خبر : العيار الثقيل.. والعيار الصوتي !! ... بقلم: هاني حبيب

الأحد 29 يوليو 2012 03:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
العيار الثقيل.. والعيار الصوتي !! ... بقلم: هاني حبيب



.. "قنبلة من العيار الثقيل" عنوان شبه دائم في وسائل الإعلام الفلسطينية خاصة المسموعة والمكتوبة، لم يعد له معنى على ضوء الاستخدام العشوائي لهذا العنوان، الذي لم يعد يحمل في الغالب، لا قنبلة إخبارية، ولا نقلاً هاماً، لكن مثل هذه العناوين تفعل السحر للمتلقي الباحث عن الفضائح والإشاعات والتقوّلات، كما أن مثل هذه "القنابل من العيار الثقيل"، تشكل مصدراً لتلقي ردود الفعل، و"تسويد" صفحات مواقع الإنترنت والصحف بالأخبار، التي قد تحمل بين طيّاتها، أيضاً، نفياً أو توضيحاً أو رداً "من العيار الثقيل"، إلاّ أن هذا العنوان المستورد في الغالب من الصحافة الصفراء قد يؤدي الغرض لصاحب موضوع الخبر، تصريحاً أو رداً، ويحقق الهدف في إثارة ضجة وإثارة تتجاوز الخبر ذاته.  وسأعرض نماذج إخبارية، تناولتها الصحافة الفلسطينية بشكل عام خلال الأسبوع الماضي، مع أن بعض هذه الأخبار التي من العيار الثقيل تم إسنادها إلى مصادر إعلامية خارجية، وقد لفت انتباهي دعوة للسفير البريطاني السابق في إسرائيل، الاتحاد الأوروبي وقف الدعم الاقتصادي للسلطة الفلسطينية، هدف هذه الدعوة، ليس الضغط على الجانب الفلسطيني، كما يبدو من قراءة الخبر بسرعة وإيجاز، بل الهدف هو الضغط على إسرائيل، ولتحميلها الأعباء الاقتصادية لاستمرار الاحتلال، جاءت دعوة "توم فيلبس" في مقالته التي نشرتها مجلة "بروكسيت" البريطانية، ويظنّ صاحب الدعوة أن إسرائيل لن تصمد أمام انهيار الأوضاع في السلطة الفلسطينية، في ظل الأزمة الاقتصادية الهائلة التي باتت تعاني منها وتشير إلى قرب انهيارها، مما ستضطر والحال هذه ـ إسرائيل إلى الخروج من المأزق إلى دعم السلطة الفلسطينية لضمان استمرارها بصفتها حاجة ماسّة وضرورية لإسرائيل، إضافة إلى أن وقف الدعم الأوروبي والدولي للسلطة، سيضغط على إسرائيل كي تتقدم في العملية السلمية حفاظاً على السلطة التي ليس أمامها من خيار سوى ربط التقدم في المفاوضات بوقف الاستيطان.  ويبدو أن السفير السابق في كل من إسرائيل والسعودية، التقط قيام إسرائيل بالطلب من البنك الدولي لإغاثة السلطة الفلسطينية مالياً، وهو ما لم يستجب له البنك الدولي، وعلى الأغلب أن السفير توم فيلبس طالع صحيفة الـ "جيروزاليم بوست" مؤخراً والتي أشارت إلى أن إسرائيل حولت مؤخراً مبلغ 180 مليون دولار من مستحقات الضرائب، قبل بداية شهر رمضان بهدف دفع السلطة لرواتب موظفيها، دون طلب من الولايات المتحدة، وكسلفة من الأموال التي من المقرر أن تدفعها إسرائيل للسلطة الوطنية الفلسطينية في الأشهر المقبلة، كبادرة حسن نية، إلاّ أن الأمر يتجاوز باعتقادنا حسن النوايا، إلى مصلحة إسرائيلية في بقاء السلطة واستمرارها، كما هي عليه الآن!! وكنت أتابع النشاط الدائم للنائب في المجلس التشريعي د. نجاة أبو بكر، والتي هي من أكثر النواب متابعة وملاحقة في مجال مراقبة أعمال السلطة التنفيذية، والاهتمام بسائر مجالات الحياة في الضفة الغربية، وأكثر النواب تصريحاً لوسائل الإعلام الفلسطينية، في مسارات مختلفة كالتعليم والصحة والمجتمع،.  ومن دون أدنى شك فإن ذلك هو جزء من مهامها كنائب في المجلس التشريعي، إلاّ أني لاحظت أن العديد من تصريحاتها، تنشرها وسائل الإعلام باعتبارها "قنبلة من العيار الثقيل" وهي تلك التصريحات المتلاحقة والمركّزة التي تتناول فساد الحكومة، خاصة رئيسها الدكتور سلام فياض، تصريحها الأخير تناول ما اعتبرته النائب خروجاً عن المصلحة الوطنية، كون رئيس الحكومة، ما زال يقيم في العاصمة الفلسطينية القدس المحتلة، وهي إذ أخذت على فياض هذا المأخذ، وكأنها في الواقع تدعو مع إسرائيل إلى إفراغ القدس من المواطنين الفلسطينيين، وفي هذا السياق، فإن هذا المأخذ هو من العيار الثقيل حقاً، لكن ما ليس كذلك، ما تناوله التصريح المذكور حول ما ادّعته من أن شركة حراسة بريطانية أمنية تقوم بحراسة رئيس الحكومة وحراسة منزله، أيضاً، لكي تتراجع فيما بعد عن قنبلتها الوهمية هذه لتفسر تصريحها بأن هذه المعلومات وردت إليها من مواطنين، ما يشير إلى أن ليس لدى النائب أي دليل، وهو ما كشف عنه د. فياض عندما استخدم حقه كمواطن، وليس كرئيس حكومة، برفع شكوى للنائب العام ضد النائب أبو بكر التي بدورها لجأت إلى تفسيرها الخاص عن حصانة النواب، لتشير إلى أن لا مجال لرفع الحصانة الدبلوماسية (تقصد البرلمانية) إلاّ بموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي وموافقة الرئيس، وكأنما تشير في هذا السياق، الى أن مزاعمها ستظلّ محمية كونها تعلم أن لا مجال لانعقاد المجلس التشريعي كما يعلم الجميع، وكأنها تستند إلى الظرف الفلسطيني الطارئ كي تظل تطلق تصريحاتها من العيار الثقيل من دون أي رادع. إذ، وقبل التصريح المشار إليه من قبل أبو بكر، بأيام قليلة، قالت النائب في تصريح لها، إنها تمتلك وثائق ومستندات رسمية تدين رئيس الوزراء وأحد الموظفين الكبار في وزارة المالية بفساد مالي، بمئات الملايين من الدولارات، فإذا كان الأمر كذلك، لماذا لم تتوجه النائب إلى النائب العام بمستنداتها ووثائقها إلى القضاء، بدلاً من التوجه إلى وسائل الإعلام، مع أن ذلك حق لها، لكن الأكثر جدوى أن يكون الخبر من الوزن الثقيل في وسائل الإعلام هو أن النائب، تقدم بشكوى مستندة إلى وثائق ومستندات إلى القضاء للتحقيق في فساد الحكومة ووزارة المالية تحديداً، الأمر الذي يضع شكوكاً حقيقية فيما إذا كانت النائب تستند إلى مستندات ووثائق حقيقية، أو أن الأمر ينطوي على "قَالُولُه" حسب "شَاهِدْ مَشَفْشِ حَاجَة".  إن الاختفاء وراء الحصانة في ظل مجلس تشريعي لا يجتمع ولا يقرر، واللجوء إلى وسائل الإعلام بديلاً عن ذلك، لا يجعل من أي تصريح أو تقوّلات، قنبلة من العيار الثقيل، بل يشكل ازدراءً لمفهوم الرقابة على السلطة التنفيذية واستخفافاً بالحق في النقد وتوجيه الاتهامات المستندة إلى الحقائق والمستندات والوثائق، وهو تعسُّف في تفسير هذه الحقوق، وقنابل صوتية لم تعد تثير الرأي العام نظراً لاستهلاكها بشكل متكرر ومن دون أي دليل. إلاّ أن ذلك كله لا يعني عدم التدقيق وإحالة أي ملفات ووثائق حول الفساد إلى الجهات القضائية والحقوقية المعنية للتحقيق فيها، وليس مسّاً في حق كل مواطن، وواجب كل نائب في إعمال الرقابة على السلطة التنفيذية، إلاّ أن لذلك مسارات باتت معروفة.. إلاّ إذا كانت السلطة القضائية، فاسدة هي الأخرى!!