خبر : بني موريس مخطيء/بقلم: دمتري شومسكي/هآرتس 11/9/2012

الثلاثاء 11 سبتمبر 2012 02:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
بني موريس مخطيء/بقلم: دمتري شومسكي/هآرتس 11/9/2012



 لن يكون من المبالغة ان نقول ان كل من يشتغل ببحث الماضي التاريخي لصراع قومي مستمر في الحاضر ايضا، فانه يشتغل بأحكام النفوس. فثمن الأخطاء أو التضليلات في مجال البحث هذا قد يتبين أنه باهظ جدا. يزعم المؤرخ بني موريس في مقابلة صحفية لملحق "هآرتس" (7/9) نشرت في أعقاب ظهور كتابه الأخير "دولة واحدة، ودولتان"، أنه في حين كان هدف القومية الفلسطينية وما يزال "وراثة فلسطين كلها للعرب والمسلمين"، فان قادة الحركة الصهيونية تخلوا "منذ 1937 فما بعدها" عن دعوى "كلها لي" وتمسكوا بانشاء دولة يهودية في جزء من مساحة ارض اسرائيل. هذا الزعم خطأ. وكل ذلك خاصة وبصورة واضحة حينما يكون الحديث عن الزعيم المركزي للصهيونية ودولة اسرائيل الفتية الذي ترك "منذ 1937 فما بعدها" أثره عليهما أكثر من كل زعيم صهيوني آخر، أعني دافيد بن غوريون. ففي تشرين الثاني 1937 في الوقت الذي أيد فيه علنا توصيات لجنة بيل بتقسيم ارض اسرائيل الى دولتين، كتب بن غوريون الى ابنه عاموس ان "انشاء دولة حتى لو كانت جزئية، هو إمداد بالقوة بأكبر قدر في هذه المدة وسيكون أداة ضغط عظيمة القوة في جهودنا التاريخية لتخليص البلاد كاملة". يذكر موريس هذا المصدر ذكرا عارضا (صفحة 54) في كتابه، لكنه لا يدع لـ "رسالة شخصية" ان تبلبله بقوله ان "التيار الصهيوني المركزي وفيه بن غوريون (استدخل في نفسه) فكرة التقسيم وسلّم لها في السنين التالية" (صفحة 60). بيد أن بن غوريون لم يحتفظ بخواطره المتعلقة بفكرة تقسيم البلاد لأبناء عائلته فقط. ففي نص مركزي شهير – "صيرورة الدولة اليهودية" في 29/10/1937 كان موجها الى أذن الحركة الصهيونية والاستيطان العبري، بيّن ان خطة التقسيم هي بمثابة تسوية مؤقتة فقط: "ان انشاء دولة يهودية في جزء من البلاد ليس فيه انفاذ للطموح الصهيوني كاملا لأنه في ارض اسرائيل كلها فقط يمكن حل مسألة اليهود في سعتها الكاملة. ان الدولة المقترحة لا تستطيع اذا ان تكون سوى مرحلة أو واحدة من المراحل في تحقيق الصهيونية... ومع انشاء الدولة اليهودية فلسنا نصادر حقنا في العودة الى استيطان كل أجزاء البلاد، ولن يكون استيطاننا محصورا أبدا في مناطق الدولة المحدودة". بعد ذلك بعشر سنين ايضا وعلى أثر قرار الامم المتحدة على تقسيم البلاد في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947، لم يقبل بن غوريون فكرة الدولة اليهودية في جزء من البلاد في رضى بل أشار بتحفظ حذر الى انه "لا توجد في التاريخ تسويات نهائية، لا تسويات نظام ولا تسويات حدود". ان التجاهل عن علم أو عن غير علم لاستمرار تصور ان يكون تقسيم البلاد مرحلة نحو تخليصها الكامل في وعي التيار الصهيوني المركزي بعد 1937 و1947 لا يسبب فقط استعادة غير دقيقة لصورة الماضي للصراع اليهودي الفلسطيني بل يسبب ايضا تعميق العمى عن وضع الصراع في الحاضر. فالاسرائيليون الذين يقبلون قول موريس المضلل المتعلق برسوخ جذور الاستعداد لتقاسم البلاد في التيار المركزي الصهيوني "من 1937 فما بعدها" سيرون مشروع الاستيطان حادثة تاريخية ليست الصهيونية ودولة اسرائيل مسؤولتين عنها. وسيُعرض الفلسطينيون وحدهم مرة اخرى على أنهم رافضون للسلام، في حين ان أحد الاسباب المركزية لفشل مسيرة السلام - سياسة اسرائيلية يمكن ان نُعرفها بقولنا "يتحدثون عن التقسيم كأنه لا توجد مستوطنات ويوسعون المستوطنات كأنهم لا يتحدثون عن تقسيم"، وتضرب جذورها في استصعاب الصهيونية العميق قبول شرعية فكرة تقاسم البلاد – سيغيب مرة اخرى عن أنظار الجمهور الاسرائيلي. يقول موريس جازما ان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني غير قابل للحل، فاذا كان الامر كذلك فان موريس نفسه الذي كان ينشر منذ سنين على أساس العرض الخطأ لصورة الماضي تصورا يعفي الجانب الاسرائيلي في الواقع من كل مسؤولية عن استمرار الصراع ويُعمق عند الجمهور الاسرائيلي تحويل الجانب الفلسطيني الى شيطان، قد أسهم هو نفسه مع جهات اخرى في هذا الاسهام المريب