خبر : شخصيات سياسية تدعو إلى بلورة إستراتيجية لإفشال السيناريوهات الإسرائيلية

الخميس 04 أكتوبر 2012 01:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
شخصيات سياسية تدعو إلى بلورة إستراتيجية لإفشال السيناريوهات الإسرائيلية



رام الله / سما /  أكدت مجموعة من الشخصيات السياسية والأكاديمية على ضرورة العمل على بلورة خطة إستراتيجية تركز على إفشال السيناريوهات المفضّلة لإسرائيل، مثل استمرار الوضع الراهن، والتسوية المؤقتة، و’الانفصال’ أحادي الجانب، وضرورة الخروج من قواعد أوسلو ومحدداته، وإعادة النظر في شكل السلطة، ووظائفها والتزاماتها، وضرورة تعزيز الوحدة الوطنية، وإحياء المشروع الوطني. جاء ذلك خلال لقاء نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدّراسات الإستراتيجيّة (مسارات)، في مقره بمدينة البيرة، تحت عنوان: ’الخطوات الإسرائيليّة أحاديّة الجانب.. ما العمل؟’. وطالب المشاركون خلال اللقاء الذي أداره مدير عام المركز هاني المصري، بأن تكون هذه الإستراتيجية شاملة، ومنسقة الأهداف والأدوات، وتوظف كل عناصر القوة المتاحة والكامنة لدى الشعب الفلسطيني، وتزجها في مقاومة الاحتلال بمختلف الأشكال المشروعة، وفق القانون الدولي، مع التركيز على المقاومة السلمية الشعبية، والعمل على تعبئة وتمكين الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. وركز اللقاء الذي يندرج ضمن سلسلة من جلسات التفكير الإستراتيجي التي ينظمها المركز، على الخطوات الفلسطينية التي يمكن اتخاذها في المدى المنظور وعلى الصعيد الإستراتيجي، من أجل حرمان الاحتلال من الاستفادة من ميزات بقاء الوضع الراهن على حاله، وخاصة من حيث العمل على إنهاء الانقسام الداخلي، وتعزيز الوحدة الوطنية، من خلال إعادة النظر في مسار المصالحة الوطنية، الذي وصل إلى طريق مسدود. وشدد المشاركون على ضرورة التمسك بخطاب الحقوق التاريخية، والأهداف الوطنية في إنهاء الاحتلال، وعودة اللاجئين إلى الديار التي هجروا منها، وحق الشعب الفلسطيني أينما وجد في تقرير المصير بصفته حقا لكل الفلسطينيين. كما حذر من تعمد إسرائيل مواصلة تعميق الانقسام الفلسطيني، الحاصل منذ أكثر من خمس سنوات وتكريسه، لإدامة الوضع الراهن، وكسب المزيد من الوقت؛ لاستكمال فرض أمر واقع، من خلال تعميق الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، وأسرلة القدس وتهويدها، وتشديد الحصار. ولوح المشاركون إلى عدم إلغاء اتفاق أوسلو نهائيا وبخطوة واحدة، بل يمكن أن يتم ذلك بالتحلل من الالتزامات الفلسطينية فيه بالتدرج وعلى مراحل، فإسرائيل قد تجاوزته منذ زمن، ولم تنفذ التزاماتها فيه تجاه الشعب الفلسطيني، كما أزالت القضية الفلسطينية من أولوياتها، وهذا ظهر جليا في خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، الذي جعل من إيران أولى أولوياته. وتطرق اللقاء إلى ضرورة التعامل مع التوجه نحو الأمم المتحدة، بما في ذلك للحصول على عضوية الدولة المراقبة، كأحد مكونات خطة إستراتيجية ترمي لدفع المجتمع الدولي للتعامل مع نظام الاحتلال والاستيطان والعنصرية برمته، باعتباره غير شرعي وغير قانوني، وليس فقط ممارساته وإجراءاته على الأرض. ونوه المشاركون إلى أن ركائز الوضع الراهن التي كانت تستند إليها إسرائيل قد تغيرت، كما انهار بعضها، فالمفاوضات متوقفة منذ سنوات، وبعض الأنظمة العربية الداعمة للوضع الراهن سقطت، والولايات المتحدة الأميركية لم تعد تهتم بالقضية الفلسطينية، وهي منشغلة بأزمتها الاقتصادية، وحاليا بانتخاباتها الرئاسية، والسلطة تعيش أزمة سياسية واقتصادية متفاقمة، إضافة إلى الحديث عن إعادة البحث في أوسلو والاتفاقات الموقعة وبروتوكول باريس، وحاليا إسرائيل تبحث عن ركائز أخرى، عمادها الانقسام الفلسطيني، و’السلام الاقتصادي’، وحتى اختبار إمكانية وتبعات العودة إلى الاحتلال المباشر. وطالب المشاركون أيضا باستعادة الأبعاد العربية والدولية للقضية الفلسطينية، وإعادتها إلى الأمم المتحدة، لكي يتم التعامل معها على أساس القانون الدولي، مع دراسة خيار التدويل، وحشد حركة التضامن الدولية، وانتهاز الفرص التي تتيحها الظروف الراهنة، خصوصا بعد الثورات العربية والمتغيرات الإقليمية والتحالفات التي شهدتها بلدان ’الربيع العربي’، فلا بد من التشبيك مع قيادات ’الربيع العربي’، والمطالبة بالضغط على الاحتلال ونزع الشرعية عنه، وتفعيل المقاومة الشعبية، ومقاطعة المنتجات والبضائع الإسرائيلية، على المستوى الفلسطيني وعلى المستويات الدولية الرسمية وغير الرسمية، إضافة إلى المقاطعة الأكاديمية. وتطرق اللقاء إلى السيناريوهات المفضلة إسرائيليا، وأولها استمرار الوضع الراهن القائم بالاستفادة من السياسة الفلسطينية ذات الطابع الانتظاري، والتي تسعى لإبقاء وضع السلطة على ما هي عليه ببنيتها ووظائفها والتزاماتها، أملا بإحياء خيار التفاوض، في ظل استمرار الاحتلال والاستيطان وفرض وقائع على الأرض، ترى إسرائيل أنه من الصعب التراجع عنها في المستقبل، حتى لو عاد الفلسطينيون إلى مربع المفاوضات. أما السيناريو الثاني المتمثل في الدولة ذات الحدود المؤقتة فيقوم على مبدأ التسوية المؤقتة، وهو المفضل لدى الكثير من الإسرائيليين، لا سيما لأقطاب حكومة نتنياهو، فهو يؤدي إلى إنشاء ’دولة’ فلسطينية بمساحة جغرافية أقل، ومقسمة إلى كانتونات منفصلة وتابعة دائما، وستكون ’دولة مؤقتة’ دائمة، لكنها توحي بتحقيق ما بات يعرف باسم ’حل الدولتين الشكلي’، على الأقل أمام المجتمع الدولي، بما يعفي إسرائيل من مسؤولياتها كدولة محتلة، كما يعفي المجتمع الدولي من حرج الوقوف متفرجا على استمرار رفض إسرائيل لما يسمى ’حل الدولتين’. وحسب أقوالهم يتطلب هذا السيناريو ممارسة أشكال من الضغط والابتزاز ضد السلطة، دون أن يمثل ذلك تهديدا جديا لوجود السلطة، لكن بما يمكن إسرائيل من الاستمرار في تحويل السلطة إلى وكيل إداري وأمني واقتصادي يخدم سياسة الاحتلال الرامية إلى فرض وقائع تجعل سيناريو ’الدولة المؤقتة’ الخيار ’الواقعي’ الوحيد المتاح أمام الفلسطينيين. ويتمثل السيناريو الثالث، متزايد الشعبية في إسرائيل مؤخرا، في ’الانفصال الأحادي’، بما يمكن إسرائيل من تقرير حدودها النهائية، ومصير المستوطنات الكبرى، وقضايا أخرى تتعلق بالأمن والموارد دون عبء مفاوضات ’حل الدولتين’، ومن ثم تقوم بفرضه بالقوة. أما الخيار الأخير، فيقوم على إعادة السيطرة المصرية على القطاع، والأردنية على بقايا الضفة، والحديث عن هذا السيناريو هو بمثابة ’نهاية فكرة الدولة’، وقد يتطور باتجاه الاحتلال المباشر للضفة الغربية، على الأقل تبعا لتطور الموقف الفلسطيني، أو وجود تهديد حقيقي لقدرة السلطة على البقاء، أو تبني خيارات فلسطينية ’أحادية الجانب’ قد تصل إلى التحلل من التزامات اتفاق أوسلو وحل السلطة، أو ربما تطورات الأوضاع على المستوى الإقليمي. وناقش المشاركون مدى ترجيح تقدم أحد السيناريوهات على الأخرى، لا سيما أن التغيرات الناجمة عن الاختلال الكبير في ميزان القوة قد تلعب دورا أساسيا في ترجيح تقدم سيناريو ’الانفصال’ الإسرائيلي أحادي الجانب، في حالة الإخفاق في الإبقاء على سيناريو استمرار الوضع الراهن الأقل كلفة، من حيث إطالة عمر الاحتلال، ولكن الأسهل من حيث قدرة الفلسطينيين على إنهائه. بهذا المعنى، فإن استمرار الاحتلال يبقى السيناريو المفضل إسرائيليا، يليه سيناريو الدولة ذات الحدود المؤقتة (التسوية المؤقتة). وقال المجتمعون إن ثمن الحفاظ على الوضع الراهن في غياب أفق سياسي لعملية تفاوضية بعيدة عن تأثير الاختلال الفادح في ميزان القوى لصالح دولة الاحتلال سيكون باهظا جدا بالنسبة للفلسطينيين، إذ يُمكن هذا الوضع إسرائيل من مواصلة سياسة فرض الوقائع على الأرض بقوة السلاح والاستيطان والجدار، وكما يقطع الطريق على إمكانية تبني خيارات إستراتيجية فلسطينية تغادر مربع المفاوضات المرتهنة شكلا ومضمونا إلى الاختلال القائم في ميزان القوى. واتفقوا على عقد جلسات للتفكير الإستراتيجي تكرس للبحث في عدد من الأفكار، مثل كيفية إحياء دور ومكانة منظمة التحرير ومشروع التحرر الوطني، إضافة للسياسات الفلسطينية الفعالة في مواجهة السيناريوهات الإسرائيلية المفضلة، لا سيما سيناريو الخطوات أحادية الجانب، ووصول ’حل الدولتين’ إلى طريق مسدود، دون أن يكون الأفق مفتوحا في المقابل أمام السيناريوهات البديلة، مثل الدولة الواحدة أو ثنائية القومية.