خبر : إسرائيل تبتز أمريكا بالورقة الايرانية..د.عبير عبد الرحمن ثابت

الأربعاء 01 أغسطس 2012 01:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل تبتز أمريكا بالورقة الايرانية..د.عبير عبد الرحمن ثابت



لم تفوت القيادة الإسرائيلية فرصة وإلا تلوح بعزمها على ضرب إيران ،  لما تشكله من تهديد لأمن إسرائيل والمنطقة بأكملها بحسب زعمها ، وآخر هذه التصريحات جاءت حسب إفادة صحيفة هارتس بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين ننتياهو ووزير الأمن ايهود باراك سيبلغان وزير الدفاع الأمريكى بأن أحد لن يستطيع أن يمنع إسرائيل من توجيه ضربة عسكرية لإيران . وتقابلها الإدارة الأمريكية فى كل مناسبة بتمسكها بالحفاظ على امن إسرائيل ولم يتوانى المسئولين الأمريكيين من طرح خطط لضرب إيران فى حال عدم التزامها بوقف مشروعها النووي والكثير من هذه الخطط تطرح لإرضاء إسرائيل ومنها لتهديد إيران . والتساؤل الذى يدور فى خلد الكثيرين من ساسة وأكاديميين  ومفكرين ومثقفين ومواطنين لماذا تستخدم إسرائيل الورقة الإيرانية فى كل مناسبة لتهديد أمريكا وليس إيران ، ويطلق قادتها السياسيين والعسكريين تهديداتهم لإيران وضرورة ضربها ، وبأن عزمها على تنفيذ هذه الفكرة لن يثنيه أحد ؛ وحتى لو كانت الصديقة الحميمة أمريكا ، وهى تعى جيداً بأنها لن تتمكن من تنفيذ هذا التهديد . وفى الواقع الخيار العسكري لإنهاء الملف الإيرانى يعتبر الأخير فى السياسة الأمريكية ، وكذلك إسرائيل لا تستطيع الإقدام على ضرب إيران ، لعدة اعتبارات داخلية وخارجية .. فالوضع الداخلي الإسرائيلى لا يسمح لنتنياهو ارتكاب حماقة قد تقتله سياسيا ، وتجر إسرائيل إلى مصير مجهول ؛ وخاصة بعد تراجع نسبة مؤيده ؛ وانسحاب جنرال الحرب موفاز من ائتلافه ؛ وأرشيف المشاكل الاجتماعية التى تستخدمه قوى المعارضة بتأجيج الشارع الإسرائيلى عليه .. فإيران ليس غزة سيخرج عليها الجيش نزهة ويمارس بها مجموعة العاب حربية ويعود منتصراً .. الإقدام على ضرب إيران سيكلف إسرائيل ثمنا باهظا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وسيفتح على إسرائيل بوابة نار من الصعب إغلاقها ؛ ونتنياهو وزمرته يعوا ذلك جيداً .   وعلى المستوى الخارجي فلن تجد إسرائيل لها مؤيد فى حال تهورت وضربت إيران ، خاصة فى هذه الظروف الذى تشهد صراع روسي أمريكي دولي على بسط النفوذ واثبات الذات فى المعادلة الدولية الجديدة وخاصة بمنطقة الشرق الأوسط ؛ وحلبة صراع النفوذ الشقيقة سوريا ؛ والإخوة السوريون هم من يدفع الثمن  ، فالجميع فى هذه الفترة يرغب إنهاء الملف السوري وبأقل تنازلات من القوى المتصارعة . وما سيترتب عليها أجندة سياسية فى المنطقة ستكون إسرائيل بلا أدنى شك جزء منها . وعلى الصعيد الاقتصادي العالمي فلا أحد يتحمل أعباء حرب جديدة لتلقين أحمدي نجاد درساً فى السياسة ؛ وهى فى نفس الوقت قادرة على تلقينه هذا الدرس بعقوبات اقتصادية ترهقه وتفقده شعبيته .   القيادة الإسرائيلية تعلم  جيدا ماذا تفعل ؛ فهي لا تطلق مثل هذه التصريحات لإخافة إيران مثلا أو لتذكير أمريكا والعالم عن مدى خطورة إيران على المنطقة بشكل عام وإسرائيل بشكل خاص ولكنها ترغب بابتزاز أمريكا سياسيا واقتصاديا مقابل وقف رغبتها عن ضرب إيران والالتزام بالقرارات الدولية تجاه الملف الإيرانى .. وهذا الالتزام الإسرائيلى له ثمن يتوجب على الإدارة الأمريكية دفعه وذلك فى عدة ملفات ؛ أولها الملف الفلسطيني فهي ترغب بتنفيذ تصريحات  المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية ميت ارمني على الأرض والمتمثلة بأن القدس عاصمة إسرائيل وتعهده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس ؛ وإشادته بالثقافة والاقتصاد الإسرائيلى وتفوقه على نظيره الفلسطيني ، بالإضافة إلى وقف الضغط على إسرائيل باستئناف المفاوضات وغض البصر عن حركة الاستيطان المسعورة فى الضفة الغربية ، ومنع الرئيس أبو مازن من الذهاب للأمم المتحدة وحشد العالم ضده ووقف المساعدات المقدمة للسلطة فى حال أصرت على الذهاب للأمم المتحدة . وعلى الصعيد المصري إلزام الرئيس محمد مرسى بالمحافظة على اتفاقيات كامب ديفيد ؛ وضرورة بذل كل الجهود للحفاظ على أمن سيناء ، وقد لا نستغرب أن تم تشكيل وفد مصرى إخواني أمريكي ويضم خبراء إسرائيليين بجنسيات أخرى لعدم إحراج القيادة الإخوانية الداعية للقضاء على إسرائيل ، وذلك لمواجهة المجموعات المسلحة والمهربة للسلاح  فى سيناء ، وما تم تسريبه حول رسالة مرسى لشمعون بيرس برده على تهنئته برمضان لعلها أول الغيث الذى يبدأ بقطرة .  وعلى الصعيد السوري ضمان أمريكي بأن القيادة السورية الجديدة التى ستخلف بشار الأسد ستحافظ على الحدود مع إسرائيل وبأن تعمل معها على استئناف المفاوضات المارتونية بين إسرائيل وسوريا ولو بدون نتائج ، فالإسرائيلي يفاوض من أجل المفاوضات والمناورة فقط .. وعلى الصعيد الدولي بأن تساعد إسرائيل على انجاز ما تريده من اتفاقيات عسكرية أو سياسية مع الدول الأوروبية وعلى بسط نفوذها فى الدول الإفريقية  . فحكومة نتنياهو المهلهلة داخلياً والمرتبكة سياسيا واجتماعياً ؛ لن تقدم على خطوة الهروب إلى الأمام وتفتح جبهة بشكل فردى مع إيران الذى تساندها روسيا والصين ، ولعلمها جيدا بأن مثل هذه الخطوة  سيعيدها إلى الخلف مئات الخطوات ، وكل ما تقوم به مناورات مع الإدارة الأمريكية خاصة فى المرحلة النهائية من التحضير للانتخابات الأمريكية لكسب ما تستطيع كسبه من انجازات سياسية واقتصادية تقنع به شعبها ولتتمكن من العودة بالمسك بزمام الأمور ، خاصة نتنياهو الذى يرغب الذهاب للانتخابات الإسرائيلية القادمة وفى جعبته انجازات يقنع بها ناخبيه مرة أخرى . أستاذ العلوم السياسية  Abber_ath@hotmail.com