لندن وكالات الحاكم إنسان. يصيب ويخطئ. يُسامح ويَحقد. يبالغ ويرتكب. يخطئ في السياسة ويخطئ في السلوك الشخصي. يناور ويكذب. عاقب الأميركيون رئيسهم ريتشارد نيكسون على فضيحة «ووترغيت». اعتبروا انه انتهك القانون وكذب على مواطنيه وأخلّ بثقتهم. قبلها تسلّى الأميركيون بقراءة مغامرات الرئيس جون كينيدي وحديث المتسللات الى البيت الأبيض من باب سري، خلال غياب السيدة الأولى. انتسب الرئيس بيل كلينتون لاحقاً الى نادي مثيري الفضائح وحفظ العالم اسم صبية عادية أو أقل اسمها مونيكا لوينسكي. الرؤساء الفرنسيون لم يكونوا كلهم من قماشة شارل ديغول المهجوس بصناعة التاريخ ثم كتابته. تسلّى الفرنسيون بأخبار الرئيس فاليري جيسكار ديستان وقصة اصطدامه بسيارة بائع الحليب لدى عودته فجراً الى الإليزيه من زيارة ليلية غامضة. جاك شيراك لم تعوزه الجاذبية ولا الإشاعات. وفرنسوا ميتران كان جذاباً يجيد نصب الفخاخ، ومشت في جنازته زوجته وابنته من صديقته. هذه قصص حب وخيانات لم تغب عن سير قادة كثيرين بينهم ماوتسي تونغ الذي توهّم أنصاره ان وقته لا يتسع للمراهقات والمغامرات. لكن تلك القصص لم يخالطها العنف والقسر والسلوك السادي الفاحش. القائد الليبي كان من قماشـة أخرى. كان عنيـفاً ومـريضاً. هذا ما يُظـهره حـديث نوري المسماري أمين جهاز المراسم عن سلوك معمر القذافي. كانت المناسبات تُفتـعل وتُلـتقط صـور الحاضرات. ثم يتم الاختيار وتُوكَل الى محترفات مهمة استدراج من وقع عليـهنّ الـخيار. لا ينقـل المـسماري عن آخـرين. ينـقل ما شـاهد وهـو فـظيع. قصة أخرى كان يستحيل تصديقها لو لم يكن المسماري شاهداً عليها. إنها قصة إقحام القذافي يديه في صدر الغزال الذي اصطاده في رومانيا، وحديثه عن فوائد الدم الساخن. لم أعتد تسجيل هذه الجوانب في سلسلة «يتذكر»، لكنني رأيتُ أن نشرها يعطي فكرة واضحة عن شخصية رجل أدمى بلاده والعالم، منتهكاً كل القواعد والأعراف. وهنا نص الحلقة الثالثة من شهادة كاتم أسرار العقيد: > من هم الرؤساء الذين كانت للقذافي علاقة جيدة معهم؟ - كانت علاقته بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني جيدة آنذاك. الأمير كان الوسيط في إعادة العلاقات بين القذافي والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز. حصلت هذه الوساطة في بيت الشيخ حمد في الدوحة، خلال عقد القمة العربية هناك وكنت موجوداً. > هل قال السنوسي للملك عبدالله في اللقاء: «أنا خططت لاغتيالك ولكن من دون علم القائد؟». - نعم، وفي الحقيقة كان اللقاء جيداً وفق ما شاهدت. > هل كنت موجوداً في شرم الشيخ؟ - طبعاً. > ما الذي حصل هناك؟ _ القذافي ليس شخصاً سهلاً. فهو يتكلم أحياناً عن أمر بينما يقصد أمراً آخر. وكلامه يمكن أن يكون له تفسيران. منذ زمن كان القذافي يشتم اهل الخليج وبعبارات بالغة القسوة. في مؤتمر القمة كان يتحدث عن العراق، وقال: «انتم فرضتم على الأميركيين أن يأتوا الى الكويت. صدام اجتاح الكويت، والكويتيون «كويسين» وبأموالهم اشتروا الاميركيين وأحضروهم ليدافعوا عنهم - كلامه هذا كان فيه نوع من الشتيمة - ووضعتمونا امام الأمر الواقع، مثلما حصل في خليج الخنازير»، يقصد خليج الخنازير عندما اتى الأميركيون أيام كينيدي الى كوبا من أجل الصواريخ السوفياتية. وهنا حصل الإشكال بينه وبين الملك عبدالله الذي حمل على القذافي. أنا كنت أجلس وراءه كما افعل دائماً. حاولت ان اتحدث الى عبدالسلام التريكي الذي كان وزيراً للخارجية وخرج ورُفِعت الجلسة. حاول الرئيس علي عبدالله صالح تهدئة القذافي وطلب منه الدخول الى القاعة للتفاهم، فدفع القذافي علي صالح وكاد أن يطرحه أرضاً. حصل الإشكال لكنهم أصروا على دخول القذافي الى القاعة، فدخل إلى صالون الاستقبال وحاولوا تهدئة الموقف لكن العداء كان قد وقع. حاول القذافي إيجاد تبريرات وأنه كان يقصد خليج كوبا. قال إن اللوم كان يجب أن يقع عليه من جانب العراقيين لا من غيرهم. في ذلك اليوم كان جالساً على يساره أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الصباح، وكان آنذاك وزيراً للخارجية. التفت اليه القذافي لكن صباح الأحمد أخذها بهدوء. > حصل الحادث وقرر القذافي التآمر لاغتيال الملك عبدالله؟ - لم أكن جزءاً من الدائرة الأمنية لأقول إنني شاهدت او سمعت. > لكن متورطين اعتُقلوا في السعودية. - طبعاً هناك أشخاص اعتُقلوا، أحدهم من مكتب سيف الإسلام القذافي وآخر من مكتب الساعدي القذافي. > في رأيك هل يمكن أن ينفذوا عملية قتل بهذا الحجم من دون العودة الى القذافي؟ - الإساءة نعم، لكن القتل لا. لا بد من أمر من القذافي. > هل سمعته مرة يتحدث عن السعودية؟ - نعم. > لماذا كان يكرهها؟ - القذافي تربّى في بيئة فقيرة جداً. وأبوه كان راعي غنم عند والي فزّان أيام بداية الاستقلال الليبي، وكانت ليبيا مقسمة ثلاث ولايات: طرابلس الغرب وولاية برقة وولاية فزّان. وكان ولداً مشاغباً، يكره أي شخص ميسور الحال. ووالد قريبه أحمد قذاف الدم كان برتبة مقدم في القوة المتحركة، وكانوا ميسوري الحال ويساعدون عائلة معمر. معمر القذافي كان يحمل في نفسه كراهية لميسوري الحال، بخاصة الأنظمة الملكية. ثم هناك ثقل السعودية السياسي والاقتصادي والإسلامي. والقذافي علاوة على ذلك نزق وعنيف ويحب الدم كثيراً. > اعطِنا دليلاً جديداً على دمويته. - كنا في رحلة صيد في رومانيا، خلالها قُتل صالح بو فروة بالرصاص، وهو أحد الضباط الأحرار المقربين من القذافي، لكن هذه قصة طويلة. > هل كانت عملية قتل مقصودة، أي هل اغتنموا رحلة الصيد لقتله؟ - نعم. > مَنْ قتله، جماعة القذافي؟ - نعم. لعملية القتل هذه قصة تتعلق بموضوع أن والدة القذافي يهودية. > صالح بو فروة قال إن أم القذافي يهودية؟ - وصلته معلومة من ايطاليا مع اوراق ومستندات متصلة تفيد بأن أم القذافي يهودية. > وهل هي يهودية؟ - نعم. > أنت تجزم بالأمر، فما السبب؟ - عمار ضو الذي كان سفيراً في ايطاليا وصلت اليه المعلومة ذاتها مع مستندات وغيرها، وبعد مغادرته ليبيا الى ايطاليا اغتيل ولفّقت التهمة بأن وراء تصفيته مَنْ كان يسميهم القذافي «الكلاب الضالة»، أي المعارضة الليبية، وهذا غير صحيح. كذلك الملحق الإعلامي اغتيل، لأنه كان على علم بهذه القضية. > كل مَنْ كان على علم بأن والدة القذافي يهودية قُتِل؟ - نعم تمت تصفيتهم. > هذا كان في رحلة الصيد في رومانيا، لكن في أي عام؟ - في الثمانين كما اعتقد، ايام تشاوشيسكو. > هل كانت علاقة القذافي بتشاوشيسكو قوية؟ - نعم كانت قوية جداً، على رغم انه كانت هناك كراهية بين زوجة تشاوشيسكو والقذافي. > ولماذا كانت تكرهه؟ - لا اعرف. > قلتَ ان القذافي كان دموياً، كيف؟ - في تلك الرحلة أذكر انهم أتوا بالغزال الذي اصطاده القذافي. فلما فتحوا بطنه، أدخل القذافي يديه وراح يغسلهما بدم الغزال. كان المنظر رهيباً وغريباً. الصور لا تزال موجودة في ليبيا. > غسلَ يديه بدم الغزال؟ - وضع كلتا يديه داخل بطن الغزال، وراح يغسلهما بالدم. انا من دون قصد سألته: لماذا تغسل يديك بالدم الوسخ؟ فقال: انت لا تعرف فوائد غسل اليدين بالدم وهو ساخن. > هل تعتقد بأنه قتل أحداً بيده؟ - أعتقد. > مثل مَنْ؟ - لا أريد ان أجزم في أحداث لم أكن شاهداً عليها، لكنه كان بلا شفقة. > دليل آخر على غرابة القذافي... - كان يعاني شذوذاً جنسياً رهيباً... غلمان وغيرهم. > بما انك كنت مدير المراسم لديه، هل كانوا يحضرون له غلماناً إلى الخيمة؟ - كان معه غلمانه. كثيرون ممن كانوا معه كانوا غلماناً ويسمونهم «مجموعة الخدمات». هؤلاء كلهم كانوا غلماناً وضابطات وحريماً. > كان يحب النساء كثيراً؟ - اعتقد بأنها كانت عملية سادية. أذكر مرة حين كنتُ في المكتب وردتني مكالمة من مسؤول امن الفندق يقول فيها ان ضيفة أفريقية مريضة وتريد أن تقابلني، فقلت للمتصل انني لست طبيباً ولا افهم بهذه الأمور. الفندق كان يتبع للمراسم. قلت له أن يتصل بطبيب ليراها. فقال: اعتقد يا سيد نوري ان من الأفضل أن تأتي. قلت له: ما قصتك أنت، هل تعطيني تعليمات؟ فقال: أنا لا أعطي تعليمات، أنصح بأن تراها أنت قبل أن يراها الطبيب. عندها استقليت السيارة وتوجهت الى الفندق. ولما وصلت سألت الشخص الذي اتصل بي، ما حصل؟ فقال: اصعد الى الغرفة لترى بنفسك. دخلت على هذه السيدة وهي من نيجيريا وأذكر ان اسمها كان الدكتورة (...)، وكانت في حال يرثى لها. كانت في حال رهيبة، تعرضت للعض والنتش والدم يسيل، وآثار كدمات ظاهرة على جسدها، وكانت تبكي. سألتها ما بها، فقالت: هجم عليّ. قلت لها: مَن هاجمك... في الفندق؟ فأجابت: لا. ذهبت لمقابلة القذافي وهجم عليَّ. > ماذا فعلت؟ - طلبت ان يأتوا إليها بطبيب. اتصلت بأحمد رمضان وهو كان مدير مكتب القذافي لكنه أقرب من بشير صالح، وطلبت منه أن يرسل طبيب القيادة. تململ اولاً، لكنني أعدت الطلب. فقال: حاضر. ثم سألني لماذا طلبت طبيب القيادة، إذا كان بإمكانك احضار أي طبيب. فشرحت له الموضوع. ثم قابلت معمر القذافي وأخبرته بما حصل، فقال: فضّك منها. وقال ان هذه السيدة تكذب وأن المسألة عملية ابتزاز. > قلتَ للقذافي ما حصل؟ - طبعاً. قلت ان المرأة موجودة وتدّعي كذا وكذا. فقال انها ربما فعلت ذلك بنفسها لتبتزّه. أجبتُ أن الموضوع يجب أن يُعالَج. فقال: حسناً اعطوها أي مبلغ... أذكر أن أحمد رمضان أرسل إليها مئة ألف دولار، فأقفل الموضوع. > وهي قابلته بأي صفة؟ - كانت تقول انها دكتورة. عدا ذلك لا اعرف شيئاً. > كانت طبيبة؟ - لا اعرف، لكنهم كانوا يسمونها الدكتورة. كان هناك شيء اسمه «الضيف الخاص» للقائد وهؤلاء لم تكن لي علاقة بهم باستثناء دفع تكاليف الفندق وغيره. > كان هناك فندق تابع للمراسم؟ - في البداية كان «المهاري» تابعاً للمراسم، ثم صرنا نتعامل مع كل الفنادق. > هل تذكر حوادث اخرى مماثلة؟ - حصلت اشياء كثيرة. الحادثة الثانية حصلت لزوجة رجل اعمال سويسري، وكادت أن تتحول كارثة كبرى، لكنها لاحقاً تلاشت وانتهت ذيولها. > ما موضوع هذه الحادثة؟ - هذه سيدة ايرانية زوجة رجل سويسري مشارك في وفد من شركة إيرانية لتوظيف الأموال، قابَلَتْ السيدة القذافي ليلاً واعتدى عليها بعنف. عرفتُ الأمر بينما كنا عائدين في طائرة الوفد ولاحظنا ان الأمن المرافق للوفد اعتقل سيدة على الطائرة. كان معنا ايضاً محمد الحويج الذي تولى لاحقاً حقيبة المال. > اين حصلت الحادثة؟ - في سرت، ولها تفاصيل ثانية. دخلت معهم في تفاوض على الطائرة، وعلى الطائرة عرفتُ ان زوجة السويسري هجم عليها القذافي وكانت في حال يرثى لها. > كانت معكم على الطائرة؟ - نعم. كانت في غرفة النوم في الطائرة. أدخلني إليها زوجها، ووجدتها في حال يرثى لها، الدم يسيل منها، فأخبرتني بما حصل. قالت ان سيدة جاءت إليها واستدعتها للمقابلة، وكانت برفقتها ضابطة اسمها سالمة. وذهبوا الى المقابلة، وكانوا في البداية اخبروها بأنها دعوة، ولكن لاحقاً دخل القذافي ودعاها الى المكتب و «هجم» عليها بعنف. عندما دخلتُ للتحدث مع زوجة السويسري، دخل رجال الأمن (الذين كانوا بصحبة الوفد) وقبضوا على السيدة التي كانت برفقتنا وهي الوسيطة التي أحضرت الوفد. > اعتقلوها في الجو؟ - نعم وكأنها عملية خطف. عندها قلت لهم: ما تفعلونه خطر، لأن الأمن والمخابرات يعرفون اننا غادرنا المطار بطائرتكم. وحصلت بيني وبين الزوج السويسري مشادّة. وقلت له ان ما تفعله خطأ، فقبل أن تخرج من الأجواء الليبية ستجد الطائرات الحربية تلاحقك. > كان هناك حراس مع السويسريين؟ - نعم. كان معهم عناصر من الأمن الخاص بهم. > هؤلاء العناصر هم من اعتقل المرأة الوسيطة؟ - نعم. المرأة التي كانت السبب في الاعتداء. > كيف عالجتم الأمر؟ - قلت للزوج أولاً نحن لن نقبل التفاهم معك، قبل ان تفكوا الأغلال من يدي السيدة. > هل كانت هذه السيدة ليبية؟ - عربية. قلت: ما ذنبها. هي عبد المأمور، ولا علاقة لها. وسألت زوجة السويسري، هل حاولت هذه السيدة إقناعك؟ فقالت لا. وسألتُ السيدة: هل قالوا لك انها دعوة، فقالت نعم. يعني ان لا علاقة لها بالأمر. ففكوا الأغلال. محمد الحويج كان خائفاً وجباناً وشبه ميت على الطائرة. حتى انه أشاد بي، وقال: بعمري لم أر بمثل شجاعة نوري في هذا الموقف. أقنعت الرجل بأن هذا خطأ، وبأن الطائرة ستلاحَق لأن شخصين ليبيين مهمَّين على متنها ولم تدخل أجواء طرابلس. > لمَنْ كانت الطائرة؟ - لهم. نحن كانت لدينا طائرة، لكنهم أصروا على أن نرافقهم على متن طائرتهم لغاية في نفس يعقوب. > الطائرة كانت سويسرية؟ - نعم. قلت له انت حر. اذا أردت ان تذهب فاذهب، لكن هذا سيسبب لك فضيحة في بلادك، وستتهم بعملية خطف ولن تستفيد. توصلنا الى حل. قال: أتعدني بأنكم لن تقبضوا عليّ في طرابلس. قلت: أعطيك كلمة شرف بألا يتم التعرض لك ولا لزوجتك ولا لأي شخص معك، وهذه الحادثة ستكون بيني وبينك. وقلت لحويج: إذا صدرت منك أي كلمة ستنتهي، فقال انه موافق على كل ما أقرره. نزلنا في مطار المعيتيقة ونزل الوفد وغادر السويسري وزوجته وكان خائفاً. وراح الوفد. كانوا احضروا لي هدية ساعة سويسرية، فقلت انني لا أتسلم الهدايا. > هل طلبوا أموالاً؟ - هو طلب 20 مليون دولار تعويضاً عما تعرضت له زوجته. قلت له انني لا أتدخل في هذه الأمور. > لم يقبض أموالاً؟ - لاحقاً، الحويج تابع العملية. والسيدة التي كانت معنا أخبرت القذافي بما حصل. وقالت: نوري تصرف وقام بكذا وكذا. وأعتقد بأن السيد عبدالحفيظ الزليطني الذي كان وزيراً للاقتصاد نظّم تعاوناً بين هذه المجموعة السويسرية وليبيا. > هذا عملياً يعني انهم حصلوا على تعويض؟ - كان تعويضاً على شكل استثمار، وكانت للقذافي مواقف كثيرة في هذا الإطار. هو كان يحب الانتقام من الشخصيات من طريق زوجاتهم. أنا أستغرب كيف ان بـشير صالـح لم يـنـشق عن الـقذافي، وحتى عزالدين الهنشـيري الـذي كان وزيراً للأمـن الـعـام وكان في المخابرات ورئـيساً للحرس الثوري ثم رئيساً للحرس الخـاص. أستغرب كيف أنهـمـا لـم ينشقّا عنه، لأنني عـندما كنت أتخاصم مع القذافي وأُسجَن وأخرُج من السجن، كنت آتي الى مكتب بشير صالح وأكتب استقالتي وأقول انني سأغادر. كان بشير صالح والهنشيري يوصياني بالهدوء والتمهل ويقولان: عندما ستأتي اللحظة لهذا سنبلغك. كان هناك مخطط لدى الاثنين لكنهما لم يبلغاني به. وكانا يقولان انني مندفع ودائم الغضب، ويطلبان مني الهدوء، ويقولان ان الوقت لم يحِن بعد. لم أكن أعرف السبب. لكنني استغربتُ جداً عندما حصلت ثورة 17 فبراير المباركة ولم ينضما إليها. > هل حاول القذافي ان يتحرش بوزيرة او غيرها؟ هو التقى كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية؟ - دعاها الى العشاء، ولمّا دخلت الى الجناح الخاص رأت صورتها وبألوان زيتية في إطار، معلّقة في جناحه. لمّا رأت الصورة فُجِعت. سألت ما هذا، فقال هذه صورتك بألوان زيتية. لكنني لا أعرف ماذا حصل. هذه واحدة. حاول القذافي التحرش بوزيرة خارجية إسبانيا باراسيو. > وهل تسبب هذا الأمر في إشكال؟ هل حاول القذافي فعلاً التحرش بها؟ - العلاقة كانت متينة، لكن في الزيارات الخاصة أنا لا علاقة لي بها. > هل هناك حوادث أخرى مماثلة لحادثتي النيجيرية والسويسرية؟ - الحوادث الأخلاقية دائماً كانت موجودة. > وكان يدفع في النهاية؟ - نعم. مثلاً مرة استُدعِي بشير صالح الى الغابون من رئيسها عمر بونغو. كان صالح غير راضٍ، وحتى الهنشيري، عن تصرفات القذافي. قال لي بشير تعالَ أريد أن أراك في المكتب. فقلت له كيف تذهب الى الغابون وحدك، فأجاب انه لو لم يذهب لحصلت كارثة. وقال: حين دخلت على عمر بونغو أدار شريط تسجيل لمكالمة هاتفية بين القذافي المتصل وزوجته، وهي ابنة ساسو نغيسو رئيس كونغو- برازافيل. أصيبت المرأة لاحقاً بالجنون وانتقلت الى المغرب وماتت. وهي سيدة جميلة فعلاً. كان هناك كلام غزل بينها وبينه. فتُرت العلاقات بين البلدين وعادت لاحقاً بقدرة قادر. لم اسأل عن تفاصيل مكالمة الغزل. بشير صالح كان المسؤول. كان مسؤولاً اكثر من الآخرين في هذا الشأن، حتى لما حوّلوا الخارجية الليبية وقسموها الى الخارجية ووزارة الشؤون الأفريقية وكان التريكي وزير الخارجية للشؤون الأفريقية وعلاقته دائمة بالأفارقة، كان بشير متقدماً، وكان هناك دائماً صدام بين الرجلين في ما يتعلق بالعلاقات الأفريقية. كانت هناك أمور يقوم بها بشير صالح من دون علم التريكي، لأنه كان رئيس الديوان لدى القذافي، فيفعل ما يريد وعلاقته جيدة بالأفارقة ولونه أسمر مثلهم. > كان القذافي يحب النساء والرجال؟ - طبعاً. > عبدالمنعم الهوني قال سابقاً ان القذافي شاذ جنسياً؟ - هذا صحيح، وعبدالرحمن شلقم يقول إن القذافي سالب وموجب. > هل حصل معه إشكال في موضوع الغلمان. هل اشتكى عليه أحد من الشبان؟ - سمعتُ، لكنني لم أكن حاضراً، لأن هذا الموضوع في قسم الخدمات، وما يدور حوله لا أعرفه. > هل استقدموا له نساء من الخارج؟ - كانوا يأتون إليه بنساء أشكال ألوان، وهذه الأمور كانت مسؤولة عنها واحدة اسمها م.ا. > تردد اسمها بعد سقوط القذافي؟ - هي كانت مسؤولة عن هذه الأمور. وصلت الى مرحلة انها أصبحت بمثابة مبعوث شخصي. كانت لها علاقة بسيسيليا ساركوزي وكانت واصلة في الإليزيه أكثر مني ومن وزير الخارجية ورئيس الحكومة، والسبب أن القذافي كان يعتبرها بمثابة المبعوث الشخصي له. بالغ القذافي في هذا الجانب، كان ينتقم من الأشخاص بالتعرّض لزوجاتهم. السيدة نفسها روت لي ان القذافي تحرش بشقيقة ساركوزي فاستاءت، وأن المقربين من القذافي حاولوا استرضاءها بعقد من الماس فرفضته. الحلقات السابقة : الحلقة الاولى : المسماري: لأربعة ضباط بينهم السنوسي دور في تصفية الصدر ورحلة التضليل... يستيقظ القذافي ويقول لي هاتِ العبد ويقصد الرئيس الأفريقي الزائر! عمان - غسان شربل السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢ لو قرأتُ هذا الكلام في رواية لما صدّقته ولاتهمتُ الكاتب بالمبالغة وجموح الخيال. لكن المتحدث هنا يروي ما شاهد وما سمع. وهو كان حاضراً قرب الخيمة وفيها وقرب باب العزيزية وفيه. وكان ايضاً في طائرة معمر القذافي ولقاءاته وأسفاره وعلى مقربة من فمه وأذنه. وفي مؤتمرات القمة كان يجلس خلف القائد، جاهزاً لتلقي التعليمات ومستنفراً لحل الإشكالات وهي كثيرة... وفظيعة. من 1997 حتى 2010 عمل نوري المسماري أميناً لجهاز المراسم العامة برتبة وزير دولة، وكان عمل بين 1977 و1982 مديراً عاماً للمراسم. وفي الفترة الفاصلة بين التجربتين عمل في التجارة. ترك المسماري سفينة النظام في 2010 وكان أول من جاهر بانشقاقه لدى اندلاع الثورة في السنة التالية. رصد القذافي 50 مليون دولار لإعادته، وجهّز له حوضاً من ماء النار لكنه نجا. تكشف رواية المسماري علاقة عبدالله السنوسي عديل القذافي بجريمة إخفاء الإمام موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان أواخر آب (أغسطس) 1978، أو على الأقل مشاركته في إخفاء الجريمة، كما تشير الى متورطين محتملين. وتتضاعف قيمة الرواية لأن موريتانيا وعدت بتسليم السنوسي الى السلطات الليبية على رغم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسلمه لمحاكمته. تكشف الرواية أيضاً أسلوب القذافي الغريب في التعامل مع الدول وزعمائها، وتقدم صورة عن رجل سادي لا يتردد في اغتصاب الزائرات والتحرش بزوجات رؤساء وبوزيرات. ويتحدث المسماري عن حالتين صارختين تعرضت فيهما زائرتان لاغتصاب وحشي. ولأسباب قانونية أو إنسانية ستكتفي «الحياة» بنشر الأحرف الأولى أو إغفال الأسماء في محطات شخصية أو أمنية. بعد روايات عبدالسلام جلود وعبدالمنعم الهوني وعبدالرحمن شلقم وعلي عبدالسلام التريكي، تفتح «الحياة» دفاتر ذاكرة نوري المسماري. وهنا نص الحلقة الأولى: > بأي كلمة تفتتح هذا اللقاء؟ - أترحم على شهداء الثورة الليبية الذين حملوا ارواحهم على اكفهم من اجل حرية الشعب الليبي وتخليصه من الطاغية. كما اشكر افراد اسرتي الذين تحملوا العذاب والسجن من احفاد الى ابناء الى زوجتي الى كل من له علاقة بي، وكل من لاقى ويلات العذاب من الطاغية بسبب انشقاقي عنه. وأتقدم بجزيل الشكر والعرفان الى الملك عبدالله الثاني وشعب الأردن وحكومته لما قدموه الى الشعب الليبي من مساعدات واعتراف بالمجلس الانتقالي، من دون اي اجندات خفية. > هل رأيت الإمام موسى الصدر يدخل مقر القذافي أواخر آب (اغسطس) 1978؟ - كلا، كنت حينها مدير المراسم بالوكالة وكانت إدارة تابعة للخارجية وليست جهازاً مستقلاً. كان مديرها أحمد أبو شاقور في مهمة خارج البلاد وحللتُ مكانه بالوكالة بصفتي رئيس التشريفات، وكانت حركتي محدودة في الرئاسة. حدث شيء لم أقدّر في حينه أهميته. اتصل بي عبدالله السنوسي وكان يومها ضابطاً صغيراً في إدارة الاستخبارات الحربية، ومكتبها في شارع الشط وتعمل برئاسة النقيب عبدالله الحجازي. طبعاً، هذه رتبته آنذاك، وهو ممن كان معمر القذافي يسميهم «الضباط الأحرار». سألني السنوسي هل من الضروري ان تختم السلطات الإيطالية جواز سفر من يريد الدخول الى اراضيها؟ أجبت طبعاً لا بد من ختمه فهذه هي القواعد المعمول بها في أي دولة. أنهى المكالمة. كلّمني السنوسي لاحقاً وقال لي: سأرسل لك جوازات سفر والمطلوب تأمين تأشيرات لأصحابها الى إيطاليا. أعتقد أن الجوازات كانت ثلاثة، نتكلم عن واقعة حصلت قبل أكثر من ثلاثة عقود. أتاني جندي أرسله السنّوسي وأعطاني الجوازات. لم يكن لديّ ما يدفع الى الشكوك، لكنني فتحتُ الجوازات ووجدتُ في واحدٍ منها أنه للإمام موسى الصدر، رحمه الله. لم تعلَق الأسماء الأخرى بذاكرتي لكنني أتذكر اسم الإمام لأنه شخصية معروفة. اتصلتُ بالسفير الإيطالي وقلتُ اننا نريد تأشيرات لضيوف عندنا فأبدى ترحيبه. أرسلتُ الجوازات ولكن سرعان ما اتصل بي السنوسي مجدداً يسأل هل انتهت. قلتُ له إن الأمر يحتاج بعض الوقت وسأرسلها إليك فور إعادتها إليّ. أعاد لي السفير الإيطالي الجوازات مع التأشيرات فأرسلتها إلى عبدالله السنوسي. لاحقاً سمعتُ عن اختفاء الإمام الصدر فبقيت الواقعة في ذاكرتي، خصوصاً ان السنّوسي هو مَن أرسل الجوازات. الصدر لم يدخل إيطاليا ولا علاقة لها بمصيره لا من قريب ولا من بعيد. المعروف ان شخصية مثل الصدر يمكن ان تحظى باستقبال خاص، بمعنى أن تُستقبل رسمياً في صالون في المطار ويتولى موظف إحضار الجوازات بعد ختمها، لكن الأكيد ان الصدر لم يتوجه إلى إيطاليا بل توجّه من ادعى انه الإمام موسى الصدر. ولا يزال عالقاً بذاكرتي أن ضابطاً في الاستخبارات اسمه موسى من منطقة صبراتة، ولا أتذكر عائلته، كانت له علاقة بعبدالله السنوسي، وكذلك بالشخص الذي ألبسوه ثياب الصدر وأرسلوه بسبب طول قامته وتشابه الملامح. > إذاً، أرسلوا ضابطاً في المهمة؟ - نعم، ضابط في الأمن الداخلي برتبة عقيد. كان الرجل قبل انقلاب القذافي في 1969 مدير مكتب وزير الداخلية أحمد عنسف في العهد الملكي. وقد حُوِّل بعد تولي القذافي الى ما يُسمى المباحث العامة التي تغيّرت وأصبحت جهازاً بمفردها هو الأمن الداخلي وكان الرجل عقيداً. > لماذا وقع الخيار على هذا الضابط؟ - لأنه طويل القامة وملامحه مشابهة. وهكذا دخل والأرجح ان الموظف الإيطالي الذي يختم الجوازات لا يرى عادة صاحب الجواز إذا كان استُقبل في صالون للضيوف، والأرجح ان يتولى ديبلوماسي من السفارة الليبية نقل الجواز من الموظف الى صاحبه. هنا حصل شيء لافت، لقد تُرِكَت الجوازات ومعها سجادة صلاة الإمام في الفندق. تُركت عمداً، فما الحكمة أساساً من ترك الجوازات إذا كانت حصلت عملية خطف بقصد الاغتيال؟ الحقيقة انها تُركت للقول إن الصدر غادر ليبيا ودخل إيطاليا واختفى هناك. أكرر القول وللأمانة ان الإيطاليين أبرياء من هذا الموضوع ولا علاقة لهم بإخفاء الصدر. كل ما في الأمر انهم تعرّضوا لخديعة، إذ دخل ثلاثة أشخاص بجوازات سفر ثلاثة آخرين ثم عاد من دخلوا بجوازات ديبلوماسية ليبية. الضابط الذي شارك في العملية كان يحرص دائماً على أن يُسافر بجواز سفر خاص، خوفاً من أن يتعرض لشيء. > ما اسم هذا الضابط؟ - أعتقد ان اسمه م.أ. > ماذا كانت رتبة عبدالله السنّوسي؟ - لا أذكر بالضبط، ملازم أول أو ملازم ثانٍ. > هل تعتقد بأن الصدر قُتل فوراً؟ - لا أملك معلومة أكيدة من شخص كان حاضراً. تردد أنه قُتل، أي تعرّض لعملية تصفية. > ما هي الرواية التي شاعت؟ - أعتقد بأن لرجلين علاقة بالقتل، هما العقيد ف.أ.غ. والآخر ت.خ. الذي كان اخيراً رئيساً للأمن الداخلي وكان وقت الحادثة ضابطاً في الجيش. هذان لهما علاقة ويعرفون ما حصل وطبعاً عبدالله السنوسي بينهم. > تعتقد إذاً بأن للسنوسي علاقة بما جرى؟ - نعم لعبدالله السنوسي علاقة وإلا لماذا أرسل يطلب التأشيرات ويستعجلها. > هل تعرف أين دُفنوا؟ - كلا، لا أعرف. لقد فرم القذافي كثيرين وضاعت آثارهم. > مثل مَن؟ - لائحة طويلة. أنا شخصياً أُبلِغتُ انه كان يُجهِّز لي حوضاً من ماء النار ليغرقني فيه فور عودتي. > من أبلغك؟ - ابلغني علي ابو جازية وهو كان من المقربين جداً. كانت له علاقة باللجان الثورية وكان وزيراً للإعلام، وخلال الأحداث كان مقرباً جداً من القذافي، وانشق لاحقاً. > ماذا قال لك؟ - قال لي: كُتبَ لك عمر جديد. أنا أخفيتُ عنك شيئاً كي لا أزعجك والآن بعدما انتهى الرجل سأقوله لك. كان القذافي يجهز لك حوضاً من ماء النار لاستقبالك فيه فور عودتك، وكما يقال الحجة على الراوي. التقيت موسى كوسا في الدوحة وتكلمنا. قال لي انت مرحب بك في الدوحة، وبدا كمن ينقل عرضاً رسمياً لاستضافتي. أجبتُ انني موجود في الأردن بضيافة جلالة الملك عبدالله الثاني ولن أتحرك وشكراً لك. عندها قال لي: يا نوري انتبه لأن القذافي كان مستعداً لدفع 50 مليون دولار ليأتوا بك حياً. هذا قاله لي موسى كوسا وعلي ابو جازية، وليس غريباً على أسلوب القذافي. > لماذا توليت تسليم عبدالباسط المقرحي والأمين خليفة الفحيمة المتهمين يومها بتفجير طائرة «لوكربي»؟ - حصلت موافقة ليبية على تسليمهما. شُكلت لجنة برئاسة عمر المنتصر وكان وزير الخارجية آنذاك، وموسى كوسا بصفته جهة أمنية وأنا بصفتي من الناحية المراسمية. وصلت طائرة عليها شعار الأمم المتحدة ونزل منها جنود مسلحون وكلاب بوليسية. قلت لهم هذا مرفوض، هذه أرض ليبية ولها سيادة، انا لا دخل لي بالقذافي ولكن هذه بلدي كونكم تنزلون بسلاحكم على المطار وبكلابكم البوليسية، فهذا ليس من الأمم المتحدة. انتم جيش، واتضح لي انهم قوات مسلحة من ايطاليا فرفضت، لا المقرحي ولا الفحيمة سيسلم اليكم قبل ان تصعدوا الى الطائرة. تدخّل عمر المنتصر وقال لي يا نوري سلمهم، فقلت له هذا غير مقبول على الاطلاق. سألتُ مندوب الامم المتحدة هؤلاء ماشيين طوعاً ام مقبوض عليهم؟ وجهت السؤال الى فحيمة والمقرحي فقالا نحن نذهب طوعاً. قلت يمكن اذاً ان نصعدهما الى طائرة مدنية لغاية وصولهما الى مطار نيويورك او لاهاي او امستردام. قلت اعتبروا هذه الطائرة مدنية ونحن الذين طلبنا طائرة الأمم المتحدة كضمان لهما وإلا يمكن ان يسافرا على متن طائرة مدنية بتذاكر سفر عادية وحين يصلان الى مطار امستردام يسلمان نفسيهما، ولماذا هذه الأغلال لشخص بادر الى تسليم نفسه، أنا أعترض، على الأرض الليبية من دون أغلال ومن دون حرس، في الطائرة افعلوا ما تشاؤون. فاتفقنا على هذا وطلبوا أن يفتشوهما فلم يكن لديّ مانع وفتشوا الحقائب وصعد المقرحي والفحيمة الى الطائرة. > هل كان صعباً على القذافي تسليم الفحيمة والمقرحي؟ - قضية لوكربي شائكة ومعقدة، يخالطها شيء من الغموض. في موعد حدوثها كنت خارج الدولة. ليست لديّ رواية قاطعة وما اذا كانت العملية من صنع طرف واحد ام اكثر. تعرضت ليبيا بسبب حادث التفجير لضغوط هائلة. > هل تعتقد بأن القذافي ارتكب «لوكربي» رداً على الغارات الأميركية على ليبيا في 1986؟ - هناك غموض في منطقة ما، لا اريد ان أدّعي انني اعرف ملابسات هذا الموضوع. > لا أتخيل انك ستقول الشيء ذاته عن تفجير طائرة «يوتا» الفرنسية فوق النيجر، والتي صدرت فيها أحكام ضد مجموعة بين افرادها عبدالله السنوسي. - هذه مختلفة، لسعيد راشد وعبدالله السنوسي علاقة بها وهذا لا يختلف عليه اثنان. > سعيد راشد الذي قُتل اثناء الثورة؟ - نعم، قتل هو وابنه في باب العزيزية برصاص جماعة خميس نجل القذافي. > لماذا فجّروا هذه الطائرة وهل صحيح انهم اعتقدوا بأن المعارض محمد المقريف بين ركابها؟ - لها علاقة بذلك، ولها علاقة بالحرب في تشاد. اعتقدوا بأن الطائرة تقل شخصيات تشادية بينها حسين حبري. > قمتَ لاحقاً بتسليم الممرضات البلغاريات اللواتي اتُّهِمن مع طبيب من اصل فلسطيني بحقن اطفال بالايدز... - حين أتت سيسيليا ساركوزي (الزوجة السابقة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي) كنت ضمن فريق المحادثات مع سيسيليا والوفد المرافق لها. أتت كوساطة لإطلاق الممرضات، وأصبحت هناك مفاوضات بين سيسيليا والبغدادي المحمودي وطرف ليبي آخر. دخلنا في نقاش لا نهاية له، وكنا نستمر فيه حتى الثانية أو الثالثة فجراً. كانت سيسيليا حادة واصطدمتُ بها مرات، وفي النهاية جهّزنا أنفسنا في المطار وحضر مدير الإدارة القانونية ومدير الإدارة الأوروبية في وزارة الخارجية الليبية، وكانت طائرة الرئاسة موجودة وسيسيليا ساركوزي تريد تسلُّمهنّ، فما المبرر كي تتولى زوجة رئيس دولة استقبال سجناء أُفرج عنهم. حاول مسؤول فرنسي تهدئتي فرفضت. أثناء ذلك كان البغدادي ووزير الداخلية الليبي يشاركان في نقاش على أساس تسليم الممرضات وطلبا 450 مليون دولار فحصل تعهد من دولة قطر، أعتقد من طريق السيد حمد بن جاسم (بن جبر آل ثاني) رئيس الوزراء وزير الخارجية. > هل دفعت قطر؟ - أعتقد انها دفعت ولعبت دوراً في الدفع نيابة عن فرنسا. قلت لسيسيليا لا يمكن ان تستقبليهن تحت الطائرة، تماماً مثلما حصل مع الأمم المتحدة. أتى بهن ضابط من الأمن المركزي وطلب دخولهن فقلت لهن لا يمكن فكلّمني البغدادي وقال لي يا أخي أدخلهن فقلت له لا يمكن، كنتُ أريد كسب الوقت لأنه يمكن البني آدم الذي اسمه القذافي ان يغيِّر رأيه. فأتى سفير البرتغال الذي كانت بلاده ترأس الاتحاد الأوروبي وكانت مسؤولة الأمن في الاتحاد ومندوبة الاتحاد وسفير بلغاريا وسفير فلسطين الذي كان (موجوداً) بخصوص الطبيب الفلسطيني. قلت نحن سنسلم للاتحاد الأوروبي وهذا مسجل بالتلفزيون. وجّهتُ كلامي لسفير البرتغال وقلت له هل لديك علم بهذا الشيء، فقال: لديّ علم بذلك وأشهد بذلك. قلت للوزير البلغاري: ضمن الممرضات هناك طبيب فلسطيني لديه الجنسية البلغارية يطالب بالمغادرة معهن الى بلغاريا، فقال نعم، واتجهت الى الفلسطيني فوافق. بعد ذلك انقلب القذافي واتخذ اجراءات بينها حسم راتب شهر للبغدادي المحمودي وشهر سجن وقطع راتب لرجب المسماري وزير الداخلية الذي أُبعِد لاحقاً عن الوزارة. > لماذا؟ - هذه ألاعيب القذافي. احتجَّ وقال أنا لم أقل هذا وأنتم تسرعتم. > وأنت هل اتخذ في حقك إجراء ما؟ - لا. > كيف كانت علاقة القذافي بساركوزي؟ - جيدة. > هل صحيح انه دعم حملته الانتخابية؟ - للأمانة لم اشاهد ذلك، لكنني سمعت هذا الحديث. > ما المشكلات التي كنت تواجهها كمدير للمراسم مع زعيم بمزاجية القذافي؟ - كان يعطي مواعيد ومقابلات على مزاجه، وحين ينهض من النوم كان يقول هاتوا لي الرئيس الفلاني. كان يتصرف وكأنه رئيس الرؤساء وأن من حقه استدعاءهم ساعة يشاء، وأن من واجبهم ان يلبوا. كنا نواجه صعوبات وإشكالات لا حد لها ونحاول معالجتها والتغلب عليها. استفزت الطريقة رئيساً افريقياً فقال لي: انا ايضاً رئيس دولة مثل رئيس دولتك. كان القذافي يحب احتقار الرؤساء وإذلالهم. تصوّر أنه كان يقول لي هات العبد وقصده رئيس الدولة الأفريقية الذي يستعد لمقابلته. وحين يغادر الرئيس، يقول (القذافي) ذهب العبد اعطوه شيئاً. > هل كان يحتقر الأفارقة؟ - نعم كان يحتقرهم. حتى الذين كان يطرب في داخله لمجاملاتهم او تزلفهم كان يصفهم بالأغبياء. كان يعبّر عن اسلوبه الاستعلائي باختيار موقع الزائر وتمييز موقعه الشخصي وكرسيه وطريقة جلوسه. عقدة التميز عن الآخرين لازمته في استقبالاته وحتى في أسفاره، وكان عليَّ ان أتوقع دائماً هذا النوع من الإشكالات. أقنع نفسه بأنه ليس رئيس دولة اي أنه أكبر من رئيس دولة، ويجب التعامل معه على هذا الأساس. كان يقول أنا لستُ رئيس دولة وأريد ان اجلس على كرسي لوحدي. أتذكر في قمة في قطر، كان يريد الجلوس في زاوية لوحده وليس بين الرؤساء. طبعاً هذا الطلب مستحيل. القطريون لم يقبلوا. كان يطلب ان يأتي إليه رئيس ما وحين كنا ندعو المعني ولا يستطيع بسبب انشغاله بشيء ما، كان القذافي يتهمنا بأننا لم نوصل الدعوة. وكان يقول لماذا لم يأتِ، أنا معمر القذافي. لا يستطيع أن يصدق انه عرض على رئيس ان يستقبله ولم يسارع الأخير الى إلغاء كل مواعيده لاغتنام الفرصة. وبسبب غروره، وربما لتفادي الإحراج امام المحيطين به كان يتهمنا بعدم ايصال الدعوة. > هل تذكر حادثة معينة؟ - حوادث كثيرة من هذا النوع. مرة مع رئيس مدغشقر عام 1980 كان هناك مؤتمر القمة الافريقي، وكان من المفترض ان يأتي رئيس سييراليون ليكتمل النصاب لكنه لم يفعل. تكلم مع رئيس مدغشقر على أساس أن يقف معنا وأنا كلّمته وحين لم يتحقق ذلك حمّلنا مسؤولية التقصير، فقلت له كلمناه فقال: لا، لا، انتم لم تكلّموه. مثلاً في مؤتمر القمة الافريقي كانت الدولة المضيفة تقيم عشاء رسمياً وفي الوقت ذاته كان القذافي يتعمد إقامة عشاء رسمي في الموعد ذاته، فكنا نضطر ان نطبع بطاقات ونبلّغهم وحين لا يأتي إلا عدد قليل كان يقول أنتم لم تبلغوهم. الحقيقة ان الذين كانوا يلبون دعوته سواء ثلاثة أو اربعة، إنما كانوا يفعلون بسبب حاجتهم الماسة الى مساعداته. > هذا في القمم الافريقية لا العربية... - لم يجرؤ (القذافي) على فعل ذلك في القمم العربية. وصلنا الى مرحلة كنا نطبع فيها بطاقتين، واحدة يتسلمها مدير مراسم الرئيس وبطاقة نختم بها ختم السفارة، وعلى رغم هذا لم يقتنع بأن الرؤساء الأفارقة يرفضون المجيء... الإحراجات كانت كثيرة. > هل كانت قصة الخيمة تثير لكم مشاكل، وأين؟ - كثيراً، مثلاً في باريس كان يريد خيمة في حديقة الإليزيه وكان هناك فندق تابع للإليزيه خاص بالرؤساء والملوك، فأقمنا الخيمة في حديقته وهي كانت للاستخدام مرة واحدة للصورة وللمقابلة الصحافية. > أين أثارت الخيمة ايضاً مشاكل؟ - في موسكو. وكان القذافي مصرّاً الى درجة خفنا معها ان تتسبب الخيمة في إفشال الزيارة برمّتها. واجهنا مشكلة جدية وحصل جدل وتسرب الحديث عن إشكال. كان فلاديمير بوتين رئيساً للوزراء وعرف بالأمر، فذهبتُ إليه طالباً مساعدته. وقال لي هذه موسكو وهناك حماية البيئة فقلت له لن نأتي بجمل او ناقة، هي كناية عن خيمة فقط. في النهاية جاءت الموافقة ونُصِبت الخيمة في حديقة الكرملين. وفي نيويورك لم يكن هناك سكن، وكان القذافي لا يريد درجاً او مصعداً. كان يريد أرضي، الدرج نتيجة صحته والمصعد كانت لديه فوبيا منه والأنفاق كذلك، وكان يخاف السفر الطويل، فتحتّم ان نمر بمطارات عدة. ذهبنا الى نيويورك وكان هناك رفض شديد وبحزم، فأتى ابنه معتصم متباهياً امام والده، استأجر فيللا خارج نيويورك ونصب فيها خيمة. طبعاً أتى البلاغ وانقلبت الدنيا وكانت الشرطة تريد القبض عليهم، ومن هليكوبتر صوّروا الخيمة المنصوبة. > هل كنت في الجمعية العامة للأمم المتحدة حين ألقى الخطاب؟ - هذه مشكلة كذلك، حتى مراسمية. هناك مقصورة خلف المنصة يجلس فيها الرئيس الذي يلي المتحدث الاول. المتحدث الذي قبلنا كان اوباما، فرفض القذافي أن يجلس في المقصورة ليوحي بأنه ينتظره. وهذه ليس لها معنى. الرئيس الذي يخرج يهنئه على كلمته والثاني يقول له اتمنى لك التوفيق بكلمتك، فهذه ناحية بروتوكولية، انزعج منها القذافي وقال انا من مقعدي الى المنصة. وآنذاك كان رئيس الجمعية العمومية الدكتور علي التريكي، وجرَّب ان يشتكي لي فقلت له انت تعرفه اكثر مني، وقال لي مدير مراسم الأمم المتحدة: أنت اقدم واحد فينا وتفهم في أي مراسم في العالم. > ألم يره أوباما، ولا تصافح معه؟ - في إيطاليا نعم، أما في نيويورك فلا. انتظر القذافي نهاية كلمة أوباما امام الجمعية العامة ثم صعد من مقعده وجلس في مقعد الانتظار، وأصر على أن اصعد معه على البوديوم. > ما كان شعورك وهو يلقي الخطاب؟ - في بدايته جيد ولكن حين أراد تمزيق الميثاق ولم يستطع لأنه كان سميكاً رماه ففضحنا، وكان شيئاً مخجلاً، 95 دقيقة، ساعة ونصف (الخطاب) وهو قصد ان يكون حديثه اطول من حديث أوباما. الحلقة الثانية : المسماري: عرض القذافي على صدام اللجوء وتابع محاكمته كمن يتابع مصيره احتقر بلير ولم يعتبر مبارك نداً له وعلاقته مع عرفات وعباس بلا ودّ أفسدت الشاشات هناءة المستبد. تنقل له ما حل بنظيره وصوره وتماثيله، كأنها تخبره عما سيكون. شاهد القذافي الآلة العسكرية الأميركية تقتلع نظام صدام حسين. كان يكرهه من الوريد الى الوريد، لكن المشهد كان أبعد من ذلك وأخطر. رآه لاحقاً يُقتاد الى المحاكمة ورآه يُعدَم. يكشف نوري المسماري أمين جهاز المراسم العامة الليبية ان معمر القذافي عرض على صدام اللجوء في ليبيا لتجنيب بلاده الحرب، وتابع لاحقاً فصول محاكمته كمن يتابع مصيره. يروي المسماري ان صعود سيف الإسلام اصطدم برغبة والده في الاستمرار في الإمساك بكل الخيوط، كما اصطدم بمعارضة أشقائه على رغم تدخل والدتهم السيدة صفية. يكشف المسماري ايضاً ان عمر المحيشي عضو مجلس قيادة الثورة حاول في كمبالا الدخول لقتل القذافي وهو نائم، لكن الحارس شهر سلاحه ومنعه. وينقل عن حراس ان القذافي وبعدما نجح في احضار المحيشي من المغرب، قال له أتينا بك تحت أرجلنا وأطلق النار عليه وأرداه. ويقول المسماري ان القذافي لم يعتبر الرئيس حسني مبارك نداً له ولم يكنّ ودّاً للرئيس ياسر عرفات وأنه كان يصر على ان يكون كرسيه اعلى من كرسي زائره. وهنا نص الحلقة الثانية: > يقال ان القذافي خاف حين رأى صورة صدام حسين يُعدم؟ - هذا طبيعي، فقد يكون استنتج ان الديكتاتور لا يستطيع ان يحمي نفسه إلى ما لا نهاية، مهما كان عدد جيشه ومهما أحاط نفسه بآلة قمع لا ترحم. ليس بسيطاً على ديكتاتور أن يرى نظيره يُقتاد الى محكمة ثم يُعدم بعد إزالة صوره وتماثيله. قد يكون شعر بأن الحصانة الدائمة مجرد كذبة خصوصاً بعد الارتكابات الهائلة في حق المعارضين والمواطنين. كان القذافي يعرف بالتأكيد ما فعله على مدار عقود داخل ليبيا وخارجها. > كان يكره صدام؟ - كان يكرهه في شكل غريب. كان يشتمه وينعته بالغبي، ويقول عنه انه إنسان تافه متهور. ربما يرجع ذلك الى ان صدام ايضاً كان صاحب سلوك يوحي بالاستعلاء. ثم ان صدام لم يكن في وارد الاعتراف للقذافي بدور وزعامة. دعم القذافي أخصام صدام في العراق، فردّ صدام بدعم خصوم القذافي في تشاد. كانت العداوة بين الرجلين شديدة. قبل الغزو الاميركي للعراق في 2003 استقبل القذافي مبعوثاً أوفده صدام. قال للمبعوث انه لا يرى ان الأمور ستمر على خير. أعرب عن استعداده لاستضافة صدام في ليبيا، اذا كان ذلك يجنّب العراق ويلات الحرب، وقال إن صدام يستطيع اختيار مكان آخر اذا كان غير راغب في المجيء الى ليبيا. طبعاً لم يكن صدام في وارد المغادرة ولا يتخيل المرء ان يأتي ويقيم في ليبيا التي ساندت معارضيه وقدمت أسلحة الى إيران خلال حربها مع العراق. المبعوث العراقي أكد ان الاستعدادات لجبه العدوان عالية ومثلها المعنويات، لكن القذافي لم يكن مقتنعاً. > في خطابه في القمة العربية في دمشق، توقع القذافي لبعض المشاركين مصيراً مشابهاً لصدام؟ - نعم قال لهم ذلك «سيأتي الدور عليكم وستتم محاكمتكم». الحقيقة انه كان خائفاً على نفسه. رأى ما فعله الأميركيون في أفغانستان والعراق فأدرك ان باستطاعة اميركا ان تقتلع نظاماً معادياً لها من جذوره. > ما الذي كان يقوله عن الرئيس حسني مبارك؟ - لم يعتبره يوماً نداً له، على رغم حجم مصر، كأنه كان يعتقد بأن مصر تحتاجه شخصياً. سمعته يردد ذات يوم: حين كنت أذهب الى مصر للقاء سيدهم جمال عبدالناصر، كان السادات ومبارك يؤديان لي التحية. > هل كان يساعد مبارك مادياً؟ - نعم. > ومَنْ ايضاً كان يساعد مِن الرؤساء العرب؟ - اعتقد تونس ومصر، ولا معلومات لديّ عن آخرين. > كيف كان يعامل ياسر عرفات؟ - كان يعامله كشخص عادي ويعتبره ضعيفاً. ربما كان يكره هالة عرفات كحامل قضية، او حرصه على إبقاء خطوطه مفتوحة مع جميع الزعماء العرب. وحصلت في فترة معينة برودة بينهما ودعم القذافي تنظيمات كانت تعادي عرفات وسياسته. قصة صبري البنا (ابو نضال) معروفة وكذلك قصة الانشقاق في حركة «فتح». كان (القذافي) يحرص دائماً في الوقوف او الجلوس على ان تكون له الأرجحية. يريد ان يكون مكانه مرموقاً اكثر من عرفات، وتكرر الأمر، خصوصاً مع الرئيس محمود عباس. كان التشدد في الموضوع الفلسطيني والمزايدة على عرفات جزءاً من أسلوب اعتمده القذافي كما اعتمده زعماء آخرون. كان الغرض من هذه المواقف التوظيف الداخلي وتلميع الصورة. > كان يكره عباس؟ - نعم وكان يعتبره ضعيفاً، ويتهمه بالتفريط بفلسطين وحقوق الفلسطينيين. > مَن كان يحب مِن الفلسطينيين؟ - احمد جبريل (الأمين العام للجبهة الشعبية- القيادة العامة) كان صديقه وكذلك مساعده طلال ناجي. > وكان يستقبل أحياناً سياسيين لبنانيين... - نعم استقبل وليد جنبلاط وجورج حاوي وأسماء أخرى. زاره رئيس الجمهورية السابق امين الجميل وأعدّ له استقبالاً جيداً وكان النقاش محترماً. كان الجميّل رئيساً سابقاً وكنت أنا ملازماً له خلال زيارته. لفتنا ان القذافي عامله باحترام. للأمانة، امين الجميل تصرّف باحترام لموقعه كرئيس سابق وزعيم سياسي. > هل صحيح ان القذافي كان يخفض باب الخيمة لينحني الرئيس الداخل؟ - لا ليس صحيحاً. لكنه كان يحب التعالي عليهم ودائماً كان يريد كرسيه أعلى من كرسي ضيفه. > كيف كانت علاقته بطوني بلير؟ - في البداية كانت سيئة. استقبله في الواقع برسالة تحقير. وضع رجلاً على رجل بحيث صار حذاؤه مقابل وجه الزائر، وكان يعرف بوجود الكاميرات ويقصد ذلك. لاحقاً تحولت العلاقة بين الرجلين صداقة حميمة وبتشجيع من سيف الإسلام. > هل سمعتَ منه ان سيف الإسلام سيكون وريثه؟ - كان سيف الإسلام مجهّزاً لهذا، لكن شقيقه المعتصم بالله لم يكن راضياً وألّف «لوبي» هو وإخوته، ضم تحت جناحه الساعدي وهنيبعل وخميس حتى وصل الأمر الى مرحلة ان والدتهم صفية اجتمعت بهم وقالت لهم: أريد ان تكونوا وراء أخيكم سيف الإسلام لأنه الأخ الأكبر، فوقف الساعدي محتجاً وقال لها هذا بالنسبة لك وله. > هل سمعتَ من القذافي شيئاً يخص التوريث؟ - كلا لم اسمع، لكنه كان يجهز سيف الإسلام من دون ان يفرّط بسيطرته المطلقة على كل شيء. سيف الإسلام تسرّع في بعض الأحيان أو حاول تسريع الأمور، وكان القذافي يعيده الى جادة الصواب، بما معناه: ما دمتُ حياً فأنا الوحيد. في موضوع السلطة لا يتساهل القذافي، لا يعرف أولاده ولا يعرف أحداً. > هل تعتبره عاشق سلطة؟ - عاشق سلطة وعاشق نفسه، ولا يرحم في هذا المجال. حاول سيف الإسلام توسيع سيطرته فسحب البساط من تحته. > كيف كانت علاقته بزوجته وهو تزوج مرتين؟ - المرة الأولى بنت نوري خالد حاكم دار بوليس سبها وكان الزواج متسرّعاً ولأن أخاها خالد كان عضواً من الضباط الأحرار ولاحقاً تزوّج صفية، وهي كانت ممرّضة تعرّف إليها حين أجرى جراحة للزائدة في المنطقة الشرقية، وهي كانت مهتمة به فتزوجها وطلّق فتحية. > هل كانت علاقته مع صفية جيدة؟ - كان القذافي رجلاً بلا حدود او ضوابط. كان يفعل ما يحلو له. رجل متس