تكشف مواد استخبارية تجمعها وتحللها وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية السي.اي.ايه النقاب عن أن لدى اسرائيل اسبابا كثيرة جدا للقلق من اليوم التالي للاسد. يتبين أن ثمة فارقا جوهريا بين ما يقوله البيت الابيض عما يجري في سوريا وعما سيحصل في اليوم التالي للاسد وبين الصورة المقلقة التي تنشأ عن مقر السي.اي.ايه . تقوم السي.اي.ايه بسباق مكثف ضد الزمن كي تجمع اكثر قدر ممكن من المعلومات عن مخزونات السلاح الكيماوي – البيولوجي الموجود في سوريا. الاستثمار هائل: ابتداء بالعملاء الميدانيين الذين ارسلوا لتعزيز محطات السي.اي.ايه في المنطقة وانتهاء بالاستثمارات الاستخبارية التكنولوجية، التنصتات، صور الاقمار الصناعية وما شابه. وفي واقع الامر، كل ما تتيحه التكنولوجيا الحديث يستثمر اليوم في سوريا. يعمل رجال السي.اي.ايه مع محافل استخبارية في المنطقة – مثل الاستخبارات التركية والاردنية – ويجمعون معلومات من الفارين من الجيش السوري، كي يتعرفوا على التيارات التي تتشكل منها الهيئة التي تسمى "الثوار" وتصنيفهم: من منهم سيتعاون مع الادارة الامريكية في المستقبل، من سيخدم مصالح الاسلام المتطرف، وهل يوجد بينهم احد يمكن الاعتماد عليه في مسألة السلاح الكيماوي. لقد ولد هذا الجهد الاستخباري عددا من التسريبات التي لها على أغلب الظن اساس في الواقع. واحد من هذه التسريبات تحدث عن امكانية أن يسيطر رجال كومادو اردنيون على المواقع الكيماوية والبيولوجية في سوريا في يوم الامر. وتحدث تسريب آخر عن امكانية ان تقصف اسرائيل هذه المواقع. وكشف نشر آخر النقاب عن ان الادارة الامريكية أعدت خطط طوارىء للسيطرة على معابر الحدود، المطارات والموانىء في سوريا لمنع اخراج مواد القتال الكيماوي والبيولوجي هرب محافل ارهابية. هنا مسموح لنا أن نضيف فرضية اخرى: اغتيال قادة جهاز الامن السوري لم ينفذ بالضرورة على يد مجموعة ثوار. ففي هذه القصة قدر أكبر من مؤشرات ضربة نفذها جهاز استخباري مرتب، قادر على اختراق حاجز الحراسة على القيادة السورية. فللاستخبارات التركية مثلا توجد قدرات ومصالح على حد سواء – بالتعاون مع الامريكيين – للانتقام من السوريين على اسقاط طائرة فانتوم خاصتهم.احد نتائج جمع المعلومات من جانب السي.اي.ايه هي فتوى اشكالية عن منظمات الثوار. أولا، تقول وكالة الاستخبارات، عدد الثوار اقل مما يقدرونه في الغرب. ثانيا، تسلل الى قيادة الثوار بشكل مكثف محافل متطرفة من اوساط الاخوان المسلمين. ولدى قسم من الثوار توجد أجندة متطرفة، سياسية ودينية على حد سواء، لا تستوي مع ما يتخيله احد في البيت الابيض. واضافة الى ذلك، فانه كون الثوار لا يحذرون بعد في استخدام الهاتف الخلوي، يمكن لعملاء السي.أي.ايه ان يسجلوا في تقاريرهم بان قسما من المذابح في سوريا في السنة الاخيرة نفذتها جهات لم يستخدمها نظام الاسد. وهكذا، بينما يحاول البيت الابيض تهيئة مجموعة الدول "الداعمة" لسوريا الجديدة، تحذر اوساط السي.اي.ايه: ليس فقط لن تقوم سوريا جديدة وحديثة، بل هناك احتمال في أن تكون سوريا قديمة جدا، على النمط المصري الحالي او النمط العراقي، حيث لا يعرف احد بعد من يحكم وعلى ماذا. ليس للدول الداعمة ماليا وعسكريا للثوار أي فكرة عمن يدعمون. لقد كان للادارة الامريكية رؤيا بشأن سوريا. فقد اراد الامريكيون ان يواصل حزب البعث ادارة سوريا. صحيح أن هذا حزب يقف على رأسه علوي، ولكن معظم عناصره سُنة. فقد اراد الامريكيون أن يروا في سوريا نظاما سنيا له حلف مع السعودية وتركيا. ولكن شيئا من هذه الرؤيا لا يتحقق. ما تبقى لهم هو مواصلة طرح الشعار بانه يجب اسقاط الاسد بسبب وحشيته، علاقاته مع ايران وما شابه. من ناحية الامريكيين، اليوم التالي للاسد قد يجلب معه منغصات ومصاعب استراتيجية. من ناحية اسرائيل اليوم التالي للاسد هو موضوع حرج. فاخوان مسلمون على الحدود المصرية – اخوان مسلمون في غزة، اخوان مسلمون على الحدود السورية، حزب الله على الحدود اللبنانية – هذا كابوس من شأنه أن يتجسد.