خبر : هجوم على حدود مصر وجيشها خيانة ..زياد ابو شاويش

الثلاثاء 07 أغسطس 2012 12:36 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هجوم على حدود مصر وجيشها خيانة ..زياد ابو شاويش



نبدأ بالترحم على أرواح الشهداء من ضباط وجنود مصر الذين سقطوا جراء الهجوم الغادر على ثكنتهم الواقعة على حدود مصر مع رفح اليوم الأحد 5 / 8 / 2012. لقد فوجئنا بهذا الهجوم الإجرامي وتبادر للذهن فور سماع النبأ الأليم سؤال بديهي مقرون بالحزن والألم والغضب: لماذا يفعل البعض هذا وما الحكمة من وراء ذلك؟ قد يختلف المرء مع السياسة الرسمية للحكومة المصرية، وقد يغضب البعض من تصرفات أو ممارسات هذه الجهة المصرية الرسمية أو تلك تنافي روح الأخوة المفترضة، أو حتى في التعامل مع أبناء مصر، وربما لا يعجبك حجم التفاوت الطبقي والحياة الصعبة التي يعيشها المواطن المصري وتجعل تأمين لقمة العيش والحياة الكريمة غير ميسرة له جراء الأزمة الاقتصادية والديون الخارجية التي تكلف الخزينة المصرية ثلث ميزانيتها، كما يمكنك كمواطن مصري أو عربي أن تجد الكثير لتنتقده في سياسات مصر الخارجية...كل هذا وأكثر تستطيع أن تراه وتتحدث فيه وتوجه ما تشاء من انتقادات للمستوى الرسمي في جمهورية مصر العربية، لكن ما لا يمكن فهمه أو قبوله أن يقوم البعض ممن أظلمت عقولهم وجرى مسح أدمغتهم وأصاب وجدانهم السقم ولف الصدأ أرواحهم النجسة بالهجوم على عسكريين مصريين يقومون بأداء واجبهم تجاه وطنهم، ويؤدون ما عليهم في حماية حدود بلدهم وتوفير الأمن لأبنائه. إن تفاصيل ما جرى تظهر بوضوح أن هؤلاء أقدموا على ارتكاب جريمتهم مع سبق الإصرار والترصد، وبسبب عددهم الكبير نسبياً وكذلك حجم الخسارة الفادحة في أرواح الجنود والضباط المصريين التي وصلت لستة عشر شهيداً وسبعة جرحى فإنه لا يمكن القبول بأنهم عملوا بمفردهم ومن غير غطاء أو مرجعية، وهذه المرجعية لا يمكن أن تكون عربية مصرية أو فلسطينية، بل يمكن العثور عليها بالبحث المنطقي وبالشواهد التي تؤكد أن العدو الصهيوني كان في انتظارهم على حدوده في كرم أبو سالم فقتلهم جميعاً ليختفي كل الشهود الذين يمكن من خلالهم معرفة من يقف وراء هذا العمل الإجرامي. إن هكذا عمل خطير لا يمكن أن يتم أو يخطط له إلا بخلفية سياسية تحمل أهدافاً تتعلق بالصراع مع الدولة العبرية وبرغبة ممن خططوا له وسهلوا تنفيذه في خلق حالة من الغضب وردات الفعل التي تجنبهم العقابيل المحتملة للتغيرات الديمقراطية والثورية الجارية في مصر، بما يعنيه ذلك من تهديد للكيان الصهيوني وخلق واقع جديد يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح في الصراع معه، كما أن المخططين للعملية استهدفوا إحراج مصر وإضعاف موقفها حيال طلبها السيطرة على سيناء وإدارة شؤونها دون تدخل أو رقابة دولية حين تعمد المهاجمون إظهار عدم قدرة وجاهزية العسكريين المصريين رغم توفر عددهم في التصدي لخرق أمني كبير كالذي وقع. ومن ضمن الأهداف المفهومة واستهدفتها العملية كذلك إيقاع الشقاق والخلاف بل والعداء بين الدولة المصرية وسلطة الأمر الواقع في غزة وتسعير التناقضات المؤذية للقضية الفلسطينية والعلاقات الأخوية بين الشعبين الفلسطيني والمصري. الفصائل الفلسطينية جميعاً استنكرت الجريمة البشعة التي قامت بها قلة منحرفة لا زلنا لا نعرف هويتها الفكرية أو السياسية، ولا نستطيع أن نحكم على كل العملية بشكل دقيق قبل أن تتوفر معلومات مؤكدة عن هوية الفاعلين وجنسياتهم ومكان إقامتهم ومصدر أسلحتهم إلى آخر ما هناك من معلومات تعطينا القدرة على الحكم واتخاذ الموقف المناسب منها بالمعنى السياسي. إن الجريمة واضحة في نتائجها المروعة والمؤلمة ولا يمكن للمرء إلا أن يدينها بأكثر العبارات وضوحاً ونطالب كما الشعب المصري بإنزال العقاب بهم وبمن أرسلهم لقتل أبناء القوات المسلحة المصرية ذات التاريخ العريق في خدمة مصر والأمة العربية. لقد توعد الرئيس المصري محمد مرسي الجناة بعقاب شديد ووعد بمطاردتهم في كل مكان وأصدر تعليماته بالسيطرة التامة على سيناء كلها، وهذه بادرة طيبة ومقدمة نرحب بها للتخلص من تبعات اتفاق كامب ديفيد بوضع سيناء رهينة بيد الصهاينة والمراقبين الأمريكيين، الأمر الذي يعني استعادة مصر لسيادتها كاملة على شبه جزيرة سيناء التي طالما أعلن الشعب المصري عن عدم رضاه عن واقع مرير فرضته اتفاقية العار المذكورة. إن إضعاف مصر وإحراج الجيش المصري هو خيانة عظمى بغض النظر عن طبيعة النظام الذي يحكم في القاهرة، واليوم هناك ثورة وشعب قدم نموذجاً رائعاً في التغيير والروح الثورية ومن الحكمة أن نقدم كل العون له ولثورته لا أن نطعنه في ظهره. نتمنى على بعض الإخوة المصريين الذين يكتبون حول ما جرى أن يتوخوا الحذر وهم يتناولون الواقعة من زاوية العلاقة الفلسطينية المصرية حتى لا تزيد خسائرنا جميعاً ونحقق للعدو وللمجرمين ما أرادوه. تحية لجيش مصر الباسل والمجد لشهدائه البررة.