يبدو سلوك العالم السياسي في مواجهة المشروع الذري الايراني مثل مشهد افتتاحي في مسرحية مخيفة مع فكاهة متناقضة: فالستار يُرفع ويقف في مركز خشبة المسرح لاول مرة علي خامنئي ومحمود احمدي نجاد معا يعلنان بصوت عال ان ايران فجرت منشأة ذرية وان الفطر الشهير يرتفع فوق صحراء جرداء في شمال بلدهما، لكن الدول الديمقراطية تصيح مجتمعة: لا، لا، لا. وهي مستمرة في هواها. يعلن متحدث البيت الابيض ان الولايات المتحدة لن تدع ايران تنتج سلاحا ذريا وان جميع الخيارات مفتوحة؛ وتذكر الدول المركزية في الاتحاد الاوروبي انه ينبغي عدم التسليم بقنبلة ذرية عند آيات الله المجانين؛ ويعلن احمدي نجاد ان ايران قد جربت الآن سلاحا ذريا لكن لا أحد يثق به فهو كاذب مزمن مع مستندات. ويرفض العالم تصديقه حينما يقول الحقيقة ايضا. صحيح ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تريد التحقيق وكأن الامور غير واضحة لها، وكأنه يوجد مكان للنقاش العميق وتقدير أذاك الذي ينبح كلب. لكن الايرانيين يسلكون فيما يشبه كللا غير مبالٍ وكأنهم يفرضون عليهم اخفاء المنشأة الذرية في برتشين بما يشبه سقفا يغطي على التجارب الذرية ذات الطابع العسكري، التي تنفذها. ويبدو أنها ستضيق ذرعا بعد لحظة قصيرة بلعبة الأقنعة وتطلب الى دول العالم الكف عن الاثقال عليها وألا تحشرها في زاوية الكذابين، وذلك كأنما تقول: اجل عندي سلاح ذري وأنتم تعلمون ذلك منذ زمن بعيد، وضقت ذرعا بمساعدتكم على الكذب على أنفسكم وتمثيل دور "يُخيل إلينا". لم تعد هذه طهران التي كانت ذات مرة والتي كانت تسير على أطراف اصابعها والتي كانت تتفحص جيدا جميع اجراءاتها في الطريق الى القنبلة الذرية. فمنذ تبين لها ان براك اوباما وشمعون بيرس ربما يحجمان عن الاعتراف بالواقع وعن الرد كما يقتضي ذلك، أصبحت طهران لا تصبر على الآداب الدبلوماسية. هذا سلوك سياسي خفي. تعد ايران بأنها تريد تفاوضا وستظل تصدر هذا الشعار ما ظلت قادرة على المتابعة الى الهدف الذري، لكن لا يوجد طرف خيط للمصالحة. ان صور الاقمار الصناعية واسلوب ايران الدبلوماسي الأهوج هي ومن يحطبون في حبلها تجعل الحاجة الى التقرير القريب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمرا لا حاجة اليه. انه مطلوب لكنه لا يساوي ثمن الانتظار وذلك فان سائر الاستيضاحات لا حاجة اليها سوى واحد يفترض مثل بدهية ان ايران تسعى الى القنبلة الذرية لا الى أي هدف آخر. يُحتاج الآن الى حسم بين ثلاثة امكانات هي: ان تقود الولايات المتحدة حلف الهجوم على المشروع الذري؛ أو ان تضطر اسرائيل الى فعل ذلك بنفسها؛ أو ان يُسلم العالم لتطوير حكومة آيات الله لقنابل ذرية ولتركيبها. ان الاشتغال بشؤون اخرى هو ذر للرماد في العيون الديمقراطية بأيديها هي نفسها.