خبر : في الأزمة السورية : حين يصبح الحليم حيران...!! ...بقلم: عماد عفانة

الثلاثاء 24 يوليو 2012 05:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
في الأزمة  السورية : حين يصبح الحليم حيران...!! ...بقلم: عماد عفانة



في حديث منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ستمر على الناس فتن كقطع الليل المظلم ويصبح الحليم فيها حيران.وبالنظر إلى تفصيلات وتعقيدات العلاقات المتشابكة في الأزمة السورية قد ينطبق علينا هذا الوصف التعبيري "الحليم فينا حيران".وكي يتضح المقال لابد من المثال، والمثال يقتضي طرح عدد من التساؤلات التي بالإجابة عليها – ان استطعنا- يمكن لنا التمييز بين الخيط الأسود والخيط الأبيض في فجر الثورة السورية.- هل نحن مع إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد لصالح عودة دول الطوائف التي كانت سائدة قبل أن يوحدها الناصر صلاح الدين في إطار استعداداته لتحرير المسجد الأقصى..!!- هل إسقاط نظام بشار الأسد لصالح الشعب السوري والأمة العربية أم هو فاتحة لحروب طائفية دموية لا يعلم أحد كم ستستمر، فيما توقع الرئيس الروسي بوتين أنها قد تستمر أربعين عاما..!!- من الذي يدعم سقوط نظام الأسد؟ أليس هو أمريكا و"إسرائيل" ومن يوالونهم من الأنظمة العربية..!! فهل نحن إذا مع تحقيق المصالح والمخططات الصهيونية والامبريالية في منطقتنا العربية والتي يمثل إسقاط نظام الأسد إحدى حلقاتها..!!- هل بقاء الأسد في الحكم لصالح أم ضد مصالح أمريكا و"إسرائيل"..!!البروفيسور أيال زيسر أهم خبير إسرائيلي في الشأن الشرق أوسطي وتحديدا السوريّ، يقول "إن في حال صعود المعارضة إلى سدّة الحكم في سوريّة فإنها سوف تدفع باتجاه إبعاد دمشق عن إيران وحزب الله اللبناني، إضافة إلى أن رموز هذه الحركة من خلال علاقاتهم مع النخب الأردنيّة والسعوديّة والنخب التركيّة، والأمريكيّة والغربيّة الأوروبيّة، سوف يعملون باتجاه بناء أفضل الروابط مع أمريكا وبلدان أوروبا الغربيّة. وإذا أضفنا إلى ذلك الحقيقة القائلة أن دمشق البديلة سوف تكون دمشق الضعيفة، فإن خيار صعود المعارضة السوريّة هو الأفضل لإسرائيل".فهل نحن كشعوب وكنخب وكمثقفين نساق من حيث لا ندري للوقوف مع مصالح الامبريالية والصهيونية تحت شعارات فرغت من مضمونها كالحرية والعدالة...الخ...!! ويضيف زيسر "كان النظام في مصر داعما للمصالح الإسرائيليّة، وكانت واشنطن وإسرائيل أكثر حرصا على دعم استمراره. في سوريّة النظام الحالي هو الخصم الرئيسي لإسرائيل، والعقبة الرئيسيّة أمام صعود قوة إسرائيل كطرف مهيمن على الشرق الأوسط، وبالتالي فإن إسرائيل وواشنطن سوف تظلان أكثر حرصا على دعم عدم استمراره".فهل نجعل نحن من دعم المعارضة السورية جسرا لتحقيق الأجندات والمخططات الصهيونية..!!عاموص يادلين رئيس شعبة المخابرات العسكريّة السابق، رئيس مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي قال في ندوة حول ’الربيع العربيّ: "’ما يجري في سوريا هو تغيير إيجابي استراتيجي لإسرائيل".فهل نجحت "إسرائيل" في تجنيد قطاعات واسعة وعريضة من الأمة العربية ونخبها ومثقفيها لتحقيق أجندتها الخاصة لاعتلاء منصة قيادة الشرق الأوسط كقوة تسلطية وحيدة...!!وهل تمثل ما يسمى بالثورة السورية حلقة من حلقات تدمير وتفكيك الشرق الأوسط وقواه الفاعلة لصالح قوة واحدة مهيمنة هي " إسرائيل"..!!وهل بدأت أولى هذه السيناريوهات بتغييب القوة العراقية عبر تفكيك العراق وحل جيشه وإغراقه في صراعات طائفية واثنيه ..!!وهل يعتبر ما يسمى بالربيع العربي جسرا في هذا المخطط الكبير عبر التضحية بأنظمة طرفية هامشية  كتونس وليبيا مقابل أو كبوابة تفكيك القوى الكبرى التي تمثل عقبة في وجه تفرد القوة الصهيونية، وعلى راس هذه القوى مصر التي بدأ منذ زمن مسلسل إشغالها في نفسها لتنكفئ على همها الداخلي عن قضايا الأمة..!!وأضاف يادلين انه:" طوال سنوات كثيرة أوصى رجال في المؤسسة الأمنية والسياسية بصنع السلام مع سوريا حتى في مقابل دفع ثمن باهظ، وهو هضبة الجولان. وكان التبرير هو إخراج سوريا من المحور الراديكالي سوريا ـ إيران. وهذا الأمر قد يحدث اليوم من دون أن ندفع الثمن، وبالوسع بداية أن نتحدث عن الحاجة للسلام مع سوريا من دون صلة بما يجري، لكن ثمة سيرورة تحدث وهي إيجابية".وفي ظل الدعم الصهيوني المكشوف للمعارضة السورية بالسلاح عبر تقاطعات الحدود على سفوح جبال الشيخ هل يمكن القول أننا بتنا جنودا في ثكنات متقدمة للعدو لتدمير بلدا بل عقبة في وجه المخططات  الصهيونية التوسعية  وبسلاح صهيوني..!!الأكيد أننا مع الشعب السوري قلبا وقالبا ومع حقه في الحرية والعدالة والتنمية والعيش الكريم، لكنه في ذات الوقت محظور أن نستخدم معاول غربية وصهيونية دون أي ضمانات لتحقيق هذه الشعارات الحالمة.الأمة في رمضان ترفع أكف الضراعة إلى الله أن يهلك الطاغية في سوريا، وأن يحقن دماء الأبرياء النازفة، لكنني لا أعتقد أن في ضمير شعوب الأمة أن تستبدل الطاغية السوري بمجموعة من الطواغيت الصهاينة والأمريكان..ولا أعتقد أن الدموع الحارة والدعوات اللاهجة مع استبدال الأسد وحلفه الإيراني المعادي "لإسرائيل" بحلف آخر صهيوني أمريكي موالي لهم.. لذلك هل بات على قوى المقاومة والممانعة إعادة النظر في مواقفها، والتثبت قبل التموضع  في اصطفاف جديد نكون فيه مكسر عصا أو على الأقل جسرا لتمرير مخططات وأجندات معادية بل ومدمرة..!!وهل بات على أبطال ما يمسى الربيع العربي اتخاذ مواقف أكثر حزما واقل مداهنة مع المخططات الغربية للحيلولة دون إعادة تقسيم المنطقة وفق خريطة مصالح جديدة ..!!  صحفي وباحث سياسي - غزة