حان الوقت لتحرير غزة ولرفع الحصار وتطبيع العلاقات بقيادة حماس وبسكان غزة. وحان وقت السماح باستثمارات مباشرة للدول الاوروبية والولايات المتحدة في القطاع وأن يُسمح للاقتصاد الغزي بأن يتطور كمثيله في الضفة الغربية. وحان الوقت ايضا لتحطيم الخدعة التي تقول ان الحصار يعاقب حماس ويمنع اطلاق القذائف الصاروخية أو يخدم أمن اسرائيل. فحلم اسرائيل بـ "هدم البنية التحتية للارهاب"، أي القضاء على قيادة حماس، قد تحطم مرة بعد اخرى ويجدر التخلي عن هذا الوهم. ان بذل الجهد لاحداث تنمية في الضفة وفقر في غزة للبرهان على ان من يتعاون مع اسرائيل يتمتع في مقابل المعاناة التي تصيب من يُضر بها، لم يُحدث الرد المتسلسل المأمول. فلم يخرج مواطنو غزة في مظاهرات جماعية على حكومة حماس ولا يشعر سكان الضفة في أكثرهم في الحقيقة بالرفاهية السياسية والاقتصادية. ان الحقيقة هي ان الحصار الاقتصادي لغزة مثقوب جدا لا بسبب شارع الأنفاق السريع فقط. فمئات الشاحنات تسير بين اسرائيل وغزة عن طريق معبر كرم سالم ويُسمح لعدد كبير من تجار غزة بنقل سلعهم الى الاردن أو الى اسرائيل. والمسؤول عن ذلك الضغط الدولي الذي استُعمل على اسرائيل ولا سيما بعد قضية القافلة البحرية التركية، أكثر من طيبة قلبها. ان الصلة التي تقيمها اسرائيل بين حصار اقتصادي والأمن داحضة هي ايضا. ان حماس تملك في الحقيقة مخزونا عظيما من القذائف الصاروخية والصواريخ لكن المنظمات التي تنافسها خصوصا هي التي تطلق على اسرائيل. ان العملية في سيناء التي قُتل فيها 16 ضابطا وجنديا مصريا اضطرت حماس الى ان تخرج عن طورها كي "تبرهن" على أنها لم تشترك في ذلك. وبصورة تناقضية كان تعلقها المطلق بمصر التي يحكمها الاخوان المسلمون هو الذي اضطرها الى التماهي علنا مع المصلحة القومية المصرية وتندد باطلاق النار وتُعرفه بأنه جريمة وتؤيد العملية العسكرية المصرية على المنظمات الارهابية في سيناء، بل ان تنشر أنها التزمت بمساعدة مصر في محاربتها للارهاب في سيناء. بل انه في الاسبوع الماضي زار وفد "عسكري" من حماس مصر، وهو وفد شارك فيه بين من شاركوا احمد الجعبري، رئيس الذراع العسكري، لتنسيق عمليات مشتركة تفضي الى تطهير سيناء من الارهاب. وليس واضحا تماما نوع التعاون أو ما الذي تستطيع حماس فعله في مواجهة منظمات متطرفة تعمل على مواجهة حكومة مصر، لكن الموافقة على هذا التعاون قد تضع حماس في مسار صدام مع منظمات موازية في غزة تعتمد على مساعدة من منظمات في سيناء. ليس المصريون ساذجين ومن المؤكد أنهم لا يؤمنون بأنه هكذا ستنتهي مكافحة الارهاب، لكنهم بخلاف الحال في اسرائيل يدركون ان هناك ضرورة لمنح حماس منزلة شريكة من اجل احراز تعاون أمني. ان اسرائيل المشغولة كثيرا بتجنيد شريكات في نضالها الدولي لايران، من المؤكد ان يُفرحها سماع ان قيادة حماس رفضت اقتراح محمود احمدي نجاد عقد قمة فلسطينية في طهران تشارك فيها فتح وحماس في محاولة للمصالحة بينهما. وأعلن ممثلو حماس علنا مرة اخرى ان مصر لا ايران هي التي "تتولى ملف المصالحة". ونقول بالمناسبة انه ليس من الفضول ان نذكر ان محمود عباس خصوصا الذي جهد دائما في اتهام حماس بالاستعباد لايران قد حضر مؤتمر دول عدم الانحياز الذي عُقد في طهران. لا يُطلب الى اسرائيل ان تعترف بحماس كي تتعاون معها، لكن وبسبب حقيقة ان العلاقات بين اسرائيل ومصر تقوم الآن على دعائم أمنية، تستطيع اسرائيل ان تُعمق هذه العلاقة بتفضل على غزة. وقد تأتي زيادة اخرى مهمة من رفع الحصار وهي ان علاقات اسرائيل مع تركيا قد تسير آخر الامر في مسار مصالحة اذا دعت اسرائيل تركيا الى ان تكون إشبينة رفع الحصار، واذا أضافت الى ذلك اعتذارا متأخرا ايضا. ان الحكمة والانسانية والمنطق والفائدة توجب القيام بهذه الخطوة، لكن يبدو أنها جميعا ما تزال تحت حصار ضربته عليها حكومة اسرائيل.