خبر : كل شيء سائل/بقلم: عوفر شيلح/معاريف 28/8/2012

الثلاثاء 28 أغسطس 2012 02:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
كل شيء سائل/بقلم: عوفر شيلح/معاريف  28/8/2012



زمن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية باهظ الثمن، وهكذا أيضا الزمن المستثمر في التقدير الاستخباري السنوي للشعبة. عنوان رئيس مثل "الشرق الاوسط هو الان اكثر عصفا، اسلاما ومرشحا للاضطربات" لا يجعل عدلا للوثيقة، وبالتأكيد ليس هو ما يطالب به المقدر الوطني لدولة اسرائيل. ولكن ما نشر أيضا من الوثيقة التي رفعها أمس اللواء أفيف كوخافي الى هيئة الاركان، والتي تشكل الاساس الذي تجرى عليه المداولات والتقويمات للوضع، يثير التفكير الذي يتجاوز هذا العنوان التافه.  ما يقوله كوخافي هو أن كل شيء سائل – ليس فقط في مجرد اندلاع القتال، بل أيضا في تعريف القتال نفسه. فالدور الكلاسيكي لشعبة الاستخبارات في طرح الاخطار عن قرار العدو الشروع في القتال، كان ولم يعد قائما. عمليا مثل هذا الوضع لم يتم في الاربعين سنة الاخيرة. معظم أحداث القتال الهامة لاسرائيل في هذه الفترة حصلت من تصعيد جاء في أعقاب خطوة لم يتوقع احد نتائجها او من شروع بالمبادرة الى المعارك من جانبنا في أعقاب تهديد اعتبر لا يطاق. في كل الحالات ما بدأ من أحداث محلية وصل الى حجوم، الى مدى زمني والى نتائج لم يقدرها الطرفان منذ البداية.  هذا، كما تقول شعبة الاستخبارات "امان"، هو ما ينتظرنا في المستقبل القريب القادم بل وبعده. قافلة شاحنات مشبوهة تخرج من قاعدة وفيها أسلحة حساسة من سوريا من شأنها أن تشعل مواجهة واسعة في جبهة واحدة وربما أكثر. السيناريو القديم، الذي يشعر فيه نظام ما نفسه مهددا فيوجه النار نحونا – كم مرة سمعنا بان الاسد، الاب أو الابن سيوجه الضغط الداخلي عليه الى مواجهة مع اسرائيل – استبدل بسيناريو لا وجود فيه لنظام ما، لا رافعة يمكننا أن نستخدمها كي نحقق نتيجة شاملة وقاطعة، بل الكثير جدا من نقاط الاحتكاك التي ليس معروفا كيف سترد في وضع معين.  شعبة الاستخبارات تقول لنا انه يجب أخذ كل هذا بالحسبان. صيغة عملية اسرائيلية، مبادر اليها أو كرد فعل، معقدة وعديدة المتغيرات. فمفاهيم الزمن والأثر لم تعد كما كانت. وليس أقل أهمية من ذلك – مما يؤثر ايضا على السؤال الذي يحوم اليوم فوق كل قول أمني – الاثار الدولية على المدى القصير والبعيد هامة بقدر لا يقل عن استخدام القوة العسكرية. وهاكم مثال، بالذات مثال كلمة "ايران" الصريحة لا تندرج فيه: في الجيش الاسرائيلي يتحدثون اليوم عن تدخل تركي كبير ومتسع في الحياة الاقتصادية في قطاع غزة. تركيا تنقل الى القطاع غير قليل من المال للمساعدة الانسانية وبناء المستشفيات. ومثلما في سوريا، فان هذا الموقف التركي ينبع من رغبة اردوغان في أن يضع قوته العظمى في رأس محور سني، كوزن مضاد لنفوذ ايران. في هذا الصراع الهائل، لدولتين اسلاميتين غير عربيتين، تسعيان الى جمع القوة في الساحة العربية، واضح الى أين تميل مصلحة اسرائيل. وواضح أيضا انه منذ أكثر من سنتين تعاني هذه المصلحة بسبب عمل تكتيكي غير عاقل لوقف سفينة واعتبارات جديرة أو غير جديرة تمنعنا من إصلاح ذلك. هذا ما تقصده شعبة الاستخبارات حين تتحدث عن المحيط غير المستقر واحتمالات الاشتعال. واذا بدا لكم هذا تافها، فيطرح السؤال لماذا لا يطبق هذا الدرس التافه، في هذا الموضوع وفي مواضيع اخرى.