يقول قانون حديدي في التاريخ ان مهادنة الحركات الظلامية تفضي دائما الى نتائج كارثية. فهي تُقوي المتطرفين وتشجعهم على طلب مطالب اخرى الى حد جعل المواجهة العسكرية أمرا حتميا. فلو ان تشمبرلين امتنع عن الاستمرار في مهادنة النازيين فلربما منعنا الحرب العالمية الثانية أو توصلنا اليها أكثر استعدادا، ولربما كان يفضي ذلك على الأقل الى ضحايا أقل. ان الرئيس ريغان الذي شهّر به الليبراليون باعتباره مُهيج حرب ومحارب الحرب الباردة، استعمل الصرامة في مواجهة سياسة التوسع السوفييتية التي أفضت في نهاية الامر الى انهيار امبراطورية الشر. قبل ثلاثين سنة، حينما داهم الايرانيون سفارة الولايات المتحدة واختطفوا دبلوماسيين، "مد" الرئيس جيمي كارتر يده الى نظام آيات الله وطلب "إدماجه" بدل مواجهته. وكان كل ما أحرزه تقوية المتطرفين والاستمرار في إهانة الولايات المتحدة. يكرر الرئيس اوباما وأتباعه الآن الأخطاء نفسها، فقد جاءت في البداية مبادرته الدولية الاولى التي عُرضت في خطبة القاهرة وبعد ذلك رفضه التنديد بالنظام الايراني حينما قمع شعبه بوحشية في اثناء "الثورة الخضراء". ووقف ايضا الى جانب الغوغاء "الديمقراطيين" في الشارع على مبارك صديق الولايات المتحدة القديم وأراد "إدماج" الاخوان المسلمين. في الذكرى السنوية لهجمات الحادي عشر من ايلول وبذريعة الغضب على فيلم معادٍ للمسلمين غامض وبدائي، جمع المسلمون المتطرفون الجماهير في أنحاء العالم الاسلامي للقيام بهبات شعبية عنيفة على سفارات امريكية. ففي ليبيا قُتل اربعة دبلوماسيين امريكيين منهم السفير، وكان رد الولايات المتحدة الأول الاستكانة والتنديد بالفيلم بدل التنديد بأحداث الشغب وبذبح الأبرياء. وتوجد سوابق لهذه الاستكانة للعنف الاسلامي: منها الهبة التي كانت تتعلق بسلمان رشدي في 1989، وأحداث الشغب بعد ذلك مع نشر الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية للنبي محمد واعمال القتل التي جاءت بعد اتهام قوات امريكية بتدنيس مصاحف وأحداث مشابهة استُخدمت لاستغلال الشارع الاسلامي. برغم ان الولايات المتحدة تعطي المصريين مليارات الدولارات من اموال المساعدة كل سنة، وقفت الشرطة المحلية جانبا حينما هوجمت السفارة في القاهرة. وانتظر الرئيس مرسي 24 ساعة قبل ان يصدر عنه انتقاد متلعثم للعنف وحذر كذلك من اعمال رد اخرى في المستقبل اذا لم يتم قمع "الاهانات الموجهة" ودعا الاخوان المسلمون الذين يحكمون الدولة الى مظاهرات اخرى وطلبوا اعتذارا آخر من الولايات المتحدة. ان اوباما بامتناعه عن تنديد مناسب برد مرسي الفاتر على العمل الفظيع في القنصلية في ليبيا وعلى مهاجمة السفارة في القاهرة أو تأجيل زيارته، يشير الى المتطرفين الاسلاميين أنهم سينجحون بواسطة استخدام العنف والقتل في تخويف الكفار. ويريد الاسلاميون الى ذلك ان يفرضوا قوانين تجعل انتقاد الاسلام جناية. ولن توسع لتشمل معاداة السامية التي تمولها الدولة في الدول الاسلامية التي تشتمل على مسلسلات تلفاز تشتمل على أفكار مقولبة مخيفة عن يهود يستعملون دم الاولاد المسلمين ليخبزوا الخبز الفطير، والأئمة في المساجد الذين يُشهرون باليهود بلا توقف. سيكون من السخيف ان تقيدنا قوانين العدوان على المقدس بموافقة الشريعة وان يكون في نفس الوقت مقيدي الحق في الكشف عن السلوك الجنائي المستعمل باسم الاسلام. سنُمنع من التنديد بعقوبات الموت بسبب تحول المسلمين عن دينهم، ورجم الزُناة، وختان النساء، وقطع أيدي السارقين، والجلد على رؤوس الأشهاد وما أشبه. وسنُمنع الى ذلك ايضا عن الكشف عن منع حرية التعبد والعدوان على الكنائس والكنس والتنكيل بالنصارى والاقباط واليهود – وكلها ظواهر متصلة تنفق عليها السلطة في الدول الاسلامية. اذا استمرينا في دفن رؤوسنا في الرمل وفي الاقلال من قوة التهديد العالمي الذي ينبع من التناسخ البربري لظلام العصور الوسطى فسنمهد الطريق لأن يرث أبناؤنا عالما يُؤخر فيه الى الوراء كل تقدم الحضارة الغربية وفي أساسها التراث اليهودي المسيحي.