص بالأسرى والمفقودين (يوسي غيتوسار) إلى ياسر عرفات الذي طرح عليه إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين مقابل الجندي، ولكن المندوب توقف عند هذا الطرح وعاد عبر معبر بيت حانون ليبلغ رئيس وزرائه "رابين" بهذا الاقتراح الذي قدمه عرفات على عاتقه الشخصي ودون الرجوع إلى حماس. ظهور الشيخ ياسين ومن أبرز ما جدث في اليوم الخامس من العلمية، ظهور الشيخ أحمد ياسين والشيخ صلاح شحادة على شاشات التلفاز، وتوجيههم رسالة إلى المجاهدين الآسرين يطالبانهم بحسن معاملة الجندي الأسير والإبقاء على حياته، ومعاملته معاملة الاسير في الاسلام، حتى تتحقق شروطهم كاملة. وفي مساء ذلك اليوم حدث أمر لم يكن في الحسبان قلب الموازين رأساً على عقب وشكل ضربة قوية أثرت على مجريات العملية برمتها، فقد قام العدو الصهيوني باعتقال المجاهد جهاد يغمور أحد الركائز المهمة في عملية الأسر. كان من المقرر أن يتوجه المجاهد جهاد يغمور صباح يوم الجمعة الموافق 14/10/1994م وتحديداً في تمام الساعة السابعة صباحاً إلى قطاع غزة لمقابلة القائد القسامي محمد الضيف، بعد أن تم تنسيق الأمر بينه وبين مجاهد آخر، واتفقا على عدم إجراء أي اتصال هاتفي بعد هذه المكالمة تحت أي ظرف من الظروف، خوفاً من أن تكون الهواتف مراقبةً، وخصوصاً الاتصالات التي تتم بين الضفة والقطاع، ولكنّ الأمور لم تتم على ما يرام، فقد حصل ما لم يكن في حسبان المجاهدين، لقد قامت قوات الاحتلال باعتقال جهاد يغمور. وفور اعتقاله تعرض جهاد لأشد أنواع التعذيب وقام العدو بإجراء تحقيقٍ ميدانيٍ شديدٍ وقاسٍ للغاية معه، وإثر هذا الاعتقال بدأت حلقات الغموض في عملية الأسر التي أرّقت قادة الاحتلال تتفكك واحدة تلو الأخرى، خصوصاً أن جهاد كان العقل المسيِّر لهذه العملية. التعرف على مكان الاحتجاز وحين اعتقاله أدرك جهاد أن ما حصل كان بسبب الاتصالات المباشرة التي أجراها عبر الهاتف مع قادة القسام في غزة، إذ لم يكن ليخطر في باله قبل تلك اللحظة أن المكالمات الهاتفية قد تكون خاضعة لمراقبة مخابرات العدو الصهيوني، لقد كانت هذه المكالمات طرف الخيط الذي كان الاحتلال يعمل على الوصول إليه مدة خمسة أيام متواصلة. استمر التحقيق الميداني _الذي أسلفنا ذكره_ مع جهاد منذ ساعات المساء وحتى الساعة الخامسة فجراً، لتبزغ شمس يوم الجمعة على أحداث جديدة غيّرت مسار العملية بالكامل، فقد حصل العدو على معلومة ثمينة جداً من جهاد - الذي كان لا يزال يتعرض للتعذيب الوحشي-، ألا وهي مكان احتجاز الجندي الأسير. وفور توصل قوات الاحتلال لهذه المعلومة جنّ جنونها لأنها أدركت فشل منظومتها الأمنية، فقد كانت وطوال الأيام الخمسة السابقة تركز اهتمامها وعيون مخابراتها صوب قطاع غزة الذي كانت على يقين بأن الجندي محتجز في مكان ما داخل القطاع. على الفور اتصل رئيس جهاز الشاباك الصهيوني برئيس هيئة الأركان، الذي حمل هذه المعلومة شخصياً لرئيس الوزراء رابين، خوفاً من أن تتسرب إلى الإعلام مما قد يُفشل أي خطوات تقرر الحكومة الإقدام عليها. صفقة رفضها العدو حاول المجاهد يغمور عقد صفقة تبادل مع العدو، مقابل أن يضمن لهم سلامة الجندي الأسير وعدم المساس بحياته، فعرض عليهم القيام بإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين والشيخ صلاح شحادة وعدم المساس بحياة المجاهدين الآسرين مقابل إطلاق سراح فاكسمان، ولكن الصهاينة سرعان ما رفضوا هذا العرض. حاول الصهاينة إغراء جهاد فقدموا عرضاً جديداً تمثل في إطلاق سراحه وضمان سلامة آسري الجندي الصهيوني مقابل تسليم الجندي حياًّ، فرفض جهاد ذلك قطعياً لأن الهدف الأساس من هذه العملية كان الإفراج عن الأسرى، فأبى مقايضة ذلك بالحفاظ على سلامته أو تقديم مصلحته الشخصية على المصلحة العامة والهدف الكبير الذي عمل من أجله المجاهدون، كما أنه كان يدرك بأن الصهاينة لا يحترمون عهداً أو ميثاقاً وسوف يلاحقونه وإخوانه المجاهدين فور تسلمهم لجنديهم، وفي محاولة للتأثير عليه أحضرت إدارة السجون الصهيونية الشيخ القائد صلاح شحادة إلى المجاهد جهاد يغمور في محاولة للخروج بنتيجة أو التوصل إلى اتفاق ولكن المجاهدَيْن رفضا العروض الصهيونية. كان ذلك يدور داخل سجون الاحتلال بينما كان مجلس وزراء العدو في انعقاد طارئ، لمتابعة مجريات الأحداث وآخر تطورات عملية أسر الجندي، وقد حرص رئيس الوزراء الصهيوني رابين على إخفاء المعلومة الجديدة التي وصلته_حول مكان احتجاز الجندي_ عن وزراءه، كما أخفى عنهم نية الجيش القيام بعملية عسكرية في منقطة بيرنابالا لتحرير الجندي، لكي لا يقوم أي من الوزراء بتسريب هذه المعلومة إلى وسائل الإعلام. مراقبة مكان الاحتجاز في هذه الأثناء وخلال الاجتماع الوزاري المنعقد، ومن باب تضليل الإعلام، تم نقل القوات الخاصة والوحدات الصهيونية المختارة من حدود غزة إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، بينما تولى جهاز الشاباك جمع المعلومات عن المنزل وطبيعته ومداخله ومخارجه وعن الأشخاص الموجودين بداخله، ومقارنتها بالمعلومات التي حصل عليها من المجاهد يغمور. قام العدو برصد ومراقبة المنزل بشكل دقيق، ولكن ذلك كان يتم عن بعد وبحذر بالغ، حتى يلاحظ المجاهدون ذلك ويتحسبوا للهجوم الصهيوني، وقد تبين للاحتلال من خلال المعلومات التي جمعها أن المنزل يحتوي على عشر نوافذ مغلقةٍ بإحكام بواسطة أبواب حديدية، كما أن المجاهدين قاموا بوضع بطانياتٍ وستائر عليها وبالتالي صعّب ذلك على العدو معرفة ما الذي كان يدور بداخل المنزل. أمرٌ أخر صعّب على العدو عملية الرصد والمراقبة، وهو عدم وجود أجهزة اتصال هاتفي داخل المنزل، مما وضعهم في حيرة من أمرهم، فكان من المستحيل إذّاك معرفة مكان وجود الجندي بالضبط، ومواقع المجاهدين داخل المنزل عدا عن عدم تأكدهم من وجودهم أصلاً، وعدم تغييرهم لمكان الاحتجاز. كسب الوقت أصدر رابين قراره بالقيام بعملية عسكرية تحت جنح الظلام، ومهاجمة المنزل لتحرير الجندي، مستنداً في قراره على المعلومات التي أصبحت بحوزة قواته عن مكان الاحتجاز، وكذلك معتمداً بشكل مفرط على وحدات النخبة الصهيونية التي ستنفذ الهجوم علماً بأنها مدربةٌ جيداً على تنفيذ هذا النوع من العمليات. لكن الوقت كان يمر سريعاً وساعة تنفيذ حكم الإعدام في الجندي كانت قد اقتربت كثيراً، فيما لم تكن قوات الاحتلال جاهزةً لتنفيذ هجومها, وبناءً على ذلك وضع رابين خطة يستطيع من خلالها كسب المزيد من الوقت ريثما تكون قواته على أتم الجاهزية لتنفيذ الهجوم. أمر رابين بإغلاق الطريق الواصل بين مديني غزة وعسقلان، كما تم نشر عددٍ من الآليات العسكرية وسيارات الإسعاف على تخوم قطاع غزة، لإيهام وسائل الإعلام بأنهم لا زالوا على قناعتهم بأن الجندي موجود داخل قطاع غزة، وأن عملية عسكرية ستنفَّذ قريباً لإنقاذه. وساطات لتمديد الإعدام بالتزامن مع ذلك طلب رابين من خلال وسطاء تمديد المهلة التي كانت محددةً للاستجابة لشروط حركة حماس ليومٍ آخر (24 ساعة)، زاعماً أن حكومته لا زالت تدرس بجديةٍ تلبية مطالبهم، وبينما وُضعت قوات النخبة الصهيونية على أتم الجاهزية استعداداً لتنفيذ الهجوم، توجه كلٌّ من عضوي الكنيست العرب أحمد الطيبي وطلب الصانع إلى قطاع غزة من أجل التحاور مع حركة حماس وإقناعها بتمديد المهلة. ازدادت وتيرة الاتصالات السياسية يوم الجمعة، حيث اجتمع عضو الكنيست طلب الصانع مع الدكتور المجاهد محمود الزهار القيادي البارز في حركة حماس، وفي الساعة السادسة والثلث مساءً اتصل طلب الصانع برئيس مكتب حكومة العدو (بايتان هابر)، ليؤكد له أن اجتماعه مع د.الزهار قد تمخض عن نتيجة مرضية للطرفين، وأن الأمور لا زالت قيد البحث بين الطرفين فيما أكد له الأخير أن حكومته تدرس الأمر بجديةٍ بالغةٍ، وهذا يفند الادعاء الصهيوني الذي ادعى بعد تنفيذ العملية العسكرية، أنه لم يتلقَ حتى الساعة الثامنة أي إشاراتٍ إيجابيةً من حركة حماس. وفي الساعة الثامنة من مساء يوم الجمعة وقف أحمد الطيبي على أحد شرفات فندق فلسطين في غزة مرتدياً بدلته الأنيقة، وكانت علامات الإرهاق باديةً عليه بعد ساعاتٍ طويلةٍ من اللقاءات والاتصالات مع قادة حماس، ليعلن عبر شاشات التلفزة أن حماس وافقت على طلب تمديد مهلة تنفيذ حكم الإعدام في الجندي، مدة 24 ساعةً أخرى. أما البيت الأبيض فقد كان يصلي من أجل سلامة الجندي فاكسمان، ووجه الرئيس الأمريكي كلمته للسلطة الفلسطينية والصهاينة، بأن هذا العمل لا يخدم عملية السلام والتعايش بين الطرفين، وطالب الرئيس ياسر عرفات ببذل أقصى جهد وعمل كل ما يلزم لإعادة الجندي إلى أهله متجاهلاً معاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين. في ذلك الوقت _وقبل تنفيذ الهجوم الصهيوني بوقت قصير_ أصدرت كتائب الشهيد عز الدين القسام بياناً عسكرياً جديداً أعلنت فيه موافقتها على تمديد المهلة 24 ساعةً أخرى، وكان نص البيان كما يلي: بسم الله الرحمن الرحيم بيان عسكري صادر عن: كتائب الشهيد عز الدين القسام بناءً على الوعود التي وجهها الشيخان أحمد ياسين وصلاح شحادة، قررت كتائب الشهيد عز الدين القسام تأجيل حكم الإعدام في الجندي (الإسرائيلي) لمدة 24 ساعة فقط، على أن تقوم حكومة العدو الصهيوني خلال هذه الفترة بالإفراج الفوري عن الشيخ أحمد ياسين، بالإضافة إلى كافة الأسيرات من كافة الفصائل الفلسطينية، وفي حال عدم استجابة حكومة العدو الصهيوني لهذا الطرح الجديد فلا تلومنّ إلى نفسها. ملاحظة/ لتأكيد وجود الجندي في قبضتنا فإن سلاحه الشخصي يحمل رقم (9408709) كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية-حماسفي محاولة من رئيس الوزراء الصهيوني رابين لتضليل المجاهدين، قام العدو ببث شائعات تتحدث عن قرب إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، وأن عدداً من الحافلات قد توجهت إلى السجون، من أجل نقل الأسرى المنوي الإفراج عنهم، وأنها سوف تنقلهم على الطريق الساحلي غرب غزة، حتى صارت هذه الشائعات حديث الشارع الفلسطيني. وفي هذا الوقت كانت الفرحة التي عاشتها عائلة الجندي الصهيوني الأسير نحشون فاكسمان بعد وصول خبر موافقة حماس على تمديد المهلة تتلاشى، إذ تناهى إلى مسامعها أن الجيش الصهيوني أعطى أوامره للصحفيين بمغادرة قطاع غزة على الفور؛ حفاظاً على حياتهم، ولم يكن أحد يعرف السبب الحقيقي وراء هذا الطلب وفي هذا الوقت بالذات. لم يكن المجاهدون داخل المنزل على علم بأمر اعتقال جهاد يغمور، وأنه أُخضع لتحقيق قاسٍ أجبره على الاعتراف بمكان وجودهم، لذلك أبقوا على إجراءاتهم الاعتيادية، ولم يقوموا بتغيير مكان الاحتجاز أو التنبه لهذا الأمر. كان جهاد يغمور قبل اعتقاله قد طلب من المجاهد زكريا نجيب أن يشتري طبقاً من الكنافة النابلسية ويأخذه للمجاهدين، لأنهم طلبوا منه شراءها ولكنه نسي ذلك بسبب انشغاله وبالفعل فقد فعل زكريا ذلك ثم توجه إلى المنزل الذي يتواجد به المجاهدون. وفي نحو الساعة السابعة من مساء ذلك اليوم وصلت سيارة المجاهد من نوع مرسيدس إلى المنزل، وهنا تأهبت القوات الصهيونية التي كانت تحاصر المنزل واستعدت لاقتحام المكان لأنها ظنت أن الرجل الذي نزل من السيارة قد أتى لنقل الجندي إلى مكان آخر، أو لتحذير الآسرين من وجود تحركات عسكرية في المكان. اعتقال نجيب دخل زكريا نجيب المنزل وقدم الحلوى للمجاهدين الذين أكلوا منها وأطعموا الجندي الذي سُرَّ بذلك، ثم خرج زكريا من المنزل بعد 20 دقيقة، وبعد ابتعاده مئات الأمتار عن المكان، قام جيش الاحتلال باعتقاله والتحقيق معه في المكان بشكلٍ عنيف. وتحت هذا التعذيب البشع اضطر المجاهد للاعتراف أنه كان يحضر الطعام للمجاهدين كما اعترف عن تجهيزات المجاهدين داخل المنزل، وأن الجندي لا يزال على قيد الحياة، وأنه حين غادر المنزل كان الجندي مستلقياً على أريكة ويأكل الحلوى، وقد حاول زكريا عقد صفقة مع العدو يضمن من خلالها لهم سلامة الجندي مقابل الإفراج عن الأسرى ولكن ذلك لم ينجح. وأمام هذه التطورات وبعد هذه المعطيات وضعت حكومة العدو عدة خيارات للتحرك، لأنها كانت على يقين بأن المجاهدين داخل المنزل لن يستسلموا أبداً، حتى لو كان الموت ثمناً لذلك، لذلك فإنها استبعدت خيار طلب الاستسلام منهم. وقد طرحت العديد من خيارات كان منها، إحضار الشيخ أحمد ياسين من أجل إقناع المجاهدين بالاستسلام، أو إحضار بعض الأسرى الفلسطينيين وجعلهم دروعاً بشرية أثناء عملية الهجوم، أو توجِيه نداء عند الساعة التاسعة عبر إذاعة الاحتلال الناطقة بالعربية، لمطالبة المجاهدين بالاستسلام. اختيار قرار الهجوم ولكن قوات الاحتلا