خبر : كلينتون في المنطقة: الملفّ الفلسطيني آخر الهموم ..اشرف العجرمي

الأربعاء 18 يوليو 2012 08:43 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كلينتون في المنطقة: الملفّ الفلسطيني آخر الهموم ..اشرف العجرمي



الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأميركية السيدة هيلاري كلينتون للمنطقة والتي شملت مصر وإسرائيل، تعبر من حيث اللقاءات التي أجرتها والمسائل التي ناقشتها عن تجاهل العملية السياسية في الشرق الأوسط، أو على الأقل وضعها في منزلة متدنية جداً من حيث الاهتمام والمتابعة. أكثر ما يشغل بال الإدارة الأميركية في هذه المرحلة هو ملف العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية بعد فوز الرئيس محمد مرسي مرشح حركة "الإخوان المسلمين" في مصر، حيث تريد واشنطن الاطمئنان على سلسلة التفاهمات التي توصلت إليها سابقاً مع الحركة، وخاصة احترام معاهدة "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل. وهذا ما حصلت عليه بالطبع. فلقاء كلينتون مع الرئيس مرسي يعكس دعم الولايات المتحدة للرئيس الطازج الذي يعبّر عن دخول مصر مرحلة جديدة من عمرها السياسي، وهي مرحلة ما بعد الربيع المصري، أو عهد حكم "الإخوان المسلمين" في مصر بدعم من الولايات المتحدة، وبوجود اتفاق شراكة سياسية جديد يبقى قيد الاختبار في كل ما يتعلق بمستقبل العلاقة مع إسرائيل، وأيضاً، بملف حقوق الإنسان وفق الرؤية الأميركية على وجه الخصوص. ويهمّ الإدارة الأميركية، أيضاً، تعزيز الشراكة والتحالف مع إسرائيل والتأكيد دائماً وأبداً على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتنسيق المشترك في كل الملفات التي تهم الحليفتين بدءاً بما يحصل في المنطقة العربية، وليس انتهاءً بالملف النووي الإيراني. وقد التقت كلينتون مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس ومع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومع وزير الخارجية ووزير الدفاع ومع الحكومة في خطوة تعكس مناقشة ملفات عديدة ساخنة وباردة. وإذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تعبّران عن قلقهما من المشروع النووي الإيراني، وسعيهما المشترك لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، فهما يختلفان حول توقيت وضرورة القيام بعملية عسكرية ضد إيران، ومع ذلك تشهد منطقة الخليج العربي نشر العديد من حاملات الطائرات والبوارج الحربية الأميركية فيما يؤشر على أنه استعداد محتمل لخطوة عسكرية في حال لم تنجح العقوبات الاقتصادية في ثني إيران عن المضي قدماً في عملية تخصيب اليورانيوم إلى درجة عسكرية متقدمة تتيح لها لاحقاً تصنيع قنابل نووية. ولا شكّ أن الملفّ السوري كان حاضراً في المحادثات الأميركية ـ الإسرائيلية حيث تتابع الدولتان ما يجري في سورية خصوصاً التطورات الأخيرة المتعلقة بانتقال المعارك إلى ضواحي العاصمة السورية دمشق، وازدياد حجم الفرار من الجيش السوري، وخاصة في أوساط الضباط المحسوبين على النخبة المقربة من الرئيس بشار الأسد ومن بينهم الجنرال محمد طحطوح نائب رئيس جهاز الاستخبارات السياسية وهو واحد من ثلاثة يشرفون على ميليشيا "الشبّيحة"، والجنرال عدنان نورس سالو الذي كان رئيس وحدة السلاح الكيماوي السوري، وهذا الأخير يعتبر من وجهة نظر الولايات المتحدة وإسرائيل كنزاً مهماً وخاصة لتزويد الغرب بأسرار السلاح الكيماوي السوري، حيث يعتقد أن سورية تحتفظ بأكبر مخزون للسلاح الكيماوي في العالم. وهذه بلا شك مؤشرات تدلّل على تضعضع نظام بشار الأسد حتى لو لم تحمل إشارات محدّدة بقرب سقوطه. وإذا ناقش المسؤولون الإسرائيليون ملف الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فالنقاش على الأغلب تناول بعض المسائل الإجرائية ولم يصل إلى مستوى الغوص في القضايا الجوهرية التي تعيق تقدم العملية السياسية، حيث تريد الولايات المتحدة من إسرائيل أن تقوم ببعض خطوات إيجابية تجاه الفلسطينيين علّها تساهم في تحسين الأجواء للتمهيد للعودة إلى طاولة المفاوضات. ومن الواضح أن التفاهم مع إسرائيل أكبر بكثير من الاختلاف في كل التفاصيل. وما يهمّ الولايات المتحدة وإسرائيل في هذه المرحلة عدم إقدام الفلسطينيين على خطوات تعتبر أنها أحادية الجانب وخاصة الذهاب مجدداً إلى الأمم المتحدة سواء إلى الجمعية العامة أو إلى مؤسسات أخرى لطلب عضوية لدولة فلسطين في حدود العام 1967. ويبدو أن هناك عدم رضى أميركي من الرئيس أبو مازن الذي لا يذهب باتجاه إسرائيل في موضوع استئناف المفاوضات مع بنيامين نتنياهو. و"حظي" الرئيس أبو مازن مؤخراً على اتهام من الرئيس أوباما بأنه غير جادّ في السعي نحو السلام. كما تعرّض لانتقاد شديد واتهامات بالفساد من قبل الكونغرس الأميركي. ومن الطبيعي أن تقتصر محادثات كلينتون مع رئيس الحكومة سلام فياض على القضايا التي تقع في صلب عمل وصلاحيات الحكومة وخاصة موضوع الأزمة المالية التي تُعانيها السلطة والإجراءات الإسرائيلية السلبية من استيطان وغيره بما في ذلك منع وصول المعدّات الخاصة بقوات الأمن الفلسطينية، وكذلك مسألة إطلاق سراح الأسرى، وخطوات إسرائيلية أخرى مطلوبة لتخفيف حدة الاحتقان في الساحة الفلسطينية. هكذا يبدو أن الولايات المتحدة قد وضعت ملف التسوية السياسية في الثلاجة على الأقل إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الجزئية في الولايات المتحدة في نهاية العام الجاري. ويستطيع هذا الملف الانتظار من وجهة نظر واشنطن بالنظر إلى عدم وجود مشاكل حقيقية في الصراع بحيث تستدعي التدخل العاجل من إدارة الرئيس أوباما. كما أن هذا في اطار ما يمكن أن يكون معاقبة الجانب الفلسطيني على عدم الانصياع التام لإرادة واشنطن والذهاب نحو تفاهمات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي على ما يبدو سيستمر في الحكم في إسرائيل لفترة طويلة قادمة في ظل عدم وجود بديل في هذه المرحلة أو على الأقل هكذا يبدو حتى الآن. ولا يظهر أن الواقع سيتغير بصورة جدية أو بصورة طفيفة خلال الشهور القادمة. وأقصى ما يمكن تقديمه للفلسطينيين هو بعض الأموال حتى تتمكن السلطة من تسديد الرواتب وبعض الالتزامات.