لندن وكالات في الوقت الذي يقاتل فيه النظام من اجل بقائه وسط معارك في مدينة حلب مع مقاتلين يقال انهم حصلوا على صواريخ ارض - جو يمكن كما يقول المحللون العسكريون ان تغير قواعد اللعبة (ان تأكد هذا)، يتحول النظام شيئا فشيئا الى نظام ميليشاوي حسب تقرير لمنظمة الازمات الدولية في بروكسل صدر يوم الاربعاء. طبيعة النظامويقول التقرير ان سورية اصبحت ساحة للتدخلات الدولية فمع ان كل الاطراف دعمت خطة عنان الا انها دعمتها للاسباب الخطأ ولخدمة مصالحها فنجاح المهمة كانت تقوم على ايجاد ارضية مشتركة فيما كان كل طرف يريد الضربة القاضية للاخر.ويقول التقرير ان النزاع الحالي سيتواصل بدعم من الاطراف الخارجية لكنها ليست من سيقرر نتائجه بل السوريين. وعليه فهناك ضرورة للنظر الى الاحداث الميدانية، مع ان القارئ قد يقاد الى وصف النظام بالقاتل وبدم بارد منذ البداية لكن الامر ليس كذلك لان النزاع مر بمراحل عدة من التنازلات السياسية التي قدمها النظام، التي جاءت مع القمع الوحشي ثم الى الحل الامني والآن الحل العسكري، وفي كل مرحلة حرق النظام جسرا ـ بشكل لم يعد قادرا على العودة او الخروج من الازمة.وبعد قراءته للتغيرات على صعيد المعارضة بكافة اشكالها يلفت التقرير الانتباه وهي طبيعة النظام التي تغير ودعت المعارضة واللاعبين الدوليين في الازمة السورية للنظر مليا في مدة الازمة التي مضى عليها 17 شهرا، والتي بقي فيها النظام صامدا ولم ينهر ولكنه لم يعد النظام الذي كان عليه قبل شباط (فبراير) 2011، فيما تحولت المعارضة نفسها عن تلك التي بدأت في اذار (مارس) العام الماضي.وبسبب هذا فالمنظمة تقول ان هناك حاجة للنظر ابعد من مجرد التكهن فيما ان كان الاسد سيخرج بنفس الطريقة التي انتهى اليها معمر القذافي او علي عبدالله صالح. ويقول التقرير ان الملمح المهم والذي لم يحظ بالانتباه هو ما حدث من تغير على بنية النظام ’فالنظام الذي وجد في بداية الازمة ليست لديه القدرة على البقاء في السلطة بعد الهجوم الكبير ومقتل قادته الكبار وفي داخل مركز قوته التقليدية - دمشق، اضافة لحرب الشوارع في حلب واماكن اخرى، اضافة لخسارة النظام عددا من المعابر الحدودية مع تركيا والعراق، يحدث كل هذا وسط انهيار اقتصادي، والدبلوماسية الفاشلة.لم يصمد فقطويضيف التقرير انه بعد مضي عام ونصف العام لم يصمد النظام بل رد بقوة ارسل فيها رسائل جديرة بالانتباه. وما يهم في تقرير المنظمة هي ملاحظتها ان نظام الاسد يتحول الى شكل اقل من كونه حكومة بل الى واحد يشبه الميليشيا، يقوم بمعركة من اجل بقائه ويعتمد في هذا على الطائفة العلوية التي ترى في انتصار المعارضة تهديدا وجوديا. ويشير التقرير الى ان النظام يتشكل بطريقة تجعله منيعا امام اية صدمات سياسية وعسكرية، ولا يهتم بالضغوط وليس مهتما بالتفاوض. ويضيف ان انجازات المعارضة المسلحة تخيف العلويين مما يجعلها ترمي بثقلها وراء النظام، فالانشقاقات عن الجيش لا تؤدي الا الى تماسك صف من يظلون موالين للنظام، كما ان خسارة النظام اراض ليس مهما ويعوض بالتركيز على مناطق جغرافية مهمة. ويقول التقرير ان العقوبات الاقتصادية لم تؤد الا لظهور اقتصاد العنف، القائم على النهب والتهريب والتأكد من الاكتفاء الذاتي مما يجعل من الاجراءات العقابية القاسية لا اثر لها عليه. ويرى التقرير ان لا احد يجادل ان التنظيم اضعف، لكنه اضعف بطريقة قوته واعطته القدرة للبقاء في السلطة. معضلة حلبوفي تعليق لمجلة ’تايم’ على معركة حلب، قالت ان اهمية انتصار المعارضة في حلب يعني منطقة آمنة، ومعابر امنة لوصول السلاح عبر تركيا، وكذا القدرة على انشاء حكومة بديلة عن تلك التي في دمشق، لكن المجلة تقول ان النتائج بعيدة الاحتمال لاسباب تتعلق، بالمعارضة المنقسمة والمتعددة بل لان مدينة حلب منقسمة على نفسها بين المؤيدين للنظام والمعارضين له. فهناك قطاع كبير من رجال الاعمال الاثرياء وابناء الطبقة المتوسطة والمسيحيين معادون لوجود المقاتلين في المدينة. ويرى تقرير ’التايم’ ان اللاعبين الدوليين في الازمة التي بدأت كاحتجاجات سلمية لتصبح حربا اهلية ادت الى تماسك وتصميم القاعدة الداعمة للنظام، لدرجة يرى فيها العلويون ان انتصار المعارضة يعني مصيرا مجهولا بالنسبة لهم. ومن هنا فانهم سيقاتلون حتى النهاية بدعم عدد من الجماعات والاقليات التي تخشى من سيطرة المعارضة التي تتسيد صفوفها الجماعات الاسلامية. وتعتقد المجلة ان صور المقاتلين بأسلحتهم وهم يعدمون موالين للنظام ونذر الحرب الطائفية التي ستندلع تلعب في صالح الاسد وان خسر مناطق واسعة من البلاد والسيادة السورية على معابر مهمة لكن هذه الانجازات لا تعمل الا على تقوية قاعدة النظام الموالية له وتصميمها على القتال. وعلى العموم فان كل هذا يعتمد على المعارضة وقدرتها على دينامية الحرب وتقديمها ضمانات للطائفة العلوية والموالين للاسد فالحرب الاهلية ستتوسع وقد تستمر لشهور او حتى لسنوات.ماذا سيحدث للموالين للاسد؟وفي الوقت الحالي يتساءل الموالون للاسد عن مصيرهم بعد عملية الاعدام التي نقلتها وكالات الاعلام في مدينة حلب، والتي نفذتها هذه المرة المعارضة وليس النظام، ضد افراد من عشيرة بري في حلب. حيث تم صفهم الى جانب الجدار ورشوا بالكلاشينكوفات. وقد ادت العملية الانتقامية هذه الى شجب واتهامات من منظمات حقوق الانسان المعارضة المسلحة بارتكاب جرائم حرب.وفي مقابلة مع واحد من افراد العشيرة قتل شقيقه ابن عمه في الحادث قال ان المعارضة تتهم العشيرة وابناءها بانهم علويون وشبيحة مع انهم سنة ولا علاقة لهم بما حدث بين المعارضة والنظام وانهم كانوا يدافعون عن حيهم. وكان افراد من القبيلة التي اعلنت ولاءها للنظام قد دخلت في معركة حلب، عندما هاجمت موقعا للمعارضة قرب مطار حلب وقتلت خمسة عشر مقاتلا فيه. لكن عبدالفواز يقول ان ما حدث في المطار لا علاقة له بحيهم شير عثمان حيث يعيش جزء من ابناء القبيلة، وعلق على صرخات المقاتلين ’شبيحة، شبيحة’ قبل ان يقتلوا شقيقه بان الاتهامات غير صحيحة، ’فقد كان وابن عمه يدافعان عن الحي عندما تعرض للهجوم، هذه حرب بين الحكومة والمعارضة، والآن يلقون اللوم علينا، انا متأكد انهم قتلوا احمد وجاسم، ماذا سيحدث لابنائهما وعائلتيهما، بعضهم قال اننا علويون، هذا غير صحيح، نحن سنة’. وقالت الصحيفة انها رافقت المقاتلين وهم يقاتلون حرب شوارع ولكنهم اوقفوا الهجوم بسبب قلة الذخيرة وقصف طائرات الميغ، وعادوا الى مواقعهم وتزودوا الذخيرة، ولكنهم قاموا على ما يبدو لاحقا بالانتقام من افراد العشيرة. ونقل عن واحد من قادة المعارضة المسلحة والذي كان يقود الهجوم ’قتل بعض الشبيحة واسر بعضهم، سقط بعض الشهداء من جانبنا، ولا اعرف ما حدث للاسرى، اعتقد انهم في السجن وسيحاكمون، كيف نعرف ان الفيديو صحيح، لا احد خائف فقط لانهم من البري، انت رأيت كيف يقصف الجيش المدنيين بالاسلحة الثقيلة اما شبيحته فيقتلون الاطفال بالسكاكين’. وفي مدينة حلب نقلت الصحيفة عن صاحب محل لبيع الادوات المكتبية قوله ان الاهالي يريدون ان ينتهي الوضع بطريقة او باخرى لانهم يعانون في الحصول على المواد الغذائية ويصطفون لساعات في الطوابير امام المخابز.جرائم الطرفينواشار تقرير ’ديلي تلغراف’ ان وسط المدينة كان فارغا يوم الثلاثاء وان مصير المعركة لا يمكن التكهن به، حتى المناطق التي يقول الجيش الحر انه يسيطر عليها فانها ليست آمنة نظرا للمخاطر التي يشكلها الموالون للنظام.وعلقت صحيفة ’واشنطن بوست’ على عملية القتل المفصلة والتي وضعتها التنسيقيات بقصد على يوتيوب انها اشارة على ان الطرفين يقوم بعمليات انتقامية، حيث اشارت الى تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية، هيلاري كلينتون التي دعت فيها المعارضة لتطمين جميع السوريين وانهم لا يقاتلون من اجل طائفة بعينها كما دعتهم لتنظيم صفوفهم. وقالت الصحيفة ان هذه ليست هي المرة الاولى التي يرتكب فيها النظام والمعارضة جرائم، وذكرت بمجزرتي القبير والحولة في ايار(مايو) وحزيران (يونيو)، كما اتهم تقرير لمنظمة العفو الدولية (امنستي) صدر الاسبوع الماضي جاء فيه ان الباحثين العاملين معها قد شاهدوا عددا من اشرطة الفيديو التي اظهرت ان اعضاء في المعارضة قاموا باعدامات بدون محاكمة’، ويخشى ان تحصل مجازر واعدامات من هذا النوع ويرتكبها الطرفان كلما طال امد الازمة، مع الجيش الحر اعلن عن رفضه لكل الممارسات لكن الوضع مرشح لمجازر جديدة وعمليات انتقام يقوم بها طرفا النزاع.وملامح هذه تظهر من تصريحات الطرفين ففي الوقت الذي تصف فيه الحكومة المعركة على حلب بانها ام المعارك، يهدد الجيش الحر بتحويل حلب الى مقبرة للنظام، وعلى الرغم من التقدم البطيء الذي حققته المعارضة داخل حلب الا ان الميزان العسكري لا يزال في صالح الحكومة، لكن المعارضة تقول ان هناك اشارات عن تدني في معنويات الجنود في الجيش النظامي. وتعتمد استراتيجية المعارضة كما قال احد قادتها لصحيفة ’الغارديان’ على اسلوب ’اضرب واهرب’ وان المعارضة لا تهدف السيطرة على حلب بقدر ما تريد انهاك النظام للتعجيل بانهياره. ونتيجة للتطورات الاخيرة فهناك حس بان النظام قد قارب على النهاية، وشعور القلق يأتي من كل اللاعبين الدوليين في سورية، خاصة جيرانها ومن بينهم اسرائيل التي بدأت تعد لليوم التالي بعد الاسد.اسرائيل تعد خططاففي مقال كتبه ايتمار رابينوفتش كبير المفاوضين الاسرائيليين السابق مع سورية في ’الغارديان’ جاء فيه ان اسرائيل لا تتعاطف مع الاسد، وتتجنب اية محاولة للتأثير على السوريين لانها محفوفة بالمخاطر. وجاء في المقال ’سورية: وجهة النظر الاسرائيلية’ انه مع وصول الازمة السورية الى نقطة الحسم بشكل اصبح فيه انهيار نظام بشار الاسد مسألة وقت، فقد تخلت اسرائيل عن الموقف السلبي تجاه الازمة التي بدأت في اذار (مارس) العام الماضي. فالقادة الاسرائيليون يبحثون الآن التداعيات المحتملة لانهيار النظام على سورية والتحديات التي سيشكلها على صناع السياسة الاسرائيليين. واهم قضية تشغل بالهم هي الترسانة الكيماوية والصواريخ التي يملكها النظام وخشيتهم من ان تقع في يد حزب الله او الجماعات الجهادية التي اخترقت المعارضة السورية. واضاف ان الموقف الاسرائيلي تجاه الازمة في سورية اسيء عرضه لانه قام على فكرتين ’اسطورتين’، الاولى بثها نظام الاسد نفسه حيث اكد في بداية الازمة ان ما يواجهه ليس ثورة شعبية بالمعنى الكامل، ولكنها مؤامرة فرختها كل من امريكا واسرائيل، اما الاخرى فتلك التي تقول ان اسرائيل تفضل نجاة الاسد وبقاءه في السلطة (نظرية الشيطان الذي تعرفه احسن من الذي لا تعرفه)، والتي اجتهد في تقديمها لادارة اوباما حتى لا يقوم بتدخل انساني في سورية.