على هامش الفساد الخطابي في قضية الذرة الايرانية، ينبغي ان نتذكر ان قوة الصمود الاسرائيلية والقدرة على تجنيد الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لعمل عسكري ودبلوماسي تتعلق بسلوكنا الديمقراطي في الداخل وبصورة النظر الى الديمقراطية الاسرائيلية في العالم. هناك كثيرون في البلاد يعتقدون ان الجرائم في سوريا، وتولي الاخوان المسلمين الحكم في مصر، والانقسام الفلسطيني والاخفاقات الكثيرة الاخرى في المجتمع العربي والمسلم تمنح اسرائيل في هذا الوقت "مجال حصانة اخلاقيا" أكبر في الغرب. وعلى حسب هذه النظرية فان الواقع الصعب في منطقتنا الذي غير الامور تغييرا كاملا في الشرق الاوسط، يكشف للجميع عن تفوقنا الاخلاقي وعن النفاق الدولي في النقد الطويل لاسرائيل في قضايا جوهرية اخرى. لكن سواء استقر رأي اسرائيل على الخروج وحدها لعملية عسكرية أو كانت الولايات المتحدة هي التي تقود آخر الامر عملية القضاء على التهديد الايراني، فانه يجب ان نؤكد ان الشعور بالتفوق الاخلاقي الاسرائيلي في هذا الوقت مضلل. فهو يدفع كثيرين الى نشوة قوة والى نسيان ان استمرار الاحتلال وعدم وجود أفق سياسي وقوة الصبغة الدينية الحريدية العنيفة للدولة، هي مراكز عدم شرعية خطرة لن تغيب بل ستظهر من جديد برغم فترة هدوء نسبي للنقد. في هذه الايام وفي الوقت الذي يحظى فيه داني ديان، رئيس مجلس "يشع"، في صحيفة "نيويورك تايمز" بتصوير مشجع نسبيا لشخص "براغماتي"، يخطيء اولئك الذين يظنون ان آراء ديان (المُعبر عنها في الصحيفة نفسها في مقالة افتتاحية) في "عدم واقعية حل الدولتين" للشعبين، يتم تقبلها بعطف أو بتفهم عند الجمهور والحكومات في الغرب. يطلب ديان من الامريكيين والاوروبيين ان يعترفوا بواقع سيطرة اسرائيلية دائمة على يهودا والسامرة يُعرفها بأنها "لا عودة عنها" ويزعم ان ضم المناطق لا يوجب منح الفلسطينيين في دولة اسرائيل الموسعة مكانة مواطنين. ان هذه الافكار التي تُعرض على أنها "واقعية" في فترة يبدو ان لاسرائيل فيها حصانة اخلاقية أكبر، ستتحول بسهولة الى افكار عنصرية في اللحظة التي يستقر فيها الواقع في الشرق الاوسط وتعود المسألة الفلسطينية الى برنامج العمل الدولي، وقد رأينا هذا الاسبوع التنديد المتزايد بالارهاب اليهودي الواقع على عائلة فلسطينية وبعملية التنكيل بالشاب العربي في القدس. يجب ان تُذكرنا مقالة روت ماركوس في صحيفة "واشنطن بوست" ايضا والتي ترفع فيها تقريرا من بيت شيمش عن سيطرة وعنف حريديين في شوارع اسرائيل، يجب ان تُذكرنا بأنه حتى التهديد الايراني بابادتنا لا يُنسي العالم والاصدقاء ظواهر مقلقة للزعرنة والعنف الاسرائيليين. تُنعت الهجمات على مهاجرين من الولايات المتحدة من المحافظين على الفرائض أصحاب التوجه الليبرالي في صحيفة "واشنطن بوست". ويتم الحديث هناك عن شتائم تُقذف بها النساء المتدينات من الصنف الليبرالي الامريكي على الدوام وعن رمي يهود متدينين هاجروا من ميريلاند بالحجارة. ويتحدث المهاجرون عن خوف حقيقي من تحول الدولة الى الحريدية وعن دعم ذلك في الاجهزة الحاكمة. ان الاخفاقات الاخلاقية الداخلية في اسرائيل وفي يهودا والسامرة المتعلقة بالقضايا الجوهرية لدولة ديمقراطية يهودية، تُرى قزما مقابل الانهيار الاخلاقي في العالم العربي الاسلامي. لكنها ما تزال ثقلا على قدرة الدولة على مواجهة التحديات الوجودية في المستقبل. اذا لم يكن الضجيج من القدس المتعلق بايران مصحوبا بأعمال حثيثة للقضاء على السلوك الأزعر والقومي والعنصري في داخل الدولة فان اسرائيل ينتظرها إعراض حليفات محتملات عنها حينما يكون الحديث عن تهديدات وجودية ايضا. ينبغي ان نتذكر ان الطابع الديمقراطي الاسرائيلي هو الأساس للمنعة القومية ولا ينبغي لمتخذي القرارات ان ينتشوا بمجال الحصانة الحالي المؤقت، فالحصانة لن تدوم الى الأبد.