خبر : ملائكة مع هراوة/بقلم: افيعاد كلاينبرغ/يديعوت 28/8/2012

الثلاثاء 28 أغسطس 2012 02:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
ملائكة مع هراوة/بقلم: افيعاد كلاينبرغ/يديعوت  28/8/2012



يفترض ان يكون اولادنا اللطفاء ملائكة صغارا طاهرين لم يلوث الشر قلوبهم بعد. ويفترض ان يبتسموا ابتسامات خجلة، ويشموا ازهارا في سذاجة ويسألوا اسئلة ساذجة عن العالم كقولهم: يا أبي، لماذا يوجد شر في العالم؟. لكن الواقع يا ويلي، أقل حلاوة. "يوجد الكثير من الاولاد اللطفاء"، اعتادت جدتي ان تقول، "فمن أين يأتي كل الكبار البغيضين؟ يبدو ان بعض الاولاد أقل لطفا مما يُخيل الينا".يفاجئنا كل يوم من جديد قدرة مخلوقات بشرية صغيرة السن على المس بآخرين. فعملية التنكيل في القدس والزجاجة الحارقة قرب بات – عاين، والضربات القاتلة في مركز ديزنغوف – كل ذلك نفذه اولاد وبنات وفتيان وفتيات وسيمون جدا محبوبون جدا عند الأب والأم والجيران. "انه ولد حلو لا يمس بذبابة" (أما العربي والعامل الاجنبي فأمر مختلف).ان ميلنا الطبيعي هو الى ان نلقي التهمة على كبار السن. ليس هذا ذنبهم بل هو ذنب التربية الفاسدة التي حصلوا عليها، وليس ذنبهم بل هو ذنب الضحية. لأن كل تفسير أفضل من التفسير السهل المبرهن عليه من بدء التاريخ وهو ان الشر هو جزء من المعدات التي نتلقاها مع ميلادنا. وكلنا نستطيع استعمالها. أما الظروف (التربية وعدم وجود حدود، والسياق الثقافي الذي يرى العنف تعبيرا مشروعا) فتستطيع ان تسهم بنصيبها بالطبع، لكن يوجد من عندهم أهلية طبيعية للشر. وهم في الأكثر الذين يخطون الخطوة الاولى ويرمون الحجر الاول ويجتازون الحد الدقيق الذي يفصل بين ضبط النفس والهوج والشغب. أما الآخرون فيتابعونهم على ذلك لأن البعض منا عنده ميل الى ان يكون فعالا في صنع الشر (كالحال في صنع الخير) ويعرف البعض منا الغناء في جوقة فقط، وبعضنا ذو ميل طبيعي الى النظر بلا فعل. وعند قلة قليلة بيننا فقط الميل والمنعة النفسية لمواجهة الشر، وانظروا حولكم.ان التوجه الذي يرى الاولاد الصغار ملائكة جديد نسبيا وهو جزء من رومانسية الطفولة في العصر الحديث، أما في الماضي فكانت النظرة الى الصغار شديدة الشك. ففي المجتمع المسيحي التقليدي لم يروا ان الانسان لوح نقي تلوثه الحياة بل يولد الكائن البشري بحسب التصور الذي كان سائدا آنذاك وقد عُلق على ظهره كيس كبير من المفاسد. ان الطبيعة البشرية – مثل الطبيعة بعامة – حيوانية وأنانية. ويميل البشر بطبيعتهم الى خدمة شهواتهم فقط وليمضِ كل ما عدا ذلك الى الجحيم، فاذا أضفتم الى هذا الخطيئة الاولى حصلتم على طفل مخيف جدا.لا يوجد أي شيء ساذج في الاطفال، قال القدّيس اوغسطين الذي لاحظ في الصغار حسدا وغضبا وطمعا وكِبْرا، وكل الفرق بينهم وبين كبار السن هو في القوة فلو انه كانت لهم قوة أكبر لأخرجوا الشر الموجود فيهم من القوة الى الفعل.ان هدف التربية اذا ان تقتلع الطبيعة الهوجاء من الكائن البشري وتعلمه ان يكون "إبن ثقافة"، وليس هذا سهلا ولا ينجح دائما.ومنذ ذلك الحين جرى ماء كثير في الأنهار. ان التصور المتجهم لأجيال خلت وتصورات آبائنا المتشددة ("من وفر سوطه كان يكره ابنه") قد خرجت من الموضة. وانتقلت المسؤولية كلها الى الآباء والمجتمع والظروف (كل الاولاد هم "اطفال سُبوا" بين كبار السن). والحقائق لا تردعنا فأسهل علينا ان نتجاهلها من ان نتخلى عن الحلم الحلو وهو ان الاولاد جميعا كانوا مرة ملائكة قبل ان يُفسدهم كبار السن.بيد ان البشر ليسوا كما يبدو الغيلان الصغيرة للأجيال الماضية ولا ملائكة زماننا. فهم منذ يبلغون التمييز (قبل سن المسؤولية الجنائية بكثير) يتصرفون كالبشر. وهم يستحقون احيانا التفهم ككبار السن حقا، لكنهم يستحقون في احيان اخرى عقوبة شديدة.