خبر : مشروع سياسي وطني..بحاجة لحوار صاخب ..! .. بقلم : أكرم عطا الله

الأحد 03 يونيو 2012 09:21 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مشروع سياسي وطني..بحاجة لحوار صاخب ..! .. بقلم : أكرم عطا الله



انتهت مجموعة من المبادرين من قطاع غزة من وضع اللمسات الأخيرة على ما تعتبره مسودةً لمشروع وطني تعكف على صياغته منذ أن بدأ التفكير به قبل أكثر من عام، كمحاولة للخروج ببرنامج سياسي وطني يحمله الجميع من خلال صيغ لحل وسط وممكن كما وردت في نصوص المشروع، والتي حاولت الإجابة على أسئلة كبيرة كانت ولا تزال مصدر خلاف بين الفصائل بل السبب الرئيس بالانقسام وتضارب المشاريع، ونظراً لغياب برنامج وطني شامل كانت السيطرة لبرامج الفصائل والأحزاب والتي كانت تحمل أحيانا قدرا من التضارب الذي ساهم بتعطيل حركة النضال الوطني الفلسطيني وقدم لإسرائيل هدية الانقسام والتهدئة على جبهتي الضفة وغزة لتستكمل مشروعها بشكل مريح. لأن الورقة المصرية كما يقول المبادرون لم تقدم إجابات للتفاصيل التي حملت كل شياطين الانقسام وغياب الوحدة، فقد كانت هناك ضرورة لوضع ورقة شاملة قادرة على أن تتحقق كبرنامج سياسي وطني يشكل مادة عمل للنظام السياسي الفلسطيني بغض النظر عمن يقوده، وهذا ما كان غائباً خلال الفترة الماضية وترك مجالاً للاجتهاد السياسي الذي أصاب قليلاً وأخطأ كثيراً وانتهى بالفلسطينيين إلى ما وصل إليه حالهم من تراجع لمشروعهم خلال السنوات الماضية، والتي كانت كما وصفها الكثير الأزمة الأخطر على الشعب الفلسطيني منذ النكبة.بعد إعلان القاهرة العام الماضي الذي انتهى بتوقيع آخر الرافضين للورقة المصرية "حركة حماس" توفرت ولأول مرة منذ خمس سنوات إمكانية للخروج من عنق الزجاجة الطويل، ولكن الورقة قدمت آليات إدارية لعملية الخروج ولكنها لم تعالج الأزمة الأكبر أي أزمة التناقض السياسي في البرامج كما يعتقد المبادرون الذين بدأوا بالبحث عما يكمل تلك الورقة، وخصوصا أزمة الطلاق المعلق بين المقاومة والمفاوضات التي كانت سبب الأزمة الحقيقية وإن كان ذلك ظاهرياً أو شعاراتيا، ولكن خطاب التناقض بينهما كان وقود التحريض الذي أشعل حريق الانقسام والصراع. صحيح أن المفاوضات متوقفة، وليس هناك ما يتم التفاوض حوله مع حكومة اليمين الإسرائيلية، وربما تعكس الرسائل المتبادلة بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي مأزق العملية السياسية بين الطرفين، وصحيح أيضا أن المقاومة متوقفة وذهبت باتجاه هدنة طويلة "أطلق عليها تهدئة" ولكن ما زال برنامج كل منهما وان بشكل نظري يشكل سببا للخلاف السياسي، لهذا فقد قدمت مسودة المشروع لأول مرة بعد صياغات دقيقة رؤية موضوعية لو تم إقرارها من قبل الفصائل ربما ستشكل سابقة في التوافق الوطني وخصوصاً من قضية المفاوضات والمقاومة، حيث أجابت الورقة على سؤال :هل هناك جدوى من وراء المفاوضات؟ حملت الورقة النص التالي "من الواضح أن خيار التفاوض لا يمكن إسقاطه في ظل الوضع الراهن وفي ظل المعادلة الإقليمية والدولية التي تدعم هذا التوجه، وتعتقد أنه السبيل الوحيد لحل الصراع القائم في المنطقة"، صحيح أن الورقة قدمت ضوابط ومحددات لخيار التفاوض ولكن تقدمه كخيار وسياسة وطنية بالإضافة للمقاومة وتحل إشكالية التعارض التي حكمت الساحة الفلسطينية. قيمة ذلك تنبع من أن بين مجموعة المبادرين الأحد عشر ثلاثة من أبرز كوادر حركة حماس، ويقول المبادرون إن صاحب فكرة المشروع أحد قيادات الحركة البارزين بقطاع غزة، هذا ربما ما يجعل من التوافق على هذه الورقة ممكناً، فالجميع يعتقد أن تلك الورقة لم تكن بمنأى عن الحركة خاصة أن العمل امتد على مساحة عام كامل. هناك رغبة لأن تشكل مسودة المشروع التي استمرت صياغتها لأربعة أشهر من قبل طواقم ومجموعات كل واحدة منها تكلفت بوضع تفاصيل لكل عنوان على حدة، يأمل المبادرون أن تشكل قاسما مشتركا لكل الفصائل والعاملين في الحقل السياسي، فقد تم عرض المبادرة على مجموعتين من الكتاب والمثقفين والمفكرين من الضفة الغربية وقطاع غزة بعد خروجها للنور لبدء نقاش جدي حولها ولإغنائها ونقلها للرأي العام الفلسطيني للمشاركة وإبداء الرأي، ثم إحالتها للفصائل والقوى والنظام السياسي للنقاش حولها وإقرارها لتشكل برنامج الإجماع السياسي. قيمة الورقة أنها حاولت لأول مرة أن تفض الاشتباك القائم المصطنع لثنائيات التناقض التي حكمت الساحة الفلسطينية وأصابتها بالشلل والتراجع كتناقض ثنائية المقاومة والمفاوضات، ثم ذهبت الورقة لأبعد من ذلك لتفك الاشتباك الحقيقي بين الوطني والفصائل، فقد طغى الحزبي خلال الفترة الماضية على الوطني وغاب الوطني عن أداء الفصائل لصالح الحزبي، والأمر لم يتوقف عند ذلك فقد ظهر في الآونة الأخيرة طغيان للشخصي حتى على الحزبي والوطني، فكان لابد من إعادة تصويب خط القطار الذي انحرف عن الطريق فهل ستقدم هذه الورقة حلاً لكل ذلك؟ ورشة العمل التي ضمت كتابا وسياسيين ومجتمعا مدنيا في الضفة والقطاع ربما أظهرت رغبة كبيرة بحل أزمة الاستعصاء القائمة بين الفصائل، ولكن اللافت في النقاش هو ظهور مستويين في النقاش بين الضفة وغزة ربما يعود ذلك لطبيعة الظروف والأوضاع، وأزمة الاختناق التي يمر بها قطاع غزة وسيف الحصار يجعلها تبحث عن مخرج، حيث الظروف في الضفة أقل ضغطاً وبدا كأن غزة محكومة بأزمة تبحث عن حل وربما جعل النقاش بين مثقفيها أكثر واقعية من الضفة، والأمر الذي يتطلب عدم احتكار غزة حتى للصياغات وإشراك الضفة بذلك، صحيح أن الورقة لا تقدم كل الحلول ويمكن أن تفتح نقاشا مطولا وهذا مطلوب ولكنها تقدم الحد الأدنى المرغوب فلسطينياً.ولكن السؤال الأهم هل يتم ذلك بمعزل عن حركة حماس، وما علاقة الورقة بوصول الإخوان المسلمين للحكم بمصر، وهل مطلوب أن تصبح حركة حماس أكثر واقعية، وهل تشكل هذه الورقة مخرجاً للحركة من حالة وضعت نفسها فيها؟. مهما تكن الإجابات والتكهنات فإن مسودة المشروع التي يتم نقاشها تشكل مخرجاً لحالة الاستعصاء الوطني ككل ليس فقط لحركة حماس، فالكل مدعو للتفاعل بإيجابية مع هذه المسودة، فقد تكون الحل الأمثل برغم نواقصها وعدم استجابتها لرغبة كل فصيل على حدة، ولكنها تشكل القاسم المشترك والحد الأدنى للجميع.....!  Atallah.akram@hotmail.com