خبر : هل يئس الفلسطينيون من صيغة الدولتين للشعبين؟/بقلم: جلعاد شير وزكي شالوم/نظرة عليا* 6/5/2012

الأحد 06 مايو 2012 03:00 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل يئس الفلسطينيون من صيغة الدولتين للشعبين؟/بقلم: جلعاد شير وزكي شالوم/نظرة عليا* 6/5/2012



 أبو علاء عن المسيرة السلمية وصيغة الدولتين للشعبين في مقال نشره مؤخرا أحمد قريع، الملقب بابو العلاء، يدعو القيادة الفلسطينية الى النظر في التخلي عن صيغة الدولتين للشعبين التي تقوم على أسها المسيرة السلمية الاسرائيلية – الفلسطينية. كبديل محتمل يقترح النظر في تبني فكرة الدولة الواحدة للشعبين: وقد كتب يقول ان "خطة الدولتين فقدت حيويتها وانطفأت بالتدريج، بعد أن زرعت لفترة طويلة الأمل بحل عادل وسلام شامل في المنطقة".  أبو علاء، المسؤول الكبير بين المفاوضين الفلسطينيين في عشرات السنين الاخيرة، يلقي بأساس الذنب على حكومات اسرائيل، فقد دفعت هذه على حد قوله ضريبة شفوية لرؤيا الدولتين للشعبين، ولكنها عملت بشكل منهاجي لمنع تحقيقها، ولا سيما من خلال المشروع الاستيطاني. وكمن يتحمل مسؤولية ملف القدس في السلطة، يضع أبو علاء تشديدا خاصا على العملية المتسارعة "لتهويد القدس"، والتي تمنع جعل القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، التي يفترض أن تقوم. ابو علاء لا يتجاهل ايضا دور الدول العربية التي تبدي برأيه "عدم مبالاة تجاه احتياجات الفلسطينيين" والاسرة الدولية التي تظهر "ازدواجية" في سلوكها حيال الفلسطينيين.  سري نسيبة عن صيغة الدولتين للشعبين فكرة مشابهة أعرب عنها قبل بضعة أشهر البروفيسور سري نسيبة حين قال ان "شرقي القدس لم تعد قائمة، وبدون شرقي القدس كعاصمة الدولة الفلسطينية، لا دولة فلسطينية. رؤيا الدولتين تشبه فقاعة الخيال. في أرجاء الضفة، يشرح فيقول، يسكن اليوم نحو نصف مليون اسرائيلي. "هل يمكن طردهم من الارض؟" يسأل استنكارا. جوابه سلبي وقاطع: "في الواقع السياسي هذا سيناريو غير معقول". منذ سنوات غير قليلة، لا يعتبر نسيبة شريكا في دوائر التأثير السلطوية في السلطة الفلسطينية. نسيبة، خلافا لابو علاء، لا ينزع المسؤولية عن عاتق السلطة، بالتوازي مع القاء الذنب على اسرائيل: وهو يدعي بان "استغرق الفلسطينيين زمن كي يفهموا بان عليهم أن يعترفوا بدولة اسرائيل". اما هذه الايام فهو يوضح بان "يحتاج الفلسطينيون الى زعيم بعيد النظر وذي اهتمام".  نسيبة، ليس مثل ابو علاء، لا يوضح ما هو الحل الدائم المحتمل، ربما بسبب عدم القدرة، في الظروف القائمة على توقع خطوات للمدى البعيد. وهو يقترح حلال انتقاليا. في هذا الاطار لدولة واحدة، يقضي نسيبة، "اليهود يمكنهم أن يواصلوا إدارة الدولة والفلسطينيون يتمتعون بحقوق مدنية، ولكن ليس سياسية". برأيه، هذا الاقتراح سيستقبل "بعطف" من قبل الاسرائيليين. عمليا، هذا الاقتراح سبق أن طرحه مفكرون اسرائيليون، أبرزهم مارتين بوبر. تحقيق هذه الخطة سيسمح للفلسطينيين أخيرا بالتحرك بحرية والعمل في كل مكان يرغبون فيه في نطاق الدولة الواحدة. كما يمكنهم أن يحققوا حق العودة. خطة الدولة الواحدة ستسمح باقامة جيوب فلسطينية في الاماكن التي سكن فيها الفلسطينيون في الماضي، واليها يمكن للفلسطينيين أن يعودوا.  هذه الاراء ليست قليلة في الساحة الفلسطينية. شخصيات اخرى، في مواقع أقل صدارة، عبرت بشكل مشابه جدا، احيانا – مع تعديلات طفيفة. الخلفية لتغيير المواقف يمكن الافتراض بان هذه المواقف تعبر عن يأس متعاظم في القيادة الفلسطينية في كل ما يتعلق بالفائدة من مواصلة المسيرة السلمية مع اسرائيل – بشكل عام، وبالنسبة لفرص تحقق صيغة الدولتين للشعبين، بشكل خاص. هذا الاحساس ينخرط جيدا مع مساعي الفلسطينيين لتحقيق اعتراف دولي بدولة فلسطينية ليس من خلال المفاوضات مع اسرائيل، بل عبر مؤسسات الامم المتحدة وبشكل احادي الجانب. يبدو أن تقويم الوضع السائد في أوساط دوائر واسعة بين الجمهور الفلسطيني يعتمد على الاعتبارات التالية:1. خابت الآمال التي علقوها بالرئيس اوباما وبقدرته على ان يفترض على دولة اسرائيل ايقاف المشروع الاستيطاني والموافقة على تسوية بروح الموقف الفلسطيني. السؤال اذا كان الرئيس لا يريد أو لا يستطيع، ان يفرض على اسرائيل ارادته ليس ذا صلة من زاوية نظر الفلسطينيين. عمليا النتيجة هي جمود مطلق في المسيرة السياسية واستمرار متعاظم للبناء في المستوطنات.2. اسرائيل برئاسة نتنياهو نجحت في أن تحدث تغييرا دراماتيكيا في جدول الاعمال العالمي. قبل سنة ونيف، حظيت المسألة الفلسطينية باولوية عالية في جدول أعمال الادارة الامريكية. ناطقون كبار بلسان الادارة عادوا ليؤكدوا بان النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو أحد العوامل الاساس لعدم الاستقرار في المنطقة. وبالتالي فان حل النزاع يشكل مصلحة عليا للولايات المتحدة، وعاملا ذا أهمية شديدة في تعظيم مكانة الولايات المتحدة في المنطقة. هذه الادعاءات تبددت تماما في السنة الاخيرة. المسألة الايرانية تصدرت جدول أولويات العالم الغربي ودحرت الى الهوامش بالمسألة الفلسطينية. 3. الربيع العربي هو الاخر، ولا سيما الاحداث الدراماتيكية في سوريا وفي مصر ساهمت في دحر المسألة الفلسطينية الى الزاوية. الجامعة العربية، التي كانت في الماضي عاملا هاما في طرح المسألة الفلسطينية على جدول الاعمال العالمي، فقدت من قوتها، ومرة اخرى لم يعد بوسعها أن تكون عاملا رائدا في الساحة الدولية.4. حكومة نتنياهو اليمينية أثبتت حتى الان قدرة بقاء مثيرة للانطباع. فقد أظهرت استقرار وتراصا واضحين. كما أنها نجحت في أن تقنع دوائر عديدة في الساحة الدولية بانه في ضوء التحولات في العالم العربي وفي الشرق الاوسط، فان الانشغال في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني يحتاج الى الحذر والتدرج.الخلاصةفي أوساط دوائر مختلفة من الجمهور والقيادة الفلسطينية يتجذر الوعي في أن المسيرة السلمية الاسرائيلية – الفلسطينية ليس فيها ما يؤدي الى تحقيق رؤيا الفلسطينيين: اقامة دولة مستقلة الى جانب دولة اسرائيل. يبرز في أوساطهم الاحساس بان حكومات اسرائيل دفعت ضريبة لفظية لصيغة الدولتين، ولكنها عمليا لم تعمل على تحقيقها. الان، حين يكون على رأس القيادة في اسرائيل حكومة يمينية صرفة، يتعاظم لدى الفلسطينيين الاحساس بانعدام الوسيلة وغياب المخرج. ايضاحات رئيس الوزراء نتنياهو بالنسبة لجوهر "الدولة الفلسطينية" كما يراها في عقله (دولة مجردة من السلاح، سيطرة اسرائيلية في الغور، القدس موحدة تحت حكم اسرائيلي وغيرها) يزيد، على نحو شبه مؤكد في اوساط الفلسطينيين الاحساس بانه "لا يوجد مع من يمكن الحديث". اضافة الى ذلك، فان القيادة الفلسطينية الحالية لا تزال متمسكة برؤيا الدولتين للشعبين. وفي تناوله لذه المسألة في المقابلة مع صحيفة "الايام" في 16 نيسان 2012، قال أبو مازن ما يلي: اسرائيل تجعل رؤيا الدولتين للشعبين متعذرة من خلال البناء في المستوطنات... (مع ذلك) في نهاية المطاف، رغم مساعي اسرائيل فان رؤيا الدولتين ستبقى. سمعت الكثير من الدعوات لاقامة دولة واحدة. لا أريد أن امنع الناس من التعبير عن أنفسهم بحرية، ولكني أويد رؤيا الدولتين. في ضوء الوضع الذي وصف أعلاه وبعد أن فشل التوجه الفلسطيني الى مؤسسات الامم المتحدة، حاليا في أن يعطي النتيجة المنشودة من زاوية نظرهم، فكل ما تبقى للقيادة الفلسطينية هو الامل في أن يحصل واحدا أو أكثر من التالية:1. ان تحل المشكلة الايرانية بهذه الطريقة أو تلك في الاشهر القريبة القادمة ويكون ممكنا العودة الى رفع المسألة الفلسطينية الى رأس جدول الاعمال العالمي.2. أن يُعاد انتخاب الرئيس اوباما، الذي أبدى التزاما عميقا بتحقيق تسوية للنزاع على أساس صيغة الدولتين. في غياب قيود سياسية، تنطوي عليها الرغبة في اعادة الانتخاب، سيعمد الرئيس اوباما هذه المرة الى ممارسة الضغوط الثقيلة على اسرائيل لاجبارها على تلطيف حدة مواقفها، والتقدم نحو تسوية دائمة. 3. أن يتعزز في الرأي العام في اسرائيل، ولاحقا في قيادة الدولة ايضا الوعي الذي يرى في استمرار الوضع الراهن وغياب التسوية على اساس صيغة الدولتين سيناريو يعرض للخطر الطبيعة اليهودية – الديمقراطية لدولة اسرائيل. هذا الوعي، كما يأمل الفلسطينيون، سيجد تعبيره الملموس في الانتخابات القادمة، اذا ما تقرر بالفعل تقديم موعدها. واذا لم تتحقق هذه الامال ايضا، وربما قبل ذلك بكثير، ينبغي الافتراض بان القيادة الفلسطينية ستعود، لانعدام البديل، الى خطوة احادية الجانب. في لقاء مع وفد مبادرة جنيف في بداية نيسان، أوضح أبو مازن بانه اذا لم يتلقَ في غضون شهر رد ايجابي من رئيس الوزراء نتنياهو على الرسالة التي وجهها اليه، فستتوجه السلطة الى الجمعية العمومية للامم المتحدة وستطلب رفع مستوى مكانة السلطة من مراقب الى "دولة غير عضو" في المنظمة.  واذا لم تؤدي هذه المرة ايضا المبادرة من طرف واحد الى النتائج المنشودة، على خلفية موقف السلطة الرافض لخطوات العنف ضد اسرائيل، يمكن الافتراض بان مواقف ابو علاء، نسيبة وآخرين ستلقى استجابة أوسع بين الجمهور الفلسطيني بشكل عام، وفي أوساط القيادة الفلسطينية بشكل خاص.