في موضوع المصالحة واتفاقاتها وبنودها يظهر دائما ما يشي بأنها لن تتم، وسرعان ما نجد أنفسنا أمام براهين قاطعة على سوء النوايا، يتلوها بعد تنابز وتغامز تنفيس إعلامي لإعادتنا إلى الأوهام بأن المركب في الطريق إلى بر الأمان، لا يدوم طويلا عند أول استحقاق عملي، فنعود إلى المربع نفسه، فيقول المحنكون "عمرهم ما يتصالحوا"! كل خطوة إجرائية بحاجة إلى مسلسل من العرقلة وتبادل الاتهامات كي يبدأ تنفيذها، وما علينا سوى أن نحسب الخطوات والتأجيلات التي تذكي نار الانقسام غير الخامدة، ونعود كل مرة إلى ما قبل الصفر.. حقا ما هذا؟! أحقا نحن كشعب فلسطيني نستحق ما يجري لنا، لأننا لم نحرك ساكنا كجموع وهيئات شعبية للاعتراض على سلب حقنا في الاعتراض على أن يعبث بنا أطراف منا، دون أن يخولهم شرع ولا قانون ولا استفتاء ولا انتخابات بذلك! هل نخشى أن يهلكونا بالعصي والركلات، وأن يكسروا ممارستنا الاعتراض بالزج بنا في السجون، "ليتها سجون الاحتلال"، بل سجون ربما ندفع كلفة بنائها وتسييرها، هذا إن بقينا أحياء نسير على أقدامنا؟ أم نخشى الاتهامات الجاهزة، التي تبدأ من تهمة قلة الأدب، عابرة بسب الذات الإلهية، دون أن تنتهي بالخيانة العظمى؟ بصراحة لا شيء يدعو للثقة في كل هذا الكرنفال، حتى الانتخابات تبدو غير منطقية في غياب صيغة واضحة ومحددة لمقدمات إجرائها وما يليها من خطوات، وربما يكون المشهد الفلسطيني الراهن أكثر فوضى مما يبدو عليه، أبعد من الانتخابات والمصالحة، بالرغم من أنها قشرته الظاهرة، التي تُخفي قسرا تحتها نقائضها، المولودة منها، سواء بانتخابات أو من دونها!