خبر : كازينو دي لبان/بقلم: ايتان هابر/يديعوت 3/6/2012

الأحد 03 يونيو 2012 02:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
كازينو دي لبان/بقلم: ايتان هابر/يديعوت  3/6/2012



توجد مناظر في الحياة لا يمكن ان ننساها ولو أردنا ذلك. وهاكم واحدا منها: في حر تموز – آب 1982 في شوارع بيروت. طلب شخص ما الى شخص آخر من القوات المسيحية، أعني الكتائب في لبنان، ان يجعلنا نرى بيروت. وقبل ان نخرج في طريقنا أُمطرنا بارشادات تبين "ماذا نفعل"، وكيف نتصرف اذا هاجمنا المسلمون، وأين نختبيء وبماذا نصرخ والى أين نحاول الوصول. وبعد ان خرجنا في طريقنا التصقت وجوهنا بواجهة السيارة، فقد تكشفت لأعيننا مدينة اوروبية فكانت هناك لافتات احتفالية وحدائق في الشرفات وشاطيء بحر ازرق وصمت ذكرنا بظهر يوم الغفران في اسرائيل. كانت الشمس محرقة ولا أحد في الشوارع. وكانت النوافذ مغلقة في كل بيت تقريبا في المناطق الحدودية التي قسمت المدينة، ترى بعدها بيتا انهار وبيتا آخر مهدوما ونصف شقة مدمرة ومبنى عاليا آخر قصر ليصبح ضئيل الحجم وكثيرا من ثقوب الرصاص. وفي الجزء الآخر من المدينة اسواق متنوعة ضاجة، وأكوام من الفواكه والخضراوات وحوانيت مفتوحة وسيارات صافرة. في ميناء بيروت أمرونا بالانحناء أمام الارصفة الكبيرة الصامتة. فهنا ينشط "اولئك" القناصة نشاطا خاصا. فينبغي عدم رفع الرؤوس من وراء الموانع "الطبيعية": مثل جدار خشبي أو حاوية صدئة. هكذا تبدو مدينة وميناء في الحرب كما يبدو. ولم تحرك سوى ريح واهنة في مدينة ساحلية في منتصف الصيف أوراق الاشجار. وآنذاك بلغنا الى مبنى كبير في بلدة جونية الساحلية. "كازينو دي لبان"، صرخت اللافتة الكبيرة على المبنى. وفي الطريق القصير من سيارة القوات المسيحية الى الكازينو تخيلنا للحظة المنظر الذي بدا: موائد روليت مقلوبة وكراسي محطمة وأكوام من اوراق اللعب الملونة على الارض، ودمار وسكون في كل ركن. أنتم متوهمون فالمنظر داخل قاعة الكازينو لن أنساه. فقد كانت مكتظة بالجموع من ذوي ربطات العنق المزركشة. وكان في القاعة ضجيج وجلبة، وأكوام من الشطائر المنمقة والشمبانيا والويسكي تصب في الكؤوس. وكانت الوجوه سعيدة وكانت صيحات نصر لكل فوز. كانت بيروت في احتفال حينما كانت دبابات الجيش الاسرائيلي على مبعدة قصيرة من الكازينو تضرب بيتا بعد بيت وكانت اعمدة الدخان ترتفع من اركان مختلفة ومن المؤكد انه وقع قتلى كثيرون لم يكونوا محاربين جميعا. جرت المناظر من الكازينو في أطواء ذاكرتي الى جانب مشاهد الحرب الصعبة. وصب الويسكي وسفك الدم. وفي الحالتين لم يحصوا الكميات. ولماذا تطفو هذه الذكريات عندي اليوم خاصة: لا لأننا نتذكر في هذه الايام مرور ثلاثين سنة على حرب بائسة ولا حاجة اليها، بل لأنه يخيل إلي أننا صرنا نشبه من جوانب ما اولئك المسيحيين الشديدي الابتهاج في كازينو دي لبان، فنحن، وحكومتنا بيقين، نحاول ان ندفع عن أنفسنا وان نبعد ان اذهاننا ما يجري في هذه الايام حولنا في العالم المسلم الناهض ومئات الملايين الذين يريدون الاساءة الينا ونواياهم في السنين والحقب التالية. وهم تشجعهم نجاحاتهم في دق أوتاد في كثير من بلاد اوروبا ويبتهجون لرؤيتهم كل مسجد يحل محل كنيسة في فرنسا وبلجيكا. قد تصبح حياتنا في دولة اسرائيل أصعب في السنين التالية. وكثيرون منا من ذوي الاعمال المتقدمة يعزون أنفسهم بأن المشكلة لن تكون مشكلتهم كما يبدو بل مشكلة ابنائهم واحفادهم وهذا بالضبط هو السؤال: ماذا نترك لهم؟ أي دولة؟ وأي بلد؟ وماذا فعلنا، حكومة وشعبا كي لا تدعنا المناظر من كازينو دي لبان الغارق في المؤامرة والبيوت المحروقة في ذلك الوقت في شوارع بيروت، في قلق. عرف كل مقامر في كازينو دي لبان آنذاك ويعرف كل مقامر اليوم ايضا انه يمكن "اللعب على الصندوق كله"، لكن لا يمكن اللعب على الحياة نفسها. ليس عمل الحكومة، كل حكومة، ان تتأثر بعنوان صحيفة الغد وان تعمل بحسبه بل ان تهتم للأمد البعيد والاجيال التالية كي نعيش جميعا في خير.