خبر : يحسن عدم التدخل في المواجهة في سوريا/بقلم: دانيال فايبس/اسرائيل اليوم 23/8/2012

الخميس 23 أغسطس 2012 01:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
يحسن عدم التدخل في المواجهة في سوريا/بقلم: دانيال فايبس/اسرائيل اليوم 23/8/2012



ان الوجود البائس لبشار الاسد في القصر الرئاسي في دمشق قد تكون جدواه أكبر من ضرره، بخلاف افتراضات غربية. فالنظام القاتل والارهابي والموالي لايران هو ايضا غير عقائدي وهو علماني بصورة نسبية؛ وهو يمنع الفوضى، والسلطة الاسلامية ومذابح الشعب وسيطرة جهات عاصية على السلاح الكيماوي لسوريا. في حين أخذت تقوى الحرب الأهلية في سوريا، ما تزال دول غربية تزيد مساعدتها للمتمردين لاسقاط الاسد وأنصاره. والغرب بفعله ذلك يأمل انقاذ الحياة والمساعدة على التحول الديمقراطي. وتدعو أصوات غربية كثيرة الى أكثر من المساعدة غير القاتلة التي تُعرض الآن، ويريدون تسليح المتمردين وانشاء مناطق آمنة بل الانضمام الى محاربة الحكومة. لكن مساعدة المتمردين تُهمل سؤالا مبدئيا وهو: هل التدخل في سوريا لمواجهة الاسد يدفع بمصالحنا الى الأمام؟ وتتم اضاعة هذا السؤال المُلح لأن كثيرين من مواطني الغرب يشعرون بقدر كبير من الأمن على سلامتهم وينسون أمنهم ويحصرون العناية بدل ذلك في الاهتمام بمن يرونهم ضعفاء ومستَغلين. لكن مساعدة المتمردين تكمن فيها نقائص كثيرة بالنسبة للغرب. ان المتمردين أولا اسلاميون وينوون انشاء حكومة عقائدية معادية للغرب أكثر حتى من الاسد. وعلاقاتهم الهشة بطهران ستُعادلها مساعدتهم على الدفع قُدما بالقوة البربرية للقوى السنية الاسلامية. وثانيا، ان زعم ان التدخل الغربي سيُقلل من التأثير الاسلامي للمتمردين بالاستبدال بالقوى التي تتدفق على سوريا من دول سنية هو زعم بائس. فمتمردو سوريا لا يحتاجون الى مساعدة الغرب لاسقاط نظام الاسد، (ولن يعترفوا بالجميل اذا حصلوا على مساعدة كهذه ويمكن ان يكون العراق مثالا). ان الصراع السوري في أساسه هو مواجهة بين الأكثرية العربية السنية المسلوبة الحقوق والتي هي نحو من 70 في المائة، وبين الأقلية العلوية التي هي 12 في المائة. وزيدوا على هذا مساعدة المتطوعين الاسلاميين الاجانب وبضع دول سنية (تركيا والعربية السعودية وقطر) – لتروا ان مصير نظام الاسد قد قُضي. لا يستطيع الاسد ان يُخضع التمرد الذي أخذ يتسع على سلطته؛ وكلما ذبح جنوده ونكلوا حدث قدر أكبر من الانشقاق وتضاءل تأييده ليصبح في الأقلية العلوية وحدها. وشيء ثالث هو ان تعجيل اسقاط نظام الاسد لن ينقذ الحياة. ولن يكون ذلك علامة على انتهاء الصراع بل علامة على فصل افتتاحي فقط مع عنف أفظع سيأتي بعد ذلك كما يبدو. في حين سيكون السنيون ينتقمون آخر الامر لاضطهاد العلويين إياهم مدة خمسين سنة، فان انتصار المتمردين يُنذر بمذبحة شعب محتملة. ويبدو ان الصراع السوري سيصبح مفرطا وعنيفا جدا بحيث تفرح الدول الغربية لأنها حافظت على ابتعاد عن الطرفين. وشيء رابع هو ان الصراع السوري المستمر يعرض على الغرب مزايا. فقد ذكرت عدة حكومات سنية بالخير ضبط ادارة اوباما نفسها عن العمل وتحملت مسؤولية تخليص سوريا من الدائرة الايرانية؛ وهذا تطور مبارك بعد عقود استضافت فيها الجمهورية الاسلامية الشيعية. والى هذا فحينما يحارب اسلاميون سنيون اسلاميين شيعة يضعف الطرفان وتُقلل عداوتهما القاتلة قدرتهما على مواجهة العالم الخارجي. سيكون الشاذ الوحيد عن سياسة عدم التدخل هو تأمين ترسانة السلاح الكيماوي الضخمة لسوريا لمنع الجماعات الارهابية من الاستيلاء عليها ولمنع الاسد عن استعمالها في سيناريو رعب زمن سقوطه برغم ان هذه المهمة الصعبة قد تحتاج الى إرسال نحو من ستين ألفا من القوات البرية الاجنبية الى سوريا. لا يتطلب أي شيء في قوانين الدول الغربية منها ان تتدخل في كل صراع اجنبي، وسيثبت ان البقاء خارج الصراع عمل حكيم. فالحفاظ على بُعد سيُبيح للغرب آخر الامر ان يساعد اصدقاءه الحقيقيين في سوريا من ليبراليي الدولة علاوة على الفائدة الاخلاقية في عدم المسؤولية عن الفظائع التي ستأتي بعد ذلك.