فرص "مرسي" و"شفيق" في الرئاسة المصرية متساوية!بقلم: محمد ياغي القاهرة- المنقطع عن متابعة المشهد السياسي المصري بعد رحيل مبارك، لن يصدق أن فرص عودة النظام القديم لرئاسة مصر بقيادة الفريق أحمد شفيق مساوية إلى حد كبير لفرص نجاح مرشح الإخوان المسلمين، الدكتور محمد مرسي في انتخابات الرئاسة. كيف وصلت الثورة - التي صلى مئات الملايين من العرب والمقهورين في العالم لنجاحها- الى هذه اللحظة الفارقة من تاريخها، هو سؤال يحتاج الى تحليل عميق للإجابة عليه.. ما يعنينا في هذا المقال أن نوضح مسألتين: الأولى أن حظوظ الفريق "شفيق" في الفوز مساوية لحظوظ الدكتور مرسي .. والثانية، هي أن نجاح الفريق شفيق في انتخابات الرئاسة، قد يبطئ من مسار الثورة، لكن العودة للوراء أصبحت مستحيلة لأن الشعب الذي قاتل دفاعاً عن لقمة عيشه وكرامته وحقوقه المشروعة في العدالة الاجتماعية، سيستمر في الانتصار لها أياً كانت نتيجة الانتخابات. لقد أظهرت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية أن مرشحي الثورة الأساسيين محمد مرسي، حمدين صباحي، وعبد المنعم أبو الفتوح قد حصلوا مجتمعين على 15 مليون صوت تقريباً.. في حين حصل المرشحون الذين عملوا سابقاً مع الرئيس المخلوع مبارك، عمرو موسى وأحمد شفيق، على عدد من الأصوات يقترب من نصف ما حصل عليه مرشحو الثورة. الوضع الطبيعي إذاً أن يكون لمرشح الثورة في جولة الإعادة، "مرسي"، ضعف الفرصة في الفوز، وأن ينام قرير العين ومطمئناً لفوزه الساحق على شفيق. لكن الصورة الحقيقية في القاهرة، ليست كذلك.. لماذا؟ببساطة، لا توجد أية ضمانات بأن من انتخبوا أبو الفتوح وصباحي في الجولة الأولى سيقومون بإعطاء أصواتهم في جولة الإعادة لمرسي". جزء كبير منهم سيقاطع الانتخابات، وجزء آخر سيبطل صوته بالتوجه الى صندوق الاقتراع وتقديم ورقة بيضاء أو فيها اسم مرشح غير موجود في السباق.. قسم ممن تبقى سيصوت لمرسي، في حين أن القسم الآخر سيصوت لشفيق. ليس لدينا أرقام يمكن تقديمها كحقائق تبين أعداد المقاطعين والمبطلين والمصوتين لكلا المرشحين، ولا يمكن أيضا اعتماد وسائل استطلاع الرأي لأنها جميعها فقد مصداقيتها في الجولة الأولى، لكننا نستطيع تقديم بعض الحقائق التي تؤكد بأن المعركة بين المرشحين "شفيق" و "مرسي" ستعتمد في الأساس على قوة حشد كلا الطرفين لها بدون مساعدة خارجية حقيقية من أحد. بمعنى أدق: المرشح مرسي سيعتمد على "ماكينة" تيار الإخوان المسلمين وقوتها في الحشد وفي إقناع شركاء الثورة الميدانيين بدعمه في الانتخابات.. في حين سيعتمد المرشح شفيق على "ماكينة" الحزب الوطني الديمقراطي المحلول ومؤيديه من رجال الأعمال. السلفيون لن يخوضوا الانتخابات بالطريقة التي خاضوها أيام "مجلس الشعب" ولن يستخدموا المساجد لدعم "مرسي" وإن فعلوا ذلك، فإنه سيكون في حدوده الدنيا.. وقوى شباب الثورة بتشكيلاتها المتعددة لن ينتشروا في شوارع مصر وحاراتها لجلب الناخبين للتصويت لـ "مرسي". بالنتيجة، فإن الأصوات التي سيحصل عليها مرسي، ستكون هي ما تمكنت ماكينة الإخوان الانتخابية من تجميعه يومي الانتخابات وهي في محصلتها أصوات الجمهور المؤيد للإخوان، وممن تقدم للتصويت لمرسي حتى لا يعود النظام القديم للحكم ممثلاً بالمرشح "شفيق". بحسابات بسيطة، لو حصل المرشح مرسي على نصف الأصوات التي صوتت لأبي الفتوح وصباحي، فإن أقصى ما يمكنه الحصول عليه هو عشرة ملايين صوت. في المقابل، سيحصل المرشح شفيق على أصواته التي حصل عليها في الجولة الأولى، مضافاً لها من انتخب عمرو موسى في الجولة الأولى، بالإضافة الى جزء ممن انتخب صباحي في الجولة الأولى، وهم تحديداً القسم الذي لا يرغب في رؤية الإخوان في رئاسة الدولة لاعتبارات أيديولوجية وبسبب الخوف من فكرة الدولة الدينية أو تركز الصلاحيات التشريعية والرئاسية في يد الإخوان.. هذا العدد قد يصل الى تسعة ملايين صوت. لكن حتى لو تم ذلك فإن مرسي سيفوز في الانتخابات بفارق مليون صوت. المفارقة أن هذه المعادلة ينقصها عنصر آخر لصالح شفيق قد تجعل من فوزه مسألة ممكنة تماماً، وهو أن جزءاً من التيار السلفي سيصوت لصالح شفيق لأسباب منها أنه كان يتلقى الدعم سابقاً من النظام القديم، وقد يتم التأثير عليه أيضاً للتصويت لشفيق من دول خارجية تقوم بدعمه مالياً. النتيجة أن مرسي وشفيق سيحصلان على أصوات متقاربة جداً لدرجة تمنعنا من إمكانية التنبؤ بمن سيفوز بها. على أية حال، أياً كانت نتيجة الانتخابات، فإن المشهد في القاهرة يشير الى دخول البلد الى مسار ثوري لا عودة فيه للوراء.. درجة تنظيم الناس ووعيها السياسي واستعدادها للدفاع عن حريتها وكرامتها وحقوقها أصبحت عالية جداً. جميع قطاعات الشعب، عماله وفلاحيه وطلابه، ومهندسيه، وأطبائه، وصحفييه تنتظم للدفاع عن مصالحها وحقوقها. وهو انتظام يكسر ثنائية "الحزب الوطني" و"الإخوان" ويدفع بقوى جديدة إلى ساحة العمل الاجتماعي والسياسي. صحيح أن هذه القوى لا زالت "جنينية" و"مشتتة" لكن أهميتها تكمن في أنها تأتي من الوسط الذي لم يكترث بالسياسة سابقاً. خذوا مثلاً ما جرى في مدينة نصر يوم الأربعاء الماضي عندما نظم المئات من الطلبة المستقلين من مجموعة "الفلاش موب"، عرضاً مسرحياً ميدانياً في الشارع، قاموا بتحويله بعد انتهاء العرض الى تظاهرة سياسية جابت شوارع المدينة وهي تردد "يا بلدنا، يا تكيه، سرقوها الحرامية". في المقاهي وفي السيارات العامة والمترو الناس منشغلة بتحليل المشهد السياسي. الجميع مهتم بالشأن العام. بدخول عشرات الآلاف على خطوط العمل السياسي لن يكون بإمكان أي نظام، انتزاع الروح الثورية من الناس، وهي روح ستستمر سواء كان الفائز مرسي أو شفيق. وهذه الروح لن تهدأ أيضاً وستستمر في التظاهر لأن الثورة بالنسبة لهم لم تقم من أجل الحريات الليبرالية فقط، حرية الذهاب لصندوق الاقتراع، بل من أجل الحق في الحياة وهو ما يجسده شعار الثورة التي نزلت الجماهير من أجله أساساً يوم الخامس والعشرين من يناير.. "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". المنقطع عن متابعة المشهد السياسي المصري بعد رحيل مبارك، لن يصدق أن فرص عودة النظام القديم لرئاسة مصر بقيادة الفريق أحمد شفيق مساوية إلى حد كبير لفرص نجاح مرشح الإخوان المسلمين، الدكتور محمد مرسي في انتخابات الرئاسة. كيف وصلت الثورة - التي صلى مئات الملايين من العرب والمقهورين في العالم لنجاحها- الى هذه اللحظة الفارقة من تاريخها، هو سؤال يحتاج الى تحليل عميق للإجابة عليه.. ما يعنينا في هذا المقال أن نوضح مسألتين: الأولى أن حظوظ الفريق "شفيق" في الفوز مساوية لحظوظ الدكتور مرسي .. والثانية، هي أن نجاح الفريق شفيق في انتخابات الرئاسة، قد يبطئ من مسار الثورة، لكن العودة للوراء أصبحت مستحيلة لأن الشعب الذي قاتل دفاعاً عن لقمة عيشه وكرامته وحقوقه المشروعة في العدالة الاجتماعية، سيستمر في الانتصار لها أياً كانت نتيجة الانتخابات. لقد أظهرت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية أن مرشحي الثورة الأساسيين محمد مرسي، حمدين صباحي، وعبد المنعم أبو الفتوح قد حصلوا مجتمعين على 15 مليون صوت تقريباً.. في حين حصل المرشحون الذين عملوا سابقاً مع الرئيس المخلوع مبارك، عمرو موسى وأحمد شفيق، على عدد من الأصوات يقترب من نصف ما حصل عليه مرشحو الثورة. الوضع الطبيعي إذاً أن يكون لمرشح الثورة في جولة الإعادة، "مرسي"، ضعف الفرصة في الفوز، وأن ينام قرير العين ومطمئناً لفوزه الساحق على شفيق. لكن الصورة الحقيقية في القاهرة، ليست كذلك.. لماذا؟ ببساطة، لا توجد أية ضمانات بأن من انتخبوا أبو الفتوح وصباحي في الجولة الأولى سيقومون بإعطاء أصواتهم في جولة الإعادة لمرسي". جزء كبير منهم سيقاطع الانتخابات، وجزء آخر سيبطل صوته بالتوجه الى صندوق الاقتراع وتقديم ورقة بيضاء أو فيها اسم مرشح غير موجود في السباق.. قسم ممن تبقى سيصوت لمرسي، في حين أن القسم الآخر سيصوت لشفيق. ليس لدينا أرقام يمكن تقديمها كحقائق تبين أعداد المقاطعين والمبطلين والمصوتين لكلا المرشحين، ولا يمكن أيضا اعتماد وسائل استطلاع الرأي لأنها جميعها فقد مصداقيتها في الجولة الأولى، لكننا نستطيع تقديم بعض الحقائق التي تؤكد بأن المعركة بين المرشحين "شفيق" و "مرسي" ستعتمد في الأساس على قوة حشد كلا الطرفين لها بدون مساعدة خارجية حقيقية من أحد. بمعنى أدق: المرشح مرسي سيعتمد على "ماكينة" تيار الإخوان المسلمين وقوتها في الحشد وفي إقناع شركاء الثورة الميدانيين بدعمه في الانتخابات.. في حين سيعتمد المرشح شفيق على "ماكينة" الحزب الوطني الديمقراطي المحلول ومؤيديه من رجال الأعمال. السلفيون لن يخوضوا الانتخابات بالطريقة التي خاضوها أيام "مجلس الشعب" ولن يستخدموا المساجد لدعم "مرسي" وإن فعلوا ذلك، فإنه سيكون في حدوده الدنيا.. وقوى شباب الثورة بتشكيلاتها المتعددة لن ينتشروا في شوارع مصر وحاراتها لجلب الناخبين للتصويت لـ "مرسي". بالنتيجة، فإن الأصوات التي سيحصل عليها مرسي، ستكون هي ما تمكنت ماكينة الإخوان الانتخابية من تجميعه يومي الانتخابات وهي في محصلتها أصوات الجمهور المؤيد للإخوان، وممن تقدم للتصويت لمرسي حتى لا يعود النظام القديم للحكم ممثلاً بالمرشح "شفيق". بحسابات بسيطة، لو حصل المرشح مرسي على نصف الأصوات التي صوتت لأبي الفتوح وصباحي، فإن أقصى ما يمكنه الحصول عليه هو عشرة ملايين صوت. في المقابل، سيحصل المرشح شفيق على أصواته التي حصل عليها في الجولة الأولى، مضافاً لها من انتخب عمرو موسى في الجولة الأولى، بالإضافة الى جزء ممن انتخب صباحي في الجولة الأولى، وهم تحديداً القسم الذي لا يرغب في رؤية الإخوان في رئاسة الدولة لاعتبارات أيديولوجية وبسبب الخوف من فكرة الدولة الدينية أو تركز الصلاحيات التشريعية والرئاسية في يد الإخوان.. هذا العدد قد يصل الى تسعة ملايين صوت. لكن حتى لو تم ذلك فإن مرسي سيفوز في الانتخابات بفارق مليون صوت. المفارقة أن هذه المعادلة ينقصها عنصر آخر لصالح شفيق قد تجعل من فوزه مسألة ممكنة تماماً، وهو أن جزءاً من التيار السلفي سيصوت لصالح شفيق لأسباب منها أنه كان يتلقى الدعم سابقاً من النظام القديم، وقد يتم التأثير عليه أيضاً للتصويت لشفيق من دول خارجية تقوم بدعمه مالياً. النتيجة أن مرسي وشفيق سيحصلان على أصوات متقاربة جداً لدرجة تمنعنا من إمكانية التنبؤ بمن سيفوز بها. على أية حال، أياً كانت نتيجة الانتخابات، فإن المشهد في القاهرة يشير الى دخول البلد الى مسار ثوري لا عودة فيه للوراء.. درجة تنظيم الناس ووعيها السياسي واستعدادها للدفاع عن حريتها وكرامتها وحقوقها أصبحت عالية جداً. جميع قطاعات الشعب، عماله وفلاحيه وطلابه، ومهندسيه، وأطبائه، وصحفييه تنتظم للدفاع عن مصالحها وحقوقها. وهو انتظام يكسر ثنائية "الحزب الوطني" و"الإخوان" ويدفع بقوى جديدة إلى ساحة العمل الاجتماعي والسياسي. صحيح أن هذه القوى لا زالت "جنينية" و"مشتتة" لكن أهميتها تكمن في أنها تأتي من الوسط الذي لم يكترث بالسياسة سابقاً. خذوا مثلاً ما جرى في مدينة نصر يوم الأربعاء الماضي عندما نظم المئات من الطلبة المستقلين من مجموعة "الفلاش موب"، عرضاً مسرحياً ميدانياً في الشارع، قاموا بتحويله بعد انتهاء العرض الى تظاهرة سياسية جابت شوارع المدينة وهي تردد "يا بلدنا، يا تكيه، سرقوها الحرامية". في المقاهي وفي السيارات العامة والمترو الناس منشغلة بتحليل المشهد السياسي. الجميع مهتم بالشأن العام. بدخول عشرات الآلاف على خطوط العمل السياسي لن يكون بإمكان أي نظام، انتزاع الروح الثورية من الناس، وهي روح ستستمر سواء كان الفائز مرسي أو شفيق. وهذه الروح لن تهدأ أيضاً وستستمر في التظاهر لأن الثورة بالنسبة لهم لم تقم من أجل الحريات الليبرالية فقط، حرية الذهاب لصندوق الاقتراع، بل من أجل الحق في الحياة وهو ما يجسده شعار الثورة التي نزلت الجماهير من أجله أساساً يوم الخامس والعشرين من يناير.. "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".