توجد للغرب توقعات عالية من الجولة التالية من المفاضات مع ايران، التي ستبدأ هذا الاسبوع في بغداد. وكانت المفاوضات استؤنفت قبل نحو شهر في اسطنبول وبلغ الطرفان عن اجواء ايجابية وعن تقدم. ممثلة الغرب، وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي البارونة كاترين اشتون أغدقت الثناء على الموقف الايراني الجديد ظاهرا. بغداد العنيفة هي خلفية هاذية لكل مفاوضات دولية، ولكن اختيارها يرمز الى نية ايران (العامل الاكثر تأثيرا في العراق) للسيطرة على المحادثات والدفع باتجاه خدمة هذه المحادثات لمصالحها النووية. في العالم التجاري والسياسي يسود الافتراض بان الجهات التي تدخل في مفاوضات لحل النزاعات تكون معنية بالتوصل الى اتفاقات ومستعدة لان تقدم التنازلات اللازمة. اما في الواقع السياسي بالمقابل فتوجد دول ومنظمات لا تكون معنية الا بالاتفاق وفقا لشروطها، تعرف مسبقا بان الطرف الاخر لا يمكنه أن يقبلها ولهذا فانها تدخل في المفاوضات كي تحقق أهدافا اخرى. هذا بالضبط كان الوضع في كل الجولات السابقة من المحادثات بين الغرب وايران، التي لم ترغب الا بكسب الوقت ومنع العقوبات والعمليات العسكرية. لقد تبنى اوباما نهجا متصالحا تجاه ايران واقتراح عليها الدخول في مفاوضات. كما أنه امتنع عن الشجب الحاد للانتفاضة الشعبية ضد تزييف نتائج الانتخابات للرئاسة الايرانية في 2009، وبعث بالتهاني للشعب الايراني في رأس احتفالات السنة. ورفضت طهران بادرة اوباما باحتقار وواصلت تطوير البنى التحتية للسلاح النووي. توجد أربع وسائل لوقف القنبلة الايرانية: المفاوضات، العقوبات، التخريبات السرية والهجوم العسكري. التطورات الاخيرة تدل على أنها ترتبط الواحدة بالاخرى: فقط تهديدات اسرائيل بممارسة الضغط العسكري أدت الى اتخاذ عقوبات جديدة وحادة ضد ايران، وفقط هذه دفعت نظام آيات الله للدخول في جولة المفاوضات الحالية والمحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بين الغرب وايران لا تزال هناك فجوات واسعة حول شروط المفاوضات وليس فقط حول نتائجها. فايران تريد أن يرفع الغرب في البداية العقوبات، والغرب يريد أن توقف ايران تخصيب اليورانيوم وتسمح لمراقبي الامم المتحدة بالتأكد من أنهم يفون بتعهداتهم. الغرب يريد مفاوضات سريعة وايران معنية بجر الارجل كي تكسب المزيد من الوقت. العقوبات الجديدة لم تغير السياسة النووية لايران، بل فقط جلبتها الى طاولة المباحثات. ممثلو ايران يعرفون كيف يجرون مفاوضات السوق أفضل بكثير من البارونة اشتون. في كل جولات المحادثات السابقة نجحوا في خداع ممثلي الغرب وتضليلهم. اضافة الى ذلك، في 1 حزيران يفترض بالاتحاد الاوروبي ان يضيف عقوبات شديدة ضد صناعة النفط الايرانية، وليس لحكام ايران الكثير من الوقت. وهم سيكونون مستعدين لتغيير موقفهم فقط اذا ما قدروا بان استمرار تطوير القنبلة يهدد نظامهم، وان فشل المفاوضات سيؤدي الى هجوم عسكري. للغرب توجد اليوم اوراق طيبة أكثر من أي وقت مضى، ولكن عليه أن يحظر من قدرة المساومة والمناورة الايرانية. التحدي صعب على نحو خاص لان هذه قد تكون الفرصة الاخيرة لمنع الهجوم العسكري.