في قاعة مكتظة خانقة لم تترك مكانا لأحد ومع مئات من النشطاء ظلوا في الخارج بسبب الزحام، بدأ بنيامين نتنياهو المعركة الانتخابية على رئاسة الحكومة للولاية الثالثة في حياته. كان يفترض ان يكون مؤتمر الليكود الزينة الأتم لبدء الحملة الانتخابية التي سيرأسها نتنياهو في الاشهر القريبة، وكان هناك مئات من النشطاء المشجعين ينطلقون الى المعركة في قاعة صغيرة لكنها من أفخم ما يوجد في "غنيه هتعروخه". وكأن ذلك لم يكن كافيا لأنهم اهتموا في قيادة الليكود بتدليل الآتين ببوفيه نادر اشتمل على حمص منزلي وأرغفة طازجة وشطائر ومشروبات خفيفة مع الثلج. وذكّر هذا الحفل الآتين الى المؤتمر بالاستقبال الذي يسبق دخول العريس الى قبته: فالضيوف في تأثر والمأدبة حافلة وبقي فقط انتظار العريس ليقف على المنصة ويعلن موعد الانتخابات. لكن شيئا ما تشوش آنذاك، فقد أحدث داني دنون وميخائيل ايتان اللذان استقر رأيهما في آخر لحظة على الابقاء على ترشحهما لرئاسة المؤتمر ضدين لنتنياهو، أحدثا جلبة عامة حينما صدرت عن جمهور أقطاب المؤتمر الجدد اصوات عالية تنادي باجراء تصويت سري بين الثلاثة. ستُنسى هذه الواقعة بعد زمن قصير، ومن المحتمل ان يُسقط الاثنان، ايتان ودنون، في نهاية الامر ترشحهما، لكن فيها درسا مهما. والرسالة هي انه لا يستطيع أي تخطيط مسبق ان يكون ضمانا للنجاح. يعلم نتنياهو كيف يدخل الانتخابات لكن لا أحد يعلم كيف سيخرج منها. وفي الطريق الى تقديم موعد الانتخابات تجاوز نتنياهو غير قليل من العقبات مثل قانون طال وحيل ليبرمان ومحاولات الحريديين وموفاز التأجيل، لكنه زلّ في المكان الذي لم يكن متوقعا، أعني الساحة الداخلية. برغم ان معطيات استطلاعات الرأي ما تزال مشجعة وما يزال الخصوم يراوحون مكانهم، يخاطر رئيس الوزراء مخاطرة غير قليلة بالاجراء الذي قاده. كان نتنياهو يستطيع من جهة نظرية الاستمرار في قيادة الحكومة التي كانت ستصبح في الحقيقة ضعيفة ومتعثرة، لكنها ثابتة على حالها. فاذا كان الامر كذلك فان مقدار المخاطرة يدل على صدق نية نتنياهو. فمنذ اللحظة التي رأى فيها ان الواقع السياسي الجديد لن يُمكّنه بعد من ان يقود كما فعل حتى الآن، اتخذ خطوة كان رؤساء حكومات يخشون اتخاذها سنين وهي تجديد ثقة الشعب في انتخابات. وهذا اجراء حازم حقيقي، فهل هو صحيح من جهة سياسية. لن نعلم هذا إلا بعد الانتخابات.