فاجأتنا السلطات المصرية يوم امس عندما تجاوبت مع نداءات ابناء قطاع غزة ومسؤولين في حكومة حماس على وجه التحديد، وقررت فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة يوم امس رغم انه عطلة رسمية بمناسبة الذكرى الستين لثورة 23 تموز (يوليو)، وبالتزامن مع صدور قرار رسمي بالسماح بدخول كل الفلسطينيين من منافذ البلاد بدون حمل اي تأشيرات او موافقات امنية.نقول فاجأتنا، لان هذا التغير في التعاطي مع مليوني فلسطيني محاصرين في شريط ضيق لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا، لم يكن متوقعا بمثل هذه السهولة واليسر، لوجود قوى عديدة تعارض اي تخفيف لحصار هؤلاء والسماح لهم بحرية العبور مثل باقي البشر.الفرحة لم تدم طويلا، والمفاجأة تبخرت بعد ساعات محدودة، حيث نفى اللواء احمد بكر مدير امن مديرية شمال سيناء بالامس كل ما تردد عن السماح للفلسطينيين بدخول الاراضي المصرية دون تأشيرات، سواء في المطارات والموانئ او في معبر رفح. وقال انه لم يتلق اي تعليمات من وزارة الداخلية في هذا الخصوص. واكد الامر نفسه مصدر امني في القاهرة رفيع المستوى.المؤكد ان السلطات المصرية اصدرت القرار بتسهيل عبور الفلسطينيين بدون تأشيرات دخول، استجابة مع مطالب حكومة حماس، بحكم العلاقة التحالفية الوثيقة بينها، اي حكومة حركة حماس، والرئيس محمد مرسي وحركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها، ولكن ضغوطا خارجية قد تكون هي التي ادت الى التراجع عن هذا القرار.فهذا الارتباك، اي صدور القرار وتطبيقه ثم نفيه فجأة، واعادة الامور الى وضعها السابق، لا يمكن ان يكون نتيجة خطأ بيروقراطي، وانما لتدخل قوى عظمى ترى في الخطوة خطرا امنيا على اسرائيل التي تعتبر الطرف الوحيد الذي يطالب دائما بتشديد الحصار على قطاع غزة بكل الصور.الصحافة الاسرائيلية نقلت عن مصادر حكومية قولها ان السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية ابلغت السلطات الاسرائيلية انها طلبت من الرئيس المصري محمد مرسي تشديد العبور عبر معبر رفح الحدودي وعدم فتحه بصفة دائمة، والالتزام بالشروط والقواعد والاتفاقات المنظمة له.لا نستبعد ان يكون الدكتور مرسي استشاط غضبا من هذا الطلب الامريكي الوقح، واعتبره تدخلا في الشأن الداخلي المصري، وقرر العمل عكسه تماما، باعتبار مصر دولة ذات سيادة وتملك القرار المستقل فيما يتعلق بعلاقاتها مع جيرانها والفلسطينيين خاصة.السؤال هو عن الطرف المصري الذي قد يكون ’اقنع’ الدكتور مرسي بالتراجع عن قراره هذا بشأن فتح المعبر والغاء التأشيرات، فهل هو المجلس العسكري الذي ما زال يحكم من خلف ستار، وهذا هو المرجح، ام المؤسسة الامنية التي تعتبر ادارة المعبر من ابرز مهماتها طوال الاربعين عاما الماضية؟الايام والاسابيع القادمة ستجيب عن هذه الاسئلة وغيرها.Twitter: @abdelbariatwan