قال ميت رومني في خطبة مغطاة اعلاميا تلقى فيها ترشيح الحزب الجمهوري له في الاسبوع الماضي: "طرح الرئيس اوباما حليفات كاسرائيل تحت اطارات الحافلة"، وكرر بذلك عبارة عامية تعني التضحية بصديق لاسباب أنانية. ليس رومني هو المرشح الجمهوري الأول الذي استعمل استعارة الحافلة في التطرق الى اوباما واسرائيل. لهجمات الجمهوريين هذه على علاقة اوباما باسرائيل عدة تأثيرات مهمة في سياسة الولايات المتحدة الخارجية. فمن بين الامور الكثيرة التي تتعلق بالشرق الاوسط فان اسرائيل وحدها هي التي تحافظ على دور ثابت في سياسة انتخابات الولايات المتحدة وتؤثر في طريقة تصويت عدد كبير من الناخبين – من جميع الديانات والطوائف – للرئاسة، هذا أولا. وثانيا تمثل العلاقة باسرائيل الآراء في شؤون اخرى في الشرق الاوسط: قُل لي ما رأيك في اسرائيل أقُل لك ما تفكيرك في شؤون مثل سياسة الطاقة والاسلام السياسي والحربين في العراق وافغانستان، وتركيا برئاسة حزب العدالة والتنمية، والذرة الايرانية، والتدخل في ليبيا، ورئاسة محمد مرسي في مصر والحرب الأهلية السورية. والامر الثالث ان انتقاد الجمهوريين لاوباما يشير الى تغيير متطرف فيما يحدد العلاقة باسرائيل. فقد كان الدين ذات مرة هو المفتاح: فكان اليهود صهاينة متحمسين وكان المسيحيون أقل مشاركة. وأصبح التصور السياسي اليوم هو الذي يقرر. فمن اجل الوقوف على نظرة انسان لاسرائيل لا يحسن ان تسأله "بأي دين تدين؟" بل "من تؤيد للرئاسة؟". على العموم المحافظون علاقتهم باسرائيل أسخن والليبراليون أكثر برودا. وتُبين استطلاعات الرأي ان الجمهوريين المحافظين هم أكثر الصهاينة حماسة، ويأتي بعدهم الجمهوريون والمستقلون والديمقراطيون، ويأتي في النهاية الليبراليون الديمقراطيون. اجل قال إيد كوتش، الذي كان في الماضي رئيس بلدية نيويورك، في ايلول 2011 ايضا ان اوباما "طرح اسرائيل تحت الحافلة". لكن كوتش ابن السابعة والثمانين يمثل النخبة القديمة التي أخذت تختفي في الحزب الديمقراطي. ان الفرق بين الاحزاب فيما يتعلق بالصراع الاسرائيلي العربي أصبح عميقا كالفروق بين الحزبين في شأن الاقتصاد أو الثقافة. وفي حين أصبحت اسرائيل موضوعا يُفرق بين الديمقراطيين والجمهوريين، أتوقع انخفاضا لتأييد الحزبين لاسرائيل وهو تأييد منح اسرائيل مكانة متميزة في السياسة الامريكية وحافظ على منظمات مثل "ايباك". وأتوقع ايضا ان يرأس رومني وبول رايان باعتبارهما محافظين من التيار الرئيس، ادارة تكون الأكثر تأييدا لاسرائيل أكثر من ادارة بيل كلينتون أو جورج دبليو بوش. وفي المقابل اذا انتخب اوباما مرة اخرى فانه ينتظر اسرائيل أبرد علاقة كانت من قبل رئيس امريكي. ان علاقة اوباما الفاترة باسرائيل في السنين الثلاث والنصف الاخيرة تفضي الى هذا الاستنتاج، وكذلك ايضا ما نعرفه عن ماضيه قبل ان يدخل السياسة الرئاسية ولا سيما علاقته بمعادين للصهيونية متطرفين. فقد استمع اوباما مثلا باجلال لادوارد سعيد في أيار 1998 وجلس في هدوء في حفل وداع في 2003 تم على شرف متحدث منظمة التحرير الفلسطينية السابق رشيد الخالدي، في حين كان ينصت لاتهام اسرائيل بارهاب الفلسطينيين (وفي المقابل فان رومني هو صديق لبنيامين نتنياهو منذ 1976). وهناك شيء آخر هو ما كتبه علي أبو نعمة، وهو معادٍ متطرف لاسرائيل موجود في شيكاغو، عن آخر حديث له مع اوباما في مطلع 2004 حينما كان هذا الأخير في ذروة حملة دعائية اولى للترشح الديمقراطي لمجلس الشيوخ. كتب أبو نعمة ان اوباما هنأه بحرارة وأضاف: "أنا آسف لأنني لم أقل أكثر عن الفلسطينيين الآن، لكننا في سباق أولي صعب. وأنا آمل ان استطيع حينما تهدأ الامور ان أكون أكثر استقامة". وكذلك شجع اوباما أبو نعمة على أثر هجومه على اسرائيل في صحيفة "شيكاغو تربيون" وفي مواقع اخرى وقال "تابع العمل الجيد!". حينما نضع الامور في سياق ما قاله اوباما ولم يقصد ان تلتقطه السماعة لرئيس روسيا آنذاك، دمتري مدفديف، في آذار 2012 ("هذه آخر معركة انتخابات لي، وبعد ان أُنتخب ستكون لي مرونة أكبر")، سيكون حكيما اذا افترض انه اذا فاز في السادس من تشرين الثاني فانه يستطيع آخر الامر "ان يكون أكثر استقامة" فيما يتعلق بما يسمى فلسطين، وآنذاك ستبدأ مشكلات اسرائيل حقا.