خبر : مخيم اليرموك والفزٌاعات القذرة ومحاولات الاستدراج ؟! ..بقلم: زياد ابوشاويش

الثلاثاء 24 يوليو 2012 10:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مخيم اليرموك والفزٌاعات القذرة ومحاولات الاستدراج ؟!  ..بقلم: زياد ابوشاويش



منذ بدأت الأزمة السورية ونحن نفكر بشكل جدي وبقلق له ما يبرره في مآلاتها وتداعياتها على الفلسطينيين في عموم سورية وفي مخيم اليرموك على وجه الخصوص كونه المخيم الذي يضم العدد الأكبر من أبناء الشعب الفلسطيني اللاجئين منذ عام 1948 أو من أرغمته ظروف التشرد والغربة على اللجوء لسورية الشقيقة. وللإنصاف فقد عومل الفلسطينيون على اختلاف طريقة لجوئهم لسورية بشكل لائق وكريم، وأستطيع القول بغير تردد أن الدولة العربية الوحيدة التي يشعر فيها المواطن الفلسطيني بأنه في بلده وبين أهله هي سورية العربية، وأن المعاملة التي يلقاها الفلسطيني هنا أفضل من أي بلد عربي وقد جربناها جميعاً واكتوينا بنار مطاراتها وأرصفة موانئها وكم من فلسطيني أعيد من حيث أتى في هذه الدولة أو تلك. وقبل أن نتخطى هذه المسألة لابد أن نعيد التأكيد على أن القلق على مصير الفلسطينيين في سورية لا يزيد أبداً عن قلقنا من تردي الوضع في القطر العربي السوري والألم الذي يعتصر قلوبنا كلما سقط مواطن سوري مدنياً كان أو عسكرياً في لجة الصراع الذي نرجو ونعمل على أن ينتهي في أقرب الآجال وبطريقة سلمية تحفظ لسورية وحدتها الجغرافية وللمجتمع السوري تماسكه وسلمه الأهلي. قبل فترة تحدثنا في مقال لنا حول مجريات الحدث السوري عن وجود طرف ثالث في المعادلة يقوم بأعمال إجرامية نوعية تهدف لتخريب كل فرص الحل التصالحي السلمي وتشيع جواً من الإحباط والفزع بين الناس بهدف إسقاط الدولة السورية وليس النظام السوري فقط، وقد بتنا على يقين أن هذا الطرف موجود ويملك كل وسائل التخريب بما في ذلك الإشاعة والتزوير. الأحداث تصاعدت في سورية بطريقة لافتة وبات واضحاً أن المعركة الجارية في سورية هي معركة عالمية بكل المقاييس ويتوقف علي نتيجتها شكل النظام العالمي الجديد وتوازناته. الأمر المقلق لنا ومنذ فترة طويلة كان محاولات الاستدراج التي حاول البعض فرضها على الشارع الفلسطيني في مخيم اليرموك وغيره من المخيمات، هذا الاستدراج الذي قصد به زج العنصر الفلسطيني في المعادلة الداخلية السورية لمصلحة طرف على حساب الطرف الآخر، وكان واضحاً أن المعنيين باستدراجنا لمستنقع الدم في البلد يقصدون إحراج الدولة السورية والنظام السوري.  كنا كشعب وكفصائل قد أعلنا موقفاً متوازناً ومنصفاً تجاه هذه المعضلة يأخذ بعين الاعتبار أمرين الأول أننا ضيوف على الدولة السورية والشعب السوري ومن آداب الضيافة أن لا نتدخل في الشأن الداخلي السوري، والثاني أن طرفي الخصومة لهما أفضال على شعبنا وأننا لا يمكن أن نتجاهل حق الشعب السوري في الحرية والكرامة عبر مطالباته السلمية من جهة ومن الأخرى حق الدولة السورية وقيادتها في أن نكون أوفياء للمعاملة الكريمة التي حظينا بها بالإضافة لدعم المقاومة ورفض المشاريع التصالحية مع العدو والرضوخ للمشروع الأمريكي في المنطقة.  وبالإضافة لهذا لم نتردد في إدانة عمليات العنف والقتل للمدنيين الأبرياء من أي جهة أتى وتمنينا على الأشقاء أن يتوقفوا عن القتال ويلجأوا للحوار والمصالحة وما زلنا نفعل. وبالتالي فقد كان من بديهيات السلوك السليم أن نبتعد قدر الإمكان عن المشاركة في الحراك السوري سواء مع الحكومة أو مع المعارضة، وأنه ليس من مصلحتنا مطلقاً الزج بأنفسنا في معركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل. المشكلة أن هذا الرأي والموقف لم يعجب بعض الأطراف فاستمرت محاولات الزج بمخيماتنا في المعركة ولأنه لا يمكن ضمان كل الناس أو تصرفات بعضنا فقد أفلتت بعض هذه التصرفات وتجاوزت ما حذرنا منه وبالتالي دفعنا ثمناً من أرواح شبابنا الذي لم يتمالك مشاعره وعبر عنها عملياً. بالطبع لا نستطيع أن نقبل أو نبرر قتل أي مواطن فلسطيني تحت أي ذريعة وقد أدنا بشدة اغتيال المدنيين الفلسطينيين بذات السوية التي ندين فيها اغتيال وقتل السوريين، كما أن خروج البعض عن سوية الموقف الفلسطيني العام لا يبرر قتله أو إطلاق النار عليه. في بعض المخيمات تداعت أحداث معينة وتسببت في مقتل عدد من الفلسطينيين، وكان أهم هذه الأحداث دخول المسلحين لهذه المخيمات ومن ثم إطلاق النار منها على قوات الجيش والأمن السورية مما يعني الرد الذي يطول حتماً بيوت المخيم وأهله. وقد بقيت تلك الأحداث محصورة ولم تؤثر على العلاقة الطيبة التي تربط الفلسطينيين بأشقائهم في القطر. اليوم نواجه أموراً من طبيعة مختلفة تدفع بالشباب الفلسطيني إلى أتون النار التي تشتعل هنا وتضعف قدرة العقلاء على ضبط المخيم وتهدئة الأمور وخاصة في اليرموك الذي يشكل اللاجئون الفلسطينيون فيه نسبة لا تزيد عن 35% وهذه الأمور تتضمن رزمة من الدوافع لاستدراج الشباب كان أحد تجلياتها ما تم بثه اليوم الأربعاء 18 / 7 بعد الظهر حين وصلت أخبار تقول أن هناك مواطنين سوريين من طائفة معينة تقوم بذبح الناس في الحجر الأسود وأنها تتجه لليرموك لإكمال مهمتها الدموية مع الفلسطينيين، ولا يمكن لأي قارئ أن يتصور حالة الفزع التي انتابت الناس والنساء منهم على الأخص وبالتالي الاستنفار والغضب الذي اجتاح المخيم وأدى لخروج كافة الرجال إلى الشوارع يحملون ما تيسر من أدوات القتال للدفاع عن بيوتهم وعائلاتهم. لقد كانت إشاعة قذرة زادت من الاحتقان الذي تسببت فيه جملة من الأحداث أهمها عملية الاغتيال التي جرت لقادة كبار في الجيش السوري والدولة. إن ما جرى بعد ذلك يمكن تصوره حيث زاد الطين بلة في المخيم دخول مسلحين للمخيم اشتبكوا مع رجال الجيش والأمن الذين حضروا فازداد الفزع والتوتر وبتنا أمام واقع جديد مقلق للغاية ويحتاج لجهود جبارة من أجل تهدئته وضبطه. إننا لا نزال نسعى إلى إبعاد أهلنا في مخيماتنا بسورية وخاصة اليرموك عن الدخول في الصراع الدائر ولألف سبب نرجو أن تكون واضحة للشباب الذي نرجو له السلامة. Zead51@hotmail.com