خبر : فن التهرب من الصراعات/بقلم: عنار شيلو/هآرتس 13/5/2012

الأحد 13 مايو 2012 01:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
فن التهرب من الصراعات/بقلم: عنار شيلو/هآرتس 13/5/2012



 يقوم الصراع في أساس الرواية كما يدرسون احيانا في نظرية الأدب. فبغير صراع بين ناس وارادات وأفكار لا يكون للرواية نقطة انطلاق تحركها نحو الصراع وحل العقدة. والصراع ايضا شيء أساسي للساسة. فالحاجة الدائمة الى شق طريق بين حاجات مختلفة تجذب الى اتجاهات متضادة، وضرورة الاشتغال بزيادة الجدوى والنفقة على مجالات كالتربية والصحة والرفاه والامن في اطار ميزاني محدود أمثلة على مركزية مفهوم الصراع في السياسة، ويمكن ان نضيف الى ذلك بالطبع الاشتغال بالصراعات بين الشعوب ومجموعات مختلفة من السكان من الشعب نفسه. من هذه الجهة يحسن ان نفحص عن الساسة بحسب قدرتهم على علاج الصراعات. ويمثل زعيما الليكود الأخيران، اريئيل شارون وبنيامين نتنياهو، قطبين متضادين. فقد دفع شارون مثل جرافة نحو قرارات حاسمة غيرت الوضع الجغرافي السياسي (لأحسن أو لأسوأ)، من حرب لبنان الاولى الى الانفصال عن غزة. ونتنياهو في المقابل لم يترك أثرا بقرارات حاسمة، وصورة علاجه للصراعات فريدة في نوعها. ان نتنياهو لا يعالج الصراعات بل يؤجل مرة بعد اخرى علاجها. وهو يتوسل من اجل الاطالة، والامثلة على ذلك كثيرة، فهناك المصالحة في الظاهر على شأن ميغرون التي عرضتها الحكومة والتي تؤجل الاخلاء ثلاث سنين ورفضتها محكمة العدل العليا؛ والتوجه الفاضح الى محكمة العدل العليا بشأن جفعات الأولبانه في بيت ايل الذي رُفض هو ايضا؛ والتأجيلات المتكررة لبت قرار في الشأن الايراني بحيث يُحرك مصطلح "سنة الحسم" الذي أغرقونا فيه الى الأمام سنة بعد سنة؛ والجمود السياسي بالطبع. ان رئيس حكومتنا في الماضي والحاضر والمستقبل اذا هو فنان تجاهل الصراعات. وهو لا يبذل قدرته لحل الصراعات بل للهرب المتنوع من الحلول والقرارات الحاسمة مثل تأجيل لا نهائي واعوجاج بين مواقف متضاربة. واحتيج الى إبداع كبير ايضا للهرب من مواجهة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بل من مواجهة الربيع العربي، وجُندت ايران والمحرقة من اجل ذلك. صعب على نتنياهو ان يؤجل صراعا واحدا، فقد أصاب قرار محكمة العدل العليا على الغاء قانون طال في آب الائتلاف بدوار. وزادت التوترات بين الاحزاب الحريدية واسرائيل بيتنا واحتيج الى قرار حاسم عاجل قبل آب. لكن ليس نتنياهو هو الذي يرفع يديه مستسلما ويستسلم للحاجة الى القرار. ولن يوافق نتنياهو على الآجال المسماة حتى لو كانت من محكمة العدل العليا ولن يخون مبدأ عدم القرار المقدس. فاستل بما بقي عنده من قوة سلاح يوم الدين وهو الانتخابات. وكان معناها القانوني ان يتم تمديد قانون طال ويؤجل الصراع على تجنيد الحريديين والتحمل المتساوي للعبء الى الولاية التالية. وأُصيب بوباء التأجيلات الاسرائيلية سريعا ايضا يئير لبيد الذي اقترح فجأة تأجيل تجنيد الحريديين خمس سنين. ان الحيلة الليلية القذرة لليكود وكديما التي أحرقت أوراق اللعب في آخر لحظة كانت الرقم القياسي لجميع الأزمان في فن تعوج نتنياهو. فقد استخف نتنياهو وموفاز في تهكم لم يسبق له مثيل بمجلس النواب وجعلاه على غير علم مسرح دمى، وعُرضت حكومة الوحدة الواسعة على أنها وصفة للعمل، لكن كبرها الفظيع واختلافات الرأي الداخلية فيها في كل شأن تقريبا ستجعلها حكومة شلل وطني. وهذا بالضبط ما يغري نتنياهو. فقد بُدلت الوسيلة لكن أُحرز الهدف الأصلي. فلماذا الجري الى انتخابات مبكرة حينما يمكن احراز شلل بطريقة اخرى ايضا. ان السياسة الاسرائيلية تطور من نوع خاص فهي ليست فن علاج الصراعات بل هي فن التهرب منها. وقد نقل نتنياهو هذا الفن الى قمة التطوير ولهذا أصبح ذا شعبية كبيرة جدا، ولهذا لا يوجد له منافسون. ان ما يقترحه نتنياهو في الحقيقة هو الشلل الى الأبد، ويبدو ان هذا ما نريده نحن.