خبر : استكانة اليسار/بقلم: عكيفا الدار /هآرتس 10/9/2012

الإثنين 10 سبتمبر 2012 05:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
استكانة اليسار/بقلم: عكيفا الدار /هآرتس 10/9/2012



 المستوطنون على حق. فلو ان اليسار الصهيوني اليوم قاد الاستيطان اليهودي في اربعينيات القرن الماضي فاننا نشك كثيرا أنه كانت ستكون لنا دولة. ولو ان اولئك الذين يتمدحون بصفة "معسكر السلام" والذين يُبينون أنه "لا يمكن اجلاء 300 ألف مستوطن" كانوا يُدبرون الامور في مطلع خمسينيات القرن الماضي لما استوعب استيطان فيه 600 ألف نسمة مليون يهودي. لا يوجد في مستعمل كلام المستوطنين مصطلح "غير قابل للعكس". وهم لم يقولوا ان اتفاق اوسلو يحكم بالفناء على مشروعهم. ان المستوطنين متمسكون باعتقادهم طوال طريقهم الى بؤرة استيطانية اخرى والى ائتلاف آخر، واليسار يبكي طول الطريق الى لا مكان. في حين يبني المستوطنون بيتا ثم بيتا ويهدمون مرحلة ثم مرحلة من المسيرة السياسية، يعلن اعضاء أجلاء من اليسار الصهيوني واحدا بعد آخر الاستسلام لـ "ارادة الشعب" ويقترحون بدل فكرة تقاسم البلاد مع تنهدة تمزق القلب، بدء الاستعداد للدولة الثنائية القومية. وهذا الامر يشبه معالجا عائليا يوصي الزوجين اللذين ينغص بعضهما حياة بعض منذ عشرات السنين بالاستمرار في العيش تحت سقف واحد من اجل تجنب تقاسم الأملاك. فبدل ان يساعدهما على الانفصال وبناء حياة جديدة والتعاون من اجل الاولاد يحثهما هذا الناصح على تأبيد بؤسهما. يقترح اليساريون اليائسون ان يؤلفوا بين مجموعتين متعاديتين بينهما حساب دموي وهما مشحونتان بآراء مسبقة. ان المجموعة اليهودية حققت الحلم الصهيوني منذ 64 سنة بقوانين هجرة واستيطان تمييزيين وتقسيم للموارد ظالم وهيمنة على الرموز القومية والدينية. وتسلب أقلية يهودية منذ 45 سنة المجموع الفلسطيني في المناطق المحتلة الحقوق السياسية وتضر بحقوق الملكية وبحرية التنقل وبكرامة ملايين البشر. فماذا سيحدث في اليوم الذي تتحول فيه الأقلية الفلسطينية في الدولة الثنائية القومية الى أكثرية؟ ان لم يكن ذلك في سنة 2020 فسيكون في 2030 وربما يحدث في سنة 2050. فماذا سنفعل آنذاك حينما تحقق الأكثرية الفلسطينية حكم الناخب؟ سيكون عندهم من يتعلمون منه لأن مجلس الشعب الفلسطيني يستطيع ان يستنسخ سلوك كنيست اسرائيل على عهد نتنياهو وليبرمان والداد. هل يستطيع ان يضمن أحد ألا يستبدل الفلسطينيون قانون عودة اللاجئين الفلسطينيين آنذاك بقانون عودة اليهود؟ أويستطيع ان يضمن ألا يحولوا الكيرن كييمت الاسرائيلي الى كيرن كييمت فلسطيني، وألا يستبدلوا بالعلم الازرق الابيض علما اسود ابيض اخضر مع مثلث احمر في جانبه وألا يستبدلوا نشيد "بلادي" بنشيد "الأمل" (هتكفا)؟ ومن سيوقد المشاعل في جبل هرتسل في يوم الاستقلال؟ ألا يمكن ان يستقر رأي حكومة إسراطين على منع اقامة مراسم تذكارية لنصر اليهود المؤقت؟. لماذا لا يمنحون ميزانيات التربية في السلطات المحلية العربية التفضيل، ولماذا لا يُسمون المطار الدولي لـ إسراطين باسم ياسر عرفات ويُسمون جامعة اريئيل في يهودا والسامرة الجامعة العربية في الضفة الغربية؟ إننا ركبنا ظهورهم عشرات السنين فلماذا لا يريدون الشعور بالركوب على ظهورنا؟ وسينتهي هذا في أحسن الحالات الى كسر الضلوع فقط. صحيح ان روبي ريفلين قال انه يفضل العيش في دولة ثنائية القومية على تقسيم القدس. فليقُل. أفهو مستعد حقا ان يخلي مكانه على منصة رئيس الكنيست لاحمد الطيبي وان يكتفي بصيحات بين ذلك عن مقاعد احزاب المعارضة اليهودية؟ صحيح ان "اورشليم الموحدة" لن تصبح "القدس الموحدة" في مدة ولايته؛ وسيدفع هذا القرض العديم المسؤولية له ولرفاقه في اليسار الصهيوني الجديد، أحفادنا وأبناء أحفادنا جميعا. ليست الدولة ثنائية القومية حلا بل هربا من الواقع وهي وصفة لتأبيد الصراع بين الشعبين. ان الذي يتخلى عن تسوية سلمية بين دولتين يراهن على مصير دولة اسرائيل. إمضِ أيها اليساري الى المستوطنين وتعلم منهم واستوطن عند باب كل ناخب في اسرائيل فليس الوقت متأخرا بعد