خبر : المصالحة على مد النظر ! ..بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة 29 يونيو 2012 10:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المصالحة على مد النظر ! ..بقلم: رجب أبو سرية



كمثل الغريق، تأمل القوى والقطاعات الشعبية الفلسطينية من إقدام لجنة الانتخابات على تحديث بياناتها، التي لم يطرأ عليها تعديل منذ الانتخابات السابقة في أن تشكل الخطوة انطلاقة نحو إنجاز الهدف المنشود، المتمثل في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الداخلية، رغم أن الجميع يدرك بأن هذة العملية، حتى لو تمت على أكمل وجه ما هي إلا إجراء تنفيذي، ليست له أية قيمة ولا أية دلالة، إن لم يتبع بإجراء الانتخابات ذاتها. على أي حال، ما هو أهم بهذا الخصوص، هو أن مصر قد تجاوزت بخير آخر خطوة على طريق الدخول في مصر ما بعد مبارك، بانتخاب رئيس جديد، بغض النظر عن كل ما يقال عن محدودية صلاحياته، لأن المهم، هو أن مصر تجنبت الخيار الأسوأ الذي كان يمكن أن يحدث، لو لم يحدث التوافق بين المجلس العسكري والأخوان على تقاسم النفوذ والسلطة، وعلى تحديد الخطوط العامة للسياسة المصرية على المستويين الداخلي والخارجي، بما يحقق استقراراً معقولا، ربما لا يضع حدا تاما للصراع على السلطة، لكنه يمنع أن يتحول الصراع إلى انفجار، يذهب بالبلاد إلى ما هو أسوأ. ولعل نصف الشعب المصري، لا يكون مرتاحاً للتوافق الذي تم بين الطرفين، إلا أن رد الفعل، لا يصل إلى حدود الإحباط التام، أو الرفض الشديد، فلا قوى الثورة ترى في فوز مرسي تحقيقا مثاليا لأهدافها، كما أن القوى التقليدية والأقليات الطائفية والثقافية لا ترى في رئيس " أخواني " ما كانت تأمل فيه من ضمانة لحقوقها المتحققة عبر السنين الماضية. على كل حال، مصر بنظامها الجديد، تفرض سؤالا على الفلسطينيين، جميعا، حول ما يمكن أن يحمله هذا من انعكاسات على ملفاتهم الأساسية، وتحديدا الملفين الداخلي والسياسي، وان كانت تتضارب وحتى تتعاكس التوقعات، فمن يذهب إلى حدود التوقع بانحياز مصري لطرف فلسطيني على حساب طرف، إلى من يتوقع بثبات الموقف المصري وتوازنه بين الفرقاء الفلسطينيين. الطرف الحمساوي، خاصة في غزة، رأى في فوز مرسي، فتحا لحدود مصر مع غزة، حيث بالفعل نشأ تطور ايجابي على حركة معبر رفح، وفي تقديرنا أن مبالغة هذا الطرف في توقع انقلاب كامل في الموقف المصري من المصالحة، قد يدفعه إلى التشدد في السير على طريق المصالحة وفق الاتفاقات الموقعة، أما الطرف الفتحاوي، فيرى أن مصر المستقرة، ستكون قادرة على رعاية أفضل للمصالحة، بما يضيف قوة دفع لتنفيذ اتفاقات المصالحة، وفق الرعاية المصرية. نحن نعتقد أن مصر المستقرة والمتوافقة داخليا، تفضل وضعا حدوديا مستقرا، وحتى إخوان مصر ومن أجل نجاح رئيسهم في منصبه، يحتاجون، وربما بسرعة إلى تحقيق نجاحات ما، ولعله ليس هناك ما هو في اليد وفي الأفق ما هو مناسب، حتى يدشن من خلال لقاء فلسطيني وطني، وأمام وسائل الإعلام الرئيس المصري الجديد، من إعلان النجاح في تحقيق المصالحة الفلسطينية ومن إنهاء انقسام الفلسطينيين. ستكون لحظة تاريخية للرئيس المصري الجديد، وهو يتوسط الرئيس أبو مازن والسيد خالد مشعل، حيث يعلن أن زمن الانقسام قد ولى، وستكون رسالة قوية، سيتم إطلاقها في عدة اتجاهات. ولأن الأخوان قد أخفقوا في إقناع المصريين بقدرتهم على إدارة الدولة من خلال تجربة مجلس الشعب، فإنهم معنيون جدا الآن بأن تنجح الرئاسة في تحقيق نجاحات سياسية مدوية، وإذا كان من الصعب عليهم أن يفعلوا ذلك من خلال التراجع عن كامب ديفيد، فإنهم حين يفكون الحصار عن غزة، وليس هناك بوابة أفضل لفك الحصار من إنهاء الانقسام، وعودة العمل تحت لافتة الشرعية الفلسطينية، على المعابر بين مصر وغزة، ثم عودة الدور المصري لرعاية العملية السياسية، من توحد الفلسطينيين. فالوحدة الفلسطينية، تفتح الباب _ كما أسلفنا _ لكسر الحصار عن غزة، دون احتجاج إسرائيلي أو دولي، كذلك فإن وجود الأخوان على رأس هرم السلطة في مصر، سيؤهلها لرعاية أكثر فاعلية للعملية السياسية، وإذا كانت حماس في السابق، قد رفعت من عقيرة معارضتها للمفاوضات، حين كانت تجري برعاية مبارك، فان موقفها سيختلف حين يرعاها مرسي ! ولعل في ذهاب إخوان مصر إلى حالة من الشراكة السياسية مع العسكر، تكون نموذجا يحتذى بالنسبة إلى "حماس" وشراكتها مع أبو مازن. المهم، أن الأمور ستحصل على جرعة إضافية من قوة الدفع، ولعل لقاء عباس / مشعل بعد أيام في القاهرة دليل على ما نذهب إليه، في الوقت الذي سيكشف فيه اللقاء، البعد الذي سينطوي عليه التغيير في الإدارة المصرية تجاه الملف الفلسطيني، وان كان مبكراً التوقع بأن تحدث الانفراجة بسرعة، قبل أن يمارس الرئيس الجديد صلاحياته وقبل أن يتعرف على تفاصيل الملف الفلسطيني. وإذا كانت مصر، بعد فتح وضعها الداخلي، وحاجة الفرقاء إلى حلفاء إقليميين، كانوا على التوالي : تحالف الأخوان مع قطر، تقارب بين المجلس العسكري والسعودية، ثم بداية دعم أماراتي للمعسكر الليبرالي ( زيارة أحمد شفيق للامارات تعكس هذا الأمر)، فإن هذا قد يحد إلى حين من دور مصر المركزي على الصعيد الإقليمي، لكنه في الوقت ذاته، يبقي التجاذبات الداخلية في الإطار العربي، أي أن أحداً من المصريين لم يذهب إلى إيران أو تركيا، كما فعل قادة "حماس"، في فترة سابقة،على سبيل المثال، ثم أن احتكام المصريين إلى الديمقراطية في إدارة صراعاتهم، قد يدفع الفرقاء على التنافس على إعمار مصر، وإقامة المشاريع الإنتاجية فيها، بما يحل أهم مشاكلها، ولا شك أن مصر عربية أولا وعلى طريق التنمية الداخلية ثانيا، هي أفضل للفلسطينيين. وكلما جنب الفلسطينيون مصر المزيد من المشاكل، تمكنت مصر من مواجهة العدو الإسرائيلي، إن كان فيما يخص تطبيع العلاقات معه وفق كامب ديفيد، أو ما يخص قدرتها على دعمهم في صراعهم السياسي معه. المهم أن تتجنب مصر المزيد من الشلل الداخلي الناجم عن طول فترة عدم الاستقرار، حتى تكون قادرة على تجاوز مشاكل البطالة والفقر، وعلى أن تكون أكثر فاعلية للقيام بدورها التاريخي كدولة مركزية في الشرق الأوسط، والذي شكل دورها على الصعيد الفلسطيني بالذات، مؤشر هذا الدور، واختباره الحقيقي. Rajab22@hotmail.com