خبر : موعد السلام لم يحن بعد حسب التوقيت الإسرائيلى..د.عبير عبد الرحمن ثابت

الإثنين 25 يونيو 2012 11:00 ص / بتوقيت القدس +2GMT
موعد السلام لم يحن بعد حسب التوقيت الإسرائيلى..د.عبير عبد الرحمن ثابت



فى الأيام الأخيرة لاحظنا ازدياد الحديث عن عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية فى الأروقة السياسية بكثرة ورافقتها مجموعة من المواقف ، ولعل أهمها مبادرة أوباما بلقاء موفاز أثناء لقاء الأخير مع مستشار الأمن القومي تونى دونيلون فى البيت الأبيض ؛ وذلك لمباركة انضمام كديما إلى حكومة الائتلاف ، ولحثه على استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين حيث أنه يمثل الوجه الايجابي فى حكومة الجنرالات حسب الرؤية الأمريكية ، خاصة بعد أن صرح مسئول فلسطيني كبير أن الولايات المتحدة وصلت إلى "طريق مسدود" في سعيها لإحياء محادثات السلام في الشرق الأوسط ؛ أى أنها فشلت فى إقناع نتنياهو بإيقاف الاستيطان والعودة لطاولة المفاوضات . وقبلها التقى أبو مازن برئيس فرنسا فرانسوا هولاند وقال أبو مازن في مؤتمر صحافي مشترك مع هولاند: إنه إذا وافقت إسرائيل على إطلاق سراح الأسرى ، وسمحت لنا باستيراد أسلحة للشرطة ، فإننا يمكن أن نجلس مع السيد نتنياهو. واستطرد قائلا: أنا قلت إنه إذا وافق نتنياهو على إطلاق سراح الأسرى والسماح باستيراد سلاح الشرطة ، سنتحاور، وليس معنى هذا أن نتفاوض ، وهذا ما اقترحه هو، أنه في هذه الجلسات التي نجلس فيها نتحاور حول مختلف القضايا ، لكن المفاوضات تحتاج هذين البندين (وقف الاستيطان وحدود الدولتين) اللذين نصر على أنهما ليسا شرطين مسبقين وإنما هما التزامات بها الحكومة الإسرائيلية وألزمت نفسها بها. وحتى تهديده انه سيتجه إلى الأمم المتحدة للاعتراف بـ "دولة ليست عضوا في الأمم المتحدة إذا لم تقبل إسرائيل بشروطه الجديدة والقديمة ؛ اعتبره الجانب الإسرائيلى  تهديد أجوف  . ولم يتعامل الجانب الإسرائيلى مع هذه التصريحات بشكل جدي وقد اعتبرها الإعلاميين الإسرائيليين ليس بالجديدة إلا قضية استيراد السلاح للشرطة الفلسطينية سيشكل خطراً فى حال نجحت المصالحة مع حركة حماس ؛ والتى اعتبرت أوساط إسرائيلية ردها الأخير على عملية التصعيد على غزة هو محاولة منها لإثبات وجودها أمام الفصائل الأخرى ؛ خاصة حركة الجهاد الاسلامى حيث يعتبرها البعض بأنها سمنت وترهلت وانتعشت بالسلطة ، وأصبحت راغبة بالعيش بأمان بجوار إسرائيل ؛ ولا تمانع من هدنة طويلة الأمد وردها الأخير كان رداً إعلاميا أكثر منه عسكرياً لأسباب داخلية وخارجية .   والحكومة الإسرائيلية تمارس مع الجانب الفلسطيني فكرة بن غوريون الذي ذكرها فى يومياته حيث لا يرى ضرورة للركض وراء السلام ، فالهدنة تكفيه ، فإذا ركض وراء السلام فإن العرب سيطلبون منه ثمناً: حدوداً أو عودة لاجئين ، أو كليهما ، وهو يفضل الانتظار بضعة أعوام  . وهناك الشأن الإسرائيلى الداخلي الذى يشغل حكومة نتنياهو ؛ ومن أهمها قضية قانون طال وكذلك قضية تل الأولبانه ؛ والتى اقتربت الحكومة من التوصل إلى حل لها ببناء 300 شقة لسكانها بدلاً من منازلهم التى ستخلى ، ولكن ينتظر نتنياهو قضية جفعات اساف المرشحة للإخلاء ، وقضية المهاجرين والتعامل مع قضية الاحتجاج الاجتماعي ؛ وغيرها من المشاكل الداخلية ، وفى خضم كل ذلك فهو لن يتمكن من تحقيق اتفاق سلام خاصة فى قضايا مهمة كقضية القدس واللاجئين والحدود وإقناع حكومته الشاذة أيديولوجيا المكونة من حزب ليكود وكاديما وحرديم ومتطرفين وليبرمان ، ومن ثم الذهاب بهذا الاتفاق إلى الكنيست قبل أن يرتب البيت الداخلي الإسرائيلى .   وإذا تطرقنا للوضع الإقليمى فإسرائيل بعد فوز محمد مرسى بالرئاسة مرشح حركة الإخوان المسلمين ستفضل مراقبة الوضع القادم ، فقد قرر المستوى السياسي الإسرائيلي عدم التعليق على فوز مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي في رئاسة جمهورية مصر العربية . وبحسب ما ذكرته صحيفة يديعوت أحرنوت نقلاً عن مسؤولون كبار في وزارة الخارجية فإن إسرائيل ’ تنتظر لترى إلى أين الأمور ستجري ، وما هي الخطوات القادمة من مصر، ويجب عليهم أن يروا ما سيحدث خلال الأيام المقبلة  . وأن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أصدر تعليماته إلى كافة الوزراء بعدم التعليق على الانتخابات المصرية وفوز محمد مرسي.   فالرئيس المصري الجديد بانتظاره 83 مليون مصري يطالبوه بحياة سياسية واقتصادية واجتماعية كريمة ، كذلك هو مطالب بإتباع سياسة كسب الثقة من المعارضة المصرية والتى بحسب نتائج الانتخابات أوضحت فوزه بفروقات طفيفة تتراوح ما بين 800 ألف صوت بينه وبين منافسه احمد شفيق ، وكذلك هو بحاجة للظهور بصورة الإسلامي المعتدل التى ترحب به الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ، فمصر التى تعتمد على المساعدات الدولية والسياحة الأجنبية وإيرادات قناة السويس وتواجه هجرة أدمغة وأقباط وصلت إلى 150 ألف لن تتيح للرئيس المصري القادم سوى الانشغال بإقناع شعبه والعالم بسياسته ، وإسرائيل غير قلقة من التصريحات الانتخابية التى أطلقها الإخوان فى حملتهم الانتخابية " بأنهم يحلموا بإقامة الأمم المتحدة العربية وعاصمتها ستكون القدس "  فستبقى أحلام ليس وقت تحقيقها خاصة بعد قرار حل مجلس الشعب ؛ وكذلك إصدار المجلس العسكري للإعلان الدستوري المكمل والذي بموجبه يحدد صلاحيات الرئيس المصري القادم  ؛ فهم يعوا تماما المعادلة الدولية وما ينتظرهم من استحقاقات لناخبيهم توجبهم الإيفاء بها أهم من المشروع الإسلامي الكبير . وكذلك الانسجام بين حركة حماس والرئيس المصري الجديد لن يشجع إسرائيل على التقدم فى عملية السلام مع أبو مازن ، فالمصالحة الفلسطينية التى تتخوف منها إسرائيل ستتعثر وستبقى تراوح مكانها دون أي تقدم ملموس خاصة بعد المستجدات السياسية  .   ولربما نشهد فى الأيام القادمة لقاءات أو اتصالات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ولكنها لن ترتقي إلى إبرام اتفاقية سلام شاملة ... وإن غداً لناظره لقريب .