القدس المحتلة / سما / أكد رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطالله حنّا أن إسرائيل ماضية ومجحفة في السيطرة وتضييق الخناق على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة من خلال سياسات التهويد التي تتبعها السلطات الإسرائيلية بحق المقدسات هناك. وقال في تصريحات لصحيفة ’النشرة’ اللبنانية، إلى أن السلطات الإسرائيلية تواصل سياسة التهويد بحق المؤسسات الوطنية والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وبحق الوجه العربي الفلسطيني لهذه المدينة المقدسية، وهي في استمرار سياستها الغاشمة، لا ترى من يقف لها بالمرصاد، ملاحظا أنّ العرب مشغولون بما يحدث في دولهم، والجامعة العربية منهمكة بما يحدث في سوريا. وأضاف: ’للأسف الشديد القدس لوحدها تقارع جلاديها، وتتعرض لمؤامرة خطيرة وتزداد خطراً بسبب أن الاحتلال ممعن في سياسته بحق الشعب الفلسطيني، وبسبب الإهمال والتقصير العربي تجاه هذه القضية’. وأشار المطران إلى أن الإهمال والتقصير العربي تجاه قضية القدس، يتمثل من خلال ’أننا لا نسمع إلا بيانات الشجب والاستنكار والخطابات وفي الفترة الأخيرة أصبحنا لا نسمعها حتى’. إسرائيل تستغلّ ما يسمى ’الربيع العربي’ وأوضح رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس أنه ’منذ أن تم احتلال القدس والممارسات الإسرائيلية بحق المدينة المقدسة مستمرة ومتواصلة’، مشيراً إلى أنها ’خلال السنوات الأخيرة أصبحت تسير بوتيرة أسرع، إذ إنّ إسرائيل تستغل انهماك العالم العربي بما يسمي بالربيع الربيع’، لافتاً إلى أنه لا يوافق على هذا المصطلح. وأوضح أنّ إسرائيل تستغل هذا الحراك العربي في محاولة منها لكي تصنع ربيعاً لها في القدس وفلسطين، مشدّدا على أنها لن تتمكن من ذلك لأن فلسطين والقدس هي أرض عربية محتلة يجب أن تعود لأصحابها. وأكد أنّ ’إسرائيل لن تتمكّن من فرض سيطرتها وهيمنتها على القدس، لأن تاريخ هذه المدينة وهويتها هي عربية وفلسطينية’. يتغنّون بعروبة القدس ولا يقومون بواجبهم تجاهها! وردا على سؤال عن دور السلطة الفلسطينية في الدفاع عن المدينة المقدسة، أشار المطران حنا إلى أن السلطة واقعة تحت الاحتلال، وكل الشعب الفلسطيني واقع تحت الاحتلال ويعاني منه، لافتا إلى أنّ السلطة تقوم بالدور الذي تستطيع أن تقوم به ضمن إمكانياتها المتاحة. وناشد حنا الأمة العربية بأن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في ظل ما يتعرض له من سياسات إسرائيلية غاشمة، ليس لفظياً وإنما عملياً واستراتيجياً وسياسياً. وقال: ’حقيقة المشكلة تكمن بأننا نسمع خطابات رنانة وكلمات معبرة ومؤتمرات تعقد هنا وهناك ويصرف عليها الملايين في حين أن القدس تعاني الويلات’. وتابع: ’على سبيل المثال نحن في القدس بحاجة إلى مشاريع إسكانية، فليتفضل العرب إذا ما أرادو أن يسمعوا مقترحات عملية، فليتفضلوا لإقامة مشاريع إسكانية فهنالك حاجة لتلك المشاريع’. ولفت حنا إلى أن المدارس الفلسطينية في القدس بحاجة إلى مساعدة، إضافة إلى المستشفيات، مشيراً إلى مستشفى المقاصد الذي يعالج فيه الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، موضحاً أنه على شفى الانهيار، بسبب الأوضاع المالية الصعبة. وتساءل عطالله: ’أين هم العرب؟ لماذا يتغنون بعروبة القدس ولا يقومون بواجبهم تجاه هذه المدينة التي تعاني الويلات؟’. الفلسطينيون المقدسيون أبطال بكل ما تعنيه الكلمة وردا على سؤال حول معاناة المواطن الفلسطيني المقدسي من السياسات القمعية الإسرائيلية، لفت حنا إلى أن ’الفلسطينيين المقدسيين هم أبطال بكل ما تعنيه الكلمة، لأنهم يكافحون ويناضلون ويواجهون الاحتلال بصمودهم وبقائهم في هذه المدينة المقدسة’، وأضاف: ’حقيقة مهما قلنا وعبرنا لا يمكن أن نصف عظمة هذا الشعب الصامد المرابط ووطنيته في هذه المدينة، لكن الصمود يحتاج إلى مقومات ودعم والى من يقف إلى جانبنا’. وتابع: ’أنا أود أن أنتهز هذه الفرصة لكي أناشد من خلالكم، الأمة العربية والمسلمين والمسيحيين في كل مكان بضرورة أن يلتفتوا إلى القدس’. ما يحدث في سوريا ’مؤامرة عربية’ وفي سياق منفصل، اعتبر المطران حنا أن ما يجري من أحداث دموية بين النظام والمعارضة في سوريا يعبّر عن ’حرب ومؤامرة خطيرة تستهدف الدولة السورية بكل مكوناتها ولست أزمة فقط’، مؤكداً أن من يظن أن ما يحدث في سوريا الآن له علاقة بحقوق الإنسان والديمقراطية وغير ذلك فهو مخطئ، إذ أنه ليس له علاقة بحقوق الإنسان والديمقراطية، مشيراً إلى أنه مخطط ومؤامرة حقيقية تتعرض لها سوريا، لافتاً إلى وجود جهات عربية متآمرة على سوريا. وأضاف: ’إنه لأمر مخجل أن يكون العرب جزءًا من المؤامرة على سوريا، بدل أن يكونوا جزءًا من الحل’، وأردف قائلا: ’أنا لا استغرب إذا ما كانت إسرائيل وأميركا ضد سوريا ولكني استغرب أن دولاً عربية محددة تقوم بالدور الذي تقوم به إسرائيل والولايات المتحدة وغير ذلك’. ووصف المطران ما يحدث في سوريا اليوم بـ’المؤامرة الكونية’، مشيراً إلى أن من لا يعرف هذا ولم يصل إلى هذا الاستنتاج هو ’غبي’، على حد وصفه. وتابع: ’هي حرب كونية تستهدف الدولة السورية، إذ أنهم يريدون تفكيك وتخريب وإضعاف سوريا، ولذلك نحن متضامنون مع سوريا’. الشعب السوري هو الذي يقرّر من هو رئيسه وأشار حنا إلى التدخلات الأميركية بحق سوريا في ظل ما تتعرض له، ومطالبتها المتكررة بتنحي الرئيس بشار الأسد عن الحكم، موضحاً أنه إذا ما كانت أميركا لا تريد بشار الأسد رئيسا فإن الشعب السوري هو الذي يقرر من هو رئيسه، لا وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أو غيرها. وأعرب عن تضامنه مع سوريا تجاه ما تتعرض له من قتل وسفك للدماء وانتهاك حرمة المساجد والكنائس، والاعتداء على كل ما هو حي. وفي خصوص الدعم الذي تتلقاه سوريا من بعض الدول، أشار حنا إلى أن كل الشرفاء في العالم والأمة العربية يقفون معها في هذه المحنة التي تتعرض لها، إذ أنه من واجب كل إنسان لديه قيم وأخلاق أن يتضامن مع سوريا، لافتاً إلى أن القضية ليست قضية نظام ومعارضة، بل هناك مخطط لتفكيك وتخريب الدولة السورية، مؤكداً أن واجب الجميع أن يتصدوا لهذا المخطط الذي ينصب في مصلحة إسرائيل على حد تعبيره. المسيحيون جزء أساسي من الشعب السوري وتطرق حنا إلى الاعتداءات المتواصلة بحق المسيحيين في سوريا، مشيراً إلى أن هناك كنائس أحرقت في حمص وحماه، ومسيحيين ذبحوا وقتلوا على خلفية اعتناقهم للديانة المسيحية. ولفت إلى أن العشرات منهم هجروا واقتلعوا من مدنهم وقراهم، مؤكداً أنه لا يتحدث عن الشعب السوري كطوائف، بل عن كل الشعب السوري. وتابع: ’ما يهمنا كل الشعب السوري وليس فقط المسيحيين، كله يقتل ويذبح ويعاني وبالتالي أنا لا أتضامن فقط مع المسيحيين وحدهم بل مع كل الشعب السوري’. واعتبر حنا أن المسيحيين هم جزء أساسي من الشعب السوري ويعيشون آلام بلدهم ويتمنون ويصلون من اجل أن تنتهي هذه المحنة ويسود السلام الأمن والاستقرار في البلاد. الحل بالحوار الجاد والعميق.. ورأى رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس أنه لا يمكن حل ما تتعرض له سوريا في هذه المرحلة من قتل ودمار وسفك لدماء الأبرياء إلا من خلال الحوار، داعيا كل الجهات السورية سواءً في الحكومة أو المعارضة إلى أن يتحملوا مسؤولياتهم وأن يجلسوا معاً على طاولة الحوار، ويتحاوروا من أجل إيجاد مخرج يجنب سوريا الكوارث والتقسيم، ويعملوا سوياً من أجل سحب البساط من تحت أرجل المتآمرين على الدولة السورية على حد قوله. ودعا المطران حنا كل الفرقاء إلى وقف العنف والدخول في حوار جاد وعميق من أجل الخروج بسوريا قوية موحدة وصلبة ويعود إليها سلامها وأمنها واستقرارها ووحدة شعبها.