"موقف الدولة" في موضوع ميغرون، كما رفعته هذا الاسبوع النيابة العامة للدولة يثبت مرة اخرى بانه في حالات عديدة لا يدير الدولة منتخبو الجمهور فيها (في هذه الحالة، اعضاء اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان)، بل النيابة العامة للدولة. سلطة رجال القانون. ليس هذا فقط بل اولئك الاخيرين لا يوفرون في الوسائل لتمرير مواقفهم، هم ايضا، فرسان سلطة القانون، يعرفون جيدا مهنة الصياغات الغامضة، المدورة، التي تسمح لك بالتفكير في شيء، ولكن تتظاهر وكأن الحديث يدور عن شيء آخر. بتعبير آخر: يغالطون. مفهوم أنه كان يمكن منع كل التعقيدات البائسة لاخلاء ميغرون لو أقرت الحكومة والكنيست مشروع قانون تسوية البؤر الاستيطانية الذي بادرت اليه، والذي يقضي بانه اذا تبين أن حيا معينا في مناطق يهودا والسامرة بني على أرض تعود الى شخص آخر، فانه سيعوض بيد سخية. ولما كان لا تتوفر أغلبية لهذا المشروع المنطقي والاخلاقي، فقد قررت محكمة العدل العليا بان اراضي ميغرون تعود للفلسطينيين، ولهذا يجب اخلاء البلدة. هذا قرار أليم وصعب لكل من له قلب يهودي محب وداعم للاستيطان في مناطق يهودا والسامرة. وها هو فجأة – التواء في الحبكة: سكان ميغرون اشتروا بالمال جزءً هاما من أراضي البلدة. والان لم تعد اراضي البلدة تعود للفلسطينيين، بل لليهود من سكان المكان. وبالفعل، فهمت اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان بمنطقها التغيير واتخذت القرار، الذي هو بمثابة قرار حكومة، يعرب عن التأييد لان يتمكن سكان ميغرون من البقاء في الدولة في اطار الاراضي التي اشتروها. ظاهرا بسيط وسهل. ولكن لنائب المستشار القانوني للحكومة، المحامي مايك بلاص، موقفا خاصا به. فمنذ سنين والمحامي بلاص يتصرف وكأنه مؤيد متحمس لحزب ميرتس، وعمله القانوني يثبت ذلك على نحو ظاهر. دوما ضد اليمين ومع اليسار. في دولة سليمة كان منتخبو الجمهور سيسمعون كلامه ويقررون حسب موقفهم ورأيهم. ليس في اسرائيل. هنا، للنيابة العامة ولرجال المستشار القانوني للحكومة يوجد "حق" في تقرير مواقف الحكومة. أنا لا أذكر متى صوت الجمهور على انتخاب رجال النيابة العامة ووافق على أن يقرروا هم، وليس المنتخبون، مواقف الدولة. ولكن رجال القانون لا يكتفون كما اسلفنا بالقوة غير المعقولة التي في ايديهم. كي يضمنوا نهائيا الا تخطيء محكمة العدل العليا، لا سمح الله، فانهم لا يترددون ايضا في تضليها – وأنا أستخدم عبارة مخففة. فكما اسلفنا، اتخذت اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان قبل نحو شهر قرارا يدعم ميغرون. ولكن في ضوء موقف النيابة العامة عقدت جلسة اخرى في 14 آب أعرب فيها نائب المستشار القانوني للحكومة، بلاص، عن رأيه ضد استمرار الاستيطان في ميغرون، رغم ان الارض اشتراها يهود في صالح هذا الاستيطان. وفي النهاية انتهت الجلسة دون اجراء تصويت ودون ان يكون مشروع قرار. وهكذا بقي على حاله القرار السابق الذي تؤيد فيه الحكومة استمرار الاستيطان في ميغرون. إذن ما الذي فعلوه في وزارة العدل؟ نشروا هذا الاسبوع بيانا رسميا للصحف جاء فيه ضمن امور اخرى انه "بعد المداولات الاضافية في اللجنة الوزارية (لشؤون الاستيطان) في 14 آب، فان موقف الدولة الذي رفع اليوم الى محكمة العدل العليا – بناء على موقف رئيس الوزراء ووزير الدفاع – هو انه لا توجد احتمالية قانونية وتخطيطية لاستمرار سكن الملتمسين في ميغرون".فهل فهمتم هذا؟ وزارة العدل تريد أن تفهموا بانه نتيجة لتلك الجلسة الاضافية للجنة الوزارية لشؤون الاستيطان طرأ تغيير في موقف الحكومة، ولكن هذه ليست الحقيقة. الحقيقة هي أنه لا يوجد اي تغيير. فلا يوجد الغاء للقرار السابق. حتى وان كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع اقتنعا لسبب ما من المحامي بلاص، فلا يزال لهما اصبعان فقط من اصل 11 في اللجنة الوزارية. ويقول اعضاء في اللجنة بشكل علني ان موقف الدولة المرفوع الى محكمة العدل العليا لم يكن بموافقتهم.المطلوب عمله الان من رئيس الوزراء بسيط: التعبير عن صلاحيته ومسؤوليته كرئيس للجنة الوزارية لشؤون الاستيطان واصدار التعليمات للنيابة العامة بسحب "موقف الدولة" الذي رفعته النيابة العامة الى محكمة العدل العليا. عليه ان يعقد مرة اخرى اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان في بحث حقيقي في مسألة: هل يبقى على حاله القرار الاول الداعم لموقف السكان ولغرض عرضه في محكمة العدل العليا استئجار مستشار قانوني خاص خارج النيابة العامة، ام الاستسلام، تغيير القرار وبالتالي ادارة ظهر المجن لسكان ميغرون والاستيطان بأسره؟لقد تربيت على أن رجال القانون في دولة اسرائيل هم مع الديمقراطية التي تقرر فيها الاغلبية. يبدو أن النيابة العامة تفكر خلاف ذلك. كما تربين على أن رئيس الوزراء لا يمكنه أن يتملص من مسؤوليته ولا يمكنه أن يختبىء خلف النيابة العامة. يجدر برئيس الوزراء أن يعيد النظر ويؤيد قانون تسوية البؤر الاستيطانية الذي بادرت اليه، وهكذا سيكون بوسعه حل كل المشاكل معا.