أخرج وودي آلن في سنة 1983 فيلمه "زليغ"، والحديث عن حرباء بشري يريد من اجل البقاء ان يرضي ارادة محيطه دائما. يستطيع الرجل وهو ليونارد زليغ أن يُغير صفته ومظهره بحسب إملاءات المجتمع الذي يوجد فيه. فاذا وجد في نيو اورليانز أصبح عازف جاز، ويظهر في بروكلين بمظهر متدين يهودي، وحينما يذهب الى خبير نفسي يصبح زليغ معالجًا هو نفسه. ان بنيامين نتنياهو هو زليغنا. فهو يغير صورته من اجل البقاء السياسي بحسب الاحتياجات السياسية التي تضمن انتخابه، ففي 1996 تنكر بمظهر شمعون بيرس ووعد الجمهور بمسيرة سياسية مع شعار: "نتنياهو، نصنع سلاما آمنا". وفي 2009 تنكر بمظهر اريئيل شارون ووعد بدولة فلسطينية، وقُبيل الانتخابات القريبة نستقبله في صورة يئير لبيد يُمضي قانون خدمة عسكرية للجميع. ان وودي آلن يحب حرباءه المتخيل ويبدو ان شعب اسرائيل ايضا يحب حرباءه الحقيقي، ويوجد في هذا منطق ما ايضا. ففي المكان الذي يحل فيه جمهور الناخبين في كل مرة محل السياسي من اجل تجربة طريق سياسية اخرى، يستطيع الحصول على الطريق المختلفة مع السياسي نفسه. وصحيح انه لم تُنفذ أي واحدة من الخطط التي اقترحها زليغنا بالفعل، لكن لماذا نشغل أنفسنا بالتوافه. ان نتنياهو يمنح الجمهور أفضل عرض تلفازي في المدينة. فهو يحتضن جنديا عاد من الأسر ويرسم صورة شجرة نامية باستعمال جهاز آيبود ويشتري علما صغيرا لاسرائيل من فتى على مفرق طريق. فهذا برنامج من احسن البرامج الواقعية. وهكذا سيصبح زليغ نتنياهو كما يبدو رئيس وزرائنا القادم بحسب استطلاعات الرأي على الأقل. وما بقي لشعب اسرائيل هو ان ينتخب شركاءه في الائتلاف الذين سيقررون بقدر كبير ما يفعله نتنياهو. واذا وجد في الحكومة مرة اخرى ليبرمان وشاس ويهدوت هتوراة فلن تكون مسيرة سياسية ولن يكون قانون تجنيد للجميع وسيظل المال العام يذهب الى غير العاملين من دارسي التوراة. ومن الواضح ان نتنياهو سيتنكر بصورة اولئك الذين سيضمنون الحكم له. ولهذا ينبغي ان نأخذ في الحسبان ان كل ما يعد به نتنياهو سيتم الوفاء به بشرط أن يرغمه أحد ما على فعل ذلك. فاذا كان الناخب يهمه الاحتجاج الاجتماعي فيحسن به ان يصوت لشيلي يحيموفيتش. ان رئيسة العمل لم تصغ حتى الآن هوية رئيس حكومة بديل لكنها تسدد الى أعلى ربما الى انتخابات بعد اربع سنين، وهي تملك القدرة والصبر وبرودة الأعصاب المطلوبة للسياسي كي لا يزل في مسارات غوغائية قصيرة المدى. وقد رفعت راية الموضوع الاجتماعي ويصعب ان نفترض ان تكون مستعدة للتخلي في هذا الشأن مقابل حقيبة وزارية في الحكومة. واذا كان يهم الناخب وجود توزيع عادل للخدمة العسكرية فعليه ان يصوت ليئير لبيد. فالحديث عن مرشح سيقوم ويسقط بسبب وقوفه من وراء هذه الرسالة. ولبيد يملك قدرة ضخمة على الظهور وتجربة عملية قزما. فعليه ان ينشيء لنفسه ملف عمل يستطيع تحقيقه في منصب وزير في الحكومة. وعليه في المقابل ان يُبين انه يفي بالوعود. ولبيد لن يدخل الحكومة مع شاس ويهدوت هتوراة اذا كان راغبا في استمرار حياته السياسية. ومن أراد شخصا يكف جماح نتنياهو عن مغامرات أمنية يجب عليه ان ينتخب شاؤول موفاز. فالحديث عن سياسي يحاول هو ايضا التحرر من صورة زليغ لكنه لا يملك قدرة الحضور لفعل ذلك حتى الانتخابات القريبة. ولا يستطيع موفاز ان يسمح لنفسه بانحراف آخر عن مواقفه الحالية اذا أراد ان يصبح رئيس حكومة في المستقبل. وهكذا يستطيع الاسرائيلي ان ينتخب في ايلول الزليغ نتنياهو الذي يلائم مواقفه بالضبط.