خبر : إسرائيل: تغيرات في الخارطة السياسية وثبات الاحتلال ..بقلم : أشرف العجرمي

الأربعاء 25 يوليو 2012 03:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل: تغيرات في الخارطة السياسية وثبات الاحتلال ..بقلم : أشرف العجرمي



إعلان حزب "كاديما" عن الانسحاب من الحكومة، بعد الفشل في التوصل إلى حل في موضوع قانون التجنيد الجديد الذي من المفروض أن يحل مكان القانون الحالي (قانون طال)، يؤذن بتغيرات في الخارطة الحزبية والسياسية في إسرائيل. فعمر الحكومة لن يطول إلى نهاية ولايتها القانونية أي حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام القادم، حتى لو لم تسقط بفعل التصويت على قانون التجنيد الجديد المرفوض من حزب "كاديما"، فإنها ستسقط بسبب الموازنة العامة التي من المفروض أن تقر حتى نهاية هذا العام. حزب "كاديما" لم يعد موحداً بعد نجاح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في استقطاب عدد من أعضاء الكنيست التابعين له، حيث رفع ثمن الانضمام إليه إلى منصب وزير أو نائب وزير لكل عضو كنيست يترك "كاديما" وينضم لحزب "الليكود"، وحتى الآن هناك عدد من أعضاء الكنيست من "كديما" غير محدد بشكل نهائي، ربما يكون ستة أو أقل أو أكثر حسب مزاد البيع وعروض الإغراء، سينضمون لـ"الليكود". وعملياً هذا يقضي على "كاديما" الذي قد يتحول إلى حزب هامشي . ومن المؤكد أن رئيس الحزب شاؤول موفاز أكبر الخاسرين بإجماع المحللين الإسرائيليين، لأنه سارع للانضمام إلى حكومة نتنياهو على اعتقاد أن نتنياهو سيتخذ خطوات سياسية جادة تبرر وجوده في هذه الحكومة سواء على صعيد العملية السياسية أو حتى في الأمور الداخلية من قبيل إقرار قانون تجنيد جديد يساوي بين المواطنين كما يقولون في تحمل العبء. وبعد تأكد موفاز أن لاشيء سيحصل وأن وجوده في الحكومة هو فقط لإطالة عمرها بدون أي مكسب يمكن أن يساعده في الانتخابات القادمة، وحتى يستقوي فيه على منافسيه في الحزب والمعارضين لفكرة الانضمام للحكومة، اضطر للخروج من الحكومة وصارت خسارة موفاز و"كاديما" محققة. في استطلاع الرأي الأخير الذي نشر في إسرائيل يوم الجمعة الماضي حصل "كديما" على 7 مقاعد فقط بخسارة 4 مقاعد عن الاستطلاع الذي سبقه. وليس واضحاً كيف سيكون وضع "كاديما" النهائي قبل الانتخابات التي ربما تجري في بداية العام القادم، وهل سيعود إيهود أولمرت للحزب بعد تبرئته من تهمة الفساد أم سيشكل حزباً جديداً. ربما يكون حزب "العمل" برئاسة شيلي يحيموفيتش أكبر المستفيدين لأنه كان مصراً على مسألة تقديم موعد الانتخابات ورفض إلغاء توصيات لجنة بليسنر التي اقترحت صيغة قانون بديل لقانون "طال" الذي يعفي المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية، ولأنه يتبنى مطالب حركة الاحتجاج الاجتماعية، التي تمثل رأي غالبية الشباب في إسرائيل. وربما يؤثر فشل الائتلاف بين موفاز ونتنياهو على حصة "الليكود" في الكنيست القادمة فشعبية "الليكود" انخفضت وربما تواصل الانخفاض مع تواصل الاحتجاجات الاجتماعية، ومع سن قانون يمنح المتدينين فرصة لتأجيل الخدمة العسكرية، وأفضلية وامتيازات للذين يخدمون في سن مبكرة. على كل الأحوال يبدو أن الخارطة الحزبية ستمر بتغيرات قد لا تكون جوهرية باستثناء تراجع أحزاب وتقدم أحزاب جديدة، مع احتمال ظهور حزب أو أحزاب جديدة في الكنيست القادمة. ولكن هذا على ما يظهر لن يغير من الطابع اليميني ويمين الوسط للبرلمان القادم. والشيء الرئيس الذي سيغيب عن الأجندات الحزبية في إسرائيل هو العملية السياسية مع الفلسطينيين، فهذه لم تعد أولوية لدى الأحزاب الكبيرة، والصراع سوف يكون على الأجندة الاجتماعية على الأغلب. والثابت الوحيد في السياسة الإسرائيلية هو مواصلة البناء الاستيطاني في المناطق المحتلة وفي المقدمة منها القدس الشرقية.وأفضل معبر عن السياسة الإسرائيلية التي باتت تمثل رأي قسم كبير من الساسة هو ما قاله الخبير القانوني ألن بيكر عضو لجنة "ادموند ليفي" سيئة الصيت، التي اعتبرت أن الشعب الفلسطيني موجود في المكان الخطأ فقط وأن الاستيطان شرعي، فقد قال بيكر أنه" لا يوجد احتلال، لكن يوجد سكان تتم إدارة شؤونهم من دون سيادة ومع قيود، وهذه فعلاً ملامح احتلال. وهذا وضع مقبول". ويعني هذا أن الأرض هي ملكية إسرائيلية ولكن ماذا يفعل الإسرائيليون المساكين عندما استعادوا أرضهم ووجدوا عليها سكانا. فالاستيطان مسألة قانونية ولا غضاضة فيها، وعلى إسرائيل فقط التفكير في كيفية التعامل مع السكان الفلسطينيين الذين وافقت إسرائيل على إدارة شؤونهم.نحن إذاً أمام واقع سياسي إسرائيلي لا يعترف حتى بالاتفاقات الناقصة والانتقالية التي تم توقيعها مع إسرائيل والتي تتحدث عن انسحاب إسرائيلي من غالبية المناطق المحتلة باستثناء المستوطنات والمواقع العسكرية التي يتم التفاوض عليها في مفاوضات التسوية الدائمة. فاتفاق "أوسلو" لم يعد قائماً إلا في بعض البنود التي تهم إسرائيل وخاصة مسألة التنسيق الأمني والاتفاق الاقتصادي "اتفاق باريس" الذي يطبق بصورة انتقائية ويحرم فيه الفلسطينيون من حقوق أساسية بما فيها جزء مهم من فواتير المقاصة المحصلة لصالح السلطة الوطنية.هكذا سيبقي الوضع على حاله سواء جرت الانتخابات الإسرائيلية في موعدها الطبيعي أو جرى تقديمها وسواء بقي حزب "كاديما" أو تلاشى، أو تقدم حزب "العمل" أو تراجع. هناك واقع سياسي إسرائيلي معاكس لتطلعات الشعب الفلسطيني، وهناك واقع إقليمي ودولي صعب وغير مساعد، ولكن الأهم ما هو الواقع الفلسطيني وما هي خياراتنا للمستقبل القريب والبعيد؟!