خبر : الانتخابات الإسرائيلية المبكرة: الأهداف والاحتمالات .. اشرف العجرمي

الأربعاء 02 مايو 2012 02:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
الانتخابات الإسرائيلية المبكرة: الأهداف والاحتمالات .. اشرف العجرمي



كثرت في الأيام الأخيرة الأحاديث حول تقديم الانتخابات العامة في إسرائيل، وتظهر التقارير الاخبارية احتمال أن يلجأ رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، وذلك لأسباب عديدة تجعل من هذا الصيف موعداً مفضلاً أو مثالياً لإجرائها، إما للهروب من استحقاقات أو مشاكل قادمة، أو لاستثمار اللحظة الراهنة التي تبدو فيها شعبية نتنياهو وحزب " الليكود " في أوجها، خاصة وأن أخر استطلاعات الرأي تعطي الحزب 30 مقعداً محتملاً في حال جرت الانتخابات الآن، وتمنح معسكر اليمين كتلة تضم 61 مقعداً، أي أغلبية بسيطة في الكنيست الذي عدد أعضائه 120 عضواً. و لكن الذي لا يضمنه أحد هو ما يمكن أن يحدث حتى الموعد الذي سيتقرر للانتخابات إذا ما تم الاتفاق على تقديمها، خاصة وأن كل الانتخابات التي جرى تقديمها منذ حكومة أيهود باراك وحتى اليوم كانت تؤدي إلى تغيير سياسي، أي إلى تغير رئيس الحكومة والحزب الذي يقودها.وسائل الإعلام الإسرائيلية تقول: إن نتنياهو يحاول الهروب من ثلاث مشكلات رئيسة بتقديمه موعد إجراء الانتخابات التي يحين موعدها الطبيعي في الربع الأخير من العام المقبل، الأولى هي إخلاء بعض البؤر الاستيطانية العشوائية تنفيذاً لقرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية، والثانية هي وقف العمل بقانون "طال" الذي يمنح المتدينين الاصوليين "الحريديم" اعفاءً من الخدمة العسكرية وضرورة اقرار قانون جديد يفرض الخدمة المدنية على من لا يخدمون اليوم.  والثالثة هي اقرار موازنة العام 2013 الذي ينبغي أن يتم حتى آذار القادم وإلا يجري تقديم الانتخابات. وبالنسبة للمشكلتين الأولى والثانية فقد تؤديان إلى انهيار الائتلاف الحكومي بسبب الخلاف بين الاحزاب المكونة له ، فحزب (إسرائيل بيتنا) يهدد بإسقاط الحكومة إذا ما جرى إخلاء أي بؤرة استيطانية. والأصوليون يهددون بمغادرة الحكومة إذا تم اقرار قانون يفرض عليهم الخدمة المدنية.لكن هذا ليس كل شيء بدون شك ، وهناك أسباب تتعلق باحتمال تضرر شعبية نتنياهو إذا ما بقي يتعرض للانتقاد من النخب السياسية والاقتصادية ورجالات الأمن الكبار الخارجين من الخدمة على غرار مئير داغان رئيس الـ"موساد" السابق ، و يوفال ديسكين اللذين هاجما رئيس الحكومة والحكومة بشدة واتهماهما بالعجز وتشكيل خطر على إسرائيل ، والحرص على بقاء الائتلاف الحكومي أكثر من أي شيء آخر. كما أن نتنياهو يفضل أن تجري الانتخابات الإسرائيلية قبل الانتخابات الأميركية تحسباً من فوز الرئيس الحالي باراك أوباما الذي من المتوقع ألا يصفح عنه على الإهانات المتكررة التي وجهها له ، واحتمال تدخل الإدارة الأميركية في الانتخابات الاسرائيلية اذا ما جرت في موعدها ولو من خلال دعم مرشح آخر مثل موفاز الذي يتوافق موقفه مع الموقف الاميركي من حيث المبدأ. وهو بإجرائه الانتخابات مبكراً سيكسب فترة أخرى – طبعاً إذا فاز - ويضع أميركا أمام أمر واقع للتعامل معه فقط خلال الاعوام القادمة.مع ذلك، هناك مخاطر بألا تجري الرياح كما تشتهي سفن نتنياهو، مثلاً لو جرى تقديم لائحة اتهام ضد وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان زعيم حزب ( إسرائيل بيتنا) فمن المحتمل أن يتراجع كثيراً في الانتخابات القادمة، وهذا يضر بفرص معسكر اليمين. ثم ماذا يمكن أن يحدث لو اندلعت الاحتجاجات الاجتماعية في الصيف القادم قبل موعد الانتخابات بقليل واستطاع حزب (العمل) أن يعزز قوته بصورة كبيرة، لأنه بزعامة شيلي يحيموفيتش زعيمته الحالية تقدم في اخر استطلاع نشر في صحيفة " يديعوت أحرونوت " في 30 نيسان الماضي، ووصل إلى 18 عضواً، وهو يركز أساساً على القضايا الاجتماعية – الاقتصادية. وماذا لو استطاع موفاز أن يتقدم قليلاً بحزب " كديما " وكذلك فعل يائير لبيد بحزبه الجديد (يوجد مستقبل) مع العلم أن كل واحد منهما 11 مقعداً في الاستطلاع المذكور آنفاً.والتجربة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة تقول أنه لا شيء ثابتاً في السياسة وفي عملية التصويت ، وكل الاحتمالات ورادة. وان كانت الاعوام الاخيرة تشير إلى تقدم معسكر اليمين.وهناك حقيقة واحدة في عقل وسياسة نتنياهو حتى الآن، وهي أنه يحاول الهروب من تلبية أي استحقاق سياسي ، تجاه العملية السياسية مع الفلسطينيين، وربما اذا تسنى له الفوز مرة أخرى برئاسة الحكومة وتشكيل ائتلاف حكومي يميني، سيعمل على اضاعة سنوات اضافية ثمينة بدون تحقيق أي شيء يذكر سوى زيادة منسوب التوتر والعداء وربما فرص انفجار العنف والمواجهات من جديد، إذا لم يحدث ذلك حتى قبل الانتخابات بسبب السياسات الاحتلالية واستمرار الاستيطان و التعرض للأسرى والمعتقلين الذين يخوضون اضراباً مفتوحاً عن الطعام ويتعرضون لحملة منظمة من الاستهداف تحت شعارات ومبررات عديدة سقط بعضها ولم تسقط السياسة كما حصل بعد أسر غلعاد شاليط والإجراءات التي طبقت على الاسرى بحجة ما يتعرض له في الاسر.فقد تحرر شاليط ولم تنته العقوبات الجائرة بسببه .ومن الجدير ذكره ان السياسة الداخلية في اسرائيل في الآونة الأخيرة لم تعد تتأثر بما يجري خارج إسرائيل بسبب تراجع الاهتمام بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، وعدم وجود أحداث تذكر تؤثر على مزاج الجمهور هناك ، خاصة بعد الهدوء على جبهتي غزة والضفة الغربية وعدم وجود ثمن يذكر للاحتلال ، وهذا قابل للتغير إذا تغيرت المعادلة وعاد الصراع للواجهة.