خبر : قد أزفت ساعة الحسم ...بقلم: طلال عوكل

الجمعة 20 يوليو 2012 11:07 ص / بتوقيت القدس +2GMT
قد أزفت ساعة الحسم ...بقلم: طلال عوكل



من المبكر الجزم بأن التفجير الذي وقع، أمس، في مبنى الأمن القومي السوري في دمشق، يشكل مؤشراً على إمكانية سقوط النظام خلال أيام أو أسابيع قليلة. الضربة كانت قوية جداً وخطيرة حيث أصابت بعضاً من أهم رؤوس النظام، الذين يقفون على رأس المسؤولية لحماية النظام، وهم، أيضاً، بعض أهم المسؤولين عن المجازر والدمار الذي يرتكبه النظام منذ بداية الأزمة. الحديث يدور عن وزير الدفاع ونائبه ورئيس خلية الأزمة، والأرجح أن القائمة تطول وتضمّ آخرين، قد يجري الكشف عن أسمائهم تباعاً، حتى لا يؤدي الإعلان عن كل الضحايا إلى صدمة، تهزّ أركان النظام، وتؤجّج مشاعر الرافضين له. قد يجري توزيع الاتهامات شرقاً وغرباً، فهي إما أن تكون القاعدة، وإما أن تكون من فعل التدخلات الخارجية الإسرائيلية والأميركية والمعادية، عموماً للنظام، ولكن هذه العملية الخطيرة، هي نتاج لتطور وتصاعد الأزمة الداخلية، وهي من صناعة سورية أصلية لا علاقة لكل من يتهمهم النظام بها. تقنياً، تؤشر العملية انطلاقاً من طبيعة المكان والأشخاص، إلى أن المعارضين للنظام، قد حققوا اختراقات هامة في مختلف الأجهزة وعلى مختلف مستويات المسؤولية. هذه العملية التي تشير إلى اختراق مستوى من المسؤولية حصين جداً ليست معزولة، بل هي امتداد وتطوير لجملة العمليات التي سبق أن استهدفت عدداً من المقرات الأمنية الحصينة في قلب دمشق. ومن المرجّح أن هذه العملية قد أصابت النظام في مقتل، وإنها ستترك إرباكاً شديداً في مختلف مستويات المسؤولية بما في ذلك رأس النظام، والقصر الجمهوري والحكومة، فإذا كانت العملية قد وقعت في رأس النظام الأمني والقمعي، المسؤول عن حماية النظام، فإن الذعر سيصيب بالتأكيد كل زوايا النظام وأعمدته. يلفت النظر أن وزير الخارجية الروسي لافروف، اعتبر أن دمشق تشهد معركة حاسمة، ما يشير إلى خطورة الأبعاد التي تنطوي عليها عملية التفجير التي استهدفت مبنى الأمن القومي، وأدت إلى مقتل هذا العدد الكبير من المسؤولين الأمنيين. كان لا بد من أن ينتبه وزير الخارجية الروسي، وكل المهتمين بالأزمة السورية، إلى التطور النوعي الذي سبق عملية تفجير مبنى الأمن القومي، فلقد لوحظ أن الاحتجاجات والاشتباكات انتقلت إلى العاصمة التجارية حلب، وريف دمشق، قبل أن تنتقل لتشمل أحياء كثيرة في وسط العاصمة السورية. يوحي تطور الصراع في سورية إلى وجود قيادة للثورة قد لا تكون ملامحها ظاهرة للعيان، تتمتع بقدرة على التخطيط، حيث ساعد طول فترة الأزمة، على الانتقال "بالثورة" من المحيط إلى قلب سورية، ونقصد العاصمة السياسية دمشق، وهي مركز النظام. دمشق بعد هذه العملية فتحت ذراعيها لصراع جماهيري وعسكري، وأمني مفتوح على كل الاحتمالات، لكونها ساحة حسم الصراع الذي قد يستغرق وقتاً أطول مما يعتقد البعض. أول ردود الفعل على هذه العملية وأخطرها، تكمن في أن النظام الذي أصيب بالجنون، من المتوقع أن يرتكب المزيد من المجازر الجماعية، وأن يتجاوز عدد القتلى يومياً المئات. إنها أشبه بمعركة انتحارية لن يتورع النظام عن خوضها بكل ما أوتي من قوة، وهو فعلياً لا يزال يملك الكثير من أدوات القوة والبطش. على أن التصعيد في استخدام القوة، من قبل النظام، من شأنه أن يؤدي إلى الإسراع في انهيار المؤسسات التي تقوم بحمايته، فالجيش والأجهزة الأمنية لن تتحمل أعباء الحملات الدموية التي سيطلب النظام تجريدها، ومن المتوقع أن تشهد هذه الأجهزة خصوصاً الجيش انسحابات وانشقاقات كبيرة. البطش سيتوجه للناس، والناس، هم أهالي الضباط والجنود، الذين عليهم أن يعيدوا التفكير بجدوى مواصلتهم الدفاع عن نظام بدأ ينهار، ويتحمل المسؤولية عن سفك دماء السوريين. ليس هذا وحسب، بل إن الكثير من أركان النظام من السياسيين والدبلوماسيين من الأرجح أن يلوذوا بالفرار والتخلي عن النظام، ولم يكن السفير السوري في العراق، سوى البداية. تماماً كما حصل في بلدان عربية، سبقت سورية إلى التغيير. يمكن القول إذاً إن العملية الخطيرة التي وقعت يوم أمس، في مبنى الأمن القومي السوري وأطاحت به، مادياً ومعنوياً، وشكلت ضربة قوية جداً لرأس النظام إنما تشكل بداية مرحلة حمّام الدم، الذي يسبق عملية التغيير. لا حاجة إذاً للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ولا حاجة لاجتماعات هنا وهناك، للبحث في إمكانية تدخل المجتمع الدولي بهذا القدر أو ذاك لحمل النظام على التسليم، فلا النظام يبدي استعداداً لذلك، ولا الظروف باتت تسمح بالحديث عن الحوار والإصلاح. لقد دخلت الأزمة طوراً جديداً وخطيراً، ستتطاير شراراتها إلى المحيط، وما عاد بالإمكان أن تدور العجلة إلى الوراء، سورية بالأمس دخلت طور حل الأزمة التي لن تنتهي إلاّ بسقوط النظام، الذي فقد فرصة طويلة أتيحت له لمعالجة الأزمة بطرق سلمية وإصلاحية لكنه أمعن في استخدام الحل الأمني، فكان عليه أن يدفع ثمن اختياره وحماقته.