من الصعب رؤية صورة تصعد فيها الجرافات على خمسة مبان من الشقق في حي الاولبانه في بيت ايل وتهدمها، في ذروة حملة الانتخابات، حين يكون رئيس الوزراء يسمى بنيامين نتنياهو وحزب الحكم الذي لا جدال فيه يسمى الليكود. من جهة أخرى، صعب بقدر لا يقل رؤية الصورة التي تنعقد فيها الكنيست، التي سبق أن حلت نفسها على عجل، كي تشرع قانون "التفافي محكمة العدل العليا"، دستوريته موضع شك، وهدفه تسويغ بناء اسرائيلي على ارض فلسطينية خاصة، بل وبـأثر رجعي. وفضلا عن ذلك: افيغدور ليبرمان حاول اقناع الكنيست تأجيل حلها لبضعة ايام كي تنهي اقرار القانون الجديد في موضوع تجنيد الاصوليين والعرب بالقراءة العاجلة والقراءة الاولى (وهكذا ينطبق عليه مبدأ التواصل السلطوي). للاسف، الكنيست اسرعت، لم تستجب لاستجداءات "اسرائيل بيتنا"، وحتى الحجة الصحيحة التي بموجبها توجد الان أغلبية تاريخية واضحة لهذه الخطوة اللازمة، لم تترك أثرا على القطيع الذي اندفع نحو صندوق الاقتراع. وها هو جاء قرار محكمة العدل العليا فاذا بـ "قانون التسوية" يطل من جديد. فجأة بات ممكنا اقرار القانون بعد حل الكنيست. ما كان متعذرا حين كان الحديث يدور عن قانون طل، تحول كرمشة عين الى ممكنا ونصف حين يدور الحديث عن المستوطنين. دولة المستوطنين نحن. بتعبير آخر: الوضعية العبثية الحالية، والورطة الاسرائيلية الخاصة التي تتبلور امام ناظرينا، تمزق اللثام عن وجه رئيس الوزراء المكفهر، عن الوجه المغرور لحزبه: المستوطنون أهم للسيد نتنياهو، وكذا لليكود، أكثر بكثير من الجمهور الغفير، الذي يخدم، والذي يختنق تحت عدم المساواة في العبء. تسوية خمسة منازل على تلة في السامرة أكثر الحاحا بكثير من تسوية الظلم المتواصل على مدى سنوات جيل والذي يترك ابناءنا لمصيرهم في خدمة مضنية في الجيش الاسرائيلي بينما عشرات الاف ابناء الاخرين يقتلون في خيمة التوراة. هذه هي الحقيقة المريرة، ليس إلا. لا توجد أي احبولة يمكنها أن تنقذنا منها. لن يكون عندي اي متعة اذا ما اخليت المنازل الخمسة عن التلة. يسكن هناك اناس طيبون صدقوا العروض العابثة التي قدمة امامهم (من معيليهم وحكوماتهم). غير أننا يفترض أن نكون، لا نزال، دولة قانون. يفترض ان ينطبق هنا، لا يزال، حكم القانون. من يقرأ قرار محكمة العدل العليا ليوم أمس، بقيادة القاضي آشر غرونيس المصممة والحكيمة، وهو الذي رفعه اليمين على المتاريس كي يكون رئيس العليا، يفهم انه في الحالة التي امامنا لا مفر. لا يوجد أي نفق، حمالة أو ناقلة يمكن أن نهرب عبرها المنازل الخمسة التي على تل الاولبانه ولا ميغرون أيضا. المشكلة مع المستوطنين هي انهم غير مستعدين للتنازل عن أي شيء. أمسكت الكثير، لم تمسك شيئا، قال حكماؤنا، ولكن هذا لا ينطبق عندما يدور الحديث عن امساك الاراضي في الضفة. قرابة 360 ألف مستوطن يوجد في الضفة، ولا يزالون غير قادرين على أن يقولوا مرة، أو مرتين، ان هنا وهناك يبدو أن اخطأنا، هيا ننتقل الى مكان آخر. هذا لا يوجد في قاموسنا، وذلك لانهم لا يتكلمون الا لغة مختلفة تماما. لغة ليس في قاموسها تعابير مثل سلطة القانون بل هذه تعتبر مثل الكفر. هذه هي الحرب الثقافية التي تدور هنا الان بينهم وبيننا. وفي الوسط، يحشر النواب والوزراء من الليكود، الذين في أعماق قلوبهم يعرفون من هو المحق، ولكنهم في نظرهم يعرفون كيف يحصون الفايغليين الذين سيحسمون مصيرهم في الانتخابات التمهيدية. هكذا تبدو ديمقراطيتنا، وما الغرو في أنه في كديما يفكرون بلجنة تنظيمية. ان نتذكر بانه كان هنا ذاته مرة يمين آخر، ايديولوجي بقدر لا يقل، ولكنه سوي وفخور. لديه، لهذا اليمين، لا يزال بضعة ممثلين في الكنيست، هنا وهناك (بيني بيغن، دان مريدور)، يعرفون انه حتى اذا كان لازما ومرغوبا فيه الاستيطان في يهودا والسامرة، محظور عمل ذلك على أرض خاصة، وعندما يكون هناك شك، إذن لا شك. لا يفعلون. نقطة. هذا ايضا ما قاله مناحيم بيغن وما فعله طوال حياته. ولكن منذ ذلك الحين قام لنا نشطاء يمينيون جدد، مستوطنون آخرون، اولئك الذين يرون في كل التلال ملكهم الخاص وعندما يأتي أحد ما ويثبت غير ذلك، فانهم يشاغبون. أنتم تريدون انتخابات؟ نذهب الى الانتخابات، قال ايهود باراك في 2001. والان قال هذا القول نتنياهو ايضا. أراد هو انتخابات؟ إذن ها هو يحصل على انتخابات، مباشرة في الوجه، بين العينين. الحرج في مركز الليكود المشاغب أول أمس شحب أمام ورطة أمس، ومشوق أن نرى ماذا سيحصل هنا غدا. صيف هندي مرتقب لنا.