استعرضت مذيعة التلفاز السورية أول أمس بطريقة لطيفة اجراء احصاء الاصوات في الانتخابات القطرية الهادئة التي تمت لـ "مجلس الشعب" السوري. وقالت انه وقعت في الحقيقة عدة تشويشات ضئيلة في منطقتين ثانويتين تقتضي اعادة الانتخاب، لكن "كل شيء على ما يرام" في الحاصل العام. وقد غطت سحابة وجه المذيعة حينما تحدثت عن طلب سوريا الافراج عن المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام "المظلومين" الذين يسيطر عليهم "المحتل الصهيوني". وظهرت على الشاشة وجوه مبتسمة لسوريين مطمئنين راضين يصوتون في استمتاع في صناديق الاقتراع المختلفة في محافظات الوطن، في حين كانت سيارات حديثة تتجول في شوارع دمشق المشمسة. يوجد في سوريا حرب نفسية وسلطة ارهاب لا من اليوم. ويستطيع بشار الاسد ان يظل راضيا. بخلاف مخيف لهذا الوصف الوادع يزداد خطر وضع سوريا في الداخل والخارج ازديادا قاتلا. فمع أكوام القتلى والدمار في شوارع سوريا برغم وجود المراقبين، يُسمع في مقر الامم المتحدة أصوات مقلقة لسوريا. فقد عرّف الامين العام للامم المتحدة السابق كوفي عنان مهمة المراقبين الدوليين في سوريا بأنها فشل ودعا الى وقف المذبحة التي تنفذها السلطة السورية، أما سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة فحذرت من استمرار القتل ودعت الى وقفه بل أعلنت ان الولايات المتحدة ستعمل على تحقيق هذا الهدف بطرق غير عسكرية (الآن)، وستصوغ "كتلة سياسية" لتنفيذه. ويهاجم رئيس تركيا اردوغان ايضا سوريا ويندد بها لتزويرها الانتخابات وقتل مواطني الدولة. يأتي العزاء الى النظام الدموي السوري على صورة تصريحات الدعم "المستوردة" على ألسنة مسؤولين كبار روس وايرانيين، وهم ضروريون جدا اليوم لبقاء الاسد. بل ان الايرانيين يشيرون الى الانتخابات بصورة منافقة على أنها جزء من اجراء اصلاح ناجح. لا تعرف آلة الدعاية السورية لحظة ضئيلة الشأن. فمسؤولو النظام الكبار يتحدثون بعنف يعبر عن عظم الازمة التي وقع فيها الاسد. واتهم المندوب السوري في الامم المتحدة بشار الجعفري تركيا بأنها تمنح الارهابيين ملاذا. وقال ان تركيا والسعودية وقطر "ودولا عربية اخرى" تساعد المتمردين على النظام السوري من حدود الدول المجاورة لسوريا. وأضاف المندوب السوري ان شيوخ السعودية وقطر يصدرون فتاوى تخدم نشطاء القاعدة الذين يهاجمون سوريا ومواطنيها. ولا يمكن تمام الامر من غير ذكر لليهود، فالدعائيون السوريون أضافوا ان استعمال القاعدة على سوريا جزء من مؤامرة امريكية اسرائيلية، مع الدول العربية التي كفت منذ كان الربيع العربي عن الحديث عن القضاء على الكيان الصهيوني. وقالوا ان هذا برهان على المؤامرة المشتركة. اجل يوجد في هذا الزعم منطق ما لا يتصل بنا، لأن القاعدة السنية ترى النظام العلوي وحلفاءه الشيعة عدوا يكرهونه أكثر من اليهود. وقد صرح السوريون باتيانهم بشهادة اخرى على "المؤامرة" بأن اللبنانيين احتجزوا "مرة اخرى" سفينة مليئة بوسائل القتال أُرسلت من احدى الدول العربية الى المتمردين. وأنهت المذيعة بثها بالقول: "سيسقط كل أعداء سوريا كما سقط ساركوزي". ان الاردن لا يخاطر. فبسبب حدوده المشتركة مع سوريا يُجري تدريبا عسكريا مع الولايات المتحدة ستشارك فيه بحسب مصادر معلنة 17 دولة عربية ودولة صديقة اخرى. يا أسد إنتبه.