ينكشف لنا في المدة الاخيرة الوجه القبيح للحياة العامة في اسرائيل لأن هناك ساسة بلا مسؤولية يشتغلون بدعم من وسائل الاعلام الباحثة عن الفضائح، بغوغائية رخيصة في كل ما يتعلق بالتهديد الذري الايراني. ان القرار في شأن العملية ستتخذه أكثرية من بين اعضاء المجلس الوزاري الامني المصغر المؤلف من مقطع عرضي لقادة ذوي مسؤولية يعبرون عن التيار المركزي في السياسة. وهم في موقع علم يُمكّن من اتخاذ استنتاجات تخدم المصلحة الوطنية. ومن السخيف اعتقاد ان هذه السياسة يفترض ان يصوغها الرأي العام. من الواضح ان عملية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة ستكون أشد فاعلية من عملية مستقلة اسرائيلية. وكنا نريد ان نشعر أننا نستطيع الاعتماد على التزام اوباما الغامض ألا تصبح ايران قوة من القوى الذرية، لكن السجل البائس لأطراف ثالثة وعدت بالوقوف الى جانبنا يجعل الاعتماد على الولايات المتحدة وحدها رهانا مخيفا. ان نسب نجاح الولايات المتحدة في منع دول معادية مثل كوريا الشمالية من احراز سلاح ابادة جماعية بعيدة عن ان تكون مرتفعة وكذلك لا يميل اوباما الى اتخاذ قرارات عسكرية عالمية صارمة، ويدحرجها الى باب الامم المتحدة التي تسيطر عليها دول مسلمة ومعادية. اذا انتخب ميت رومني الى الرئاسة فقد يحجم عن بدء ولايته بمواجهة عسكرية كبيرة قد تفضي الى تأثيرات شديدة في الاقتصاد العالمي. حينما يلتقي اوباما مع نتنياهو في الخريف يستطيع اقناعه بتأجيل الهجوم وان يوضح ان الخيار العسكري الامريكي ممكن بالتزام جدول زمني. برغم ان حكومتنا تهييء الجمهور لامكانية ان تضطر اسرائيل للعمل وحدها، فانه بخلاف أحداث سابقة اضطرت فيها اسرائيل الى القيام بعملية من طرف واحد، نعاني اليوم وجود عدد زائد من الساسة المصابين بالثرثرة يضعضعون الوحدة والمنعة في الجبهة الداخلية. ان الرئيس بيرس الذي وبخ بيغن لأنه قضى على المفاعل الذري في العراق تعدى صلاحيات الرئيس حينما انتقد الحكومة بقوله محذرا "لا نستطيع وحدنا" مهاجمة ايران. وتحدث زعيم المعارضة شاؤول موفاز في هستيريا عن ان رئيس الوزراء "يلعب لعبة خطيرة لا مسؤولية فيها بمستقبل أمة كاملة"، واتهم نتنياهو بأنه يهيج حربا للتأثير في نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة و"يعرض سلام أبنائنا للخطر". واصر رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت، وهو مهندس فشل حرب لبنان الثانية، على ان "ايران بعيدة عن نقطة اللاعودة في كل ما يتعلق بتطوير السلاح الذري"، وعبر عن "ذعر" من "الضرر العام الكبير" الذي تسببه لاسرائيل سياسة نتنياهو الحربية. هاجمت وسائل الاعلام في أكثرها "عدم مسؤولية" نتنياهو وزعمت انه يريد الخروج للحرب لصرف الانتباه عن موضوعات اجتماعية. ونشر الصحفيون غير المطلعين على معلومات استخبارية أو معلومات داخلية تقارير تخويف تتعلق بالجبهة الداخلية وانضم اليهم رؤساء اركان وقادة استخبارات سابقون أشاروا الى ان رئيس الوزراء سيتحمل المسؤولية أمام لجنة تحقيق اذا فشلت العمليات العسكرية. وسُجلت ايضا مظاهرات متفرقة تعارض عملية عسكرية بل كانت عريضة تحريض من قبل 400 اكاديمي دعوا الطيارين الى رفض أمر الهجوم. ان الاسرائيليين ساكنو الجأش برغم الهستيريا. ففريق منهم يجددون الأقنعة الواقية ويتفحصون مناطق الحماية لكن الحياة عامة تتابع السير كعادتها ولا ذِكر للذعر. فليس عند الاسرائيليين أي شك في انه يجب علينا عند الحاجة ان نجابه اولئك الذين يريدون ابادتنا.